حينما يتحدث بعض المسئولين الأمريكيين عن العدوان الإسرائيلى المستمر على غزة، تنتابك الدهشة فى بعض اللحظات وتسأل نفسك: هل هذا المسئول يتحدث باسم بلاده أم باسم إسرائيل؟!
هذه الخلاصة ليست مجرد انطباع شخصى، بل هى تراود العديد من المتابعين، وربما هذا الشعور هو الذى دفع مراسلة إحدى القنوات الفضائية العربية فى واشنطن لسؤال جون كيربى المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى قائلة له: هل أصبحتم متحدثا باسم إسرائيل؟!
بالطبع كيربى رد بالنفى وقال إنه المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى، لكن السؤال كان يعكس الشعور الذى وصل للمراسلين المعتمدين فى البيت الأبيض وغالبية المتابعين للعدوان الإسرائيلى.
وفى كل مرة يسأل صحفى كيربى عن سر عدم مطالبة الولايات المتحدة لإسرائيل بوقف إطلاق النار، يسارع إلى القول «لا.. نحن لا نريد أن يتوقف إطلاق النار لأن حدوث ذلك يعنى مكافأة حركة حماس وإعطاءها فرصة لالتقاط أنفاسها والاستعداد لمواجهة إسرائيل مرة أخرى.
والغريب أنه حينما قال الرئيس الأمريكى جو بايدين إن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تفقد الدعم العالمى بسبب القصف العشوائى الذى أدى لسقوط آلاف المدنيين، فإن كيربى سارع بمحاولة تخفيف حدة هذه الانتقادات.
والأكثر غرابة أن كيربى خرج على الصحفيين قبل أيام وقال إن الخطوات التى اتخذها الجيش الإسرائيلى لمنع سقوط ضحايا من المدنيين الفلسطينيين فى غزة قد تذهب أبعد مما كانت ستفعله الولايات المتحدة لو كانت فى مكان إسرائيل!!
ويومها أشار كيربى إلى الخريطة التى نشرها الجيش الإسرائيلى لتنبيه المدنيين بشأن الأحياء التى يخطط لمهاجمتها حتى يتمكنوا من الإخلاء مسبقا. وأضاف نصا: «هناك عدد قليل جدا من الجيوش الحديثة التى تفعل ذلك ولا أعرف ما إذا كنا نحن فى أمريكا سنفعل ذلك!
وبالطبع فإن كيربى نسى أن هذه التنبيهات شكلية لأنه بعد الإخلاء تقوم إسرائيل بتدمير كامل الأحياء، وحتى حينما يحاول الفلسطينيون العودة إلى بيوتهم تقوم إسرائيل بقصفهم مرة أخرى.
وخلال هذا المؤتمر الصحفى الذى انحاز فيه كيربى لإسرائيل حتى على حساب بلاده، فقد ارتدى قلادة كتب عليها «أعيدوهم إلى الوطن الآن»، وهو الشعار المنتشر فى إسرائيل لمطالبة الحكومة الإسرائيلية بإعادة الأسرى الموجودين لدى المقاومة الفلسطينية فى غزة.
انحياز كيربى لإسرائيل أمر غريب حتى بالمقارنة مع بعض المسئولين الإسرائيليين، خصوصا مثل إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق الذى يطالب بوقف إطلاق النار فورا للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وإسقاط حكومة نتنياهو.
كيربى ليس وحده الذى يدافع عن إسرائيل أكثر حتى من بعض الإسرائيليين أنفسهم، فوزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن وحينما نفذت المقاومة عملية طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر الماضى فى مستوطنات غلاف غزة، جاء مسرعا إلى إسرائيل ليقول لهم متباهيا «جئت إليكم باعتبارى يهوديا قبل أن أكون وزيرا للخارجية الأمريكى».
وقبل بلينكن وكيربى فإن الرئيس الأمريكى جو بايدن جاء إلى إسرائيل بعد ساعات من «طوفان الأقصى» ليعلن تضامنه مع إسرائيل ويرسل لها حاملات الطائرات والسفن النووية وجسر مفتوح من الأسلحة والمساعدات المالية العالية وقال بعدها: «لو لم تكن إسرائيل موجودة لاخترعناها»، كما أنه وفر لها الدعم الدبلوماسى واسع النطاق واستخدم حق النقض الفيتو ٣ مرات لإجهاض مشروعات قرارات لوقف إطلاق النار.
ونتذكر أن بايدن قال قبل شهور إن والده قال له ذات يوم «لا يتطلب الأمر أن تكون يهوديا لتصبح صهيونيا»، وفى ٦ ديسمبر الماضى كرر بايدن هذه المقولة، وأضاف عليها: أنا صهيونى وهذه حقيقة لا أعتذر عنها وأنه من دون وجود إسرائيل حرة وآمنة، لا أعتقد أن يهوديا واحدا سيكون آمنا تماما».
أدرك أن هناك مصالح ثابتة للولايات المتحدة، لكن حينما يتعلق الأمر بإسرائيل يصاب المرء بالارتباك والحيرة والدهشة، التى تجعل أمريكا تضحى بمصالحها وصورتها الذهنية وما تقول إنه مبادئها من أجل حماية ودعم العدوان الإسرائيلى.
(الشروق المصرية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه امريكا الاحتلال كيربي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
ويتكوف يتحدث عن شهر حاسم باتفاق غزة وفانس يبحث مرحلته الثانية
قال المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن الأيام الـ30 المقبلة حاسمة لدخول اتفاق غزة مرحلته الثانية، في وقت ينتظر فيه أن يطرح جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي غدا في إسرائيل مناقشة تنفيذ تلك المرحلة الثانية.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصدر أن ويتكوف أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، أن الأيام الـ30 المقبلة حاسمة لدخول اتفاق غزة مرحلته الثانية.
من جهتها، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أن ويتكوف وجاريد كوشنر مبعوثا الرئيس دونالد ترامب إلى المنطقة وجّها أمس رسالة قوية إلى نتنياهو بأن على إسرائيل تجنب التصعيد.
كما أكدا على ضرورة أن تكون ردود إسرائيل متناسبة مع أي انتهاك لوقف النار، وأن إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تتعرضان لضغوط من واشنطن لمنع أي تصعيد قد يؤدي لانهيار اتفاق غزة.
في الأثناء، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي -الذي يزور إسرائيل حاليا- سيطرح، غدا الأربعاء، على نتنياهو تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة.
وخلال افتتاحه اليوم "مركز التعاون العسكري المدني لإعادة بناء غزة" رفقة ويتكوف وكوشنر، قال فانس إن تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة يسير "بشكل أفضل من المتوقع". وأضاف أن حصول بعض العنف لا يعني انهيار وقف إطلاق النار أو فشل خطة السلام.
كما أقر فانس بوجود صعوبات لوجستية تعرقل استعادة ما تبقى من جثث المحتجزين الإسرائيلين في غزة، مؤكدا أن هذا الأمر سيستغرق بعض الوقت.
وأكد فانس أنه يتعين الحصول على موافقة إسرائيل بشأن قوات ستنتشر على الأرض في إسرائيل كجزء من خطة ترمب، مشيرا إلى أن تركيا يمكن أن تلعب دورا بناء.
إعلانمن جانبه، قال ويتكوف إن توقيع اتفاق غزة كان تحديا. وأضاف خلال افتتاح "مركز التنسيق المدني والعسكري" أن التطبيق هو المرحلة الأهم.
تنسيق كبيرمن جهته، قال كوشنر إنهم يعملون على التأكد من استكمال المرحلة الثانية من اتفاق غزة، مضيفا أنه يوجد تنسيق كبير بين إسرائيل والأمم المتحدة بشأن المساعدات الإنسانية لغزة.
وتشمل المرحلة الثانية بنودا مثيرة للجدل تتعلق بنزع سلاح حماس وإدارة القطاع ونشر قوة استقرار دولية، لكن الاتفاق لم يحدد مدى زمنيا لتنفيذ هذه المرحلة. وتثير بعض بنود الخطة تساؤلات بشأن طريقة التفيذ وتحفظات حماس والوسطاء.
في غضون ذلك، نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤولين قولهم إن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يخطط لزيارة إسرائيل هذا الأسبوع.
وأبرم اتفاق وقف الحرب على غزة في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري بمدينة شرم الشيخ المصرية بوساطة قطر ومصر وتركيا ومشاركة الولايات المتحدة، بعدما ارتكبت إسرائيل إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في القطاع على مدى عامين.