الاقتصاد المصري يشهد تراجعاً في قدرته على توليد فرص عمل أمام الشباب الخريجين من حملة المؤهلات العليا والمتوسطة في جميع التخصصات، بنسبة فاقت 50% خلال عام.

هكذا يخلص تحليل للمركز المصري للدراسات الاقتصادية (حكومي)، لافتا إلى معاودة سعر الدولار صعوده في مصر، ليصل إلى معدلات غير مسبوقة في السوق الموازية، ما يدفع آلاف المصانع إلى التوقف عن العمل، وتزداد معدلات البطالة، بخاصة بين طالبي الوظائف من الشباب الخريجين.

ويوضح التحليل أن الحكومة جراء تدهور الاقتصاد فشلت في توليد أكثر من 10% من فرص العمل في القطاعات الصناعية، وسط تباطؤ إنتاج 50% من فرص العمل المتاحة التي ظلت متاحة بكثرة بقطاع التكنولوجيا وخدمات المعلومات، واستمرار تراجع كفاءة الخريجين الجدد.

ووفق التحليل، تراجعت قدرة قطاع تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، الأكثر جاذبية للشباب الخريجين، على توليد وظائف بنسبة 50%، من تعداد طلبات التشغيل، خلال الربع الثالث من العام، مع استحواذ العاصمة على 92% من تلك الوظائف.

وتظهر النتائج وجود مركزية شديدة في إنتاج الوظائف، ترتفع حدتها كل 3 أشهر، حيث تتركز الأعمال في القاهرة، دون غيرها من المدن الكبرى.

اقرأ أيضاً

توقعات بوصول الدولار إلى 45 جنيهاً.. هل تخفض مصر قيمة عملتها المحلية خلال أسابيع؟

وتستحوذ العاصمة على 86% من وظائف الياقات البيضاء، و70% من العمالة الفنية، ويعد مجال خدمة العملاء الأكثر إنتاجاً للوظائف بنسبة 27.3%، يليه البرمجيات بنسبة 11.6%، والمبيعات والتجزئة 9%، وفق التحليل.

وتكشف مديرة المركز عبلة عبداللطيف، أن تحليل الطلب في سوق العمل في الربع الثالث من العام الجاري، أظهر تراجعاً بمعدل إنتاج الوظائف الفنية (العمال) ولذوي الياقات البيضاء (الموظفين)، بنحو 50%، خلال عام واحد، تزداد حدتها في العاصمة القاهرة ومحافظات الوجه البحري والإسكندرية، شماليّ مصر، مع ضعف شديد في قدرة محافظات الجنوب في توليد فرص عمل خلال عامي 2022-2023.

فيما ترجع عضو البرلمان المصري عضو مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية (حكومية) ماريان عازر، أزمة التشغيل في قطاع البرمجيات إلى تأثير الأزمة المالية بالشركات سلباً، ودفعها إلى تقليص ميزانيات التدريب والمخاطر الإنتاجية.

كما ترى مديرة الموارد البشرية في البنك الأهلي المصري (حكومي) حنان الشيخة، أنّ إحجام الشركات والبنوك عن تعيين حديثي التخرج، يرجع إلى عدم جاهزيتهم لسوق العمل، وتفضيل أصحاب الأعمال من لديهم سنوات خبرة تراوح ما بين عامين إلى 4 أعوام.

وفرت الوظائف الصناعية 10% فقط من فرص العمل المتاحة أمام الشباب الخريجين، ما وصفه وزير التنمية الإدارية الأسبق أحمد درويش بأنه "أمر خطر"، مؤكداً حاجة الدولة إلى زيادة الصادرات النوعية وتوفير متطلبات الحياة اليومية من السلع والمنتجات الصناعية.

اقرأ أيضاً

عن سر قفزة الدولار الأخيرة في مصر

وقال درويش إن مشكلة الاقتصاد المصري تكمن في عدم توافر العملة الصعبة التي تظل مصادرها محددة بكمية الصادرات وتحويلات المصريين بالخارج وقناة السويس وعوائد السياحة والاستثمار المباشر، التي لا تكفي لمواجهة الزيادة بقيمة الواردات، وسداد أقساط الدين وفوائده.

وأشار في كلمته لمناقشة تحليل طلب الوظائف، إلى مشاركته في دراسة أجرتها مؤسسة "اليونيدو" التابعة للأمم المتحدة أخيراً، أكدت أن الاتحاد الأوروبي سيكون لديه 10 ملايين وظيفة في جميع التخصصات، لن تجد من يشغلها عام 2030.

في مقابل عجز بالوظائف في مصر ودول الشرق الأوسط يقدر بنحو 25 مليون وظيفة، مبيناً أهمية تجهيز الشباب الخريجين للمنافسة على شغل الوظائف الأوروبية.

وتعكس أزمة البطالة حالة التراجع التي يعاني منها قطاع الشركات على مدار 36 شهراً متصلاً، زادت حدتها في الآونة الأخيرة، مع توقف نحو 11 ألف مصنع من بين 42 ألف منشأة صناعية مسجلة رسمياً، توظف 3 ملايين عامل.

وتأتي أزمة نقص الدولار مع تصاعده الحاد مقابل الجنيه، وعدم قدرة البنوك على تدبيره بالأسعار الرسمية للموردين والمستثمرين، من أهم الأسباب التي تدفع الشركات إلى تخفيض عمليات الإنتاج، وتسريح العمالة أو عدم طلب توظيف عمالة جديدة، وفقاً لمؤشر مؤسسة ستاندرد آند بورز لشهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

اقرأ أيضاً

على أساس سنوي.. 1.7% ارتفاعا في معدل البطالة بمصر

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أزمة الدولار الدولار مصر البطالة الشباب الخریجین فرص العمل

إقرأ أيضاً:

ترامب يريد إعادة المصانع لأميركا لكن من سيعمل فيها؟

في وقت تُدفع فيه السياسة الاقتصادية الأميركية مجددا نحو إعادة "عصر الصناعة"، وتُفرض الرسوم الجمركية على الواردات من أجل تشجيع الإنتاج المحلي، تبرز معضلة جوهرية: هل هناك ما يكفي من الأميركيين الراغبين في العمل داخل المصانع؟

وفي تقرير حديث قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يواصل تعهداته بإعادة الوظائف الصناعية إلى الداخل، عبر سياسات حمائية صارمة، في مقدمتها الرسوم الجمركية التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على الموردين الأجانب.

وقد حققت هذه السياسات بعض النتائج الأولية، حيث لاحظت شركات صغيرة ومتوسطة في أميركا -منها مصنع كويكر سيتي كاستينغز في ولاية أوهايو- زيادة في الطلب، بل وصل الارتفاع إلى 25% لفترة قصيرة بعد إعلان الرسوم، وفقا لما أكده رئيس المصنع ديف لوردي.

نصف مليون وظيفة لا تجد من يشغلها

لكن خلف هذا المشهد المتفائل -تضيف الصحيفة- يكمن واقع أكثر تعقيدا، فبحسب وزارة العمل الأميركية، هناك حاليا نحو نصف مليون وظيفة تصنيع شاغرة في البلاد.

وتشير دراسة صادرة عن "الرابطة الوطنية للمصنعين" إلى أن نحو نصف الشركات في القطاع ترى أن التحدي الأكبر أمامها هو توظيف واستبقاء العمال.

يقول أحد العمال في قسم صب المعادن مصنع كويكر سيتي إن كثيرا من أصدقائه يرفضون مجرد التفكير في العمل داخل المصنع: "الناس يرون أن هذا العمل صعب، وربما غير مستقر".

إعلان

ويبدأ يوم العمل في هذا المصنع في السادسة صباحا، حيث يصطف عمال في أحذية فولاذية لصب الحديد وصقل القوالب في بيئة تتسم بالقسوة والمخاطر.

ويؤكد مدير الموارد البشرية جوزيف كورف أن المصنع رفع الرواتب بنسبة 30% منذ جائحة كوفيد-19، لكن رغم ذلك، "إذا قمنا بتوظيف 20 شخصا، فغالبا ما يبقى منهم اثنان أو 3 فقط، والباقي يستقيل خلال أسابيع أو أشهر".

الأجور بقطاع التصنيع في الولايات المتحدة أقل بنسبة 7.8% من متوسط أجور القطاع الخاص (الأوروبية) أجور منخفضة وتراجع في تمثيل النقابات

تشير بيانات "مكتب إحصاءات العمل الأميركي" إلى أن متوسط أجور العاملين في قطاع التصنيع أقل بـ7.8% من متوسط القطاع الخاص، بينما كانت في عام 1980 أعلى بـ3.8%.

ويُعزى هذا الانحدار حسب الصحيفة إلى :

تراجع تأثير النقابات العمالية. ثبات أنظمة الورديات الصارمة. عدم وجود مرونة في جداول العمل.

وتقول سوزان هاوسمان الخبيرة الاقتصادية من معهد "أبجون لبحوث التوظيف"، إن جزءا من المشكلة يكمن في الصورة الذهنية السلبية عن المصانع: "الناس يتذكرون ما حدث في التسعينيات وأوائل الألفية، عندما أغلقت المصانع أبوابها وانتقل الإنتاج إلى الخارج، ولا يعتقدون أن هذه الوظائف مستقرة".

أما كارولين لي، رئيسة معهد التصنيع، فتقول: "لا يمكنك بناء مصنع وتتوقع أن يظهر العمال من العدم"، وتضيف أن على الشركات تقديم حوافز جديدة لجذب العمال، تشمل مرونة أكبر في ساعات العمل وجدولة الورديات، وهي ميزة بات يطالب بها العمال الزرق والبيض على حد سواء.

قصص من الداخل.. تعب واستقالات

ورصدت الصحيفة تجارب عمال من داخل مصانع للبلاستيك بعضهم عبروا عن افتخارهم وصمودهم، بينما قال آخرون إنهم "لا يحبون العمل الشاق، لأنهم اعتادوا الحصول على الأشياء دون تعب"، وصرح آخرون أيضا بأنهم تركوا العمل بسبب التعب اليومي وقلة الامتيازات.

وتقول الصحيفة إن سياسات ترامب قد تُعيد خطوط الإنتاج إلى الداخل، لكن تبقى معضلة التوظيف والتأهيل والتشغيل قائمة دون حلول جذرية.

إعلان

فمن دون تغيير في ثقافة العمل وأجور عادلة وتحسين بيئة العمل، تبقى الوظائف الشاغرة مجرد أرقام على الورق، لا تجد من يشغلها، رغم الحنين السياسي إلى "المجد الصناعي الأميركي"، وفق الصحيفة.

وقالت وول ستريت جورنال، إن التحدي اليوم لا يكمن في إنشاء مصانع، بل في العثور على من يرغب بالعمل فيها، فإعادة الوظائف لا تعني بالضرورة إعادة العمال.

مقالات مشابهة

  • تداعيات الواقع الديموغرافي في ولاية مطرح
  • ترامب يريد إعادة المصانع لأميركا لكن من سيعمل فيها؟
  • العمل تعلن عن 21 وظيفة جديدة برواتب تصل إلى 15 ألف جنيه
  • براتب يصل إلى 21 ألف جنيه.. ما الوظائف المطلوبة في الأردن؟
  • 135 فرصة عمل.. آخر موعد للتقديم على وظائف الصيدليات المقدمة من وزارة العمل
  • “محمد بن راشد للابتكار الحكومي” يرصد نماذج عالمية لاستخدامات التكنولوجيا في العمل الحكومي
  • عبد الرحمن أبو زهرة اعتُبر متوفيا.. هيئة المعاشات توقف راتب تقاعد الفنان المصري
  • نساء البيجيدي يدقن ناقوس الخطر: الأسرة المغربية تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
  • شاهد بالفيديو.. “كيكل” يتعهد بإنهاء الأزمة والذهاب للمناطق التي تنطلق منها “مسيرات” المليشيا
  • محمد بن راشد للابتكار الحكومي يرصد نماذج عالمية لاستخدامات التكنولوجيا في العمل الحكومي