حول إنشاء جامعة لعلوم الطاقة المتجددة في الدقم
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
شرعت الحكومة العمانية في إطلاق حراك استثماري ضخم فيما يتعلق بالطاقة المتجددة، وباشرت بتنفيذ بعض تلك المشروعات بوتيرة لافتة سواء ما يتصل بإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية إلى جانب مشروعات الهيدروجين الأخضر، ضمن سياسات الحكومة العمانية للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.
في واقع الأمر، فإن مثل هذه التوجهات الاستراتيجية، تعكس فكرا تقدميا من جانب أصحاب القرار وإدراكًا عميقًا لمقومات سلطنة عُمان الكبيرة في حقول الطاقة المتجددة والتحرك بحكمة نحو سياسات التنويع الاقتصادي، والتركيز على استغلال المزايا التنافسية في هذا الجانب. ويشير موقع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إلى أن سلطنة عمان «تتمتع بطقس مشمس على مدار 320 يومًا سنويًّا ويتراوح نطاق ضوء الشمس عالي الكثافة بين 5.500 و6.000 واط/ ساعة لكل متر مربع يوميًّا، ما يمنحها ميزة تنافسية فريدة في تطوير مشروعات الطاقة الشمسية الواسعة النطاق».
ومن المبهج أن تلك المشروعات تتوزع بصورة متكاملة في أرجاء الجغرافيا العمانية، من هيماء إلى الدقم والجازر وجنوب وشمال الشرقية إلى عبري وبركاء على امتداد 7830 كيلومترًا مربعًا إلى جانب 50 ألف كيلومتر مربع لمشروعات «الهيدروجين الأخضر» في جنوب البلاد، وتمثل تحولًا مفصليًّا في النظرة إلى استغلال القدرات الوطنية ضمن مسارات تنموية متزنة وعقلانية ومجدية؛ إذ تسعى سلطنة عمان إلى توفير ما نسبته 39% من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من خلال الطاقة النظيفة بحلول عام 2040 بحسب المنشور في جريدة «عُمان» بتاريخ 14 نوفمبر 2023.
على الصعيد ذاته فإن تدارس إضافة «مكون علمي وفني معرفي وأكاديمي» يتّسق مع هذا الحراك الاستثماري في الطاقة المتجددة يصبح خطوة موازية وحيوية ومنطقية، ويدفع باتجاه النظر في تأسيس «جامعة لعلوم الطاقة المتجددة» في عُمان وهو مقترح يؤمل الالتفات إليه لمسوغات وطنية مهمة سواء لجهة تعميق القدرات الوطنية وتأصيلها تأصيلًا علميًّا وفتح آفاق واسعة لتمكين الشباب العماني من هذه التقنيات المعقدة وتوطينها، في الوقت الذي تتسارع في التطورات العلمية نحو مستقبل الطاقة المتجددة بصورة أو بأخرى على مستوى دول الإقليم والعالم إلى جانب إيجاد فرص عمل نوعية للشباب العماني، تتناسب مع الاتجاهات العالمية نحو التحول لموارد الطاقة المتجددة والتخفف من هيمنة القطاع النفطي والوقود الأحفوري. تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة على سبيل المثال، لديها حاليًّا أكثر من 70.000 توربين طاقة رياح، تنتج طاقة كهربائية نظيفة وموثوقة تكفي لتزويد 46 مليون منزل بحسب موقع (The American Clean Power Association (ACP)). إن وجود مثل هذه الجامعة في عُمان، سيمنح البلاد صرحًا علميًّا رائدًا ونوعيًّا لمواكبة السباق الدولي في هذا المضمار، فضلًا عن تناغم هذا الأمر مع استحقاقات هذه المشروعات ونوعية الكوادر المطلوبة لتشغيلها بكل تفاصيلها الفنية والعملياتية واللوجستية والإدارية. الجدير بالذكر أن أفضل الجامعات والمعاهد العالمية في حقول الطاقة المتجددة بحسب بعض المواقع الأجنبية مثل (EduRank) بتاريخ 18 يوليو 2023 و(USNEWS WORLD REPORT) تتركز حاليا في الولايات المتحدة والصين وسنغافورة والدنمارك وبريطانيا وكندا وأستراليا والهند ودولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وإيران. في المقابل، تشير بعض المصادر المستشرفة لمستقبل تطورات قطاع الطاقة المتجددة، مثل تقرير موقع (Global Wind Organization) بتاريخ 13 أكتوبر 2023 و(Global Wind Energy Council (GWEC)) أنه «بنهاية عام 2027، فإن إجمالي عدد المنشآت العالمية في طاقة الرياح سينتج ما مجموعه (1,581GW)، أي أكثر من الضعف عن مستويات ما قبل جائحة «كورونا»، وبالتالي فإن الفنيين والمهنيين الذين سيتطلب تأهيلهم لتشغيل وصيانة هذا القطاع، سيرتفع بواقع 17% من 489.600 في عام 2022 إلى 574.200 في عام 2027 فيما يتوقع أن يرتفع عدد الفنيين الجدد بواقع 48.800 سنويا خلال الفترة من 2023 إلى 2027 «بحسب الموقع المذكور».
وفي ما يتعلق بالطاقة الشمسية وفقا لموقع (ENERGY5) بتاريخ 3 يناير 2024 فإن «قطاع الطاقة الشمسية يبدو مبشرا على نحو استثنائي، ومع التركيز العالمي على الاستدامة والتحوّل إلى موارد الطاقة المتجددة فإن الطلب على الخبرات الفنية والمهنية سيصل إلى مستويات قياسية. وبحسب توقعات هيئة الطاقة المتجددة الدولية، فإن هذه الصناعة ستوظف بحلول عام 2050 ما بين 18 مليونا إلى 60 مليون شخص على مستوى العالم. كذلك بحسب تقرير الهيئة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) فإن «معدلات التوظيف في قطاع الطاقة المتجددة استمرت في النمو منذ أن بدأت الهيئة المذكورة في إصدار تقاريرها السنوية والتي كانت أولاها في عام 2012 وقدّرت العاملين في القطاع آنذاك بنحو 7.3 مليون شخص. وفي النسخة العاشرة من تقرير الهيئة الذي أُعد بالتعاون مع منظمة العمل الدولية (ILO)، قُدّر عدد العاملين في القطاع بنحو 13.7 مليون شخص على مستوى العالم. ولعل مدينة «الدقم» هي الموقع المناسب لهذه الجامعة، حيث سيمنح هذه المدينة الواعدة أفقًا معرفيًّا وعلميًّا ويضعها على الخريطة الأكاديمية الدولية، لا سيما وأنها تمتلك البنية اللازمة لاستضافة مقر الجامعة واستقطاب الطلاب العمانيين والدوليين للدراسة فيها وتحويل عُمان إلى وجهة علمية مرموقة تضيف إلى قوتها الناعمة ودورها الحضاري، كما أن هناك العديد من مشروعات الطاقة المتجددة في تلك المنطقة إجمالا والتي ستشكل منصة مهمة للتدريب في تلك المجالات، فضلًا عن أن الشراكات التي أبرمتها حكومة سلطنة عمان مع بعض الشركات العالمية يمكن أن تضيف بُعدًا داعمًا للمضي في تنفيذ مثل هذه الفكرة.
وفي السياق ذاته، لعله من الحكمة الشروع في استحداث برنامج لابتعاث الكوادر العمانية في حقول الطاقة المتجددة وتهيئتها لتشغيل وصيانة هذه المنشآت المعقدة والمكلفة، وكذلك لتعزيز جاهزيتها في حال وجود توجه استراتيجي لإنشاء مثل هذه الجامعة، وإيجاد فرص عمل مجزية للشاب العماني في هذه الصناعة العالمية. ومن الأخبار السارة الإعلان عن برنامج ابتعاث أطلق عليه مسمى «رواد عُمان» خلال اللقاء الإعلامي حول الميزانية العامة للدولة في مطلع يناير الجاري، وعسى أن يستهدف مثل هذه التخصصات الحيوية التي نحتاج أن نمكن الشباب العماني فيها بما يخدم التوجهات الوطنية في هذا الشأن.
يحيى العوفي كاتب ومترجم عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الطاقة المتجددة الطاقة الشمسیة مثل هذه سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
إطلاق حملة "مر علينا" للترويج للمقومات السياحية في الدقم
الدقم- الرؤية
أطلقت المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم حملة "مر علينا" في نسختها الرابعة، ضمن جهودها المستمرة للترويج للمقومات السياحية التي تزخر بها ولاية الدقم بمحافظة الوسطى، وتعزيز موقعها باعتبارها وجهة مفضلة للمسافرين إلى محافظة ظفار خلال موسم الخريف أو العائدين منها.
وتهدف الحملة إلى إثراء التجربة السياحية للزوار عبر التركيز على المقومات الطبيعية والخيارات الترفيهية التي تقدمها ولاية الدقم بشكل خاص ومحافظة الوسطى بشكل عام، وتشجيع المسافرين على التوقف واستكشاف معالمها السياحية بدلًا من الاكتفاء بعبورها كطريق مؤدٍ إلى وجهات أخرى.
ويُمثّل الطريق السياحي الذي ينطلق من مسقط إلى الدقم ثم إلى صلالة أحد الطرق التي تثري القطاع السياحي وتُتيح للأهالي والمقيمين والسياح استكشاف العديد من المواقع السياحية الواقعة على بحر العرب.
وقال مصطفى بن محمد البلوشي، رئيس قسم التواصل والإعلام بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم: إنَّ الحملة، التي انطلقت أول مرة في عام 2022، نجحت في تعزيز مكانة الدقم باعتبارها وجهة واعدة ضمن خارطة السياحة في سلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن نسخة هذا العام تسعى إلى استقطاب شرائح أوسع من الزوار، من خلال تقديم أنشطة وفعاليات متنوعة وتجارب سياحية متكاملة تستحق التوقف لعدة أيام، وتُعد المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم خيارًا مثاليًّا للتوقف فيها عدة أيام عند الذهاب إلى محافظة ظفار أو عند العودة منها.
وأضاف أن الدقم شهدت خلال السنوات الماضية تطويرًا ملحوظًا في البنية الأساسية السياحية، من مرافق وخدمات وفنادق ومطاعم وحدائق وطرق، مما يجعلها بيئة مثالية للسياحة والاستجمام، إذ بلغ عدد الغرف الفندقية أكثر من 2500 غرفة، موزعة على عدد من الفنادق من فئتي الأربع نجوم والثلاث نجوم والشقق الفندقية، فضلا عن إتاحة خيارات التخييم عبر منتزه شاطئ الدقم المجهز بالخدمات اللازمة لذلك.
وأوضح البلوشي أن الحملة تستهدف عددًا من الفئات، منها العائلات والمجموعات المتجهة إلى محافظة ظفار من شمال ووسط سلطنة عُمان، والسياح من دول مجلس التعاون، إضافة إلى الشباب، ومحبي الطبيعة والمغامرات، والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا على أن الدقم تملك ما يثري تجربة كل فئة.
وتتضمن فعاليات الحملة – التي تستمر حتى نهاية سبتمبر المقبل – أمسيات شعرية، وفعالية الطائرات الورقية، إلى جانب فعالية المطبخ الخيري، إضافة إلى عروض للأطفال تُقام في حديقة الدقم الجديدة بحي صاي التجاري. كما ستُقدّم الفنادق المشاركة عروضًا وتخفيضات خاصة للمسافرين، إلى جانب توفير أكشاك لبيع المنتجات والحرف العُمانية، دعمًا للمشروعات المحلية الصغيرة والمتوسطة.
وتتمتع ولاية الدقم بعدد من المقومات السياحية أبرزها: حديقة الصخور، وشواطئها المتنوعة، والمواقع القريبة منها مثل محمية المها العربية، وبر الحكمان، ورأس مدركة، وغيرها من الوجهات التي تضيف قيمة لتجربة السائح.
وتُنفّذ الحملة الترويجية عبر قنوات التواصل الرقمي، مثل منصة "X" وإنستجرام، للوصول إلى الجمهور المستهدف بأسلوب عصري يعزٍز الحضور الرقمي للدقم، ويحوّل كل زيارة إلى قصة ملهمة تستحق المشاركة.