نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا استعرضت فيه الأسباب التي تفسر هزيمة الولايات المتحدة في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، إذ لن تتمكن الهجمات الأمريكية من ترهيب المسلحين والمتمرسين لأنهم قاتلوا لسنوات ضد السعودية والإمارات.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس جو بايدن كرّر مرارًا أنه يجب منع حرب غزة من التوسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكنه هو الذي اتخذ قرار تمديدها في الساعات الأولى من يوم الجمعة الثاني عشر من كانون الثاني/يناير، من خلال سفنهم الحربية وتلك التابعة لحلفائهم حيث أطلقوا صواريخ وقصفوا بالطائرات العشرات من مواقع ميليشيا الحوثي الشيعية القريبة من إيران، والتي تسيطر منذ تسع سنوات على جزء كبير من اليمن، بما في ذلك عاصمتها صنعاء.

 



منذ تشرين الثاني/ نوفمبر هاجم الحوثيون بعض السفن التجارية في البحر الأحمر، التي من المفترض أنها تلك التي لها علاقات مع إسرائيل لأنها مملوكة لإسرائيليين أو لأنها ببساطة قد مرت عبر الموانئ الإسرائيلية، مؤكدين أنهم يفعلون ذلك تضامنًا مع الفلسطينيين في قطاع غزة الذي غزاه الجيش الإسرائيلي.

وبينت الصحيفة أن هجماتهم، واختطاف سفينة الشحن "غالاكسي ليدر" في التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، تشكل تهديدًا للملاحة في المياه التي يمر من خلالها جزء مهم من التجارة العالمية. لكن يوم الثلاثاء الماضي لم تعد أهدافهم سفن الشحن، بل السفن الأمريكية والبريطانية التي تقوم بدوريات في المنطقة، في إطار العملية البحرية "حارس الازدهار"، في محاولة للحفاظ على حرية الملاحة.

وكان هذا الحدث هو ما دفع هاتين القوتين إلى التحول من العمل الدفاعي البحت، ووقف الصواريخ والطائرات دون طيار التي أطلقها الحوثيون، إلى ضرب الميليشيا في أراضيهم. كما شاركت أيضًا سفن من أستراليا وكندا وهولندا والبحرين في هذه الأعمال الانتقامية. على ما يبدو أن تدخل الولايات المتحدة في البحر الأحمر لا يمت بصلة إلى حد بعيد بنطاق وتدخلاتها السابقة الطويلة في المنطقة (العراق) ووسط آسيا (أفغانستان).

من حيث المبدأ تقوم الولايات المتحدة بذلك لمساعدة السفن التجارية التي تعبر تلك المياه، والتي أصبح عددها الآن أقل لأنها تحاول تجنب المخاطر وتفضل الإبحار حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح. في المقابل، تقوم بذلك أيضا بشكل غير مباشر لدعم إسرائيل، لأنه كلما قلّت الآثار الجانبية لغزو غزة، وهجمات الحوثيين واحدة منها، قل الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في القطاع. 

وأكدت الصحيفة أن جو بايدن خسر الحرب قبل أن يبدأها، لستة أسباب على الأقل، وهي كالآتي:

1. في التحالف البحري الذي تم إنشاؤه تحت اسم "حارس الازدهار"، لا توجد سوى دولة عربية واحدة، وهي البحرين، وهي الأصغر في الخليج. لم تحظ هذه العملية بالدعم، حتى لفظيًّا، من السعودية أو الإمارات، أعداء الحوثيين الذين كانوا في حالة حرب معهم. كما لم تشمل مصر أيضًا على الرغم من الأضرار الاقتصادية الهائلة الناجمة عن الانخفاض الوحشي في حركة الملاحة البحرية عبر قناة السويس.

2. في التحالف البحري الذي أنشأته الولايات المتحدة، غاب بعض حلفائها الأوروبيين، مثل إسبانيا، التي أكدت وزيرة دفاعها مارغريتا روبليس يوم الجمعة الثاني عشر من الشهر الجاري أنها لن تشارك. بالإضافة إلى ذلك لدى دول أخرى، مثل فرنسا وإيطاليا، سفن في المنطقة لكنها لم توافق على وضعها تحت قيادة البنتاغون حفاظًا على استقلالها. ولم تشارك سوى دولة واحدة من دول الاتحاد الأوروبي، وهي هولندا، في الهجوم على مواقع الحوثيين على الأراضي اليمنية.

3. أدى هجوم يوم الجمعة إلى زيادة التوتر في المنطقة، ولا شك أنه سيؤدي إلى تدمير بعض العتاد الحربي للحوثيين، لكن لن يكون لديهم نقص في الأسلحة. كما أن الميليشيا التي قاتلت لأكثر من خمس سنوات ضد السعودية والإمارات لن تستسلم بعد الهجوم الأول ولديها خبرة حربية وهي مجهزة بشكل أفضل الآن، بل إنها تمتلك صواريخ باليستية مضادة للسفن، حيث زودتها إيران بنفس المادة التي تصدرها إلى روسيا. وربما، للانتصار عليها عسكريا، سيضطر البنتاغون إلى تنفيذ عمليات قوات خاصة في اليمن.

4. في نظر الأمم المتحدة والرأي العام العربي والغربي، أثبت هجوم يوم الجمعة، وموافقة مجلس الأمن الدولي، يوم الأربعاء، بناء على طلب الولايات المتحدة، على قرار يطالب الجماعة اليمنية بوقف هجماتها في البحر الأحمر، ازدواجية معايير إدارة بايدن. وعلى ما يبدو، في هجمات الحوثيين لم يمت سوى بعض منفذيها. 




وفي غزة، توفي 23.708 فلسطينيًّا حتى يوم الجمعة 12 من الشهر الجاري، وأصيب ما يقارب 60 ألفًا آخرين، وذلك وفقًا للسلطات الصحية في القطاع. ولم تشكك الدبلوماسية الأمريكية في عدد القتلى هذا. ومع ذلك، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد العديد من القرارات في مجلس الأمن التي أمرت بوقف إطلاق النار، ولو تم إعلانه ربما كان الحوثيون قد وضعوا حدًّا لاعتداءاتهم.

5.من جهتها، تستغل إيران سياسيًّا الحرب في غزة والتوتر السائد في البحر الأحمر. كما يشكل الحوثيون جزءًا مما يسمى بمحور المقاومة الذي تشجعه طهران. إنهم حلفاؤها، على الرغم من أنها ربما لم تُمْل عليهم جدول الأعمال أو تعطيهم الأوامر. كل هذا الضجيج في المنطقة يصرف الأنظار عن البرنامج النووي الذي تطوره إيران، نظريًّا للأغراض السلمية، مع أنه في واشنطن ولندن وباريس وبرلين - العواصم الأربع التي وقّعت بيانًا مشتركًا في كانون الأول/ ديسمبر - هناك شك في أن يكون الأمر كذلك.

6. من غير المرجح أن تؤدي هجمات يوم الجمعة، التي قد تتكرر قريبًا في الأيام المقبلة، إلى نشر الحرب في جميع أنحاء المنطقة. في المقابل سوف تشعل بعض الجبهات الثانوية تلك التي توجد فيها قوات أمريكية. لقد تعرضت هذه القوات بالفعل للمضايقات منذ الخريف الماضي في شمال سوريا، وقبل كل شيء في العراق، حيث لا يزال لدى البنتاغون حوالي 2500 جندي. 

وأشارت الصحيفة إلى أنه في المؤتمر الصحفي الذي عقده في نهاية كانون الأول/ديسمبر مع الرئيس بيدرو سانشيز، ألمح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالفعل إلى أنه يتعين على القوات الأجنبية مغادرة البلاد تدريجيًا. كما أكد أن رحيلها ضروري، لأن وجودها يزعزع الاستقرار وسط التداعيات الإقليمية لحرب غزة، أي التوتر في البحر الأحمر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحوثيين اليمن امريكا اليمن البحر الاحمر الحوثي أنصار الله صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر یوم الجمعة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

دبلوماسي روسي: تفاقم الوضع في شبه الجزيرة الكورية بسبب واشنطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

السفير الروسي لدى سول، جيورجي زينوفييف، أعلن اليوم الاثنين أن الوضع في شبه الجزيرة الكورية يتفاقم بشكل كبير بسبب المناورات العسكرية "الاستفزازية" التي تنظمها الولايات المتحدة في المنطقة، وفقًا لما نقلته وكالة أنباء "تاس" الروسية.

وأكد الدبلوماسي الروسي في تصريحاته أن التوترات في المنطقة تزداد تصاعدًا، مشيرًا إلى أن الوضع الحالي أكثر إزعاجًا مما كان عليه في السابق، وأن الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية تسوء بشكل متزايد.

وأضاف زينوفييف أن التحالف الأمريكي-الكوري الجنوبي ينوي بدء النقاش داخل مجموعة استشارية بخصوص النظر في استخدام الأسلحة النووية في المنطقة، مشيرًا إلى اهتمام اليابان بالنشاطات الجارية في هذا السياق ودراسة انضمامها إلى المجموعة.

الدبلوماسي الروسي أدان بشدة التدريبات العسكرية التي تنظمها الولايات المتحدة بالتعاون مع كوريا الجنوبية، ووصفها بأنها "استفزازية للغاية"، مستهدفة القيادة العسكرية والسياسية في كوريا الشمالية. وأكد الدبلوماسي الروسي أن هذه التدريبات تشكل تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى أنه من المقرر إجراء تدريبات عسكرية جديدة في شهر أغسطس المقبل، والتي ستكون أكبر بكثير من التدريبات السابقة.

وفي سياق آخر، ردت وزارة الخارجية الأمريكية على التصريحات الروسية، مؤكدة عدم وجود أي خطط لنشر أسلحة نووية في شبه الجزيرة الكورية. وأشارت إلى أن هذه التصريحات تأتي كرد على تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي ألمح إلى إمكانية اتخاذ موسكو خطوات ردع نووي إضافية في حال نشرت الولايات المتحدة صواريخ باليستية متوسطة المدى في المحيطين الهندي والهادئ.

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية: الولايات المتحدة تخسر العالم العربي… والصين تكسب
  • مجزرة النصيرات: أجندة عسكرية تحت غطاء إنساني
  • واشنطن تكشف عن تزويد الحوثيين لحركة الشباب الصومالية بالأسلحة (ترجمة خاصة)
  • موقع ألماني : تحركات أميركية لمنع مصادر مالية أخرى عن الحوثيين 
  • زواج المصلحة.. الحوثيون يزودون حركة الشباب الصومالية بالأسلحة
  • موقع ألماني يكشف عن تحركات أمريكية لمنع مصادر إيرادات الحوثيين الإضافية (ترجمة خاصة)
  • الولايات المتحدة قد تتّجه نحو حرب أهلية قد تُنهي وجودها
  • دبلوماسي روسي: تفاقم الوضع في شبه الجزيرة الكورية بسبب واشنطن
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على مليشيات الحوثيين
  • واشنطن تستهدف الحوثيين بعقوبات جديدة