هل كثرة النوم من السحر ؟، لعل ما يطرح هذا الاستفهام ويزيد أهميته هو تلك الاعتقادات المنتشرة في أذهان الكثير من الناس، الذين يظنون أن السحر سبب كل شر يصيبهم أو يصيب ذويهم ، ومن ثم ينبغي الوقوف على حقيقة  هل كثرة النوم من السحر أم أنه مجرد إجهاد أو اكتئاب؟، ففي اعتقادهم أن الشخص المسحور ينتابه رغبة دائمة في النوم طوال الوقت وفي كل وقت، مع شعور بالوهن الشديد، وطالما أن السحر  حق، بحسب ما ورد في نصوص الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة،  فإنه يظل السؤال مطروحًا هل كثرة النوم من السحر ؟.

لماذا حذر رسول الله من تفسير الأحلام؟.. تجنبا لـ9 مصائب تقلب حياتك من أشد الناس عذابا يوم القيامة؟.. 3 رجال فلا تكن منهم بهذا الفعل هل كثرة النوم من السحر 

قالت دار الإفتاء المصرية، في مسألة هل كثرة النوم من السحر؟، إن الخوف من الحسد والسحر أمر قد يصيب قلوب العديد من الأشخاص، ويسبب في بعض الأحيان الكثير من المشكلات النفسية والجسدية للشخص وذويه، ومع ذكره في القرآن الكريم، يبحث الأشخاص عن أعراضه وكيفية التأكد من الإصابة به وما العلاج السريع له، والحسد والسحر ذكرهما الله تعالى في كتابه، وكلاهما بلاءً من الله أو ابتلاءً، والابتلاء يكون للعبد الطائع الذي يريد الله أن يختبر صبره وإيمانه، أو أن البلاء يكون بسبب ذنوب العبد وتقصيره، ليكفر الله بالبلاء عنها، استنادًا لقوله تعالى: «نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ».

وأوضح الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، مسألة هل كثرة النوم من علامات السحر؟، أن الحسد والسحر ذكرهما الله تعالى في كتابه، كما قال: «ومَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ»، وقوله تعالى «وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ(5)» الفلق، مؤكدًا أنه يجب على المسلم أن يعتقد أنه لم ولن يتمكن أي إنسان من إنسان آخر، بخير أو شر إلا بإذن الله؛ كما قال تعالى: « وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ».

العلاج من السحر

وأضاف أن  العلاج من السحر يكون بكثرة ذكر الله والحفاظ على الأذكار التي منها أذكار الصباح وأذكار المساء، والرقية الشرعية وقراءة القرآن الكريم، واللجوء إلى الله والافتقار إليه، وقوله تعالى «واستعينوا بالصبر والصلاة».

ونبه إلى أن  الشخص الذي تم عمل سحر له، فعليه ألا يجزع ولا يحزن ولا ييأس، وأن يكون على يقين بأنه لن يضره شيء إلا بإذن الله تعالى، و عليه أن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى، فهو القائل في كتابه العزيز: «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» الآية 102 من سورة البقرة.

وأكد أنه على الإنسان أن يكون على يقين بأنه لن يضره أحد إلا بإذن الله تعالى وأنه جل وعلا له حكمة، فأقصى ما يمكن للإنس والجن أن يفعلوه هو تحقيق إرادة الله سبحانه وتعالى، فالأمور كلها بيد الله عز وجل، لذا عليه أن يلجأ إلى الله جل في علاه بالدعاء والأذكار وصلاة ركعتين في الليل بنية قضاء الحاجة ، وليدعو فيهما الله تعالى بأن يبعد عنه الشيطان والنفوس الأمارة بالسوء، وحينها لن يضرك السحر في شيء، كما أن الرقية الشرعية مهمة جدًا في مثل هذه الحالات، وهذا لا يتطلب إحضار أحدهم للقيام بالرقية، ولكن يمكن الذهاب لمكتبة تبيع الكتب الدينية أو تحميل الرقية من الإنترنت وقراءتها مرتين يوميًا في الصباح والمساء.

أقوى سورة لفك السحر

 ينبغي ترديد أقوى سورة لفك السحر من باب الأخذ بالأسباب وللوقاية من السحر يستحبّ قراءة سورة الإخلاص، والمعوذتين بعد صلاتي الفجر والمغرب ثلاثة مرّات، والتعوّذ بكلمات الله التامّات من شر ما خلق ثلاث مرات في الصباح والمساء.

• آية الكرسي: «اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيّ الْقَيّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لّهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَن ذَا الّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مّنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيّهُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيّ الْعَظِيمُ » الآية 255 من سورة البقرة.
• سورة الإخلاص: بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيم.. «قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ * اللّهُ الصّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ».
• سورة الفلق: بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيم.. «قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ».
• سورة الناس: بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيم.. «قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ * مَلِكِ النّاسِ * إِلَهِ النّاسِ * مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ * الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ* مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ».
• سورة الفاتحة: « بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيم. الْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ * الرّحْمنِ الرّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدّينِ * إِيّاكَ نَعْبُدُ وإِيّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضّآلّينَ ».

أدعية فك السحر 

 ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه أوصى بالمداومة والحرص على ثلاثين كلمة يبطل السحر ، وردت عن النبى –صلى الله عليه وسلم- وهي: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً مِنْكَ وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لا مَنْجَى مِنْكَ إِلا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وِبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ»، وهناك مجموعة أخرى من كلمات أدعية فك السحر ، منها:

• أعوذُ باللَّهِ السَّميعِ العليمِ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ من همزِهِ ونفخِهِ ونفثِهِ.
• أَعوذُ بكلِماتِ اللهِ التامَّاتِ، الَّتي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فاجرٌ، مِن شرِّ ما خلقَ، وذرأَ، وبرأَ، ومِن شرِّ ما ينزِلُ مِن السَّماءِ ومِن شرِّ ما يعرُجُ فيها ومِن شرِّ ما ذرأَ في الأرضِ وبرأَ ومِن شرِّ ما يَخرجُ مِنها، ومِن شرِّ فِتَنِ اللَّيلِ والنَّهارِ، ومِن شرِّ كلِّ طارقٍ يطرُقُ، إلَّا طارقًا يطرقُ بِخَيرٍ، يا رَحمنُ.
• بسمِ اللَّهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولَا في السَّماءِ، وَهوَ السَّميعُ العليمُ.

• اللهم إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرةِ، اللهم إني أسألُك العفوَّ والعافيةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي.
• اللهم استرْ عورتي وآمنْ روعاتي، اللهم احفظْني مِن بين يديَّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتِك أن أُغتالَ مِن تحتي.
• اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بوجهِكَ الكريمِ، وَكَلماتِكَ التَّامَّةِ، مِن شرِّ ما أنتَ آخذٌ بناصيتِهِ، اللَّهمَّ أنتَ تَكْشِفُ المغرمَ والمأثمَ.
• اللَّهمَّ لا يُهْزَمُ جندُكَ، ولا يُخلَفُ وعدُكَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منكَ الجدُّ سُبحانَكَ وبحمدِكَ.
• اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي.
• اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ، القَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا.

حقيقة وجود السحر

ونبه الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أن الآيات القرآنية التي ورد فيها الحديث عن السحر، إنما هي واضحة وصريحة، تنص على وجود السحر.

وأجاب «وسام» عن سؤال: «ما رأيكم فيمن يقولون إنه لا يوجد شيء اسمه السحر، وأن آيات القرآن التي تتحدث عن السحر إنما هي تنفيه؟»، أنه قال الله تعالى: «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» الآية 102 من سورة البقرة.

واستطرد: و قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن ممارسة السحر من الموبقات ومن أكبر الكبائر، فذكر في الحديث، أن من يثبت عليه هذا الفعل الشنيع يحق للقاضي أو ولي الأمر أن يعاقبه حتى يصل هذا العقاب في بعض الأحيان إلى الإعدام.
 

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

ما حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة؟.. الإفتاء تجيب

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة؟فقد ذهبتُ إلى المسجد وأردت أن أتلو بعض آياتٍ من القرآن خارج الصلاة، فشرعت في التلاوة من منتصف سورة الأنعام، فاستعذت بالله ثم شرعت في التلاوة مباشرةً دون الإتيان بالبسملة، فهل ما فعلته هذا صحيحٌ أو خطأ؟".

وقالت إنه يجوز لمن بدأ القراءةَ من وسط السورة، أو أي موضعٍ منها -غير أولها- خارج الصلاة، قراءة البسملة أو عدم قراءتها، ولا إثم على من تركها ولم يأتِ بها، والأولى أن يأتي بالبسملة استحبابًا، استجلابًا للبركة ومرضاةً لله تعالى، وتأسيًّا بما بدأ الله سبحانه وتعالى به كتابه.

حكم قراءة البسملة عند افتتاح التلاوة وفي أوائل السور

المقرَّرِ شرعًا أنَّ البسملةَ جزءُ آيةٍ من القرآن الكريم وليست أجنبيةً عنه، وردت في سورة النمل في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: 30]، وليست آية من سورة التوبة، وإنما الخلاف في غير ذلك. يُنْظَرُ: "رَدُّ المُحتار على الدُّرِّ المُختار" للعلَّامة ابن عابدين الحنفي (1/ 491، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (1/ 347، ط. مكتبة القاهرة).

وقراءتُها عند افتتاح التلاوة في أوائلِ السور مستحبٌّ، لا سيَّما وأنَّ جميعَ القُرَّاءِ درجوا على افتتاح سور القرآن بها عدا سورة براءة -التوبة-، كما جاء ذلك مُقرَّرًا في كتب القراءات وعلوم القرآن والفقه. يُنْظَرُ: "حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع" للإمام الشاطبي (ص: 9، ط. مكتبة دار الهدى)، و"سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي" للعلَّامة ابن القاصح البغدادي (ص: 30، ط. مطبعة مصطفى البابي)، و"البرهان في علوم القرآن" للإمام بدر الدين الزركشي (1/ 460، ط. دار إحياء الكتب العربية ودار المعرفة).

لماذا لا يستجيب الله دعائي؟.. الإفتاء تحذر من 3 أفعال شائعةأدعية الحج من مغادرة المنزل إلى الوصول للأماكن المقدسة.. احفظها الآن

حكم قراءة البسملة في بداية القراءة من وسط السورة خارج الصلاة
من بدأ القراءة من وسط السورة أو من أيِّ موضعٍ غير أولها ولو بآيةٍ واحدة (وهو المسؤول عنه) خارج الصلاة، فقد نصَّ علماءُ القراءات على أنَّ القارئ مُخيَّرٌ بين الإتيان بالبسملة أو عدم الإتيان بها، قال الإمام الشاطبي في "حِرْز الأَمَانِي وَوَجْه التَّهانِي في القراءات السبع" (ص: 9):  [وَلَا بُدَّ مِنْهَا فِي ابْتِدَائِكَ سُورَةً    سِوَاهَا وَفي الأَجْزَاءِ خَيَّرَ مَنْ تَلَا] اهـ.

وقال العلَّامة شهاب الدين أبو شامة الدمشقي في "إبراز المعاني من حِرْز الأَمَانِي" (ص: 69، ط. دار الكتب العلمية): [كُلُّ آيةٍ يبتدأ بها غير أوائل السور خَيَّر المشايخ فيه فسوَّغوا البسملة فيه؛ لأنه موضع ابتداء في الجملة كما يُسَمَّى في ابتداء الوضوء والأكل والشرب، و "مَنْ تَلا" فاعل "خَيَّرَ"، و "تَلا" بمعنى: قرأ، كَنَّى بذلك عن أهل الأداء، ولو كان "خَيَّرَ" بِضمِّ الخاء وكسر الياء لكان حَسنًا أي: خُيِّرَ التالي وهو القارئ في ذلك. والله أعلم] اهـ.

ونصَّ على ذلك أيضًا الإمام ابن الجزري في متنه: "طَيِّبَة النَّشْرِ في القراءات العشر" (ص: 38، ط. دار الهدى) حيث قال:

[بَسْمَلَةٌ، وَالسَّكْتُ عَمَّنْ وَصَلَا وَفِي اْبتِدَا السُّورَةِ كُلٌّ بَسْمَلَا

سِوَى بَرَاءَةٍ فَلَا وَلَوْ وُصِلْ وَوَسَطًا خَيِّرْ وَفِيهَا يَحْتَمِلْ] اهـ.

قال الإمام ابن الجزري في "شرحه لطَيِّبَةِ النَّشْرِ" (ص: 48، ط. دار الكتب العلمية): [قوله: (وَوَسَطًا)، أي: وسط السورة، يعني ألفاظها وأجزاءها، هذا الموضع الثالث وهو أوساط السورة، فالقارئ فيه مُخيَّرٌ بين الإتيان بالبسملة فيه بعد الاستعاذة، وذلك سوى براءة، فإنه يحتمل التخيير فيها كغيرها، ويحتمل المنع من البسملة فيها] اهـ.

وقال في "النشر في القراءات العشر" (1/ 265، ط. المطبعة التجارية الكبرى): [يجوز في الابتداء بأوساط السور مطلقًا سوى (براءة) البسملة وعدمها لكل من القُرَّاء تخيَّرًا، وعلى اختيار البسملة جمهور العراقيين، وعلى اختيار عدمها جمهور المغاربة وأهل الأندلس] اهـ.

ويُؤيِّدُ الحنابلة ما ذهب إليه جمهور القُرَّاء من أنَّ القارئ للقرآن خارج الصلاة "مُخيَّرٌ" بين الإتيان بالبسملة أو عدم الإتيان بها حال بدء التلاوة من وسط السورة، حيث نصُّوا على عدم المنع من قراءة البسملة في وسط السورة كأولها.

قال العلَّامة شمس الدين ابن مفلح الحنبلي في "الآداب الشرعية والمنح المرعية" (2/ 326، ط. عالم الكتب): [وتستحب قراءة البسملة في أول كل سورة في الصلاة وغيرها نصَّ عليه وقال: لا يدعها، قيل له: فإن قرأ من بعض سورة يقرؤها؟ قال لا بأس، فإن قرأ في غير صلاة فإن شاء جَهَرَ بالبسملة وإن شاء لم يجهر] اهـ.

وذهب الشافعية في المعتمد من مذهبهم إلى استحباب البدء بالبسملة وعدم تركها حال بدء التلاوة من أول السورة أو وسطها خارج الصلاة.

قال الإمام شمس الدين الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/ 475، ط. دار الفكر): [لو قرأ خارج الصلاة استحب له الابتداء بالتعوذ والتسمية، سواء افتتح من أول سورة أم من أثنائها] اهـ.

وذهب أكثر الحنفية إلى أنَّ من بدأ القراءة من وسط السورة يكفيه أن يبدأ قراءته بالاستعاذة فقط دون البسملة، لا سيَّما وأنَّهم يرون في المعتمد من المذهب عندهم أنَّ البسملة ما جُعِلَت إلا للفصلِ بين السور، وليست بآيةٍ تامَّةٍ من سور القرآن إلا من سورة النمل فقط، لذلك رأوا أنَّ من بدأ تلاوة القرآن من أول السورة فإتيانه بالبسملة حَسَنٌ، مراعاةً للخلاف الوارد في كَوْنِ البسملة آية من أول كُلِّ سورة أم لا.

قال العلَّامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 260-261، ط. دار الكتب العلمية): [يُسَنُّ لمن قرأ سورةً تامّةً أن يتعوَّذَ ويُسَمِّي قبلها، واختلف فيما إذا قرأ آيةً، والأكثر على أنه يتعوَّذ فقط... لا خلاف أنَّه لو سمَّى لكان حسنًا لشبهة الخلاف في كَوْنِهَا آيةً من كل سورة، ثم هل يخص هذا بما إذا قرأ السورة من أولها أو يشمل ما إذا قرأ من أوسطها آياتٍ مثلًا؟ وظاهر تعليلهم كون الإتيان بها لشبهة الخلاف في كونها آيةً من كل سورة يفيد الأول كذا بحثه بعض الأفاضل] اهـ.

وأما المالكية: فقد تعرضوا لقراءة البسملة في أثناء سورة براءة لا أولها والذي ينسحب على باقي سور القرآن الكريم، والمفهوم من كلامهم أنَّهم لم ينصوا على خصوص المسألة، إلا أنَّ بعضهم يذكر قولي العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي القائل بالكراهة، والعلامة الشمس الرملي الشافعي القائل بالندب بدون ترجيح، وكأن الأمر عندهم على التخيير بين الكراهة والندب؛ بينما رجَّح الشيخ الأمير الأخذ بقول الرملي بندب قراءتها في أثناء السورة.

قال الشيخ الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 3-4، ط. دار الفكر): [وتحرم في ابتداء براءة عند ابن حجر، وقال الرملي بالكراهة، وأما في أثنائها فتكره عند الأول وتندب عند الثاني، ولم أر لأهل مذهبنا شيئا في ذلك، وليس لها حالة وجوب إلا بالنذر، ولا يقال: إن البسملة واجبة عند الذكاة مع الذكر والقدرة؛ لأنا نقول الواجب مطلقُ ذكر الله لا خصوص البسملة كما عليه المحققون] اهـ.

وقال الشيخ الأمير في "المجموع" ومعه "ضوء الشموع شرح المجموع في الفقه المالكي" (1/ 18، ط. دار يوسف بن تاشفين): [وتحرم في المحرمات على الأظهر، وفي ابتداء براءة عند ابن حجر، وقال الرملي بالكراهة، وأما في أثنائها فتكره عند الأول وتندب عند الثاني، ولا أعلم نصًّا لأصحابنا، والظاهر موافقة الرملي] اهـ.

وأَمَرَ الشرع الحنيف بذكر الله عز وجل قبل كُلِّ عمل، استجلابًا للبركة ومرضاةً لله تعالى، وأفضل الذكر البِدْءُ بما بدأ الله تعالى به أشرف كتبه المُنزَّلة وهو "القرآن الكريم" فقد بُدِأَ بالبسملة، فيستحب ابتداء بها سائر الأعمال.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِذِكْرِ اللَّهِ أَقْطَعُ» رواه الدارقطني.

قال العلَّامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (5/ 2071، ط. دار الفكر): [«كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ»، أي: ذي شأنٍ واعتبارٍ يُرْجَى منه حُسْنُ مآلٍ في النهاية، «البال» الحالُ والشأن، و«أَمْرٍ ذِي بَال»، أي: شريفٍ يُحْتَفَلُ به ويُهتم به، والبال في غير هذا القلب، وقال غيره: إنما قال: ذو بال؛ لأنه من حيث إنه يشغل القلب كأنه ملكه وكأنه صاحب بال... «أقْطَعُ» أي: مقطوع البركة على وجه المبالغة أي: أقطع من كُلِّ مقطوع... وفي رواية فهو «أبتر» أي: ذاهب البركة] اهـ.

الخلاصة
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فيجوز لمن بدأ القراءةَ من وسط السورة، أو أي موضعٍ منها -غير أولها- خارج الصلاة، قراءة البسملة أو عدم قراءتها، ولا إثم على من تركها ولم يأتِ بها، والأولى أن يأتي بالبسملة استحبابًا، استجلابًا للبركة ومرضاةً لله تعالى، وتأسيًّا بما بدأ الله سبحانه وتعالى به كتابه.

طباعة شارك حكم قراءة البسملة عند افتتاح التلاوة وفي أوائل السور البسملةَ القرآن الكريم

مقالات مشابهة

  • حكم من يصلي في الركعة الأولى بسورة الناس.. أمين الفتوى يوضح
  • ما حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم تحديد نوع الجنين خلال عملية حقن مجهرى.. الإفتاء توضح الضوابط الشرعية
  • ما حكم حج الحامل والمرضِع؟ الإفتاء توضح
  • أمر له أثر عظيم في دوام العشرة بين الزوجين.. الأزهر للفتوى يوضحه
  • لماذا لا يستجيب الله دعائي؟.. الإفتاء تحذر من 3 أفعال شائعة
  • هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة بنية القضاء ونيل الثواب معًا.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح كيفية تسوية الصف في الصلاة بالنسبة للجالس على الكرسي
  • النوم عن صلاة الفجر.. الإفتاء: سببه 4 كلمات شيطانية فاحذروها
  • هل لبس الأسود على الميت يجعل الملائكة تسحبه إلى النار؟.. الإفتاء توضح