«الحلاوة السوداء».. أكلة بورسعيدية يعشقها الصيادون ورواد البحر في الشتاء
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
يتميز أهالي بورسعيد، بأكلات ذات طاقة عالية في الشتاء تبعث على التدفئة، توارثتها الأجيال في المحافظة الساحلية التي يعمل أغلب سكانها بالصيد والتعامل مع السفن في البحر، من خلال المهن المختلفة مثل «البمبوطية»، حاملين معهم وجبات دافئة في البرد القارص، ومن هذه الأكلات تأتي الحلاوة السوداء، التي تعتبر الأكثر شعبية.
تقول هيام عوض، ربة منزل، إنّ الحلاوة السوداء وجبة أساسية وموجودة في كل بيت في بورسعيد، خلال الشتاء، خاصة في الإفطار والعشاء، وأحيانا في الغداء، ضمن أكلة «التفليتة»، وهي مجموعة أكلات تضم الباذنجان والفلفل والفول.
وتوضح «هيام» أنّ الحلاوة السوداء تحتوي على سعرات حرارية عالية، ويحرص الصياد على تناولها لتدفئته، كما أنّ سعرها رخيصًا، وكانت كل السيدات تصنعها بالمنزل، لكن مع اختلاف الزمن أصبحت تباع جاهزة في محلات العطارة والسوبر ماركت.
مكونات الحلاوة السوداءتشير «هيام» إلى أنّ الحلاوة السوداء، تتكون من العسل الأسود والزيت و«الكتيرة» والحبة الخضراء والتحويجة الصفراء، التي تضم التوابل والحبة السوداء المطحونة، وتباع في محلات العطارة، كما تتكون من المكسرات، والفول السوداني وجوز الهند والسمسم.
وتؤكد أنّ الحلاوة السوداء، وجبة تحتوي على سعرات حرارية للتدفئة، دون تكوين دهون بالجسم، وبها فيتامينات ومعادن مهمة.
طريقة عمل الحلاوة السوداءوتشرح هيام طريقة عمل الحلاوة السوداء كالآتي:
- تنقع الكثيرة والحبة الخضراء في نصف كوب ماء ساخن، لمدة 12 ساعة.
- يسخن الزيت ويقلب فيه السمسم، ثمّ المكسرات، وجوز الهند، والتحويجة الصفراء، ويقلب جيدًا في الزيت، ثمّ يضاف إليها العسل الأسود، وتوضع الحبة السوداء المطحونة فوق الخليط، وبعدها يضاف منقوع ماء الكثيرة والحبة الخضراء، بعد تصفيتها من الشوائب.
- يستمر التقليب جيدًا، حتى بعد الغليان بـ5 دقائق؛ للحصول على القوام المطلوب، وينزل من على النار، ويترك ليبرد، ويمكن وضعه خارج الثلاجة.
وأوضح السيدة البورسعيدية، أنّ الحلاوة السوداء ليست هي «المفتئة» التي يأكلها المواطنون في بعض المحافظات الأخرى، وتضم الدقيق ومواد غير الحلاوة السوداء.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: بورسعيد العسل الأسود الشتاء
إقرأ أيضاً:
لماذا نحتاج إلى اتفاقية تجارة مع الهند؟ ولماذا الآن؟
إسماعيل بن شهاب البلوشي
تُعرف سلطنة عُمان على مدى عقود؛ بل وقرون، بأنَّها دولة تحفظ التوازن بعناية في علاقاتها السياسية والاقتصادية، وتبني جسورًا مع مُختلف الأمم شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، دون انحيازات ضيقة أو مواقف ارتجالية. ولم تكن السلطنة يومًا دولة انعزال، ولكنها أيضًا لم تكن دولة تُزَجّ بنفسها في اتفاقيات غير محسوبة.
ولهذا، فإنَّ عودة الحديث مؤخرًا عن اتفاقية تجارة حُرة مرتقبة مع جمهورية الهند، تفتح باب التساؤل الموضوعي: لماذا الآن؟ ولصالح من ستكون هذه الاتفاقية؟
ومن الذي بنى الفكرة ومن هو صاحب الحاجة أكثر وكم دولة أصلًا وقعت السلطنة معها اتفاقية تجارة فلماذا الهند؟
العلاقات العُمانية الهندية ليست وليدة السنوات الأخيرة؛ بل هي علاقات ضاربة في عمق التاريخ البحري والتجاري للمنطقة. فقد عرف العُمانيون الهند منذ عهود وانطلقوا من موانئ قلهات وصور، ومسقط وظفار ومسندم وعبروا المحيط إلى كوجرات وكيرلا، وتبادلت الشعوب البضائع والتوابل والمعرفة. في العصر الحديث، ظل الهنود من أكبر الجاليات في السلطنة، وساهموا في قطاعات عدة، من الصحة إلى التجارة.
لكن مع كل هذا القرب والاحتكاك، لم تُوقّع عُمان أي اتفاقية تجارة حرة مع الهند. وهو أمر قد يبدو مُفاجئًا للبعض، لكنه في الواقع كان تعبيرًا عن حذر استراتيجي عُماني. فالهند دولة كبرى وذات قاعدة صناعية ضخمة، واتفاقيات من هذا النوع قد لا تكون مُتكافئة بالضرورة.
الميزان التجاري.. أين الفائدة؟
حين نفتح دفاتر الأرقام، يظهر الفرق واضحًا: الميزان التجاري بين عُمان والهند يميل بشكل حاد لصالح نيودلهي. تستورد السلطنة من الهند بضائع كثيرة- غذائية وصناعية وطبية- في حين أن ما تصدّره إليها لا يُقارن كمًّا أو قيمة. فهل يُعقل في ظل هذا الخلل أن نفتح السوق العُمانية بشكل أوسع، دون ضمانات أو مكابح تحفظ المصلحة الوطنية؟
حتى لو قُدّمت الاتفاقية بصفتها “فرصة” لزيادة الصادرات العُمانية، يبقى السؤال: ما الذي سنصدره؟ وهل لدينا في الوقت الراهن خطة أو بنية صناعية أو زراعية أو خدمية جاهزة للمنافسة في سوق كثيفة ومنخفضة الكلفة كسوق الهند؟
ثم ماذا عن التوظيف؟ وماذا عن التعمين؟ هل ستتضمّن الاتفاقية بنودًا صريحة تُحافظ على نسب التوظيف الوطني في الشركات الهندية أو المشتركة؟ أم سنفتح الباب دون قيد فيزداد الباحثون عن عمل وهل سيناقش نظام تحويل الاموال بندية وتساوي؟ هذه ليست أسئلة رفاهية، بل جوهر النقاش.
التوقيت.. من يُملي الإيقاع؟
الأهم من ذلك هو السياق الزمني. لماذا طُرحت هذه الاتفاقية الآن؟ هل هي مبادرة هندية تبحث عن أسواق جديدة في الخليج، خاصة مع التغيرات الجو سياسية في العالم؟ أم أنها مبادرة من الجانب العُماني تسعى لتوسيع الفرص التجارية مع الجنوب الآسيوي؟
في ظل غياب الشفافية حتى اللحظة، تبقى الإجابة غامضة. وما يُقلق أكثر أن يتم توقيع اتفاق كبير كهذا دون نقاش مجتمعي، أو دراسة مُعلنة، أو حتى استطلاع رأي القطاعات الاقتصادية المتأثرة.
من حولنا: لا اتفاقيات.. ولا استعجال
والمفارقة هنا لافتة! رغم القرب الجغرافي والتاريخي، لم توقّع سلطنة عُمان اتفاقيات تجارة حرة مع إيران، ولا مع باكستان، ولا حتى مع أفغانستان أو دول جنوب آسيا الأصغر، رغم كل المصالح المتبادلة. فلماذا يبدأ هذا النمط الآن مع الهند؟ بل حتى مع الدول الإفريقية المجاورة، أو مع دول البحر الأحمر، ظلت السياسة التجارية العُمانية تتجه نحو المرونة دون الارتباط باتفاقيات مُلزِمة.
من نحن في هذه المعادلة؟
الاتفاقيات التجارية ليست مجرّد نصوص قانونية، بل عقود سيادية تُعيد تشكيل الاقتصاد الوطني لعقود. ولهذا، لا بد من أن نطرح الأسئلة التالية قبل أي توقيع:
هل نملك رؤية واضحة حول القطاعات العُمانية التي ستستفيد فعليًا؟ هل تتضمن الاتفاقية شروطًا لحماية الصناعات المحلية الناشئة؟ هل تضمن ضوابط التعمين ونقل التكنولوجيا؟ هل تم تقييم تأثير الاتفاقية على ميزان المدفوعات والميزان التجاري؟إنَّ غياب هذه الرؤية يجعل من التوقيع خطوة محفوفة بالمخاطر أكثر من كونها خطوة نحو الانفتاح.
خلاصة القول.. نعم، العلاقات العُمانية الهندية تاريخية، وراسخة، وتحمل الكثير من الود المتبادل ولست ضد ذلك مطلقاً بل إن من مصلحتنا ترسيخ وتطوير ذلك والاستفادة من السوق الهندية الضخمة، لكن ذلك لا يعني أن أي اتفاق يُعرض علينا يجب أن يُقابل بالترحيب الأعمى.
الحكمة العُمانية لطالما كانت في التأني لا التردد، وفي الانفتاح المشروط والندية والتكافؤ.
رابط مختصر