في محيط متوتر.. قلق بالجيش الإسرائيلي من تصاعد عصيان الطيارين والمظليين
تاريخ النشر: 16th, July 2023 GMT
القدس- وُصف قرار العشرات من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، ولا سيما من وحدات المظليين وسلاح الجو "بالعصيان العسكري" في خطوة "غير مسبوقة" ستكون لها تداعياتها على "متانة" وجاهزية جيش الاحتلال وقوات احتياطه لأي طارئ، بينما حذرت مستويات أمنية مختلفة من انعكاساتها على "قوة الردع" وتباينت المواقف بشأن احتمال أن يشكل القرار تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي.
وجاء قرار الطيارين الإسرائيليين بعدم الامتثال للخدمة، وتعليق المشاركة في المناورات العسكرية، احتجاجا على استمرار حكومة بنيامين نتنياهو بتشريع ما تسميه خطة "إصلاح الجهاز القضائي".
وعلى خلفية ذلك، حذّر مركز أبحاث الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب، من "تآكل الردع الإسرائيلي في مواجهة حزب الله (اللبناني)" مشيرا إلى أن "تجنب الاحتكاك مع حزب الله، من شأنه أن يؤدي إلى وضع إستراتيجي خطير".
وأصدر مركز أبحاث الأمن القومي تقدير موقف -وتحت عنوان "الخيام في مزارع شبعا كفرصة إستراتيجية"- حثّ من خلاله الحكومة الإسرائيلية على توجيه ضربة عسكرية إلى حزب الله في حال فشلت الجهود الدبلوماسية لإزالة الخيام العسكرية.
وعلى وقع التوترات بالجبهة الشمالية مع حزب الله وتصاعد الاحتجاجات بين وحدات "جيش الشعب" تتصاعد الأزمات الداخلية في إسرائيل. ويقول الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت إن ملامح هذا السجال بالأساس "حول أزمة التشريعات والانقلاب على كل منظومة القضاء وتغيير نظام الحكم الديمقراطي اليهودي".
وعلى الرغم من احتدام الصراع واتساع دائرة الاحتجاجات التي وصلت إلى نظام الجيش، يستبعد شلحت -في حديثه للجزيرة نت- أن يكون لعصيان ضباط المظليين وسلاح الجو تداعيات على كل العمليات العسكرية خاصة في حالة الطوارئ.
ويعتقد الباحث بالشأن الإسرائيلي أن قرار العصيان، وعدم الامتثال للتدريبات أو خدمة الاحتياط، ليس سوى ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية لثنيها عن مواصلة التشريعات القضائية، مؤكدا أنه في حالة الطوارئ أو أية عملية عسكرية فإن "الكل في إسرائيل سيمتثل للخدمة العسكرية".
وأشار إلى أن "العصيان" أو "التمرد" الذي ينخرط فيه عشرات الجنود، يتم تضخيمه من قبل الإعلام الإسرائيلي والتهويل من تداعياته وتهديداته للأمن القومي الإسرائيلي، لافتا إلى أن القرار بمثابة وسيلة ضغط على حكومة نتنياهو التي قد ترضخ وترحل تشريعات المنظومة القضائية إلى الدورة البرلمانية المقبلة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وأوضح شلحت أن تأجيل التشريعات لم يحسم بعد، خصوصا وأن ذلك من شأنه أن يخلف أزمة داخلية بالحكومة، وسط الرسائل التي يبعث بها نتنياهو كنوع من إعادة الحسابات من طرفه، خصوصا في ظل الأزمة الحقيقية وغير المسبوقة بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة الرئيس الأميركي جو بادين.
الخشية من أزمة ثقة
وفي تقدير موقف لرئيس معهد "يروشاليم" للإستراتيجية والأمن، أفرايم عنبار، يرى أن العصيان والتمرد في صفوف المظللين وسلاح الجو "يهدد بتعريض إسرائيل للكثير من المخاطر، وهي التي توجد في إقليم خطر ومتوتر وغير مستقر". وبالتالي، يقول عنبار "بقاؤها منوط إلى حد كبير بقوتها العسكرية" وبرأيه هذه الحقيقة "واضحة" لجميع سكان إسرائيل.
لكن، المثير للاستغراب -وفقا لرئيس معهد "يروشاليم"- أن مجموعة من الطيارين والضباط بالوحدات الخاصة وفي الاحتياط، والذين يدركون ضرورتهم في "التشكيل القتالي" للجيش الإسرائيلي، أعلنوا عزمهم التوقف عن المشاركة في التدريبات والامتثال للخدمة العسكرية "بدعوى أن الإصلاحات القضائية ستحوّل إسرائيل إلى دكتاتورية".
وأوضح عنبار أن العصيان ورفض الخدمة بالجيش له تداعيات تلحق ضررا جسيما بالدولة والجيش الإسرائيلي، حيث تشكل هذه الدعوات "سابقة خطيرة قد تمهّد لسلوك مماثل مستقبلا لأسباب ودوافع أخرى لأي شرائح اجتماعية قد لا توافق على سياسات الحكومة المنتخبة".
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي -وفي ظل السجال حول التعديلات القضائية- وجد نفسه في عمق المستنقع السياسي، وهو مكان لا ينبغي أن يكون فيه، وهذا الأمر من شأنه أن يتسبب بأزمة ثقة في المؤسسة العسكرية، ليس فقط في الاحتياط ولكن أيضا داخل الجيش النظامي.
ويعتقد عنبار أن هذه الظاهرة من شأنها أن تسهم بتضرر الهيكل الحساس للعلاقات بين الجيش والمجتمع في إسرائيل، وكذلك زعزعة الثقة بين المستوى السياسي والجيش بشدة، والتأثير على عملية صنع القرار لدى القيادة السياسية خاصة بكل ما يتعلق بالقضايا الأمنية والعسكرية ومواجهات التوترات على مختلف الجبهات خاصة مع لبنان وحزب الله.
يقول الباحث في قضايا الأمن القومي، أرئيل هايمان "رد قادة الجيش الإسرائيلي على ظاهرة العصيان يتم حتى الآن على مستوى توضيح المخاطر الكامنة والمحدقة بمتانة الجيش في حال توسّعت ظاهرة التمرد ورفض الخدمة العسكرية، وتراجعت كفاءة وقدرات قوات الاحتياط، وتآكل الردع".
وأوضح هايمان -للجزيرة نت- أن السياسة الحالية لقادة الجيش الإسرائيلي تجاه من يدعون للعصيان ورفض الخدمة العسكرية، على خلفية الاحتجاجات المناهضة للتعديلات القضائية، هي "سياسة الاحتواء" ومحاولة لعدم إبعاد المترددين عن الخدمة ولمنع اتساع ظاهرة العصيان بالجيش.
لكن هذه السياسة كما يقول الباحث "لن تكون كافية بالضرورة في حال استمرت الحكومة في التشريعات القضائية، وهذا يضع إسرائيل أمام الكثير من التحديات بكل ما يتعلق بهوية الدولة، الأمر الذي يلزم الجيش بالتحضر للمواجهة وليكون في جاهزية عليا بساحة المعركة الحقيقية ضد أعداء إسرائيل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي اعترف بقتلهم.. الموت جوعا يتكرر في غزة
غزة – تحتضن طفلة جثمان والدتها الشهيدة بعدما أعدمها جنود الاحتلال الإسرائيلي أثناء محاولتها الحصول على طعام لصغارها من مركز توزيع المساعدات الأميركي الإسرائيلي غربي مدينة رفح في قطاع غزة.
ومن شوق للطعام المنتظر، تحولت فرحة الطفلة إلى مأساة بعدما أصيبت بحالة انهيار لفقدان والدتها، وراحت تقول "منذ أسبوع ما أكلنا خبزا، وأمي راحت تدور (تبحث) عن طحين تسد جوعنا، فقتلوها".
تكرر مشهد الطفلة مع عشرات الجثث المنتشرة داخل ثلاجات الموتى في مجمع ناصر الطبي، التي تهافت عليها عشرات الفلسطينيين بحثا عن أبنائهم الذين فقدوا الاتصال بهم بعدما ذهبوا للحصول على مساعدات غذائية فباغتتهم قوات الاحتلال بالرصاص والقنابل القاتلة.
ويدل الاستهداف اليومي للفلسطينيين المترددين على مراكز المساعدات على إصرار جيش الاحتلال الإسرائيلي على تحويلها إلى كمائن لقتل الجوعى.
كمائن للجوعىيغطي الغبار جسد شاب عشريني نجا من المجزرة بعدما اضطر للزحف هربا من النيران عقب سقوط مسن كان بجانبه بشكل مفاجئ إثر إصابته بطلق ناري في الرأس.
وبحسب شهادة الشاب للجزيرة نت، فإن الاحتلال أطلق النار من عدة اتجاهات نحو آلاف الموجودين في المنطقة القريبة من مركز المساعدات، مما أدى إلى تساقط العشرات من الضحايا بين شهيد ومصاب.
إعلانووصف الشاب -الذي لم يكشف هويته- المشهد بالمرعب بعدما لم يجد المحاصرون بالنار أماكن للهرب من كثافة الرصاص، وقال إنه ذهب لأخذ المساعدات من المركز الأميركي بناء على رسالة من شركة التوزيع، لكنه اكتشف أن المكان تحوّل إلى كمين لقتلهم وهم جوعى.
وحاول الاحتلال على مدى الأيام الماضية التنصل من جرائمه بحق الجوعى، رغم أن الأدلة تثبت تورطهم بها، خاصة أن أماكن توزيع المساعدات تقع داخل المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة.
ونقلت القناة 11 العبرية عن جيش الاحتلال أنه تم إطلاق النار قرب مجموعة من الفلسطينيين عند أحد مراكز توزيع المساعدات بعدما ادعت أنها انحرفت عن المسار المخصص لها، وأشارت القناة إلى أن الجيش على علم بالأنباء التي تحدثت عن وقوع مصابين، وزعم أنه يفحصها.
ومنذ فجر اليوم الثلاثاء وصل إلى مستشفيات جنوبي قطاع غزة 27 شهيدا وأكثر من 90 مصابا، بينهم حالات خطيرة، بعد استهداف الفلسطينيين غرب رفح، وفق آخر إحصائية لوزارة الصحة في غزة.
وحول ذلك، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة إن الاحتلال الإسرائيلي حوّل مراكز توزيع المساعدات الأميركية الإسرائيلية إلى مصايد للموت الجماعي.
وأكد الثوابتة، في حديث خاص للجزيرة نت، أن الاحتلال يقتل يوميا الجوعى في إطار مشروع مشبوه يُروّج له تحت مسمى الاستجابة الإنسانية.
وأوضح أنه لم يمض 48 ساعة على المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في المكان ذاته، ليكرر جريمته مرة أخرى وبالأدوات نفسها، مما يؤكد أن مراكز توزيع المساعدات المقامة في مناطق حمراء مكشوفة وخطيرة وخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال باتت مكانا لاستدراج المدنيين الجائعين، حيث يطلق الاحتلال النار عليهم عمدا وبدم بارد، في مشهد يُعرِّي أهداف المشروع الحقيقية.
إعلانوارتفعت حصيلة الضحايا الذين استهدفتهم إسرائيل منذ بدء توزيع المساعدات عبر المراكز الأميركية منذ 27 مايو/أيار الماضي إلى 102 شهيد و490 مصابا.
وشدد الثوابتة على أن الاحتلال يهدف لإحداث الفوضى بقطاع غزة عبر التجويع والقتل، ويرفض عمل المؤسسات الإغاثية الدولية التي تعمل بالقطاع منذ عشرات السنين ولديها بيانات كاملة عن السكان، وآليات توزيع تصل عبرها للجميع وبما يحفظ كرامة الإنسان الفلسطيني.
ودعا الأمم المتحدة ومجلس الأمن للتحرك الفوري والضغط بكل الوسائل المتاحة لفتح المعابر الرسمية دون تدخل أو شروط من الاحتلال.
يذكر أن الأمم المتحدة ترفض الخطة الإسرائيلية، وترى أنها تفرض مزيدا من النزوح وتعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وتَقْصر المساعدات على جزء واحد فقط من قطاع غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية، كما تجعل التجويع ورقة مساومة.
سلاح التجويعمن جهته، قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) صلاح عبد العاطي إن قوات الاحتلال تستمر باستخدام سياسة التجويع الممنهج كسلاح حرب عبر تقنين إدخال المساعدات الإنسانية والسماح بما لا يزيد عن 90 شاحنة يوميا، التي تنقل أقل من 10% من الاحتياجات اليومية.
وأكد عبد العاطي للجزيرة نت أن المجاعة دخلت مرحلة الكارثة الكاملة، حيث توفي 326 شخصًا نتيجة سوء التغذية ونقص الأدوية، بينهم 58 وفاة مباشرة بسبب الجوع، و242 وفاة نتيجة نقص الغذاء والدواء، و26 مريضا بالفشل الكلوي.
وشدد على أن نقاط توزيع المساعدات، خاصة تلك التي ترعاها الإدارة الأميركية بالتنسيق مع الاحتلال، تحولت إلى مصايد موت جماعي، حيث يتعرض المدنيون الجائعون الباحثون عن الغذاء للاستهداف المباشر والمتكرر.
ودعا المجتمع الدولي والموقعين على اتفاقيات جنيف واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية إلى التدخل الفوري لوقفها، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية والطبية دون قيود ووفقا لخطة وطرق الأمم المتحدة ومؤسساتها، و"إلغاء الآلية الأميركية الإسرائيلية الإجرامية الحالية لتقديم المعونات".
إعلانوطالب عبد العاطي بضرورة التحرك أمام القضاء الأميركي والدولي لملاحقة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين خلال توزيع تلك المساعدات الإنسانية.
View this post on InstagramA post shared by ربيع ابو نقيرة (@rabie_noqaira)
عريضة لرفض القتلووجّه 300 شخصية مجتمعية بارزة في قطاع غزة نداءً إنسانيا عاجلًا -عبر عريضة وقَّعوا عليها- إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، طالبوا فيه بوقف فوري ونهائي لنشاط نقاط توزيع المساعدات التي تُشرف عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي والمنظمات الأميركية، لا سيما في جنوبي القطاع، مؤكدين أن هذه النقاط تحوّلت إلى مصايد موت وإذلال جماعي للفلسطينيين الجوعى.
ودعا الموقعون على العريضة التي اطلعت عليها الجزيرة نت، برنامج الغذاء العالمي ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطنيين (أونروا) لتحمّل مسؤولياتهم، والتدخل الفوري لوقف المجازر المتكررة قرب تلك النقاط، وآخرها جريمة إطلاق النار المباشر على المدنيين فجر اليوم الثلاثاء في محافظة رفح.
وأكدوا أن آلية التوزيع الأميركية تتم إدارتها بأسلوب عسكري يعتمد على القمع والفوضى والتجويع المتعمد، محذرين من استمرار هذا النمط الذي يُحوّل العمل الإغاثي إلى أداة للإذلال والإعدام الجماعي بدلًا من كونه وسيلة لإنقاذ الأرواح.
وشددوا على ضرورة العودة إلى آلية توزيع المساعدات التي كانت تحت إشراف وكالات الأمم المتحدة باعتبارها النموذج الوحيد الذي يضمن الحد الأدنى من النزاهة والحياد والسلامة، ويُبعد ملف الإغاثة عن الحسابات الأمنية والجهات غير الإنسانية.