حرب غزة.. كل تفاصيل العلاقة بين أمريكا وإسرائيل منذ 7 أكتوبر
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
لم تشهد أي حلقة أخرى في نصف القرن الماضي اختبارا للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بهذه الطريقة المكثفة والمؤثرة مثل الحرب المستمرة بين تل أبيب وحركة "حماس" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفقا لصحيفة "ذا نيويورك تايمز" الأمريكية (The New York Times) في تقرير مطول ترجمه "الخليج الجديد".
وبدعم أمريكي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا على غزة خلّفت حتى أمس الإثنين 21 ألفا و978 شهيدا، و57 ألفا و697 جريحا، ودمارا هائلا في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
وتحت عنوان "الولايات المتحدة وإسرائيل: العناق يظهر علامات التوتر بعد 7 أكتوبر"، أضافت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين طلبوا عدم كشفت هويتهم، أن الدبلوماسية المعقدة بين البلدين برزت عبر الحكومتين في تفاعلات مباشرة بين القادة والوكالات العسكرية والاستخباراتية.
وذكرت أن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان يستعد للقيام بزيارة جريئة إلى إسرائيل لإظهار التضامن بعد هجوم "حماس".
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات في محيط غزة.
وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
الصحيفة استدركت: لكن بدا فجأة أن الرحلة تنهار قبل أن تبدأ، إذ أدى الانفجار في المستشفى المعمداني بغزة إلى مقتل مئات الفلسطينيين.
وتابعت: كان الفلسطينيون يتهمون إسرائيل بتفجير المستشفى، وقادة عرب رفضوا مقابلة بايدن عندما وصل إلى المنطقة، فاستدعى الرئيس مستشاريه إلى اجتماع لمناقشة عما إذا كان يجب إكمال زيارته لإسرائيل.
واندلع نقاش حاد بين مستشاري بايدن، إذ نصحه البعض بإلغاء الرحلة، لأنه لم يكن واضحا ما الذي يمكن تحقيقه، كما أن "حماس" قد تطلق صواريخ على مطار بن جوريون لحظة وصول طائرة الرئاسة، بحسب الصحيفة.
واستطردت: لكن رأى آخرون أن بايدن يجب أن يزور إسرائيل. وقالت الاستخبارات الأمريكية إن إسرائيل ليست مسؤولة عن انفجار المستشفى. أما بايدن فتمسك بالذهاب، وبزيارته إسرائيل (18 أكتوبر الماضي) أدار بايدن الحرب شخصيا مع تعرضه لخطر سياسي كبير في الداخل والخارج.
ومنذ اندلاع الحرب، تقدم بايدن للاحتلال أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن "شريكة" في "جرائم الحرب الإسرائيلية" في غزة.
اقرأ أيضاً
ضرائب السلطة الفلسطينية تنهي "مكالمة صعبة" بين بايدن ونتنياهو
علاقة مشحونة
الصحيفة قالت إنه بعد هذه الزيارة بدأت سلسلة من المكالمات الهاتفية المحبطة والتعليقات الحادة والاجتماعات الماراثونية المنهكة، وباتت العلاقة مشحونة، وانخرط بايدن في الحرب بشكل مكثف أكثر من أي قضية أخرى خلال ثلاث سنوات في منصبه.
وتابعت: وتدخل بايدن وفريقه مرارا لإبعاد إسرائيل عن تجاوزات في ردها الانتقامي، لكن كانت تل أبيب تتحداهم. كما شهد بايدن مقاومة داخلية متزايدة لدعمه لإسرائيل، بينها رقيات معارضة من دبلوماسيين بوزارة الخارجية.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أرسل أكثر من 500 أمريكي يمثلون حوالي 40 وكالة حكومية رسالة إلى بايدن؛ احتجاجا على دعمه إسرائيل في الحرب، كما أضافت الصحيفة.
وأردفت: وكان الديمقراطيون في الكونجرس يضغطون على بايدن للحد من الهجوم الإسرائيلي، ووجدت الولايات المتحدة نفسها على خلاف مع دول أخرى في الأمم المتحدة.
وبحسب الصحيفة، لا يوجد أي نقاش جدي داخل الإدارة حول تغيير حقيقي، مثل وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة. وخلال محادثة متوترة قبل أسبوع، ضغط بايدن على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقليص نطاق الحرب وحصرها بشكل أكبر في غارات جوية تستهدف قادة "حماس" والأنفاق، بدلا من القصف واسع النطاق.
اقرأ أيضاً
بايدن ونتنياهو يتوصلان إلى صفقة حول استمرار حرب غزة.. هذه تفاصيلها
انسحاب وغارات
نتنياهو أرسل مستشاره رون ديرمر إلى واشنطن والذي قال لمسؤولي البيت الأبيض إنه في الأسابيع المقبلة سينهي الجيش عملياته في شمال قطاع غزة ويبدأ في سحب قوات عديدة، لكنه وفقا للصحيفة لم يقدم جدولا زمنيا.
وأضافت أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يخطط لزيارة إسرائيل مجددا في أوائل يناير/ كانون الثاني الجاري، للحصول على قرارا بشأن الخطوات التالية.
وذكرت أنه بموازاة الحرب، يتفاوض فريق بايدن على صفقة تبادل أسرى جديدة بين "حماس" وإسرائيل، كما تُبذل جهود للتفاوض عبر وسطاء على ترتيب مع "حزب الله" للانسحاب من المنطقة القريبة من حدود لبنان مع إسرائيل، مما يمنع اندلاع حرب أوسع نطاقا في المنطقة ويسمح لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين فروا من منازلهم بالعودة إليها.
وقال السيناتور الديمقراطي كريس كونز، عضو لجنة العلاقات الخارجية، إن "بايدن كان له بعض التأثير (على الإسرائيليين)، وكان قادرا على تحريك قراراتهم، لكنه احتضن إسرائيل في أعقاب الهجوم (حماس)".
ووفقا للصحيفة فإنه بينما يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالغضب من القيود التي حاول بايدن فرضها عليهم، فإنهم يدركون أنه الحليف الأكثر أهمية لديهم وسط انتقادات عالمية متزايدة، وأن واشنطن هي الوحيدة التي تمنع الأمم المتحدة من فرض عقوبات على إسرائيل.
اقرأ أيضاً
فاتورة الهزيمة في غزة.. من يدفعها أولا: بايدن أم نتنياهو؟
مستقبل غزة
لم تعجب واشنطن بالخطة الإسرائيلية للغزو البري لغزة (بدأ في 27 أكتوبر الماضي)، وسعت إلى تخفيفها، لكن تل أبيب أطلقت النيران على غزة بقوة أكبر ما توقعته إدارة بايدن؛ ما أدى إلى نتائج مميتة، وأثارت صور القتلى الفلسطينيين غضب الكثيرين في حزب بايدن وإدارته والبيت الأبيض، بحسب الصحيفة.
وتابعت أن بايدن واصل سيلا من المكالمات الهاتفية مع نتنياهو، سعيا إلى تقليل الخسائر بين المدنيين، وبالعمل مع قطر تم التوسط إلى الهدنة. لكن الخلاف الأكثر حدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل يتركز على مستقبل غزة بعد الحرب.
وأوضحت أن نتنياهو عارض اقتراحات بايدن بأن تدير السلطة الفلسطينية غزة، على أن يتبعه في نهاية المطاف إنشاء دولة فلسطينية.
وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل هذه الحرب من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
وإثر انهيار حكومة وحدة وطنية، سيطرت "حماس" على غزة في يونيو/ حزيران 2007؛ إثر خلافات لا تزال قائمة مع حركة "فتح"، التي تدير السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بقيادة الرئيس محمود عباس.
وقالت الصحيفة إن المحادثات الأخيرة بين بايدن ونتنياهو أكثر توترا، وكل مكالمة تكون متوترة وحادة وصعبة، ولكنها بناءة.
اقرأ أيضاً
بايدن يدعو نتنياهو لتغيير حكومته ويحذر: الإسرائيليون يفقدون الدعم
المصدر | ذا نيويورك تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حرب غزة علاقة أمريكا إسرائيل حماس غزو بري مدنيون الولایات المتحدة اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
ممثل حماس في إيران يكشف لـعربي21 واقع العلاقة مع طهران بعد حرب الـ12 يوما (شاهد)
كشف ممثل حركة المقاومة الإسلامية حماس في إيران، خالد القدومي عن تحول نوعي في شكل العلاقة بين المقاومة الفلسطينية وإيران، مؤكدا أنها لم تعد مجرد تعاون سياسي أو دعم إنساني، بل أصبحت "علاقة عضوية" تتعزز يوما بعد يوم، خصوصاً بعد حرب غزة الأخيرة وما تبعها من حرب الـ12 يوما بين طهران والاحتلال الإسرائيلي في حزيران / يونيو الماضي.
وقال القدومي في لقاء خاص مع "عربي21"، إن السنوات الماضية، بكل ما حملته من جراح وعدوان، رسخت قناعة لدى الإيرانيين بأنهم "أصدقاء طبيعيون لفلسطين وللمقاومة"، مضيفاً: "الإيراني اليوم لا يقف فقط معنا، بل يشعر بأنه شريك كامل في المعركة، وهذه نقلة استراتيجية في الوعي الإيراني تجاه القضية الفلسطينية".
حرب غزة.. نقطة تحوّل جديدة
وجاءت هذه التصريحات في سياق تقييم أوسع للتغيرات التي شهدتها المنطقة بعد حرب غزة التي استمرت سنتين وخلفت دمارا واسعا واستقطابا إقليميا ودوليا، فخلال تلك الحرب، لعبت فصائل المقاومة أدوارا عسكرية وسياسية بارزة، بينما برز الدعم الإيراني عبر المستويات المختلفة أهمها المواقف المعلنة ضد الاحتلال.
وأشار القدومي إلى أن هذا الدعم لم يعد ينظر إليه في إيران على أنه موقف تضامني فقط، بل كقضية ترتبط مباشرة بالأمن القومي الإيراني بعد أن نقل الاحتلال الإسرائيلي الحرب، لأول مرة، إلى الداخل الإيراني.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
حرب الـ12 يوماً.. عندما أصبح الإيراني "شريكا في الدم"
وتوقف القدومي مطولا عند هجوم الاحتلال الإسرائيلي على إيران في حرب حزيران/ يونيو التي استمرت 12 يوماً، وهي الجولة العسكرية التي مثلت أول مواجهة مباشرة بهذا الحجم بين الطرفين منذ عقود.
وقال القدومي "بعد تلك الحرب، لم يعد المواطن الإيراني يشعر بأنه فقط داعم للقضية الفلسطينية، بل بات يعتبر نفسه جزءاً من المعركة نفسها، الدم الذي سقط على الأرض هنا وهناك جمع الشعبين في مواجهة عدو واحد لا يحترم حدوداً ولا سيادة."
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
ووفق القدومي، فإن هذه التجربة غيرت المزاج الشعبي والسياسي داخل إيران، وجعلت فكرة "الشراكة" مع المقاومة أكثر عمقا من أي وقت مضى.
الاحتلال "عدو للجميع".. والمواجهة تجاوزت فلسطين
وأكد ممثل حماس أن الاعتداءات الإسرائيلية لم تعد مقتصرة على الشعب الفلسطيني، بل امتدت إلى دول عربية وإسلامية عدة، وهو ما جعل طهران ترى في هذا السلوك تهديدا إقليميا شاملا.
وقال القدومي:"الإسرائيلي اليوم يضرب في كل مكان: في فلسطين، إيران، العراق، لبنان، سوريا، اليمن، وحتى بلدان بعيدة كالماليزية. هذا العدو لا يعرف حدوداً ولا يلتزم بسيادة أحد، ولذلك أصبح من الواضح أن الأمة كلها أمام عدو مشترك."
العلاقة مع إيران: من الدعم إلى "استراتيجية مشتركة"
وختم القدومي بالتأكيد أن العلاقة بين الجانبين أصبحت تحمل طابعاً استراتيجياً، قائلا:"اليوم علاقتنا مع إيران علاقة ذات أفق استراتيجي، تقوم على شراكة حقيقية من أجل مستقبل مشترك لهذه الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني."
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من التنسيق والتكامل، خصوصاً بعد أن رسخت الحروب الأخيرة وجود اصطفاف إقليمي جديد يقوم على محور مقاومة أكثر تماسكا، يرى في مواجهة الاحتلال "قدراً مشتركاً لا خياراً سياسياً فقط".