شرع دعاة الحرب في استحداث مسار جديد لاستدامتها، كغاية في حد ذاتها، كأحدث منعطف في تطوراتها وذلك بتغذيتها بخطاب الكراهية، والتحشيد القبلي وتسليح المواطنين تحت ستار المقاومة الشعبية.
يحدث هذا التطور في ظل متغيرين هامين، أولهما، وضوح موقف قيادة الجيش ممثلة في الجنرال عبدالفتاح البرهان، ونائبه الجنرال شمس الدين كباشي بشأن الانخراط في العملية التفاوضية لوقف الحرب سلما، ففي الوقت الذي أومأ فيه البرهان خلال حديث للجيش في البحر الأحمر، بموافقته للقاء حميدتي في عنتيبي، انسجاما مع تعهداته لقمة ايغاد حول السودان التي استضافتها جيبوتي مؤخرا، كشف الكباشي عن استئناف عملية التفاوض بين الجيش والدعم السريع، في ذات الوقت، في منبر جدة.

ثاني المتغيرين يتمثل في انسحاب الجيش من مدني وتفادي المواجهة مع قوات الدعم السريع، ومع أنه ليس الحدث الأول من نوعه في مجرى الحرب، إلا انه احدث رودود أفعال قوية وحادة خاصة وسط معسكر دعاة الحرب من الإسلاميين وفلول النظام المقبور خاصة.
إذ ينطوي قرار الانسحاب ، الذي نفذته من قبل عدة حاميات للجيش في غربي البلاد على رفض مبطن للاستمرار في الحرب غض النظر عن الأسباب المباشرة لذلك القرار والذي يعني من جهة أخرى تراجعا تكتيكيا أو استراتيجيا عن خيار الحسم العسكري للمعركة بما يقتضيه من انتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم، وهو الخيار الذي يتبناه الإسلاميون والفلول.
لذلك يتمرأى الوجه الآخر، لواقعة مدني بشكل خسران الإسلاميين والفلول رهانهم على الجيش لتحقيق مستهدفاتهم وأهمها عودتهم للحكم مجددا.
ومع إدراكهم بأن المقاومة الشعبية التي شرعوا في تكوينها لتعويض ذلك الخسران، لن تكون قادرة على تحقيق مالم يحققه المقاتلون المحترفون خلال أكثر من ثمانية أشهر، فإن مشروع المليشيا لن يكون غير وسيلة إضافية لإطالة أمد الحرب من أجل الحرب، لا أكثر.
وفي ولايات الشمال والشرق، حيث ينشط دعاة الحرب من الإسلاميين والفلول برعاية السلطات الولائية تتصدر اللافتات القبلية والإثنية والجهوية الدعوة لتوسيع نطاق الحرب وتحويلها لحرب أهلية شاملة من طراز حرب رواندا 1994، فيما يتصاعد خطاب الكراهية ضد مجموعات سكانية أخرى يجري دمغها بالمرجفين والطابور الخامس والخلايا النائمة.
وقد رافق سعار الاستنفار بجانب حملات الاعتقالات في بعض الولايات عمليات تصفية جسدية للمشتبه بهم أحيانا وفق ما يتردد في السوشيال ميديا.
وتواجه هذه الحملة المسعورة التي تستهدف على المدى البعيد إفشال أي مسعى لإنهاء الحرب برفض واسع ومتصاعد من قبل القوى الحية في المجتمع، ففي الولاية الشمالية وولاية نهر النيل تتصاعد موجة رفض المساعي التي يقوم بها فلول النظام المقبور للزج، بأبناء الولايتين في حرب لا ناقة لهم فيها ولاجمل.
وفيما تبرأت العديد من الكيانات القبلية التي وجدت أنه يتم الزج باسمائها في هذا المستنقع من تلك الدعوات، وادانتها، "ناشد مؤتمر البجا مواطني شرق السودان لرفض ومقاطعة حملات التحشيد والاستنفار"، واعتبرها، حسب راديو دبنقا ،"تشكل تهديدا لأمن إقليم شرق السودان.
واعتبر أن تلك الدعوات، المنادية بحمل السلاح تعطي المبررات لتمدد الحرب شرقا ".  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الجيش يتقدم في صحراء دارفور والمسيرات تهاجم معسكر درع السودان

 

 فيما لا تزال ولاية غرب كردفان تشهد عمليات استنفار وتعبئة واسعة من الجانبين وتوترات أمنية متصاعدة تنذر بصدام جديد وشيك بين الطرفين في مدينة النهود، حيث يسعى الجيش إلى استردادها، يعيش النازحون بالقرى الواقعة حول المدينة أوضاعاً إنسانية حرجة، ويواجه عشرات الآلاف منهم انعداماً حاداً في مياه الشرب نتيجة توقف إمدادات الوقود إلى آبار المياه بسبب المعارك الجارية.

تطورات عسكرية متسارعة وتصعيد واسع يشهده أكثر من محور قتالي في الحرب المستعرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، بخاصة في دارفور وكردفان وأم درمان، أبرزها تحرير الجيش والقوات المشتركة منطقة وادي العطرون، نقطة الإمداد الاستراتيجية لـ"الدعم السريع" على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا وتشاد.

هجمات وقصف بينما شن الطيران الحربي للجيش غارات جوية عدة على مواقع ومتحركات "الدعم السريع" في مدينة النهود غرب كردفان هاجمت مسيرات "الدعم السريع" معسكر قوات درع السودان في شرق ولاية الجزيرة، وواصلت قصفها العشوائي على مدينة الفاشر ومعسكر "أبو شوك" للنازحين، وتبادل الطرفان القصف المدفعي جنوب أم درمان.

وأعلن حاكم إقليم دارفور المشرف على القوات المشتركة مني أركو مناوي أن سيطرة الجيش والقوات المشتركة على هذه المنطقة الاستراتيجية تمثل انتصاراً عظيماً يبشر بأن النصر بات وشيكاً، "وقريباً سنحتفل مع شعبنا في إقليم دارفور في كل الطرقات".

 وكشف مناوي لدى مخاطبته حشداً من ضباط وجنود القوات المشتركة عن أنه لم يتبق لتحرير دارفور سوى أربع خطوات عسكرية فحسب، تبدأ بالفولة لتنتهي بالفاشر. وأكد بيان للقوات المشتركة أن تحرير منطقة العطرون في صحراء شمال دارفور من قبضة "الدعم السريع" تم بعد عملية عسكرية دقيقة ومنسقة بينها وبين قوات الجيش "تكبد فيها العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد".

موازين القوى وأوضح الناطق الرسمي باسم القوات المشتركة العقيد أحمد حسين مصطفى أن تحرير وادي العطرون يمثل تحولاً في موازين القوى على أرض دارفور وخطوة حاسمة نحو استعادة الأمن والاستقرار في الإقليم، إذ تكتسب المنطقة أهمية استراتيجية بالغة بموقعها الحيوي الذي يربط بين الولاية الشمالية وشمال دارفور ومنطقة المثلث الحدودي.

وأضاف مصطفى أن المنطقة تشكل مركزاً محورياً في خريطة العمليات العسكرية وشبكات الإمداد، ويعد تحريرها بمثابة قطع للشريان الرئيس لإمدادات "الدعم السريع" اللوجيستية والعسكرية والبشرية.

وتتزامن سيطرة الجيش على وادي العطرون مع تحركات حثيثة للقوات المشتركة في إقليمي دارفور وكردفان بهدف الوصول إلى شمال دارفور وفك الحصار المضروب على مدينة الفاشر منذ ما يقارب العام.

و لقي 19 من المدنيين حتفهم وأصيب 28 آخرون بينهم أطفال جراء تجدد القصف المدفعي العشوائي من جانب "الدعم السريع" على أحياء مدينة الفاشر ومعسكر أبو شوك للنازحين شمال دارفور، وفق "شبكة أطباء السودان"، وأعلنت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك للنازحين شمال غربي الفاشر، عبر صفحتها على "فيسبوك"، عن ارتفاع أعداد ضحايا القصف العشوائي لـ"الدعم السريع" للمعسكر إلى 32 قتيلاً وعشرات الجرحى والمصابين خلال الأيام الخمسة الماضية.

وأوضحت الغرفة أن القصف استهدف سوق المعسكر المكتظة بالمدنيين إلى جانب مساجد ومنازل ومرافق خدمية عامة، مما تسبب في زيادة تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية بالمعسكر، في ظل ظروف صحية صعبة يعانيها قاطنو المعسكر، نتيجة خروج كل أقسام المركز الصحي والعيادات الخاصة عن الخدمة علاوة على انعدام الأدوية والمواد الغذائية.

وفي وسط البلاد أدت هجمات بطائرات مسيرة لـ"الدعم السريع" على معسكر قوات درع السودان في جبل الأباتور بمنطقة البطانة شرق ولاية الجزيرة إلى مقتل 10 من عناصرها وإصابة 14 آخرين من الجنود التابعين له.

وتفقد قائد الدرع اللواء أبو عاقلة كيكل معسكر قواته هناك بعد ساعات قليلة من استهدافه بالطائرات المسيرة، وشهد محور العاصمة الخرطوم تبادلاً للقصف المدفعي الثقيل على مواقع كل منهما بمنطقة الفتيحاب المتاخمة لسلاح المهندسين جنوب أم درمان، حيث قصفت "الدعم السريع" مواقع متقدمة للجيش في المنطقة ذاتها، وردت مدفعية الأخير، بشدة، على مصادر النيران في محيط منطقة الصالحة ومعسكر فتاشة جنوب غربي أم درمان.

وأفاد مصدر عسكري باستمرار المواجهات والاشتباكات، وأيضاً مواصلة الجيش وحلفائه عملياتهم الحربية ضد "الدعم السريع" لتعزيز تقدمهم وتوسيع سيطرتهم على مناطق التماس حول منطقة الصالحة آخر معاقل "الدعم السريع" بالعاصمة الخرطوم

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن اكتمال السيطرة على الخرطوم
  • احتجاجات في لندن تُندد ب استخدام الجيش السوداني للأسلحة الكيميائية
  • ما أهمية سيطرة الجيش السوداني على منطقة العطرون الإستراتيجية بدارفور؟
  • دعاة راحلون وأطباء ورياضيون.. الجنسية الكويتية تُسحب من شخصيات شهيرة
  • فصل الجيش عن الحزب والحركة
  • طريق الحُوار والتفاوض مع أصحاب قرار الحرب وإستمرارها من الإسلاميين لصالح البلد
  • شاهد بالفيديو.. “كيكل” يتعهد بإنهاء الأزمة والذهاب للمناطق التي تنطلق منها “مسيرات” المليشيا
  • الجيش يتقدم في صحراء دارفور والمسيرات تهاجم معسكر درع السودان
  • في ذكرى رحيله الـ15.. عبدالله فرغلي “الأستاذ” الذي صعد من فصول اللغة الفرنسية إلى قمة المسرح والسينما (تقرير)
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء