في ذكرى ميلاده.. نقاد سينما: «خلي بالك من زوزو» أهم أعمال صلاح جاهين
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
رسم صلاح جاهين «مصره» التى يريد فك شفراتها وحكاها «رباعيات»، تسلل إلى قلبها فرأى ما لا عين رأت من «جمال وخفّة ودلع»، أمسك بخيط الحكمة فقدّمها طازجة وسهلة لكل مَن فك الخط، تلصّص على عوالم شتى فركب «المرسيدس» وسار بجوار «الكارو» فرسم المحروسة «أحب وأجمل الأشياء» يحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء، ويكره ويلعن أبوها بعشق زى الداء، وحتى الرمق الأخير كان محباً للحياة، وإن ضاقت «يحاسب من الأحزان ويحاسب لها».
56 عاماً عاشها كما أراد، تربع فيها على عرش شعراء العامية دون عناء، موهبته الاستثنائية أثرت الأدب والفن بقصائد خالدة وكلاسيكيات باقية.
الشاعر الفذ الذى نظم أجمل القصائد وأعذبها، وبلغت موهبته الفنية ذروتها فى الشعر والمسرح والسينما، تاركاً بصمة فنية راقية خالدة فى تاريخنا الحديث، فى ذكرى ميلاده اليوم، لا يزال المصريون يتذكرونه بمحبة وامتنان، فقد كان صوتهم الصادق الذى وصف آمالهم وأحزانهم، وصوت الحكمة الذى يخاطب شبابهم، وروح مرحة تستقطب أطفالهم، فهو «كتلة مشاعر» لم تترك جانباً إنسانياً إلا وحضرت ومعها سيرة «صلاح جاهين».
لطالما ارتبط اسم الشاعر الكبير صلاح جاهين بالكلمة الشعرية الراقية، إلا أن لهذا الرائد إسهامات عظيمة فى مجال آخر هو السينما، فبجانب كونه شاعراً بارعاً، كان جاهين شخصية فنية متعددة المواهب والاهتمامات، ترك بصمات واضحة وعميقة فى تاريخ السينما المصرية الحديثة.
امتد دوره السينمائى من اكتشاف المواهب الخام وصقلها، وتقديم الدعم الفنى والمعنوى لها، مروراً بكتابة السيناريو والحوار والأشعار والأغانى للعديد من الأفلام الناجحة، وانتهاءً بالمساهمة فى تطوير الحركة الفنية برعاية الفنانين الشباب والواعدين.وصف طارق الشناوى، الناقد الفنى، «جاهين» بأنه حالة فريدة فى الفن المصرى والعربى، تميز بالشمولية فى أداء مختلف ألوان الفنون، فهو شاعر ورسام كاريكاتير وكاتب درامى ومغنٍّ وراقص باليه، ما أظهر تعدد أوجه الإبداع لديه.
جاهين في السينما المصريةلعب «جاهين» دوراً بارزاً فى السينما المصرية، ويعتبر «الشناوى» أنه ترك بصمته المميزة على العديد من الأفلام الناجحة مثل «خلى بالك من زوزو»، والتى شعر المشاهد من خلالها بنبض جاهين الإبداعى، كما ساهم فى كتابة سيناريو فيلم «الكرنك» عام 1996 الذى انتقد فيه ممارسات فى عهد الرئيس عبدالناصر، ما أدى لحذف اسمه من التترات رغم دوره الكبير.
سيظل مصدر إلهام لأعمال فنية عابرة للأجيال، فى نظر الناقد الفنى، فهو كتب 5 حلقات من مسلسل «هو وهى» لم تصور بعد ولكنها تحمل بذور عمل فنى قيّم، وسيظل فيلم «خلى بالك من زوزو» من أهم أعمال جاهين، لتنبؤه بظاهرة التطرف الدينى من خلال شخصية محيى إسماعيل.
وأشادت الناقدة ماجدة خير الله بشخصية «جاهين»، فلم يقتصر دوره على اكتشاف المواهب فحسب، بل كان له دور كبير فى صقل مواهب الفنانين والممثلين وتطوير مهاراتهم، وكانت له بصمة واضحة على أسلوب التمثيل الذى اتبعته نجمات مثل سعاد حسنى. وساهم فى إثراء السينما المصرية من خلال القصائد والأشعار التى كتبها لأغنيات الأفلام، ونالت أشعاره إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، ولا ينسى دوره فى دعم المواهب الشابة من المخرجين وكُتاب السيناريو، ممن أثروا السينما المصرية لاحقاً بأعمالهم، فقد كان دائم التشجيع للمواهب الواعدة.
وأشارت إلى أن «جاهين» بلا منازع أحد رواد الحركة الفنية والثقافية فى مصر، وسيظل الفن المصرى مديناً له على ما قدمه طيلة عقود من الزمن، فالشعر والأدب يمكن أن يكونا عنصرين أساسيين فى إثراء صناعة السينما، وستستمر الحاجة لهذا الدور: «سيظل جاهين مثالاً يُحتذى به فى الإخلاص لخدمة الفن ودعمه من دون منّة أو مقابل». وتابعت: «أعتقد أن تأثير جاهين وإرثه سيبقى حياً فى السينما المصرية، وستواصل الأجيال القادمة الاستلهام منه والاقتداء به كمثال يُحتذى».
وعن إمكانية تقديم قصة سينمائية عن حياة «جاهين» أكدت أن ذلك من الصعوبة، لأن جاهين شخصية فريدة لا يمكن تقليدها أو إعادة تمثيلها بسهولة، لأنه كان يتمتع بموهبة إبداعية استثنائية وتنوع فى المجالات الفنية لا مثيل له، ما يجعل من المستحيل على أى ممثل أن يستطيع أداء شخصيته بشكل دقيق، كما أن تركة جاهين الواسعة والعميقة تحوى الكثير من التفاصيل والأبعاد التى يصعب تغطيتها بالكامل فى عمل سينمائى واحد، لذا فإن أى محاولة لتجسيد حياة وشخصية جاهين على الشاشة قد تفتقر للدقة التاريخية والعدل مع هذه الشخصية الاستثنائية وإرثها الثقافى الضخم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صلاح جاهين السینما المصریة صلاح جاهین
إقرأ أيضاً:
محلل استراتيجي متعدد المواهب
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
يحكى ان ثوراً هائجاً أبدى اعتراضه على قرار مديرية البيطرة باقامة سور عازل داخل المزرعة لفصل حظيرة الأبقار عن حظيرة الثيران، ومنع ًالتزاوج الطبيعي بين الذكور والإناث. فاعترض الثور المراهق على القرار، وكانت لديه رغبات غير مسيطر عليها لفعل أي شيء مقابل إشباع غريزته، وهكذا طفق يبحث عن كيفية القفز فوق الأسلاك الشائكة. فدلوه على ثور كبير كان يعتكف حزينا في احدى زوايا الحظيرة. .
توجه إليه الثور الشاب وبادره بالسؤال عن كيفية عبور السور. . فقال له الثور العجوز: يتعين عليك تطبيق الخطوات التالية:-
عندئذ تتحقق غايتك، وتقضي حاجتك. ولكن عليك ان تعود مسرعاً بنفس الخطوات حتى لا يفتضح امرك. .
فقال الثور الهائج : وماذا لو لم يحالفني الحظ في ضبط حسابات السرعة والمسافة والزخم والتعجيل وزاوية القفز وقوة الاندفاع ؟. لا شك انني سوف اسقط فوق الأسلاك، وربما أخسر أعضائي التناسلية، فماذا أعمل حينها ؟. .
فقال له الثور العجوز، سوف يكون مصيرك الاعتكاف بجانبي، وتصبح خبيراً ومحللاً إستراتيجياً. .
مليئة هي أرض العراق بالأدعياء والمتطفلين على العلوم والمعارف، لدينا فائض منهم، ويشكلون رغوة ثقيلة مزعجة. حتى اصبحت حياتنا معتمة بسبب فقاعات الرغوة الطافية فوق مستنقع الفائضين. .
ما اسهل الضحك على قوم يعشقون الثرثرة ويرفضون التفكير. مثال على ذلك: ظهور احدهم على شاشة احدى القنوات كمحلل سياسي، وظهوره على شاشة اخرى بصفته محللا جغرافيا، وظهوره في قناة ثالثة بصفته من خبراء المسالك البولية، ومن خبراء المضاربات في أسواق المال، واحيانا يظهر كخبير في تربية الاطفال، ويفهم في المنافذ الحدودية، والرسوم الجمركية، وتربية الأسماك وتسمين العجول، وزراعة الشعر، وفي كل الاختصاصات والعلوم والفنون والآداب. .
الخلاصة: لا مستقبل لقوم لا يعرفون قيمة العقل، ولا مستقبل لقوم لا يلتزمون بقواعد التوصيف الوظيفي، ولا خير بمن لا يقيمون وزناً لذوي الاختصاصات المهنية والعلمية النادرة. . د. كمال فتاح حيدر