إسرائيل جاهزة لوقف الحرب.. فهل أمريكا جاهزة؟
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
"إسرائيل" جاهزة لوقف الحرب.. فهل أمريكا جاهزة؟
الكيان الصهيوني بات عاجزاً عن اتخاذ قرارات حاسمة وعاجزاً عن توفير الموارد الكافية لاستمرارها دون الدعم الامريكي.
الإدارة الامريكية وبلينكن تحديدا غير مستعدين لخطوة وقف الحرب بعد لحسابات استراتيجية معقدة تمتد من تايوان وكوريا إلى أوكرانيا.
لا زال الحليف الأمريكي يبحث عن طريقه لاستعادة هيبته في المنطقة، وهو ما تؤكده صرخة ايزنكوت ومشاركة غانتس في تظاهرة الأحد.
الهزيمة العسكرية لن تؤثر على مستقبل الكيان الصهيوني فقط، بل على مستقبل النفوذ والهيمنة الامريكية من غرب آسيا إلى المحيط الأطلسي.
قرار وقف الحرب والإطاحة بحكومة نتنياهو ليس بيد سموتريتش وبن غفير أو المتظاهرين في شوارع "تل أبيب"، بل بيد الممول والداعم الامريكي.
الكيان الصهيوني جاهز لوقف الحرب؛ فالتشرذم والتمزق والارتباك والتصريحات المتناقضة وانسحاب القوات أهم مؤشرات ذلك لكن هل أمريكا جاهزة لذلك؟
* * *
من الواضح أن الكيان الصهيوني، ساسة وعسكريين، مجتمعاً ورجال أعمال، جاهزون لوقف الحرب؛ فحالة التشرذم والتمزق والارتباك والتصريحات المتناقضة والكر والفر من أرض المعركة أهم المؤشرات على ذلك، ولكن هل أمريكا جاهزة لفعل ذلك؟
السؤال طرحته مشاركة وزير الدولة في حكومة الطوارئ بيني غانتس في تظاهرة يوم أمس الاحد في "تل أبيب" لإطلاق سراح الأسرى ووقف الحرب.
إذ كيف لأحد وزراء مجلس الحرب (حكومة الطوارئ) أن يشارك في تظاهرة ضد حكومته؛ ضد نفسه، ضد ذاته التي ترفض عقد صفقة توقف إطلاق النار وإطلاق سراح الاسرى، أم أنه نداء استغاثة للإدارة الامريكية لانتشالهم من هذا المستنقع بفرض وقف إطلاق للنار على حكومة نتنياهو وشركائه في الائتلاف الحاكم (وزير المالية سموتريتش ووزير الامن القومي بن غفير).
كيف لوزير الدولة في حكومة الحرب الجنرال السابق غادي ايزينكوت أن يطلق تصريحات وصرخات يؤكد فيها صعوبة استمرار القتال في غزة، وضرورة عقد صفقة كبرى مع حركة حماس لإطلاق سراح الأسرى، إن لم تكن رسالته موجهة إلى طرف أكثر تأثيرا من حكومته ومجلسه العسكري.
مشاركة غانتس في التظاهرات الداعية لإطلاق سراح الاسرى وتصريحات ايزنكوت ولبيد زعيم المعارضة من قبل؛ تدفع نحو اعادة النظر في حقيقة التظاهرات التي خرجت في "تل أبيب"، فهي إن لم تكن رسالة موجهة لنتنياهو وحكومة الطوارئ، فهي موجهة لوزير الخارجية الامريكي أنتوني بلينكن العضو الافتراضي في مجلس الحرب، وللرئيس الامريكي جو بايدن الصهيوني المخلص.
بلينكن وبايدن يملكان القرار الحقيقي لوقف إطلاق النار، وإنهاء معاناة الحكومة ومجلس الحرب، لديهم القدرة على تفكيك حكومة نتنياهو وائتلافه الحاكم وعدم الاكتفاء بغلق الهاتف، وهي الرواية القديمة التي أعيد التذكير بها بعد مرور أكثر من 22 يوما، فبايدن يملك ما هو أكثر بكثير من مجرد إغلاق الهاتف.
مشاركة غانتس تؤكد أن التظاهرات لم تعد موجهة لنتنياهو أو لحكومة الطوارئ؛ بل للإدارة الامريكية التي تملك القرار الفعلي والعملي لوقف إطلاق النار، فالكيان الإسرائيلي بات عاجزاً عن اتخاذ القرارات الحاسمة، وبات عاجزاً عن توفير الموارد الكافية لاستمرارها دون الدعم الامريكي.
النخبة الإسرائيلية لم تكن جاهزة كما هي اليوم لوقف إطلاق النار، ولكن الادارة الامريكية وأنتوني بلينكن غير مستعدين لهذه الخطوة بعد؛ لحسابات استراتيجية معقدة تمتد من مضيق تايوان وشبه الجزيرة الكورية إلى أوكرانيا وشمال المحيط الاطلسي، ومن حملات الانتخابات وكواليسها؛ إلى مساومات الموازنة والإغلاق الحكومي المرتقب.
الهزيمة العسكرية لن تؤثر على مستقبل الكيان الصهيوني فقط، بل على مستقبل النفوذ والهيمنة الامريكية على المنطقة الممتدة من غرب آسيا إلى المحيط الاطلسي، وهو قلق خلق قدراً كبيراً من التخبط والتيه السياسي داخل الكيان الإسرائيلي الذي فشل في مهمته، بعد أن أكد قادته عجزهم عن تحقيق انتصار عسكري، أو إنتاج مشهد سياسي في الضفة الغربية والإقليم؛ يسمح لهم باستعادة زمام المبادرة السياسية والعسكرية.
نتنياهو يدرك هذه الحقيقة، ويستثمر فيها إلى حد بعيد، في حين تلقى إدارة بايدن المسؤولية على نتنياهو في تأخر الحل، فالإدارة الامريكية لا ترغب في وقف إطلاق النار قبل تحقيق إنجازات مستحيلة على الأرض، وقبل تهيئة الاجواء لعملية سياسية ترمم نفوذها المتضرر من عملية طوفان الاقصى.
الموقف الامريكي هو الجبل الجليدي القابع تحت الماء؛ الذي يفسر ما فوقه من ارتباك وفوضى داخل الكيان الإسرائيلي؛ فالموقف وإن نضج داخل الكيان لوقف الحرب؛ إلا أن الموقف الأمريكي لم ينضج بعد، فأمريكا لا تزال تبحث عن مخرج سياسي يسمح لها بترميم نفوذها عبر مشاريع تطبيعية وسياسية في المنطقة، الأمر الذي بات مستعصياً ومستحيلاً بعد استشهاد وفقدان أكثر من 30 ألف فلسطيني.
ختاماً.. قرار وقف الحرب والإطاحة بحكومة نتنياهو ليس بيد سموتريتش وبن غفير أو المتظاهرين في شوارع "تل أبيب"، بل بيد الممول والداعم الامريكي الذي لا زال يبحث عن طريقه لاستعادة هيبته في المنطقة، وهو ما تؤكده صرخة ايزنكوت ومشاركة غانتس في تظاهرة الأحد.
*حازم عياد كاتب صحفي من الأردن
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة الاحتلال حماس أمريكا بلينكن إسرائيل وقف الحرب الكيان الصهيوني إطلاق سراح الأسرى الهيمنة الأمريكية الهزيمة العسكرية الکیان الصهیونی وقف إطلاق النار حکومة الطوارئ حکومة نتنیاهو لوقف الحرب على مستقبل وقف الحرب فی تظاهرة غانتس فی تل أبیب
إقرأ أيضاً:
ماذا طلبت إسرائيل من حماس بعد التوصل لوقف إطلاق نار؟
كشف شبكة "سي إن إن" الأمريكية تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس".
تضمن مقترح وقف إطلاق النار أن تقوم "حماس" في اليوم الأول منه بالإفراج عن 8 رهائن أحياء، وفي المقابل، ستفرج إسرائيل عن عدد غير محدد من الفلسطينيين داخل سجونها، وتسحب قواتها من مواقع متفق عليها مسبقا في شمال قطاع غزة.
و ستدخل إسرائيل و"حماس" فورا في مفاوضات لوقف إطلاق نار دائم بمجرد دخول الهدنة الأولية حيز التنفيذ.
وأشار المصدر إلى أن الجدول الزمني لإطلاق سراح الرهائن على الشكل التالي: اليوم الأول: 8 رهائن، اليوم السابع: 5 جثث، اليوم الثلاثون: 5 جثث، اليوم الخمسون: رهينتان، اليوم الستون: 8 جثث.
و بعد أن تُفرج "حماس" عن جثث 5 رهائن في اليوم السابع، ستنسحب إسرائيل من أجزاء متفق عليها مسبقا في جنوب غزة.
وفي اليوم العاشر من وقف إطلاق النار، ستُقدم "حماس" معلومات عن الرهائن المتبقين، بما في ذلك التقارير الطبية وأحوالهم. في المقابل، ستُقدم إسرائيل معلومات عن الفلسطينيين من غزة المعتقلين منذ بداية الحرب.
كما تضمن الاتفاق إطلاق سراح الرهائن "دون مراسم أو ضجة" بناء على طلب إسرائيل- على عكس ما حدث خلال الهدنة الأخيرة، عندما نظّمت "حماس" فعاليات دعائية خلال تسليم الرهائن، مما أثار غضبا في إسرائيل.
إلى ذلك، سيبدأ تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة فورا مع بدء وقف إطلاق النار، بما في ذلك من الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى، على غرار وقف إطلاق النار السابق الذي بدأ في 19 يناير.
كما ستناقش الفرق الفنية مواقع انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة خلال "مفاوضات سريعة"، والتي ستبدأ بعد الاتفاق على إطار مقترح وقف إطلاق النار.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه من الجيد أن حماس قالت إنها ردت بروح إيجابية على مقترح وقف إطلاق النار في غزة وقد يتم التوصل إلى الاتفاق هذا الأسبوع لكني لم أطّلع على الوضع الحالي للمفاوضات.
وذكر ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة خلال أيام ويتعين علينا فعل شيء ما بخصوص غزة ونحن نرسل الكثير من المال والكثير من المساعدات.
وتابع سأناقش ملف إيران مع نتنياهو عندما يزور البيت الأبيض يوم الاثنين، و إيران لم توافق على تفتيش منشآتها النووية والتخلي عن تخصيب اليورانيوم لكن أعتقد أن برنامج إيران النووي تعرض لانتكاسة دائمة رغم من أن طهران قد تستأنفه في موقع مختلف.
وحول شأن آخر، قال ترامب: مستاء جدا من محادثتي الهاتفية مع بوتين بشأن أوكرانيا و بحثت ملف العقوبات على روسيا مع رئيسها بوتين وهو يشعر بالقلق إزاءها.