د. محمد سالم الحسن في حوار لـ «العرب»: عيادات جديدة بمركز علاج السرطان
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
افتتاح قسم متقدم بالصيدلية لتحضير العلاجات الكيماوية والأدوية
الانتهاء من أعمال تدقيق ومطابقة المقاييس العالمية لتوسعة الصيدلية المتخصصة
تطبيق أعلى المقاييس لضمان الجودة لتحضير الأدوية الكيماوية
إدخال مسرع خطي طبي حديث للعلاج الإشعاعي الخارجي للمرضى المصابين بالسرطان
كشف الدكتور محمد سالم الحسن - الرئيس التنفيذي والمدير الطبي للمركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان بمؤسسة حمد الطبية – عن افتتاح قسم متقدم بالصيدلية لتحضير العلاجات الكيماوية والأدوية، والانتهاء من الاعمال المتعلقة بالتدقيق ومطابقة المقاييس العالمية للتوسعة المضافة للصيدلية المتخصصة، مشيراً إلى تطبيق اعلى المقاييس لضمان الجودة لتحضير الأدوية الكيماوية، واتباع المقاييس الأكثر صرامة من حيث مكان وطريقة التحضير ومعايير السلامة.
وأكد د. الحسن في حوار لـ «العرب» إدخال مسرع خطي طبي حديث للعلاج الإشعاعي الخارجي للمرضى المصابين بالسرطان، ويستخدم للعلاج الإشعاعي الخارجي للمرضى المصابين بالسرطان، بحيث يقوم بتوصيل أشعة سينية عالية الطاقة إلى منطقة ورم المريض تتوافق مع شكل الورم وتدمير الخلايا السرطانية مع الحفاظ على الأنسجة الطبيعية المحيطة به.
كما كشف عن دراسة لعملية زراعة الخلايا الجذعية عن طريق التطابق الفردي أو الجزئي، والتي ترصد مدى سنوات البقاء على قيد الحياة بعد الزراعة وحدوث الأعراض المتعلقة بمهاجمة الخلايا المزروعة للأصلية.
وحول مرضى السرطان الذين يتم متابعتهم منزلياً، أوضح د. محمد سالم الحسن أن عددهم بلغ ثلاثين مريضا يتم متابعتهم من خلال الزيارات المنزلية المنتظمة من قبل فريق العناية التلطيفية اكلينيكيا ونفسيا، إضافة إلى تحديد مستوى الالم وتخفيفه بالمنزل دون الحاجة للقدوم للمستشفى، وأن التجربة أثبتت نجاحها، بحيث يكون الأهل جزءا أساسيا من العملية والخطة العلاجية للمريض.
وأشار إلى توفير عيادات دعم فريدة مثل عيادة تسكين الألم وعيادة أمراض القلب والأورام، مضيفاً أن المركز يضم أول جهاز في المنطقة للتصوير المقطعي المحوسب بالإصدار البوزيتروني، يعد من أحدث الوسائل التي تساعد على الكشف عن السرطان، ويعمل على تحسين النتائج العلاجية للمرضى، كما كشف عن عيادة جديدة للحالات الطارئة للمرضى الذين يعانون من أعراض السرطان وبحاجة إلى الفحص بصورة عاجلة على مدار 24 ساعة، وتوفير أول نظام في دول الخليج يعمل بالذكاء الاصطناعي ومصمم لتقديم علاج إشعاعي متكيف بالكامل في غضون 15 دقيقة.
وإلى نص الحوار:
ما هي آخر المستجدات في مركز علاج وأبحاث السرطان؟
- تم افتتاح قسم متقدم بالصيدلية لتحضير العلاجات الكيماوية والادوية الأخرى في يوليو 2023 تم الانتهاء من الاعمال المتعلقة بالتدقيق ومطابقة المقاييس العالمية للتوسعة المضافة للصيدلية المتخصصة بتحضير الأدوية الخطرة المضادة للأورام العلاجات الكيماوية في غرف خاصة تسمى بالغرف النظيفة، بحيث أنها تقوم بتطبيق اعلى مقاييس لضمان الجودة لتحضير الأدوية الكيماوية والأدوية الأخرى عالية الجودة متبعين المقاييس الأكثر صرامة من حيث مكان التحضير وطريقة التحضير ومعايير السلامة المتبعة بما يتطابق مع مقاييس الولايات المتحدة الدوائية للتحضيرات الدوائية.
وفي نهاية شهر أكتوبر 2023 تم إدخال مسرع خطي طبي حديث، ويستخدم للعلاج الإشعاعي الخارجي للمرضى المصابين بالسرطان، بحيث يقوم بتوصيل أشعة سينية عالية الطاقة إلى منطقة ورم المريض تتوافق مع شكل الورم وتدمير الخلايا السرطانية مع الحفاظ على الأنسجة الطبيعية المحيطة به، كما انه يتميز بالعديد من تدابير السلامة، للتأكد من أن الجرعة كما تم وصفها ويتم فحصها بشكل روتيني من قبل اختصاصي الفيزياء الطبية، للتأكد من أنها تعمل بشكل صحيح قبل بدء العلاج والتقيد بإجراءات ضمان الجودة لضمان تقديم كل علاج بنفس الطريقة تماماً.
ويُعد المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان مركزًا طبيًا أكاديميًا وبحثيًا مُعتمداً في تطبيق المعايير العلاجية والأكاديمية والبحثية المتعلقة بالسرطان وأمراض الدم.
ووقعنا مذكرة تفاهم بين مؤسسة حمد الطبية والجمعية القطرية للسرطان من خلالها يتم تمويل بعض المشاريع غير العلاجية وبشكل جزئي، والتي تعود بالنفع العام لمرضى السرطان في دولة قطر كشراكة مجتمعية مع مؤسسة حمد الطبية والمركز الوطني لعلاج وابحاث السرطان بشكل خاص.
زراعة الخلايا الجذعية
ما هي أبرز الأبحاث التي يجري العمل عليها في الوقت الحالي؟
- يجري حاليا دراسة عملية زراعة الخلايا الجذعية عن طريق التطابق الفردي أو الجزئي وهي نوع من عمليات زراعة الخلايا الجذعية من متبرع، وبه يتم استخدام الخلايا السليمة المكونة للدم من متبرع غير متطابق لتحل محل الخلايا السرطانية، وعادة ما يكون المتبرع أحد أفراد الأسرة وهنا يتم استخدام نموذج تعريض جسم المريض كاملاً للإشعاع بقسم العلاج الاشعاعي، وذلك بالتزامن مع علاج الفلورادبين، لتكيف الجسم لاستقبال الخلايا الجذعية والهدف من هذه الدراسة البحثية هو دراسة مدى سنوات البقاء على قيد الحياة بعد الزراعة ومدى حدوث الأعراض المتعلقة بمهاجمة الخلايا المزروعة للخلايا الأصلية في جسم المريض المستقبل لهذه الخلايا المزروعة.
تدعم قاعدة بيانات تسجيل السرطان الوطنية المتطورة أبحاثنا، وخدمات المختبرات المعتمدة من قِبل الكلية الأمريكية لعلوم الأمراض، وقسم الأشعة المجهز بالكامل على أحدث طراز. ونجري عدة أنواع من الأبحاث تتراوح بين علم الأوبئة والترجمة والتجارب السريرية.
59 ألف مراجع في سنة
كم عدد مراجعي المركز؟
- على مستوى العيادات الخارجية في العام 2022، بلغ عدد المراجعين ما يقارب 59 ألف مراجع أي بزيادة تقدر 9.8% عن عام 2021.
ووصل عدد المرضى الداخليين في العام 2022 حوالي 1900 مريض أي بزيادة تقدر بـ 23.4% مقارنة بعام 2021 بينما بلغ عدد مراجعي الإقامة القصيرة والحالات اليومية 17 ألف و 300 مراجع بزيادة تقدر بـ 16%. عن عام 2021.
كم عدد الحالات التي يتم متابعتها منزلياً؟
- حاليا لدينا ثلاثون مريضا يتم متابعتهم من خلال الزيارات المنزلية المنتظمة من قبل فريق العناية التلطيفية (أطباء وممرضات واختصاصيات)، بحيث يتم متابعتهم اكلينيكيا ونفسيا، وكذلك تحديد مستوى الالم وتخفيفه وهم لايزالون بالمنزل دون الحاجة للقدوم للمستشفى، وقد تم إثبات نجاح هذا الإجراء بحيث يكون الأهل جزءا أساسيا من العملية والخطة العلاجية للمريض ونالت رضا المرضى وذويهم.
أنواع العمليات
ما هي أنواع العمليات الجراحية التي يتم إجراؤها بالمركز؟
- الجراحات المتقدمة مثل إزالة الأورام السرطانية يتم اجراؤها في مستشفى حمد العام، لكن الجراحات البسيطة والمتعلقة بأخذ الخزعات من سرطانات الجلد يتم اجراؤها في المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان من قبل جراحي الجلدية، بحيث يتم أخذ عينات من المكان المشتبه به على أنه سرطان جلدي، ويتم تحليله مخبريا ليتم بعد ذلك تحديد طريقة علاجه من قبل الفريق الطبي.
ما هي الخدمات التي يعتاد المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان على تقديمها للمرضى؟
- المركز هو المستشفى الرئيسي لعلاج السرطان في دولة قطر، ويقوم بتقديم الرعاية لمرضى السرطان ممن هم بحاجة إلى الخدمات العلاجية المستمرة مثل:» العلاج الكيميائي والعلاج الهرموني المناعي الموجه، والعلاج الإشعاعي، وكذلك يقدم المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان خدماته في علاج اضطرابات الدم الحميدة والخبيثة مع توفير عمليات زرع النخاع العظمي، بالإضافة إلى توفير الرعاية التلطيفية، وعيادة تسكين وتخفيف الألم.
يوفر المركز بيئة تساعد على التعافي، حيث إنها تركز على تقديم رعاية عالية الجودة للمرضى مع اعتماد أحدث التقنيات والمنهجيات المُتبعة لتقديم علاجات السرطان ذات المستوى العالمي.
وذلك يشمل قسم استقبال المرضى الداخليين، والعيادات الخارجية، والعلاج الكيماوي في وحدة الاقامة القصيرة، وقسم المرضى الداخليين لفترات قصيرة، والمرفق الخاص بالرعاية العاجلة والخدمات الاستشارية.
بدأنا بتقديم خدمة الاستشارة والفحص الجيني في عام 2013، والتي تعتبر جزءاً من عيادة الفحص الوراثي والفحص عالي الخطورة لاحتمالية الإصابة في المركز، حيث إنها توفر تقييماً شاملاً للمخاطر الجينية للمرضى الذين لديهم مخاطر الإصابة بالسرطان الوراثي أو وجود تاريخ عائلي للإصابة.
لدينا ايضاً عيادات دعم فريدة مثل: «عيادة تسكين الألم وعيادة أمراض القلب والأورام»
وقد نصت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة السرطان في دولة قطر والتي تم إطلاقها في عام 2011 على عدد من التوصيات من أجل تحسين الرحلة العلاجية لمرضى السرطان؛ حيث يتم ترجمة هذه التوصيات إلى تحسينات مباشرة في الرعاية الصحية المقدمة للمرضى في المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان.
إن المرضى في المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان، هم جوهر كل قرار يتم اتخاذه وكل ابتكار يتم الوصول إليه، ويضم المركز أول جهاز للتصوير المقطعي المحوسب بالإصدار البوزيتروني في المنطقة، والذي يعد من أحدث الوسائل التي تساعد على الكشف عن السرطان، وهو ما يؤدي إلى تحسين النتائج العلاجية للمرضى، وإضافة إلى ذلك، توجد بالمستشفى عيادة جديدة للحالات الطارئة للمرضى الذين يعانون من أعراض السرطان ممن هم بحاجة إلى الفحص بصورة عاجلة على مدار 24 ساعة.
وقد نال المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان مرة أخرى اعتماد اللجنة الدولية المشتركة منذ عام 2011 والذي يتم منحه بناءً على معايير الجودة والأمان المتوفرة في سائر التخصصات الطبية والإدارية، ويرجع ذلك إلى اهتمامهم الكبير بمعايير الجودة وسلامة المرضى، حيث إن المركز يتبع أعلى المعايير للحفاظ على بيئة آمنة للمرضى الذين يعانون من ضعف المناعة.
العلاج الإشعاعي
ما هي أحدث التقنيات في مجال العلاج الإشعاعي؟
- يعتمد قسم العلاج الإشعاعي أحدث التقنيات لعلاج السرطان والتي يتم توجيهها من خلال التصوير الطبي مثل:»التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني «، والتي تهدف إلى تدمير الخلايا السرطانية مع الحفاظ على الأنسجة السليمة باستخدام العلاج الإشعاعي الخارجي أو الداخلي.
الأجهزة المتوفرة في قسمنا لتوصيل الإشعاع هي:
• Ethos™ LINAC: يعتبر النظام الأول في دول مجلس التعاون الخليجي، وهو يعمل بالذكاء الاصطناعي ومصمم لتقديم علاج إشعاعي متكيف بالكامل في غضون 15 دقيقة.
• Cyberknife®: يعتبر شكلا متقدما من أشكال علاج السرطان، وهو جهاز العلاج الإشعاعي الروبوتي الأول والوحيد.
• Two LINACs: يعتبر من الأجهزة الأكثر استخداماً للعلاج الإشعاعي الخارجي لمرضى السرطان، حيث إنه يوفر أشعة سينية عالية الطاقة أو إلكترونات إلى منطقة ورم المريض.
• MRgFUS HIFU: الموجات فوق الصوتية ذات التركيز العالي، هي تقنية علاجية غير جراحية موجهة بالرنين المغناطيسي تستخدم الموجات فوق الصوتية غير المؤينة لتسخين الأنسجة أو استئصالها.
• HDR Brachytherapy: هي علاج إشعاعي داخلي يتضمن إدخال أنابيب أو إبر رفيعة بمصدر إشعاعي في المنطقة المراد علاجها.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر مؤسسة حمد الطبية العلاج الإشعاعي الخلایا السرطانیة العلاج الإشعاعی لمرضى السرطان علاج السرطان للمرضى الذین فی المرکز من قبل
إقرأ أيضاً:
الكاتب الأردني محمد النابلسي: الأطفال العمانيون الباحثون عن المعرفة لديهم استعداد للدخول في حوار عميق حول أفكار فلسفية
العُمانية: يرى الكاتب الأردني والمختص في أدب الأطفال واليافعين، محمد النابلسي، أن الطفل العُماني الباحث عن العلم والمعرفة، شغوف بالثقافة، يتسم بالهدوء ودائما يخفي بداخله نضجًا غير عادي. ومن خلال لقاءه الأخير بمجموعة من الأطفال خلال فترة معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الـ 29 2025، أشار النابلسي إلى أن الأطفال في سلطنة عُمان لديهم استعداد للدخول في حوار معمّق حول أفكار فلسفية بأسلوب بسيط، وأسئلة لم يسمعها من قبل في أي بلد آخر، ـ وفق تعبيره ـ وقال: وجدت أن التواصل مع الطفل العُماني يحتاج إلى صبر، لكنه يثمر كثيرًا من الفهم والنضج.
فالنابلسي الذي لديه العديد من المشاركات في مؤتمرات ثقافية ومتخصصة في مجال الكتب والمسرح يمتلك رصيدًا أدبيًّا خاصًّا بأدب الطفل واليافعين بما فيها "تمر ومسالا " ورواية "الحكي عن أيمن وفراشاته" و"نشارة الخشب" وغيرها من الإصدارات، كما حصل على جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال (القصة الخيالية) - المركز الأول عن سنة 2020 عن قصة "غول المكتبة"، كما أخرج مسرحيات "الليلة الكبيرة" و "رحلة حمودي البحرية".
وفي حديث خاص لوكالة الأنباء العُمانية يتحدث النابلسي عن شغفه بأدب الطفل وما أوقد روح البدايات والمحفزات لا تزال تؤكد ثبات واستمرارية هذا الشغف، وإسهام الخلفية الثقافية للمبدع والكاتب واستمراريته في أن يكون مبتكرًا فيما يود أن يقدمه من نتاج إبداعي مغاير ويقول: بدأت علاقتي بأدب الطفل من باب شخصي جدًا، شغفي بالقراءة كان المحفز الرئيس للكتابة، والفكرة دائمًا مرتكزها حول إضافة شيء جديد، وليس تكرار للآخر، قد أتقاطع مع الكثير من الكتّاب والأدباء في بعض الأفكار، لكن لكل منا لغته ورسالته وأسلوبه الخاص، المسألة مرتبطة بإثراء مشهد الكتابة للطفل.
ويضيف: من هنا بدأ الحلم، أن أكون كاتبًا يسهم في تشكيل ذاكرة جديدة للطفل العربي لا أن ينقل له ثقافة مستوردة فقط، ولا اجترار ثقافة مبنية على شعارات مفرغة من محتواها أو عنترية اللهجة، فالشغف لا يولد مرة واحدة، بل يتجدد كلما التقيت بطفل يروي لي ماذا فعلت به إحدى قصصي، أو معلم يستخدمها داخل الصف، أو أمّ تشكرني لأن كلمات بسيطة أثارت نقاشًا عائليًّا عميقًا، وما يؤكد هذا الثبات هو إدراكي أن هذه الرسالة أعمق من مجرد حكاية. الكتابة للطفل فعل ثقافي، وتربوي، وإنساني. وكوني عشت في بيئات مختلفة ومتعددة الثقافات – ما بين الكويت والأردن والإمارات وتجربتي الخليجية عامة – أضاف هذا لي أدوات لفهم الطفل العربي بتنوّعه الجغرافي واللغوي والاجتماعي. ويبيّن أن الخلفية الثقافية للكاتب ليست رفاهية، بل ضرورة، لأنها تمنحنا وعيًا نقديًّا يُغني التجربة، ويمنحنا القدرة على تقديم محتوى لا يكرر نفسه، بل يُبدع من رحم الاختلافات والبيئات.
ويتطرق النابلسي إلى تجربته الخاصة مع أدب الطفل في سلطنة عُمان، وهي المشاركة الأخيرة في معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الـ29 2025، وتقديمك لعدد من الحلقات العلمية والعملية، ويشير إلى علاقة التواصل مع الطفل العُماني، ورؤيته في تجارب مسرح الطفل في الوطن العربي وأوجه التقدم أو القصور فيها ويوضح: زيارتي الأخيرة لسلطنة عُمان تعد واحدة من أكثر التجارب ثراءً في مسيرتي الأدبية. لم تكن فقط زيارة لمعرض، بل رحلة لاكتشاف الطفل العُماني، بثقافته، وفضوله، وهدوئه الذي يخفي بداخله نضجًا غير عادي. قدّمتُ في تلك المشاركة حلقتين في ركن الضاد "فن كتابة الرسائل إلى المستقبل"، و" الكتابة الإبداعية لليافعين".
ما لفت نظري هو مدى الاستعداد الذي أبداه الأطفال للدخول في حوار معمّق حول أفكار فلسفية بأسلوب بسيط. أسئلة لم أسمعها من قبل في أي بلد آخر. وجدت أن التواصل مع الطفل العُماني يحتاج إلى صبر، لكنه يثمر كثيرًا من الفهم والنضج.
التجربة جعلتني أقتنع أكثر أن الطفل العربي ليس جوهرًا واحدًا كما يدعي الكثير، ولكنه تنوّع ثري، وعلى الكاتب أن يتحرك بهذا الوعي. وأرى أن المؤسسات الثقافية العُمانية تملك بنية تنظيمية رصينة، تدعم مشاركة الكتّاب العرب، وهناك حاجة لتعزيز حضور أدب الطفل في تفاصيل المعرض، عبر جلسات حوارية أكبر، ومشاركات نقدية أكثر، وعقد بعض الملتقيات والفعاليات التي تهم صنّاع كتب الطفل ضمن البرنامج الثقافي للمعرض.
ولأن سلطنة عُمان تمتاز بتنوع ثقافي وحضاري يتقاطع مع الجانب الاجتماعي، ما يُشكّل ثروة حقيقية لإيجاد صوت أدبي مغاير، هنا يشير "النابلسي" إلى الكيفية التي يمكن من خلالها توظيف هذا التنوع في صياغة أدب طفل يُعبّر عن الواقع العُماني بخصوصيته، وأن يكون قادرًا على العبور نحو الفضاءات الثقافية العربية بطرق ذات نطاق شمولي ويقول: سلطنة عُمان تمتاز بثقافة متعددة الطبقات: تاريخ غني، تنوع جغرافي من الجبل إلى البحر، ولهجات محلية ذات إيقاع شعري، وعلاقات اجتماعية مبنية على المروءة والكرم والهوية المجتمعية المتماسكة. كل هذه العناصر تُشكل خامات ثمينة لأدب الطفل، ولكي نعبر بهذه الخصوصية إلى فضاء عربي أوسع، نحتاج إلى "الأدب المُتشبّع محليًا، المنفتح عالميًا". على الكاتب أن يستثمر في التفاصيل العُمانية – من حكايات الجدات، إلى البيئة البحرية، إلى الأزياء والاحتفالات – ولكن أن يُعيد صياغتها ضمن حبكة تصلح لأي قارئ عربي. هذا هو سر الأدب الذي يُصدّر ثقافته دون أن يُغلق أبوابه، فأدب الطفل العُماني قادر على أن يكون جسرًا ثقافيًا، متى ما تم توظيف عناصره بخيال حر ووعي عميق.
وينتقل "النابلسي" إلى مسرح الطفل والإخراج المسرحي، والعلاقة بين النص الأدبي للطفل والمسرح الموجَّه له اليوم، ليوضح التحديات التي تواجه الإخراج، وخاصة الأعمال الموجَّهة للأطفال مقارنةً بمسرح الكبار ويقول: من وجهة نظري، مسرح الطفل هو أحد أكثر الأدوات التربوية تأثيرًا في وعي أجيال سابقة، لكنه لم يحصل على مكانته بعد في ذهنية هذا الجيل من الأطفال، لأنه للأسف يُدار في الغالب من باب الترفيه لا التربية. النصوص المسرحية المقدمة للأطفال في الوطن العربي غالبًا ما تقع في فخ التبسيط المفرط، أو العظة المباشرة، أو التكرار. بينما في تجارب مسرحية في دول مثل تونس والمغرب، نرى اتجاهات جديدة تجمع بين الفن والتربية والمعالجة النفسية بطريقة احترافية.
ويبيّن: من التحديات التي تواجه الإخراج المسرحي الموجّه للأطفال: الميزانيات الضعيفة، غياب التدريب المتخصص، وأحيانًا النظرة الدونية لفن الطفل من قبل بعض صنّاع المسرح الكبار. يعتقد البعض أن إخراج عمل مسرحي للطفل أسهل من عمل للكبار، بينما الحقيقة هي العكس تمامًا. الطفل لا يُجامل، ولا ينتظر "ذروة الأحداث"، بل يحتاج لشد انتباهه منذ الدقيقة الأولى. أرى أن العلاقة بين النص المسرحي الموجّه للطفل والإخراج بحاجة إلى إعادة بناء. كثير من النصوص لا تُكتب بروح المسرح بل بروح الكتاب المقروء، وهذا يُعيق المخرج في تحويله إلى مشهد بصري حي. الكتابة للمسرح يجب أن تُراعي الحركة، الصوت، الإيقاع، والحوار الداخلي والخارجي للشخصيات.
ويذهب "النابلسي" إلى الممكنات التي تجعل من مسرح الطفل وسيلة تربوية وفكرية تُسهم في بناء وعي الأجيال في ظل الخيارات البصرية المتعددة المتاحة، والتي قد تُشكّل تحديًا حقيقيًّا لدى صنّاع العمل المسرحي على وجه التحديد، ويؤكد بقوله: في ظل وفرة الخيارات البصرية الحديثة تبدو مهمة المسرح أكثر صعوبة، لكنها ليست مستحيلة. ما يُميز المسرح هو حضوره الحي، واللقاء المباشر بين الطفل والفن، وهو ما لا تستطيع الوسائط الرقمية تحقيقه بنفس التأثير. التحدي هنا هو أن نُعيد صياغة المسرح ليكون مواكبًا للزمن لا مُجمدًا في قوالب تقليدية. أؤمن أن ممكنات مسرح الطفل التربوية تكمن في عناصر مثل التشاركية، والاندماج، والتعبير عن الذات. الطفل عندما يصبح جزءًا من التجربة، تتضاعف الاستفادة. علينا أيضًا أن نكسر فكرة المسرح الذي "يشرح" أو "يعظ"، ونبني عوضًا عنه مسرحًا "يُسائل" و "يُفكر". في هذا الإطار، من الممكن توظيف تقنيات الواقع المعزز أو المسرح التفاعلي، مع الحفاظ على البنية الإنسانية للمسرح كفن حي. لن ينافس المسرح الألعاب، لكنه يستطيع أن يقدم شيئًا لا تقدمه الألعاب: الإنسان.
وفيما يتعلق بالعولمة الثقافية والطفرة التكنولوجية، وما يمكن أن يقوم به المسرح ليحافظ على هويته ويظل قريبًا من واقع حياة الطفل، مرورًا باللغة التي لا يزال يتلقاها الطفل اليوم، التي ما إذا كانت صالحة، أم أن الوقت قد حان لتفكيكها وإعادة بنائها بما يُناسب المتغيرات الجديدة، يقول "النابلسي": قد أكون من المتحفظين على مصطلح العولمة في عالم كبير ومتعدد الثقافات، فالعالم دائمًا كان فيه هذا التعدد، والحفاظ على التراث كجزء من الهوية، يشترط أن يكون دون الوقوع في فخ "الحنين المزيف". مسرح الطفل في العالم العربي لا يجب أن يكون مسرحًا يعيد تدوير التراث فقط، ويفترض أن للهوية شكلًا واحدًا، والعولمة هو العدو الأكبر، بل عليه أن يُفسّر الحاضر ويستشرف المستقبل. اللغة التي نخاطب بها الطفل اليوم بحاجة فعلًا لإعادة تفكيك. لغة المسرح يجب أن تُجيد مخاطبة الحواس الخمس، أن تبتعد عن المباشرة، وتستخدم الصورة، الإشارة، الموسيقى، والإيقاع، والمزاج الذي يحمله الطفل ضمن المحفزات البصرية والذهنية المحيطة به. يجب أن تكون اللغة "حية"، لا جامدة، وأن تنتمي لعالم الطفل كما يراه لا كما نريد نحن أن يراه. نحتاج إلى كتاب مسرحيين يُجيدون لغة الشاشة كما يُجيدون لغة الركح. المسرح إن أراد البقاء، عليه أن يُخاطب الطفل بلغته، لا بلغة زمن آخر.
ويذهب النابلسي للحديث عن واقع الجوائز الأدبية كونه حاصلًا على "جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال"، ودورها في دعم الأديب على المستوى الفني والأدبي، وأهميتها بالنسبة له وما إذا حققت الجوائز الثقافية الغاية من وجودها وتوظيفها كمنصات لتحفيز الكتابة النوعية في أدب الطفل فيالعالمالعربي ويؤكد: حصولي على جائزة عبدالحميد شومان لأدب الأطفال (القصة الخيالية) لم يكن فقط تتويجًا لنصّ أدبي، بل اعترافًا بأن الحلم الذي حملته طويلًا يمكن أن يصبح واقعًا. الجوائز الأدبية لها أثر مضاعف: شخصي وفني. لقد منحتني ثقة، وفتحًا لأبواب النشر والتعاون، وفنيًا، حمّلتني مسؤولية أن أكون في مستوى التوقعات، وأن أواصل دون أن أكرر. ولكن أقول إن هناك كثيرًا من الجوائز تتحول إلى لحظة احتفالية فقط، دون متابعة الأثر أو دعم نشر النصوص الفائزة أو حتى المعايير الواضحة في التقييم. من المهم أن تتحول الجوائز إلى "منصات بناء" لا مجرد "منصات تتويج". يمكن أن تقدم منحًا، برامج إقامة، أو دعمًا لإنتاج النصوص مسرحيًّا أو بصريًّا. أؤمن بأن الكتابة للطفل عمل وطني، ثقافي، مستقبلي. هي ليست فقط حول متعة القراءة، بل هي صياغة وعي جديد، وصناعة أمل طويل المدى، تتكاتف بها كل الأطراف.