أسوشيتيد برس: إسرائيل تسحب آلاف الجنود تمهيدا لهجمات طويلة المدى أقل حدة بغزة
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
سلطت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية، اليوم الثلاثاء، الضوء على إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عزمه سحب آلاف الجنود من قطاع غزة المُحاصر، واعتبرت أن هذه الخطوة يمكن أن تمهد الطريق لمرحلة جديدة طويلة المدى من القتال الأقل حدة ضد حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية.
وذكرت الوكالة - في تقرير نشرته بهذا الشأن - أن "تأكيد سحب القوات الذي بدأته إسرائيل أمس /الاثنين/ جاء في نفس اليوم الذي ألغت فيه المحكمة العليا الإسرائيلية عنصرًا رئيسيًا في خطة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل التي طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وحذر سياسيون - وفقًا لما نقلته الوكالة - من "إعادة إشعال تلك الانقسامات والإضرار بروح وحدة الحكومة الإسرائيلية التي سادت الفترة الماضية، وبينما تعهد نتنياهو بالمضي قدما في الهجوم العسكري حتى يتم سحق حماس وإطلاق سراح أكثر من 100 شخص ما زالوا محتجزين لدى حماس في غزة، فإن حكومته لازالت تتعرض لضغوط دولية متزايدة لتقليص هجومها الذي تسبب في مقتل ما يقرب من 22 ألف فلسطيني. ومن المتوقع أن يصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي حث إسرائيل مرارا على بذل المزيد لحماية المدنيين الفلسطينيين، إلى المنطقة الأسبوع المقبل".
وأضافت الوكالة أن "الجيش الإسرائيلي قال في إعلانه إنه سيتم سحب خمسة ألوية، أو عدة آلاف من القوات، من غزة في الأسابيع المقبلة. وسيعود البعض إلى قواعدهم لمزيد من التدريب أو الراحة، في حين سيعود العديد من جنود الاحتياط الأكبر سنا إلى منازلهم".
وتابعت أن "الحرب أثرت سلبًا على الاقتصاد من خلال منع جنود الاحتياط من الذهاب إلى وظائفهم أو إدارة أعمالهم أو العودة إلى الدراسة الجامعية".
وأردفت الوكالة أن "كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانيال هاجاري، لم يوضح ما إذا كان انسحاب بعض القوات يعكس مرحلة جديدة من الحرب. واكتفى بتصريح للصحفيين في وقت متأخر أمس الأول بأن أهداف الحرب تتطلب قتالًا طويل الأمد، ونحن نستعد وفقًا لذلك. لكن هذه الخطوة تتماشى- حسبما اعتبرت الوكالة- مع الخطط التي حددها القادة الإسرائيليون لحملة منخفضة الشدة، من المتوقع أن تستمر معظم العام، والتي تركز على معاقل حماس المتبقية وجيوب المقاومة".
وأشارت إلى أن "إسرائيل قالت إنها اقتربت من السيطرة العملياتية على معظم شمال غزة، مما يقلل الحاجة إلى استمرار القوات هناك ورغم ذلك فقد استمر القتال العنيف في مناطق أخرى من الأراضي الفلسطينية، خاصة في الجنوب، حيث لا تزال العديد من قوات حماس على حالها، وحيث فر أغلب سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة".
وذكرت الوكالة أن "إسرائيل شنت هجومًا جويًا وبريًا وبحريًا أدى إلى مقتل أكثر من 21900 شخص في غزة، نسبة الثلثين منهم نساء وأطفال، وفقا لوزارة الصحة في القطاع في حين قال الجيش الإسرائيلي إن 173 جنديا قتلوا منذ بدء عمليته العسكرية البرية بقطاع غزة.. وأدت الحرب إلى نزوح حوالي 85% من سكان غزة، مما أجبر عشرات الآلاف من الأشخاص على الإقامة في ملاجئ مكتظة أو مخيمات مكتظة في مناطق آمنة خصصتها إسرائيل، والتي قصفها الجيش رغم ذلك حتى شعر الفلسطينيون بأنه لا يوجد مكان آمن".
وبيَّنت أنه "في خان يونس، وهي مدينة في جنوب قطاع غزة تقول إسرائيل إنها معقل رئيسي لحماس، أبلغ السكان عن غارات جوية وقصف في غرب المدينة ووسطها. كما وردت أنباء عن قتال عنيف في مخيمات اللاجئين الحضرية في وسط غزة حيث وسعت إسرائيل هجومها الأسبوع الماضي.. كما شاهد (مراسل وكالة أسوشيتد برس) ما لا يقل عن 17 جثة، بما في ذلك جثث أربعة أطفال، في مستشفى في مدينة دير البلح بوسط القطاع، بعد أن أصاب صاروخ أحد المنازل. وقالت وزارة الصحة في غزة أمس إن 156 شخصا قتلوا أول أمس.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسرائيل جيش الاحتلال الإسرائيلي حركة حماس فصائل المقاومة الفلسطينية قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
أي تأثير لهجمات البحر الأسود على أمن الملاحة ومصالح تركيا الإستراتيجية؟
أنقرة- تعيش أنقرة حالة استنفار متصاعد بعدما امتدت نيران الحرب الروسية الأوكرانية إلى تخوم مياهها في البحر الأسود، إثر سلسلة هجمات طالت ناقلات نفط وسفنا تجارية خلال الأيام الماضية.
واعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان استهداف ناقلة نفط قبالة الساحل الشمالي للبلاد "تصعيدا مقلقا" يهدد سلامة الملاحة في واحد من أكثر الممرات حساسية لتركيا، محذّرا الأطراف المعنية من خطورة الانزلاق إلى مواجهة بحرية مفتوحة.
وشهدت مياه البحر الأسود المحاذية لتركيا خلال الأيام الأخيرة سلسلة تطورات لافتة، عكست للمرة الأولى انتقال الحرب الروسية الأوكرانية إلى تخوم المجال البحري التركي.
واندلع الأسبوع الماضي، حريق في الناقلة "كایروس" التي ترفع علم غامبيا بعد انفجار وقع على بعد 28 ميلا قبالة ساحل كفكن شمالي تركيا. وبعد نحو ساعتين فقط، تلقت السلطات التركية نداء استغاثة من ناقلة النفط "فيرات" على مسافة 35 ميلا من الساحل، حيث أفاد طاقمها بتعرضها لهجوم.
الدبلوماسية والمصالحوتشير المعطيات وتقارير إعلامية إلى أن الهجومين نُفّذا بواسطة زوارق أو مُسيّرات بحرية أوكرانية، في ظل اعتراف كييف سابقا باستخدام طائرات مسيرة لضرب ناقلات يعتقد أنها جزء من "أسطول الظل" الروسي الذي يعمل خارج نطاق العقوبات.
وعثر قبل أشهر على زورق أوكراني جرفته الأمواج إلى شواطئ طرابزون، في مؤشر مبكر على تمدد أدوات الحرب إلى محيط السواحل التركية. كما أعلنت المديرية العامة للشؤون البحرية عن حادث ثالث استهدف الناقلة "ميدفولغا-2" التي كانت تنقل زيت عباد الشمس من روسيا إلى جورجيا، على مسافة 80 ميلا من الساحل التركي.
ووجدت أنقرة نفسها أمام معادلة دبلوماسية شديدة الحساسية مع اقتراب نيران الحرب من مياهها، مما فرض عليها السير على خيط دقيق بين موسكو وكييف حفاظا على مصالحها الإستراتيجية.
وسريعا استدعت وزارة الخارجية التركية، السفير الأوكراني والقائم بالأعمال الروسي لإبلاغهما قلق أنقرة الكبير من الهجمات التي طالت سفنا مرتبطة بروسيا داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة. وتوازى هذا التحرك مع تحذير علني وجهته أنقرة لجميع الأطراف بوجوب الكف عن استهداف السفن التجارية، في رسالة يفهم منها أنها موجهة بالأساس إلى كييف.
إعلانوتعكس هذه المقاربة محاولة تركيا التمسك بنوع من الحياد العملي، فهي من جهة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتزوّد أوكرانيا بمُسيّرات قتالية، ومن جهة أخرى ترتبط بعلاقات اقتصادية وثيقة مع روسيا ولم تنضم إلى منظومة العقوبات الغربية.
وفي خضم هذه التعقيدات، تحاول تركيا توسيع دائرة المشاورات مع حلفائها في الناتو حول أمن البحر الأسود، دون أن تنجر لمواجهة مباشرة. فقد ناقش وزير الخارجية هاكان فيدان هذه المخاطر مع الأمين العام للحلف مارك روته، مؤكدا أن الهجمات على ناقلات مرتبطة بروسيا قرب المياه التركية ترفع احتمالات احتكاك غير محسوب.
ويرى الخبير الأمني بلال يوزغاتلي، أن مقاربة أنقرة في البحر الأسود ترتكز على إدارة التهديد ميدانيا بأقل احتكاك، وضبط الخطاب الدبلوماسي للحفاظ على هامش المناورة، ومنع تحويل أمن الملاحة التركي إلى ورقة ضغط بيد أي طرف.
ويشرح يوزغاتلي للجزيرة نت، أن تركيا قادرة على تعزيز أمنها البحري دون التورُّط المباشر في الحرب، عبر تكثيف الدوريات الجوية والبحرية والرصد بالمسيرات داخل نطاق مسؤوليتها، وتحديث قواعد الاشتباك بما يسمح بتحييد أي أهداف مجهولة تقترب من سفن مدنية.
ودبلوماسيا، يرى أن التوازن يقتضي التمسك بمبدأ أن أمن الملاحة ملف دولي وليس نزاعا ثنائيا مع روسيا أو أوكرانيا. وبناء عليه تضغط تركيا على كييف لعدم تنفيذ هجمات قرب سواحلها، مقابل تذكير موسكو بأن دعمها لا يمكن أن يكون غير مشروط طالما تستمر في استخدام البحر الأسود كمنطقة تهديد.
أما في علاقتها مع الناتو، فيؤكد يوزغاتلي أن مصلحة أنقرة تكمن في الاستفادة من المظلة الدفاعية للحلف دون التحول إلى أداة مواجهة مع روسيا. فهي تشارك في تبادل المعلومات البحرية وتطوير قدرات المراقبة، لكنها تحافظ على قيود اتفاقية مونترو لمنع عسكرة البحر الأسود، وفي الوقت نفسه، تبقي أنقرة ورقة "الهجوم على عضو في الناتو" كردع صامت لا كتصعيد سياسي علني.
ويختم الخبير الأمني قائلا إن قدرة تركيا على الحفاظ على هذا التوازن مرهونة بفصل أمنها البحري عن حسابات الآخرين، والتعامل مع الهجمات كـانتهاك لقواعد الملاحة لا كفرصة لإعادة التموضع في الحرب، فكلما بقيت أنقرة في موقع حارس الممرات لا طرف المعركة، استطاعت حماية مصالحها دون الانجرار إلى صراع لا تملك تحديد مساره أو نتائجه.
تداعيات وسيناريوهاتولا تتوقف تداعيات التصعيد البحري عند البعد الأمني، بل تمتد مباشرة إلى المصالح الاقتصادية والإستراتيجية لتركيا في البحر الأسود.
وفي السياق، يرى الباحث الاقتصادي، حقي إيرول جون، أن الخطر الحقيقي يكمن بإعادة تسعير الأخطار وإعادة تشكيل مسارات الملاحة بهدوء إذا استمرت الهجمات في البحر الأسود. فمع تصنيف المنطقة عالية الخطورة، ترتفع أقساط التأمين وكلفة الشحن فورا، وهو ما ينعكس مباشرة على فاتورة الطاقة والحبوب التي تستوردها تركيا من روسيا وأوكرانيا، ويزيد الضغط على التضخم والحساب الجاري.
إعلانويضيف جون للجزيرة نت، أن جزءا من خطوط الملاحة قد يبدأ بالفعل بتفضيل ممرات بديلة أو موانئ أقل خطورة، مما يعني خسارة محتملة لبعض حركة الترانزيت التي تعتمد عليها الموانئ التركية في البحر الأسود.
مع تصاعد الهجمات على السفن على بُعد أميال من سواحل #تركيا.. أردوغان: الهجمات على السفن التجارية في البحر الأسود غير مقبولة، وقد بدا جليًّا أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا باتت تهدد بوضوح سلامة الملاحة في البحر الأسود pic.twitter.com/Kq8Vy4Ck9L
— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 2, 2025
وعن السيناريوهات المحتملة، يرى الباحث جون أن:
سيناريو التصعيد المحدود هو الأقرب، أي استمرار الهجمات دون استهداف مباشر للسفن التركية، مما يعني بقاء الممرات مفتوحة لكن بتكاليف أعلى وضغوط على أسعار الطاقة والحبوب. أما سيناريو التصعيد المتوسط، المتمثل في اقتراب الهجمات من السواحل التركية، فقد يدفع أنقرة لتنويع الممرات التجارية وتحمل كلفة أعلى مؤقتا، مع انعكاسات سلبية على الليرة والتضخم. في حين يبقى السيناريو الحاد الأقل احتمالا لكنه الأكثر كلفة، حيث يمكن أن يتحول جزء من البحر الأسود إلى منطقة شبه مغلقة، مما يفرض إعادة هيكلة عميقة لمسارات التجارة التركية ويزيد الضغوط على ميزان المدفوعات.