المسلة:
2025-06-25@16:22:44 GMT

حكاية الوطن

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

حكاية الوطن

1 يناير، 2024

بغداد/المسلة الحدث: كتب محمد الكعبي:

بلدي والطاغية ظلام دامس يلف بلدي، السقوف هاوية، الارض تمود بأهلها، الغراب الشؤم ينعق في بلدي، الارض تفتح أبوابها وتقول: هل من مزيد؟ وهي تحتضن طوابير الموتى، جوع، فقر، عوز، خوف، رعب، وأيتام، وسجون، وأرامل وبيوت خالية رغم ساكنيها، أم تبكي، وأب غائب، واخت تصرخ وأخ معدوم، بنت تعزف سمفونية الفراق، والموت هو الصوت المدوي في بلدي، كل الاشياء مختلفة، ظلام في ظلام و بؤس وضياع.

المواطن في بلدي غريب، في بيته أجير ، هناك شرطي وحزب يراقب. رجل أمن فوق السطح، مقابر للجموع، خوف وهروب، سجون ومعتقلات، نساء ورجال كبار وصغار بين سجين وحزين بائس وفقير،ومريض لايجد دواء، وعالم مكبل بالحديد، ومثقف صامت، ومتكلم قطع لسانه، هتك عرضه وصودرت أمواله، طاغي مخمور، سيفه مأجور، كأسه بدماء شعبه مملوء، يقتل يثرم وفي التيزاب يحرق، كل شيء مباح لأنه القائد، أحتقر الناس وسفك الدماء واستحيى النساء، لا رادع لا معارض، أشترى الذمم وكسر الهمم واذل القمم.

عم السواد بلدي، لا خلاص لا سبيل للنجاة، الهمس هو الصراخ والصراخ يعني الموت، كل شيء أسود وغامق، ليس للأبيض وجود، الغذاء فاسد، الدواء هو الداء، حرب ودمار، الذاهب لا يعود والعائد لايبقى، انا في بلد الحرمان، جاري عدوي وعدوي جاري يسرقني ويقتلني ويسير في جنازتي، لا يملك الشعب سوى الدعاء بعد أن يأس الناس من الخلاص بيد الناس، كل شيء في وطني تعطل، السماء، الارض، الماء، الناس والهواء، وضعنا الايادي على الخدود وجلسنا جلسة الفقير اليتيم الجائع المريض.

جاء الفرج

جاء صوت من بعيد، سمعنا النداء يدوي ويصرخ أهلا بالخلاص وأي خلاص ؟

جاءت الدبابة عَبرَت البحار تحمل شعار الحرية يرفرف فوقها الدولار وتخفي تحث ثوبها خنجر الغدر، فوق الدبابة كرش بعمامة، وآخر بربطة عنق، تفوح الخيانة من اعمالهم، يرتدون بدلة الحداثة والحرية بألوانها الزاهية البراقة يهتفون: جئناكم بالخلاص. أستبشر الناس وتهلهلت الألسن وصفقت الأيدي، وهتفت أهلا اهلا بالمنقذ، أهلا بالفرج والامان والسعادة، حلم الناس تحقق، ذهب الطاغية، جاء المهندس والدكتور جاء السيد والحاج، جاء الفرح والسرور.

بدأ عهد جديد لا قتل لا اقصاء لا تهميش لا احتقار لا عائلة تحكم لا مراهق يقتل لا ارعن يتسلط لا قمع لا إرهاب لا اقصاء لا حرمان، عمَّت السعادة وشاع الفرح، مستقبل جميل، علم وتطور، رفاه وقانون، امان وإعمار، وداعاً للخوف والفقر والخراب انه بلدي الجديد سيعيش الحرية والبناء والفكر والعلم، سيبني مدرسة ومستشفى ويحكم القانون، كتبوا الدستور لكن بقلم مكسور.

وطني أجمل الاوطان، وطن الاحلام تحقق، بلد الخير تجدد، أنهار الامل تدفقت .

وجاءت سحابة تحمل كآبة غطت سماءه وامطرت حجارة وحقارة، سألتُ ما الخطب؟ أتاني الرد انهم أبناء الدبابة.

ولم تدم الفرحة طويلا، الفرح في بلدي ممنوع، والسعادة محظورة، والامان مرفوع، عمر بلدي طويل، بطول أنهاره، وعالي بعلو جباله، وشامخ بشموخ نخيله المقطعة، ولكن حزنه عميق بعمق قصب البردي، الحزن وبلدي توأمان لا يفترقان.

دخل مع الدبابة حزب وعمالة تيار وخيانة، جاءوا مع امهم الحنون، لأنهم ابنائها البررة، علمتهم كيف يسرقون، ينهبون، يخربون و يقتلون ويرفعون شعار الإسلام، الحرية، الحداثة، الديمقراطية والمدنية لكنه ممزق. الوجه الحقيقي.

أبناء الدبابة، نجحوا بأدوارهم، أكملوا مشروعهم، أسسوا الاحزاب، واغلقوا الابواب، رفعوا المصاحف على الرؤوس، جندوا البسطاء، ظهر الخراب، شاع الظلم، عاد الرعب، اُسكت المثقف، قُتلت الكلمة، أنتشر الجهل، تحكم الاقزام، تمكن الاوباش ليكملوا مسيرة هتلر ليعبد الناس العجل، ليحكم نابليون فظهر الفساد والإفساد من جديد، تحول وطني إلى صحراء وصحراء جاري تحولت إلى وطن.

صفقت الجموع للذئب تظنه حمل وديع فأكلها وهي تهتف، كل الذئاب اتحدت عليه لتقتله وتعلن براءتها من دمه وهو لا يعلم من قتله، لم تفرق بين الحسين وأبن زياد الذي ارتدى زي الحسين ليصل إلى القصر، تسلط الهمج و قطاع الطرق وأبناء الشوارع وابناء الغانيات. خرج البعض يصفق لصاحب البدلة الجميلة وربطة العنق الطويلة تظنه المنقذ الذي جاءها بالعلم والتطور فقابلهم بالجهل والتراجع، سرق أموالهم وَرهَنَ نفطهم وباع ارضهم، خرب بلدهم وهو ينادي نعم للمدنية والتكنوقراط، خذلهم وحول خيرهم لخارج الحدود، جمع الاموال وبنى المنتجعات وفتح المؤسسات في بلاد الضباب وترك بلادي غارقة بالتراب.

اتفقوا على الخراب

اجتمعوا على قتل الناس، مزقوا الثوب الذي كان يسترهم، وهم، وهدموا البيت الذي كان يأويهم، أحرقوا الزرع وجففوا الانهار وقتلوا الاخيار وابعدوا الخبراء، وعطلوا المصانع، واغلقوا المدارس وهجروا المهندس وقتلوا العلماء، فشوهوا الفكر، فسادَ تجار الحروب والقمار، فخربوا البلاد والعباد.

الاحزاب أشد من الدبابة على وطني، قتلوا عليا في محرابه، من أجل مناقصة خطفوا، وعلى مزايدة قتلوا، لا يستحون لا ويخجلون لأنهم أبناء الدبابة، انها زانية فكانوا لقطاء.

أفسدوا التعليم والقانون، لأنهم هم من سن القوانين ليقسموا وطني بين حزب هجين وسياسي مراهق لا يميز بين قانون وقرار، ومدعي المدنية لا يفرق بين الدولة والحكومة، يعملون لغيرهم فأسسوا المولات وتقاتلوا على المالات.

ينظرون بعين غيرهم، يفكرون بعقل اسيادهم.

بلدي بين خائن باع وطنه للخارج وجمهور أعمى يهرول خلف السراب، يسير ويهتف لكل شعار، يمدحون الجديد، ويلعنون القديم لا يتعظون، وفي نفس الحجر يعثرون، يترحمون على الماضي ويلعنون الحاضر، يصفقون للظالم ويستغفرون للمجرم ويبررون للسارق، ويصنع قاتله بيده، ثم يبكي على حاله ويدع الله للخلاص.

مسؤول حقير، حزب محتال، جماهير بسيطة معادلة ما اصعبها، لا الحزب يترك الاحتيال وينزع ثوب القداسة ويعود إلى ثوبه المتعفن ورائحته النتنة، ولا البعض يريد ان يفهم أو يتعلم، فهذا يقتل ويسرق وذاك يرقص ويصفق. ندائي الى شعبي

كل شيء في بلدي حزين البحر، البر، السماء والانسان، فوضى، ظلام، ضياع، بؤس، حرمان و مرض، هل هناك ولادة جديدة؟

أم انها عسيرة ومخاضها صعب؟

هل ستلد مثل سابقتها؟

احرقوا العجل واقتلوا سامري أنفسكم، وسيروا على طريق الاحرار لكي لا تتيهوا في صحراء الضياع، أرجعوا إلى الله ولا تسجدوا لغيره. سيروا على خطى موسى وانبذوا فرعون هذا هو الحل.

موسى فكر وعمل وصدق ليس خداع.

أخلعوا ثوب الملائكة من المنافق، ستجدون كرش كبير مملوء بالنفط والاموال وجثث الابرياء مدفونة بداخله.

وطني بين قائد جائع ومسؤول بائع وبرلمان تابع، يأكل لا يشبع، يأكل يأكل لا يقنع شعاره هل من مزيد، يريد أن يعوض الحرمان لان بطنه شحيحة.

شعبي اترك جالوت وانصر طالوت وكن مع داوود عندها يضرب الحجر رأس هُبل فيسقط من كعبته. كفى نوماً على بقايا الاخرين كفى بكاءاً وعويلا.

اصرخ بوجه الطغاة بصوت عالٍ أنهم اصنام وإن كان يحيطهم الحرس فانهم من ورق.

اهتف أرحلوا أرحلوا إلى اسيادكم، فان ارضيّ محرمة عليكم، إن رائحتكم كريهة ووجهكم قبيح وعملكم بشع أذهبوا بعيدا عن وطني فإنه أكبر منكم.

لا نريدكم ، لا تشاركونا، وطننا إنه لنا وليس لكم أيها المنافقون، ولو بكيتم بكاء التماسيح ونصبتم منابر العزاء لن نصدقكم.

صرخة وطن

وطني يصرخ بصوت عال يريد ان يكسر قيود الاسر ويخرج من زنزانة العبودية لغير الله، أرضي مقدسة بدماء الشهداء، ليس فيها مكان للدخلاء، وطني ارجوك ضمني إلى احضانك، خذ بيدي إلى الخلاص، أنا يتيم أريد أبي، و فقير أريد مالي، وجائع أريد رغيفي، وخائف أريد أمان، أريد أمي، أمي أرضي المغتصبة، أريدها ان تتحرر من ابناء الدبابة كي نجتمع سوية تحت سماء الحرية. جفف دموعك ياوطن انت أكبر من أن تبكي فكل الغزاة أصغر وأحقر من ان يبكوك، هم يذهبون وأنت باقٍ.

سيسجل التأريخ إن الاجير اراد أن يغتصب شعبا لكنه قُتل وسُحق تحت أقدام الشرفاء، ليس للدعيّ أن يحكم الحر ولا اللئيم يقود الكريم، ولا اللصيق يسود الاصيل، وسيبقى القزم قزم وان لبس ثوب العملاق.

لا تتعب نفسك ايها اللص في بلدي مهما سرقت ستسجن في زنزانته وتقطع يدك، لست منا أيها الزنيم، بل أنت من مذهب اللصوص، فلا تلمع نفسك و لا تجمل صورتك فانك انت، أنت ذاك القزم الحقير، أنا ومن أرسلك يحتقرك لأنك خائن فلا تحاول أن تتجمل أو تتعطر فلا ذهابك للحج يجعلني احترمك ولا دموعك تغشني فانك أنت أنت مهما فعلت تبقى…. آه يا وطني آه يا بلدي آه يا شعبي كلها تكالبت وتآمرت عليك وانت كبير فكم أنت عظيم يا وطني.

ترابك غالي ومائك عذب وسمائك جميلة كل شيء فيك جميل رغم الدموع والجروح إني احبك لأنك وطني.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: فی بلدی کل شیء

إقرأ أيضاً:

في ذكرى رحيله.. الكلباني رمزٌ وطنيٌ خلدته ميادين الشرف

 

 

ناصر بن حمد العبري

في صفحات التاريخ العُماني، تلمع أسماءٌ لا تُنسى، رجالٌ نذروا أعمارهم للوطن، وتركوا بصماتهم في الوجدان الشعبي والعسكري والوطني. ومن بين هؤلاء القادة الكبار، يسطع نجم الفريق الركن خميس بن حميد بن سالم الكلباني، أحد رموز الكفاءة والانضباط والوفاء في قوات السلطان المسلحة.

تمر ذكرى وفاته، في الحادي والعشرين من يونيو، ليبقى هذا التاريخ محفورًا في ذاكرة كل من عرفه أو عمل معه، أو سمع عن سيرته العطرة التي امتدت من سهول الظاهرة إلى أعلى مراتب الشرف العسكري في السلطنة.

وُلد الفريق الركن خميس الكلباني في السابع من يوليو عام 1947 ببلدة العارض في ولاية عبري، وبدأ مسيرته العسكرية مبكرًا حين التحق في 27 يونيو 1961 بالجيش السلطاني العُماني. حيث أثبت كفاءته واستحق الترقية إلى رتبة ضابط في أبريل 1973، قبل أن يتدرج بثباتٍ وثقة في سُلّم الرتب والمناصب، حتى تقلّد رتبة "فريق" في ديسمبر 1990، متوَّجًا مسيرته بتعيينه رئيسًا للأركان.

لم تكن مسيرته العسكرية عادية، بل اتسمت بالحكمة والقيادة والتخطيط الدقيق. إذ شارك في دورات تدريبية متقدمة في عُمان والمملكة المتحدة والسودان، شملت القيادة والأركان واللغة والوسائل التعليمية. وكان أبرزها الدورة الملكية للدراسات الدفاعية في لندن عام 1990، وهي من أرفع الدورات العسكرية في العالم.

خارج الثكنات، كان الراحل مثالًا للإنسانية؛ إذ لم يبخل بعطائه على أبناء وطنه، وكانت يده ممدودة لكل محتاج، ولسانه لا يفتر عن الدعوة إلى التضامن الاجتماعي. كما ترأس الاتحاد العُماني للرماية، وجمعية الجيش السلطاني، مجسدًا التوازن بين العمل العسكري والحياة الاجتماعية والثقافية.

اليوم، وبينما نترحَّم على هذه القامة الوطنية، فإننا نؤكد أنَّ أمثال الفريق الركن خميس الكلباني يجب أن تُخلَّد في مناهج التعليم، وفي الندوات الثقافية، وفي برامج الإعلام الوطني، ليظل الجيل الجديد على صلة برجالات الوطن الذين صنعوا مجده وساهموا في بناء مؤسساته.

إنه ليس مجرد اسم في سجل الأوسمة؛ بل قصة وطن، تُروى بفخرٍ في كل بيتٍ عُماني.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • إصابة 5 أشخاص بانهيار جسر الدبابة وسط العراق
  • السوداني: صنع في العراق مشروع وطني نراهن عليه
  • من صحفي وطني إلى رئيس مجلس الوزراء
  • حكاية موت يتكرر في غزة: أشرف شبات وعماد عبد الجواد 
  • حكاية إبراهيم الخولي.. أول باحث من القادرون باختلاف يحصل على الماجستير - صور
  • «طعم حكاية».. طريقة عمل صينية برياني بالدجاج في المنزل
  • عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة
  • في ذكرى رحيله.. الكلباني رمزٌ وطنيٌ خلدته ميادين الشرف
  • منصور: تعويض ساعات الحرب مطلب وطني لا يؤجّل
  • محافظ دمشق السيد ماهر مروان: نتابع بقلق واستنكار شديدين التفجير الإرهابي الجبان الذي استهدف كنيسة مار إلياس بمنطقة الدويلعة في دمشق مخلفاً خسائر في الأرواح والممتلكات مما يُعدّ اعتداء صارخاً على أمن المواطنين وسلامة الوطن