عربي21:
2025-12-12@21:19:37 GMT

بداية نهاية المشروع الإسرائيلي

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

أكد المؤرخ الإسرائيلي البروفيسور إيلان بابيه أن إسرائيل ليست مجرد دولة.. إسرائيل مشروع استعماري استيطاني. وقال مؤخرا في تصريح لقناة "الجزيرة بالإنجليزية "أعتقد أننا نشهد بداية النهاية لهذا المشروع".

واعتبر بابيه أن هذا المشروع يقوم على ثلاث ركائز، أحدها مادي، كما قال، وأنه "عندما نستخدم مؤشرًا ينظر إلى استدامة الدولة وفقًا للقدرة المادية، فإن إسرائيل تعمل بشكل جيد، ولكن ذلك يتم بشكل رئيسي بفضل الولايات المتحدة، ولذلك هذا هو الشرط الذي يمكن أن يتغير".



أما الركيزة الثانية وفق بابيه "فهي التماسك الاجتماعي للمجتمع الاستيطاني". وشدد على أن "هذا التماسك لم يعد موجودا، وأن هناك نوع من الوهم البصري بسبب هجوم حماس في 7 من أكتوبر الماضي، الذي خلف شعورا بالوحدة. لكن ذلك لن يغطي على تشرذم المجتمع الذي رأيناه حتى حلول شهر أكتوبر 2023. وأنه يبدو أن هذا التماسك الاجتماعي، المبني على كراهية العرب أو الفلسطينيين، وليس عوامل أخرى مشتركة، ليس مستداما تماما".

أما "الركيزة الثالثة والأهم من أي شيء آخر بالطبع"ـ وفق المؤرخ ـ فهي الشرعية. ويلفت إلى أن إسرائيل تتمتع "بشرعية الحكومات الغربية أو حكومات الشمال العالمي. وبالتالي، هناك شعور بأنه لا يزال من الممكن أن يكون المشروع "مستدامًا بسبب هذا الدعم من النخب (الحاكمة). لكن بابيه يشدد على أن إسرائيل "فقدت دعم المجتمعات المدنية. ولهذا السبب ربما تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تضغط من أجل وجودها، ليس من أجل سياساتها، وليس من أجل أدائها الاقتصادي الأفضل، ولكن من أجل مبررها الأخلاقي، وهي تخسر تلك المعركة".

وأكد البروفيسور بابيه أن ذلك بالنسبة له مجرد تحذير، وصرح أنه "عندما تصل مشاريع مثل الاستعمار الاستيطاني إلى مرحلتها الأخيرة، فلسوء الحظ، يمكن أن يأخذ الأمر فترة طويلة جدًا، وأن ذلك لا يحدث في يوم واحد أو يومين. والمشكلة بالطبع هي أنها تصبح أكثر وحشية وقسوة".

كلام بابيه له ما له من دلالة، سواء كمؤرخ عارف ومطلع أو على المستوى الشخصي كإسرائيلي، من عائلة يهودية فرت إلى فلسطين من الاضطهاد النازي في ألمانيا في ثلاثينات القرن الماضي، وحارب حتى في الجيش الإسرائيلي في حرب 1973، قبل أن يكتشف حقيقة المشروع الصهيوني، خلال دراسته للتاريخ بجامعة أوكسفورد البريطانية، حيث حصل على الدكتوراه، ويتحول إلى أشد المنتقدين للاحتلال الإسرائيلي، ويؤلف عددا من الكتب الهامة، من أبرزها "التطهير العرقي لفلسطين"، و" بيروقراطية الشر: تاريخ الاحتلال الإسرائيلي"، و "فكرة إسرائيل: تاريخ السلطة والمعرفة"، و"غزة في أزمة: تأملات في الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين" (في 2010)، بالاشتراك مع نعوم تشومسكي.

أكد البروفيسور بابيه على المسعى الإسرائيلي لـ "محاولة فرض نسيان 15 عامًا من الحصار اللاإنساني على غزة، و56 عامًا من الاحتلال الوحشي والتطهير العرقي في غزة والضفة الغربية، و75 عاماً من عدم السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم".وبرغم ما تعرض له بابيه من تهجم وشيطنة وحتى تهديدات بالقتل في إسرائيل، واضطراره لترك جامعة حيفا (ولد فيها عام 1954)، والانتقال للعمل في جامعة إيكستر البريطانية، استمر بابيه بقناعة والتزام لافت في عمله الأكاديمي الموثق، وحضوره الإعلامي الفاضح لإسرائيل والصهيونية. وقد اشتهر بابيه بمقولته المعبرة أن " أغلب الصهاينة لا يؤمنون بوجود الله لكنهم يؤمنون أنه وعدهم أرض فلسطين"! كما أكد مرارا على ضرورة التفريق بين الصهيونية كأيديولوجية واليهودية كدين، وأن هناك "يهودا معادون للصهيونية، بينما هناك صهاينة غير يهود، مثل الصهاينة المسيحيين، وحتى هناك صهاينة عرب" (وهو أكثر من محق في ذلك).

وقد زاد التهجم على البروفيسور بابيه بعد هجمات "حماس" في 7 أكتوبر الماضي ضد إسرائيل، واعتباره "حماس حركة نضالية تحريرية، وليست حركة إرهابية".

وفي حوار له مع قناة "الديمقراطية الآن" الأمريكية، وردا على الاستغلال الإسرائيلي لهجمات 7 أكتوبر وخطاب نتنياهو بالتبرير التوراتي، لحرب الإبادة الصهيونية في غزة، أكد البروفيسور بابيه على المسعى الإسرائيلي لـ "محاولة فرض نسيان 15 عامًا من الحصار اللاإنساني على غزة، و56 عامًا من الاحتلال الوحشي والتطهير العرقي في غزة والضفة الغربية، و75 عاماً من عدم السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم". 

وتحدث بابيه عن "محاولة إسرائيل لإضفاء الطابع النازي على الفلسطينيين، وأنه أمر ليس جديداً بالمناسبة. ويستخدمه الإسرائيليون بين الحين والآخر. فقد قارن مناحيم بيغن ياسر عرفات في مخبئه عام 1982 بهتلر في مخبئه. وأن المقصود من إضفاء الطابع النازي على الفلسطينيين، أولاً وقبل كل شيء، هو شرعنة السياسات الإسرائيلية دون أي اعتبار للقانون الدولي أو حقوق الإنسان، وصرف انتباهنا عن الحديث عن القضية الحقيقية هنا، وهي ليست حماس أو أفعالها على الأرض. فليس السابع من أكتوبر، بل هو الوضع الذي ولَّد هذا النوع من العنف. وبدلا من الحديث عن أعراض العنف، ينبغي أن نتحدث عن مصدر العنف. ولم يتغير مصدر العنف. فلدينا الملايين من الفلسطينيين يتعرضون للقمع والحكم والسيطرة على يد إسرائيل منذ سنوات، وهم يقاتلون بالوسائل المتوفرة لديهم. وسوف يستمر هذا الأمر، ما لم يكن هناك بالطبع استعداد للعودة إلى طاولة المفاوضات والتساؤل عن سبب اندلاع العنف في المقام الأول وما هي أفضل السبل لمنع دورة أخرى من العنف في المستقبل".

وقال البروفيسور بابيه إنه عندما يستخدم الصهاينة الإسرائيليون "المحرقة، فإنهم يسيئون إلى ذكرى المحرقة، لأنه مع كل الرعب الذي حدث في السابع من أكتوبر، فهذه ليست محرقة. وليس هناك مقارنة بين الفلسطينيين، الذين يردون بعد سنوات من القمع والحصار، والنازيين، الذين يستهدفون اليهود فقط لأنهم يهود. وليس هناك مقارنة. هذه اللغة بأكملها ليست هي اللغة التي يجب استخدامها".

وفي هذا السياق ولدى سؤاله كيف له، هو الذي ولد لأبوين يهوديين ألمانيين هربا لفلسطين من الاضطهاد الألماني النازي، في الثلاثينيات، وقاتل عام 1973 في صفوف الجيش الإسرائيلي، أن يغير مسار حياته وموقفه ويصل لتأليف كتاب يتحدث عن التطهير العرقي الإسرائيلي في فلسطين، ورد الفعل في المجتمع الإسرائيلي، تجاهه وتخوينه في جامعته في حيفا؟

أكد البروفيسور بابيه أن رحلته كان فيها العديد من المحطات المهمة، مثل قضاء بعض الوقت كطالب دراسات عليا خارج إسرائيل؛ ووجود مشرف عربي عليه (هو البروفيسور ألبرت حوراني). وأن بحثه كمؤرخ في الأرشيف الذي أصبح متاحًا كشف له عن أدلة تناقض بشكل كبير جداً الرواية التي نشأ عليها، وأن كل هذا قاده إلى "لحظة اعتقدت فيها أنني أفهم ما يجري في فلسطين التاريخية، وما حدث في فلسطين التاريخية. لقد رأيت بوضوح تام، على الأقل من وجهة نظري، من هم الضحايا، ومن هم الضحية، ومن هو المستعمِر، ومن هو المستعمَر، ومن هو المُطهر العرقي، ومن كان ضحايا التطهير العرقي".

وأضاف: "لأن والديَّ جاءا من ألمانيا، ولأننا فقدنا الكثير من الناس في المحرقة، وبسبب هذا الإرث تحديدًا، شعرت أنني لا أستطيع أن أكون غير مبالٍ بمعاناة الفلسطينيين، ولم أرغب في أن أكون جزءًا من المجتمع. الذي سبب هذه المعاناة وأعتقد أنه مع مرور السنين وزيادة كثافة البحث، وزيادة واتساع فهمي وعلاقتي بالفلسطينيين، أصبحت اليوم أكثر ثقة مما كنت عليه في السنوات الأولى من مسيرتي المهنية، سواء كنت ناشطاً أو مؤرخاً محترفاً، فإنني أشعر بسلام تام مع مواقفي الأخلاقية تجاه إسرائيل والصهيونية."

وأكد أنه "في عام 2006، أدى هذا الموقف إلى الضغط من جامعتي لترك الجامعة (في حيفا) والاستقالة. لذلك لم يكن لدي خيار. كان عليَّ أن أستقيل، وأغادر. لقد كنت محظوظًا جدًا بالحصول على منصب في إحدى جامعات بريطانيا (إيكستر)، حيث قمت بتأسيس مركز الدراسات الفلسطينية".

*كاتب جزائري مقيم في لندن

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين الاحتلال احتلال فلسطين رأي مصير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عام ا من من أجل

إقرأ أيضاً:

قراءة في كتاب «وكأنني لازلت هناك» للدكتور صبري ربيحات

صراحة نيوز- الاستاذ الدكتور فواز محمد العبد الحق الزبون _ رئيس الجامعة الهاشمية سابقاً.

يقدّم الدكتور صبري ربيحات في كتابه «وكأنني لازلت هناك» عملاً سرديًا يتجاوز حدود السيرة الذاتية إلى فضاء أرحب يدمج بين الذاكرة الفردية والتاريخ الاجتماعي. فالكتاب يشكّل شهادة حيّة على مسار إنساني حافل بالتجارب، يبدأ من الطفيلة وينفتح على فضاءات العمل الأكاديمي والإداري والثقافي والسياسي في الأردن. ومنذ الصفحات الأولى، يلمس القارئ صدق الكاتب، وحرصه على تسجيل التفاصيل بعمق إنساني يذكّر بأن السيرة ليست مجرد أحداث، بل هي رؤية إلى الحياة وإلى أثر المكان في تشكيل الإنسان.

يعود ربيحات إلى الطفيلة باعتبارها نقطة بدء تكوّنت فيها شخصيته وتبلورت قيمه الأولى. فهو ابن البيئة التي صاغت أبناءها على الصلابة والاعتداد بالنفس واحترام العمل. ولا يظهر المكان في الكتاب مجرد مساحة جغرافية، بل كذاكرة راسخة ومصدر للمعنى. إذ يُبرز المؤلف تأثير الطفولة المبكرة، والمدرسة، والعلاقات الاجتماعية، في بناء الإنسان، مستعيدًا مشاهد الحياة اليومية التي شكّلت خلفيته الثقافية والأخلاقية. ويتعامل مع تلك التفاصيل بحنان معرفي يجعل القارئ يشعر أنه أمام وثيقة صادقة تُدوّن تحولات المجتمع الأردني عبر صورة الفرد.

وإلى جانب البعد الاجتماعي، يكشف الكتاب عن مسيرة مهنية متشعبة تجمع بين الأكاديمية والعمل العام. فقد تنقّل الدكتور ربيحات بين مواقع متعددة، بدءًا من خدمته في الأمن العام، وصولًا إلى تولّيه حقائب وزارية مثل وزارة الثقافة ووزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية. ويعرض هذه التجربة بروح المسؤول الذي يرى في العمل العام التزامًا تجاه المجتمع، وليس موقعًا بروتوكوليًا. ومن خلال سرد هذه المحطات، تُقدَّم للقارئ صورة لرجل يؤمن بأن خدمة الدولة مهمة تتطلب المعرفة والانتماء معًا.

ويتميّز الكتاب بلغته الرشيقة التي توازن بين بساطة التعبير وعمق الفكرة. فهو يكتب بلا مبالغة، وبلا مسافة بين الذاكرة والقارئ، مما يمنح السرد صدقه ودفئه. كما تتضح في أسلوبه خبرة الأكاديمي وقدرته على قراءة الأحداث وربطها بسياقاتها الثقافية والاجتماعية، وهو ما يضفي على السيرة قيمة معرفية مضاعفة. وفي الوقت نفسه، تحضر الإنسانية بوضوح في طريقته في استحضار العلاقات والتجارب، وفي قربه من الناس وتجاربهم اليومية.

وبالنظر إلى موضوعه وأسلوبه وأبعاده الفكرية والتربوية، يُعدّ الكتاب مادة ذات قيمة للتدريس في المدارس والجامعات، خصوصًا في مساقات التربية الوطنية، والدراسات الاجتماعية، وأدب السيرة الذاتية. فهو نموذج لكتابة تجمع بين التجربة الشخصية والتاريخ الوطني، وتساعد القارئ ،وخاصة الطالب ،على فهم كيفية تداخل السيرة الفردية مع تحولات المجتمع والدولة.

ملامح شخصية الدكتور صبري ربيحات كما تعكسها السيرة

تكشف صفحات الكتاب عن مجموعة من السمات التي تكوّن صورة واضحة لشخصية المؤلف، من أبرزها:
1. الانتماء للبيئة الأصلية
يظهر ربيحات ابنًا وفيًا للطفيلة، ممتنًا لتجربته الأولى، ومحمّلًا بقيم الجهد والنزاهة والاقتراب من الناس.
2. الصدق والشفافية
يكتب تجربته كما عاشها، دون تجميل أو مواربة، الأمر الذي يمنح السرد واقعيته ومصداقيته.
3. الرؤية الوطنية
لا ينظر إلى الأحداث من زاوية فردية فحسب، بل يربطها بالسياق الأردني العام، ويقدّم شهادة ناضجة على تاريخ اجتماعي وسياسي متحوّل.
4. العقل الأكاديمي
تظهر خبرته البحثية في قدرته على التحليل، وفي سلاسة الجمع بين التجربة الذاتية والمعطيات الموضوعية.
5. خبرة العمل العام
تمتزج في شخصيته ثقافة المثقف مع مسؤولية رجل الدولة، مما يجعل سيرته نموذجًا لفهم دور النخب في خدمة المجتمع.
6. البعد الإنساني
في كل التفاصيل، يحضر الإنسان القريب من الناس، والحريص على قراءة التجربة من منظور إنساني قبل أي شيء آخر.

خلاصة القول، يمثّل كتاب «وكأنني لازلت هناك» إضافة نوعية إلى أدب السيرة الذاتية في الأردن، لما يحمله من قيمة توثيقية وإنسانية، ولقدرته على الجمع بين سرد التجربة الفردية ورصد تحولات المجتمع. وهو عمل يستحق القراءة والتأمل، ويناسب أن يكون مرجعًا تربويًا يوظَّف في العملية التعليمية، لما يقدّمه من مضامين ثقافية ووطنية وأخلاقية راسخة. ويظلّ الكتاب شهادة صادقة لرجل حمل قيم بيئته معه أينما ذهب، وظلّ قريبًا من الناس ومن الحقيقة ومن فكرة الخدمة العامة.

 

مقالات مشابهة

  • مصطفى بكري: هناك رموز ستختفي والحكومة ستتغير بعد الانتخابات.. فيديو
  • حصد جائزة نوابغ العرب.. من هو البروفيسور المصري عباس الجمل؟
  • فوائد واسعة لـالبابونج.. هل هناك أضرار في حال تناوله يوميا؟
  • قراءة في كتاب «وكأنني لازلت هناك» للدكتور صبري ربيحات
  • رسالة الغنوشي من سجنه: هذه بداية نهاية الديكتاتورية والثورة المضادة
  • من هو البروفيسور المصري عبّاس الجمل الفائز بجائزة نوابغ العرب 2025؟
  • محمد بن راشد يهنئ البروفيسور عبّاس الجمل لفوزه بـجائزة “نوابغ العرب 2025” عن فئة الهندسة والتكنولوجيا
  • هل هناك موت ثقافي في القدس؟
  • هل هناك فرق بين العراف والكاهن
  • محمد بن راشد يهنئ البروفيسور عبّاس الجمل لفوزه بجائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة الهندسة والتكنولوجيا