أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الجمعة، موقف الحكومة الثابتَ والمبدئيَّ في إنهاءِ وجودِ التحالفِ الدولي بعد أن انتهت مبررات وجوده في العراق.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، حضر صباح اليوم الجمعة، الحفل التأبيني الذي أقامته هيئة الحشد الشعبي في الذكرى الرابعة لاستشهاد قادة النصر ورفاقهما عام 2020".

وأشار السوداني، في كلمته خلال الحفل التأبيني، إلى أن "الاعتداء الذي أدى الى استشهاد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد جمال جعفر آل ابراهيم (أبو مهدي المهندس)، وضيف العراق الجنرال الحاج قاسم سليماني، مثل ضربة لكل الأعراف والمواثيق والقوانين التي تحكم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، مثلما كان جريمة نكراء غير مبررة".

وبين أن "الحكومة بصدد تحديد موعد بدء عمل اللجنة الثنائية لوضع ترتيبات إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في العراق بصورة نهائية، وإنه لن يكون هناك تفريط بكل ما من شأنه استكمال السيادة الوطنية على ارض العراق وسمائه".

وقال رئيس الوزراء: "قبل أربعِ سنوات، وفي فجرِ الثالثِ من كانونَ الثاني سنة 2020، ارتكبتِ الإدارة الأمريكيةُ فعلاً شنيعاً إذ قتلت قائداً عسكرياً عراقياً، نائبَ رئيسِ هيئةِ الحشدِ الشعبي جمال جعفر آل إبراهيم، أبو مهدي المهندس"، مشيراً إلى أن "اغتيالُ ضيف العراق الجنرال قاسم سليماني، مثلَ ضربةً مضاعفةً للعراق ولتقاليده وأعرافه واعتداءً على دولتين".

ولفت إلى أن "العراق تربطهُ مع أمريكا اتفاقية شراكةٍ استراتيجية وعلاقات دبلوماسية، وبهذا تمَّ خرقُ المبادئِ الرئيسيةِ للعلاقاتِ الدوليةِ وما نصَّ عليهِ ميثاقُ الأممِ المتحدةِ من المساواةِ في السيادةِ بين الدولِ وحظرِ استخدامِ القوةِ في العلاقاتِ الدولية"، مبيناً أن "العراق خسر رجلاً كان همهُ طوالَ سنواتِ عمرهِ أن يكونَ العراقُ حراً مستقلاً".

ونبه قائلاً: "تعيش منطقتنا في وضعٍ محتقنٍ منذُ 7 تشرينَ الأولِ للعامِ الماضي، بسببِ السياساتِ العدوانية والإجرامية التي تمارسُها سلطات الاحتلال ضدَّ الفلسطينيين في غزة والأراضي المحتلة"، مردفاً: "حذرنا من أنّ استمرار الممارساتِ الوحشية في غزة، ستكونُ لهُ تداعياتٌ خطيرةٌ على المنطقة والعالم، وبدأنا نلمسُ آثارهُ اليوم في العديد من دول المنطقة".

وواصل كلمته: "الحوادثَ الأخطر هي التي تكررت لأكثر من مرةٍ في العراق، من خلال قيام قواتِ التحالف الدولي باعتداءاتٍ ضدَّ مقارِّ الحشدِ الشعبي"، مؤكداً أن "الحشد الشعبي يمثلُ وجوداً رسمياً تابعاً للدولةِ وخاضعاً لها وجزءاً لا يتجزأُ من قواتِنا المسلحة".

وخلص إلى القول: "أكدنا مرارا أنهُ في حال حصولِ خرقٍ أو تجاوزٍ من قبلِ أيةِ جهةٍ عراقية، أو إذا ما تمَّ انتهاكُ القانونِ العراقي، فإنَّ الحكومةَ العراقيةَ هي الجهةُ الوحيدةُ التي لها أن تقومَ بمتابعةِ حيثياتِ هذه الخروقات"، مشدداً على أن "الحكومة هي الجهة المخولةُ بفرضِ القانون، وعلى الجميعِ العملُ من خلالها، وليس لأحد أن يتجاوز على سيادة العراق".

وأعرب رئيس الوزراء، عن "إدانته الاعتداءات التي تستهدفُ قواتنا الأمنية، وتتجاوزُ روح ونصَّ التفويضِ الذي أوجد التحالفَ الدولي"، مؤكداً "قدرة الحكومة واستعدادها لاتخاذ القرارات المناسبةِ في الحفاظ على سيادةِ العراق وأمنه واستقراره، فهو يقع في صلب مسؤولياتِها والتزاماتِها وواجباتِها الدستورية".

واستطرد: "نؤكد موقفنا الثابتَ والمبدئيَّ في إنهاءِ وجودِ التحالفِ الدولي بعد أن انتهت مبرراتِ وجوده، وإننا بصددِ تحديدِ موعد بدء الحوار من خلالِ اللجنةِ الثنائيةِ التي شُكلت لتحديدِ ترتيباتِ انتهاءِ هذا الوجود، وهو التزامٌ لن تتراجع عنهُ الحكومةُ، ولن تفرطَ بكلِّ ما من شأنهِ استكمالُ السيادةِ الوطنيةِ على أرضِ وسماءِ ومياه العراق"، خاتماً بالقول، إن "مصداق الوفاء والعرفانِ لدماءِ الشهداءِ وتضحياتهم يتطلب منا جميعاً أن نحترمَ الدولةَ ومؤسساتِها الدستوريةَ"

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: العراق التحالف الدولي

إقرأ أيضاً:

إملاءات أمريكية.. هل يتراجع العراق عن إقرار قانون للحشد؟

في سابقة تحدث لأول مرة منذ تشكيله في عام 2014، أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن رفضها الصريح لقانون هيكلة "الحشد الشعبي" الذي يعتزم البرلمان العراقي إقراره بطلب من قوى الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم، معتبرة إياه بأنه "يعزز نفوذ إيران" في العراق.

وتشكل الحشد الشعبي على إثر اجتياح تنظيم الدولة للعراق وسيطرته على ثلث مساحته في عام 2014، وذلك باندماج فصائل مسلحة شيعية قريبة من إيران، وأخرى تشكلت في السنة ذاتها بناء على فتوى "الجهاد الكفائي" للمرجع الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني.

"إملاءات أمريكية"
في اتصال حمل ما وصفه البعض "إملاءات أمريكية"، عبّر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، عن مخاوف بلاده بشأن مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي الذي ما يزال قيد المناقشة في البرلمان.

وشدد الوزير الأمريكي خلال بيان رسمي، الثلاثاء، على أن "تشريع هذا النوع من القوانين سيؤدي إلى ترسيخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة الإرهابية التي تقوض سيادة العراق".

وتحدث روبيو مع السوداني بشأن الهجمات الأخيرة على البنية التحتية للطاقة في إقليم كردستان العراق، بما في ذلك تلك التي تديرها شركات أمريكية، وشدد على أهمية قيام الحكومة العراقية بمحاسبة المتورطين ومنع وقوع هجمات مستقبلية.

وأشار الوزير الأمريكي خلال الاتصال مع رئيس الوزراء العراقي إلى "أهمية دفع رواتب إقليم كردستان العراق بشكل منتظم واستئناف صادرات النفط عبر خط أنابيب العراق-تركيا".


وفي المقابل، أصدر مكتب السوداني بيانا، أكد فيه أنه جرى التطرّق إلى قانون الحشد الشعبي، حيث أشار الأخير إلى أن طرح هذا القانون أمام البرلمان يأتي ضمن مسار الإصلاح الأمني الذي انتهجته الحكومة، وهو جزء من البرنامج الحكومي المعتمد من مجلس النواب.

وأضاف البيان أنه "قد شمل هذا المسار إقرار قوانين مماثلة لأجهزة أخرى ضمن قواتنا المسلحة، مثل جهازي المخابرات والأمن الوطني، وأن الحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية عراقية رسمية تعمل في ظل صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة".

وعلق النائب حسين مؤنس رئيس كتلة "حقوق" في البرلمان العراقي، قائلا: "وصايا الخارجية الأمريكية تسري فقط على أبنائها غير الشرعيين في العراق. أما أحراره فلهم كلمتهم أمام هذا القبح الدبلوماسي، والرد المناسب لهذا التجاوز المضي في إقرار قانون هيئة الحشد الشعبي".

وفي المقابل، وصف الكاتب والمحلل السياسي العراقي، نزار حيدر، النقاط الأربعة التي وردت في بيان الخارجية الأمريكية المتعلق بالاتصال بين روبيو والسوداني، بأنها "املاءات" و"واجبات" يقتضي على الحكومة العراقية تنفيذها، وهذا شيء مؤسف جدا.

وأضاف حيدر خلال مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، أنه "دبلوماسيا وسياسيا هي بمثابة تجاوز على سيادة البلد وخاصة السلطة التشريعية في العراق، لأن الوزير روبيو يتدخل ويقول ماذا يجب على البرلمان أن يشرع وما الذي عليه ألا يشرعه".

"بداية الاستدارة"
من جهته، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" في العراق، إحسان الشمري، لـ"عربي21" إنه "طيلة الستة أشهر الماضية، لم يتعاط طاقم الرئيس الأمريكي بشكل كامل ومباشر ورسمي مع الملف العراقي، وتجنبوا أي تصريح يمكن أن يعطي مؤشرا على الرؤية الأمريكية تجاه العراق".

وأضاف: "لكن اتصال وزير الخارجية ماركو روبيو مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يمثل بداية الاستدارة نحو العراق بشكل رسمي، خصوصا أنه جرى خلاله وضع ثوابت للسياسة الأمريكية تجاه العراق منها ما يرتبط بنهاية النفوذ الإيراني".


وتابع: "الأمر الآخر، هو قضية تقويض حلفاء إيران في الداخل العراقي سواء على المستوى السياسي أو العسكري، إضافة إلى ذلك قانون الحشد الشعبي وما يمثله من موقف أمريكا تجاه تمريره، فضلا عن طبيعة العلاقة بين بغداد وأربيل وربما هي واحدة من أهم الملفات".

وأوضح الشمري أن "هذه الثوابت التي تحدث بها روبيو مع السوداني تعطي مؤشرا للمقاربة الأمريكية التي سيجري البناء عليها في المستقبل".

وعلى الصعيد ذاته، رأى المحلل السياسي العراقي، أثير الشرع، أن "هناك عدم تفاهم داخلي في العراق، الأمر الذي ولّد تدخلات أمريكية، على اعتبار أنه لم تكن سابقا مواقف واضحة من الإدارة الأمريكية، وإنما كل همها كان يصب في التعاون الاقتصادي".

وأضاف الشرع لـ"عربي21" أن "اتصال روبيو بالسوداني بدا واضحا عدم القبول الأمريكي بتشريع قانون الحشد الشعبي، و ربما تكون هناك جهات عراقية طالبت الولايات المتحدة بالتدخل وعدم السماح بتمريره".

وأشار إلى أن "توترات داخلية أيضا لا تريد بقاء رئيس الحشد الشعبي فالح الفياض في منصبه، وأن تشريع القانون في هذا التوقيت يحجم من دور الأخير والكثير من قادة الحشد الذين يراد منهم الابتعاد بحكم بلوغ سن التقاعد (60 عاما) أو عدم وجود تعاون واضح منهم".

واستبعد الشرع تمرير قانون الحشد الشعبي خلال المدة المتبقية من عمر البرلمان العراقي، رغم وجود تطمينات بأنه سيجري التصويت عليه خلال الجلسات المقبلة، وقبل الوصول إلى موعد الانتخابات البرلمانية في 11 تشرين الثاني المقبل.

ولفت إلى أن "الحكومة العراقية تصف الحشد الشعبي بأنه مؤسسة رسمية تحت إمرة القيادة العامة للقوات المسلحة وتأمر بأوامر داخلية وليست خارجية، ويحاولون التفريق بين الحشد وبعض الفصائل، لكن الولايات المتحدة تعرف جيدا من هي الجهات التي لا تنتمي للحشد".

توتر العلاقات
وبخصوص كيفية تعاطي بغداد مع المقاربة الأمريكية، قال الشمري إن هناك قلقا كبيرا من رؤية الولايات المتحدة تجاه العراق، وهذا أحدث انقساما داخل الإطار التنسيقي، وأن أطرافا رفضت ما أسمته "وصاية" أمريكية، بينما تنتظر الحكومة مسارا آخر من واشنطن.

وأعرب الشمري عن تصوره بأن "البناء على هذه المقاربة الأمريكية يعتمد على طبيعة الحل الذي تقدمه الحكومة والإطار التنسيقي مع هذه الملفات التي طرحها روبيو، وقد يكون هناك تقدم في ملف الرواتب والعلاقة مع إقليم كردستان".

وتابع: "لكن سيكون صعبا مع النفوذ الإيراني وتفكيك السلاح، مع وجود تعنت لفصائل مسلحة حول تأجيل تمرير قانون الحشد الشعبي، وهذا قد يؤدي إلى وجود نوع من التوتر في العلاقة الدبلوماسية بين واشنطن وبغداد نتيجة عدم الاستماع إلى النصائح".

ولم يستبعد الشمري أن "تعلق واشنطن التعاون الأمني والعسكري مع بغداد وفق اتفاقية الاتفاق الاستراتيجي، إضافة إلى إمكانية فرض عقوبات على كيانات ومؤسسات وشخصيات، وذلك وفق مذكرة الرئاسية التي وقعها ترامب سابقا ضد إيران، والتي ذكرت العراق والجماعات القريبة من طهران".

من جانبه، قال الشرع إنه "بات واضحا جدا، أنه بالفعل ثمة توترات قادمة بين الولايات المتحدة وبين العراق، وذلك عندما نتابع تصريحات بعض قادة الفصائل المسلحة تجاه واشنطن، والذين هم جزء من الحكومة الحالية ومشاركين في العملية السياسية".


ولفت الشرع إلى أن "إصرار الكتل السياسية الشيعية على تمرير قانون الحشد الشعبي من غير التوصل إلى تفاهمات داخلية، سيعقد من المشهد السياسي الداخلي، لأن الولايات المتحدة عازمة على عدم تمرير بعض القوانين التي تضر بنوع العلاقة بينها وبين مؤيديها في العراق".

وأوضح أن "هناك جهات سياسية من كل المكونات- ليس فقط من السنة والكرد- لا تريد تمرير هذا القانون، وذلك للحفاظ على المكتسبات التي حققوها خلال الدورة البرلمانية الحالية أو الدورات السابقة".

واستبعد الشرع تمرير قانون الحشد الشعبي حاليا، لأنه "يواجها رفضا كبيرا، لكن إذا جرى تعديل بعض الفقرات فيه- بالشكل الذي يرضي أمريكا- فإنه ربما يمضي، وذلك بتوحيد الخطاب الذي يبعث برسائل إيجابية للولايات المتحدة بأن كل الكتل السياسية متفقة على إقراره".

بعد الفشل في تمريره منذ شباط/ فبراير الماضي، كشف رئيس البرلمان، محمود المشهداني، منتصف الشهر الجاري عن رسائل أمريكية وصلت إلى جميع القادة السياسيين ترفض إقرار القانون، وكان نصها: "نحن نتفهم تمسككم بالحشد الشعبي، لكن أصحاب القرار الأعلى في أمريكا لا يتفهمون ذلك".

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الفلسطيني: ندعم جهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة بغزة
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق: وضع إسرائيل في انهيار ويجب تغيير الحكومة المدمرة في أسرع وقت ممكن
  • لا سيادة ولاقانون ولا هيبة للدولة بوجود محمد السوداني وميليشيات الحشد الشعبي
  • شعار حكومة السوداني على المحك تحت وطأة الغضب الشعبي
  • الحشد الشعبي يعلن إطلاق رواتب منتسبيه لشهر تموز
  • اعتقال منسق الحشد الشعبي والفرقة الرابعة في سوريا
  • الحشد الشعبي ينفي اقالة الفياض من منصبه
  • رئيس الوزراء البريطاني يدعو إلى ضرورة إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة فورًا
  • خبراء وسياسيين:لن يستقر العراق بوجود الحشد الشعبي الإيراني الإرهابي
  • إملاءات أمريكية.. هل يتراجع العراق عن إقرار قانون للحشد؟