محلل إسرائيلي: حرب غزة صارت غاية في حد ذاتها وحماس ترص صفوفها
تاريخ النشر: 3rd, July 2025 GMT
يرى المحلل الإسرائيلي آفي يسسخاروف أن الحرب في قطاع غزة تحوّلت إلى "غاية في حد ذاتها"، من دون أفق سياسي يُنهي الصراع، مشيرًا إلى أن الجهد العسكري الإسرائيلي بلغ منتهاه بعد قرابة عام و9 أشهر من العمليات المتكرّرة التي لم تفلح في تحقيق الهدف المعلن وهو إسقاط حكم حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
جاء ذلك في مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت تناول فيه الإعلانات المتتالية لجيش الاحتلال عن سقوط قتلى وجرحى من جنوده، وآخرها الإعلان عن مقتل الجندي الإسرائيلي الرقيب يانيف ميشالوفيتز وإصابة 8 آخرين الأربعاء بعملية نفذتها المقاومة الفلسطينية في الشجاعية شمالي مدينة غزة.
ويشير الكاتب إلى أن الجيش الإسرائيلي سبق له تنفيذ عمليات عدة في المناطق ذاتها مثل حي الشجاعية وخان يونس التي قُتل فيها قبل أسبوع 7 جنود من وحدة الهندسة القتالية التابعة للفرقة 36، لافتًا إلى أن كل جولة عسكرية تُصاحَب بتصريحات رسمية تؤكد أن "هزيمة حماس وشيكة" أو أن الحركة ستنهار قريبًا.
ومع ذلك، يرى يسسخاروف أن "حماس لا تزال واقفة على قدميها"، رغم الضربات المتواصلة التي تتعرّض لها بنيتها التحتية. ويضيف "قد لا تكون الحركة منظمة ومدرّبة كما كانت في السابق، لكنها ما زالت تملك القدر الكافي من القوة لمنع تغيير الواقع في غزة".
ويتطرق المحلل السياسي إلى تصريح ضابط كبير في القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي بأن الجيش "يواصل تفكيك حماس، ويقتل قادتها، ويمنع وصول المساعدات الإنسانية إليها".
وبينما يشير إلى تباهيه بإنجاز وصفه "بالكبير"، وهو توزيع 150 مليون حصة غذائية على السكان الفلسطينيين، بهدف "خلق صدع بين حماس والسكان المحليين"، وفق تعبيره، فإنه يرى في ذلك الإنجاز نتيجة سلبية.
ويتساءل عمّا إذا كانت إسرائيل بدأت تتحمل مسؤولية إدارة شؤون سكان غزة، وهو ما كانت تتجنّب فعله طوال سنوات مضت، قائلًا "ربما أراد الضابط الكبير أن يهنئ نفسه، لكنه في الحقيقة خرج يدين موقف الجيش الإسرائيلي".
إعلان حماس تعيد بناء قوتهايقول يسسخاروف إن الجيش الإسرائيلي ألحق أضرارا حقيقية بحماس وببنيتها التحتية في المناطق التي ينشط فيها، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن الحركة تعيد بناء قوتها في مناطق أخرى لا تطالها العمليات الإسرائيلية بشكل متواصل، وتنجح في تجنيد شباب جدد في صفوفها.
ويلفت إلى أن الأمل الذي علّقته إسرائيل على ما يسمى "عربات جدعون" في إحداث تحول جوهري على الأرض لم يتحقق.
ويضيف "حماس لم تنهر، والسكان المحليون في غزة ما زالوا غير مستعدين للخروج ضدها، رغم وجود أصوات معارضة محدودة على وسائل التواصل الاجتماعي، أو لدى بعض العشائر التي تتجرأ على تحدي الحركة".
ويرى الكاتب أن حماس باتت تضع هدفًا واحدًا أمامها هو البقاء على حد زعمه، وأنها نجحت حتى الآن في تحقيق هذا الهدف.
ويؤكد المحلل السياسي أن "الجهد العسكري في غزة وصل إلى نهايته"، معتبرًا أن هدم مزيد من الأحياء أو تدمير منازل إضافية، وقتل آلاف من عناصر حماس، لم يغير الواقع.
ويضيف "قد يرغب كبار ضباط القيادة الجنوبية في الظهور بمظهر المنقذين لإسرائيل من حماس. لكن للأسف، بعد عام و9 أشهر نحاول فيها تكرار الشيء نفسه، حان الوقت لفهم أن هذه الحرب لن تنتهي أبدًا من دون نهاية سياسية".
ضرورة الحل السياسي
ويكشف الكاتب عن حصيلة ثقيلة للتكلفة البشرية للحرب، مشيرًا إلى مقتل 20 جنديا إسرائيليا في قطاع غزة خلال شهر يونيو/حزيران الماضي وحده، بينما لم يُحرَّر أي من الأسرى الإسرائيليين لدى حماس.
ويرى أن التغيير الجذري في غزة يتطلب من إسرائيل المساعدة في "تشكيل حكومة بديلة لحماس"، قائلا إن "هذه هي الطريقة الحقيقية الوحيدة لإخراج حماس من غزة وتنفيذ ما تعهد به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حين قال "لن تكون هناك حماس".
ويخلص يسسخاروف إلى أن الحرب في غزة يجب أن تنتهي لأنها لم تحقق أي تغيير سياسي ملموس رغم طول أمدها، مؤكدًا أن "العمل العسكري ليس هدفًا في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق غاية سياسية". ويشدد على ضرورة تعاون إسرائيل مع من سماها الدول العربية المعتدلة، والولايات المتحدة، وحتى السلطة الفلسطينية، لتجنّب الغرق في ما وصفه بـ"مستنقع غزة".
في نهاية مقاله، يوجه المحلل الإسرائيلي رسالته الأوضح: "من دون نهاية سياسية، لن تنتهي هذه الحرب أبدًا"، غير أنه ينسى أن أي حل سياسي لا يمكن فرضه على الشعب الفلسطيني من الخارج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل ينجح انقلاب ترامب وحماس على نتنياهو بوقف الحرب؟
مجددا كما كنا نردد منذ تفجر حرب إبادة إسرائيل على غزة في عهد بايدن الديمقراطي وترامب الجمهوري ـ أن الرئيس الأمريكي هو الشخص الوحيد على مستوى العالم الذي يمكنه بقرار وقف الحرب الوحشية على غزة. ونحن في نهاية العام الثاني من الحرب المدمرة للبشر والحجر.
كيف انقلب السحر على الساحر نتنياهو خلال ساعات من تهديد ترامب حماس بفتح أبواب جهنم إذا لم توافق حماس على خطته من 20 بنداً وعلى رأسها «الإفراج عن جميع الرهائن أحياء وجثامين» لوقف الحرب. وأشار لخسارة حماس 25 ألف مقاتل وسنتعقب ونصفي الباقين. وأعطى مهلة أخيرة.
أثارت تغريدة ترامب المثيرة للجدل الكثير من علامات الاستفهام ـ بما عناه ترامب من المهلة وإعطاء تعليمات لتعقب وتصفية مقاتلي حماس؟! هل ستشارك القوات الأمريكية بالحرب على حماس في غزة؟!
وبرغم انهماك ترامب بالخلافات الداخلية والصراع الحزبي والسياسي، ومحاربة تجار المخدرات، إلا أنه وجد الوقت وبذل الجهد لتقديم خطة وقف حرب إسرائيل على غزة!! واجتمع مع نتنياهو في البيت الأبيض وقبله مع قادة وممثلي ثماني دول عربية وإسلامية في نيويورك لمناقشة الخطة.
لا شك أن ما حدث من تحول خلال ساعات من تهديد الرئيس ترامب بفتح أبواب جهنم على حماس إذا لم تذعن وترد إيجابيا على خطته-إلى الإشارة في حدث تاريخي وفي انقلاب صدم نتنياهو واليمين قام الرئيس ترامب ونائبه فانس وللمرة الأولى بنشر بيان موافقة حماس مترجما إلى اللغة الإنكليزية الإفراج عن جميع «الرهائن الأحياء والجثامين» وعودتهم لذويهم. ووصف ترامب بتغريدة بالمميز. وتوجه بالشكر للدول التي لعبت دور الوساطة قطر ـ مصر ـ السعودية ـ الإمارات ـ الأردن وتركيا. ووصفهم بالدول العظيمة.
والصادم لنتنياهو وكيانه المصطلحات المذكورة في بيان حركة حماس التي نشرها الرئيس ترامب مثل «رفض الاحتلال» ـ العدوان ـ الإبادة ـ صمود شعبنا ـ انسحاب الاحتلال من قطاع غزة… والحق المشروع لشعبنا.
تعاملت حماس بمسؤولية وإيجابية. وأتى رد بيان حركة حماس على مقترح الرئيس ترامب بالإشادة بالرئيس ترامب مع علمهم بأن البند الأهم لترامب هو الإفراج عن الأسرى. وهو ما وافقت حركة حماس عليه وأشادوا بمبادرة الرئيس ترامب والوسطاء ولم ترفض حماس المقترح بالكامل ولم تقبله بالكامل. بل باختصار نعم نوافق على بعض البنود ولكن نحتاج لمناقشة البنود وتوضيح بعض التفاصيل بمفاوضات عبر الوسطاء.
كما وافقت حماس على تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناءً على التوافق الوطني الفلسطيني واستناداً للدعم العربي والإسلامي.
وأما بند مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة، فذكر البيان أن ذلك مرتبط بموقف وطني جامع واستناداً إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية. لكن مطلب تسليم السلاح يلفه الغموض، وأعلن القيادي في حماس موسى أبو مرزوق أن السلاح مرتبط بالاحتلال.
نتنياهو مصدوم ومعزول هو وكيانه واليمين المتطرف في ائتلافه الهش
ووسط ترحيب الرئيس ترامب وإدارته والسلطة والفصائل الفلسطينية ودول الوساطة العربية وتركيا ودول أوروبية بالرد الإيجابي بموافقة حماس الإفراج عن جميع الرهائن وهناك بنود تحتاج إلى توضيح وتفاصيل أبرزها 72 ساعة لتسليم جميع الرهائن بعضهم مفقود، وجدول مراحل انسحاب قوات الاحتلال بمراحله الثلاث من غزة؟ وهل ستنسحب كليا من غزة أم ستبقي منطقة عازلة؟
أما نتنياهو المصدوم والمعزول هو وكيانه واليمين المتطرف في ائتلافه الهش والذي كان يتوقع ويتحضر أن ترفض حماس مقترح وخطة ترامب الذي لعب نتنياهو وفريقه دورا رئيسيا بوضع بنود الاتفاق المعدل ـ إلا أنهم صُدموا بموافقة حماس على مقترح الرئيس ترامب، وكذلك بمسارعة الرئيس ترامب بالترحيب بموافقة حماس بتغريدة ومخاطبة الشعب الأمريكي ويطالب نتنياهو وقف القصف فورا!! واضطر ترامب بعد ساعات من إذعان نتنياهو والموافقة على مضض، الإعلان عن البدء بتطبيق المرحلة الأولى مقترح ترامب بوقف الحرب الهجومية والتحول للوضع الدفاعي، ووقف عملية اقتحام مدينة غزة لتسهيل الإفراج عن الرهائن.
واليوم بعد انكفاء نتنياهو بات يخشى من تفكك تحالفه لغياب الإجماع على التقيد ببنود خطة ترامب وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بعد عودة الكنيست من الإجازة. يرافق ذلك تنامي الغضب والمظاهرات الشعبية في الغرب. خاصة بعد الاقتحام واختطاف حوالي 500 من الناشطين المشاركين من 47 دولة معظمهم أوروبيون وبينهم دول عربية وخليجية بأسطول كسر الحصار الإسرائيلي على غزة واعتقال الناشطين ومصادرة السفن. ما أثار غضبا عارما عربيا وغربيا.
وتتقدم اليوم خطوات العودة للمفاوضات في العريش والدوحة لإتمام المرحلة الأولى بالإفراج عن الأسرى وتحضير قوائم مئات الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم من سجون الاحتلال مقابل إفراج حماس عن 48 أسيرا بين أحياء وجثامين.
لا شك يعد الإنجاز انتصاراً للفلسطينيين بوقف حرب الإبادة والتجويع والانسحاب ومنع التطهير العرقي والترحيل القسري. وهو انتصار مستحق للوسطاء الذين بذلوا جهودا مضنية وخاصة قطر ومصر.
ويؤهل ذلك ترامب لتحقيق حلمه بانتزاع جائزة نوبل التي باتت مستحقة في حال التزمت إسرائيل بتطبيق جميع بنود الاتفاق وعلى رأسه وقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة وإنهاء استخدام التجويع كسياسة ممنهجة أودت بحياة أكثر من 450 شخصاً ثلثهم من الأطفال.
لكن في المحصلة النهائية، اكتمال تطبيق بنود مقترح الرئيس ترامب وخاصة الموافقة على بنود رد بيان حركة حماس ـ الذي نشره في حسابه. واستنتاجه «حماس مستعدة لسلام دائم، طال انتظاره في الشرق الأوسط». وماذا عن إسرائيل؟!
القدس العربي