بقلم علاء الدين محمد ابكر

لم تمضي ساعات من رفض قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان حضور قمة دول الايقاد المنعقدة فى دولة اوغندا لبحث عدد من الملفات من بينها موضوع انهاء الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف ابريل من العام الماضي و كانت الخارجية السودانية قد اصدرت بيان اشارت فيه الي تاكيد رفض قائد الجيش الجنرال البرهان حضور قمة دولة الايقاد احتجاج علي وجود قائد الدعم السريع بالقمة الذي ارسلت له سكرتارية منظمة الايقاد دعوة رسمية مماثلة لحضور القمة بجانب كل من الجنرال البرهان و الدكتور عبد الله حمدوك والاخير يمثل الشق المدني( تقدم) الذي يطالب بايقاف الحرب واسترداد الحكم الديمقراطي في السودان

ان رفض الجنرال البرهان للعديد من المبادرات التي تهدف الي ايقاف الحرب منذ بداية الصراع يضع العديد من علامات الاستفهام فقد وقعت حادثة مشابه لما حدث في رفضه لقمة الايقاد الاخيرة حيث انه في شهر يونيو من العام الماضي قبل قمة دول منظمة الايقاد في جيبوتي اصدرت خارجية حكومة الامر الواقع برئاسة الجنرال البرهان بيان برفضها
و ذلك اعتراض منها علي رئاسة دولة كينيا لدورة انعقاد تلك القمة في ذلك الوقت بحجة انحيازها لقوات الدعم السريع علي حسب مزاعم خارجية حكومة الامر الواقع فالجنرال عبد الفتاح البرهان له العديد من المواقف الضبابية حول مسالة ايقاف الحرب في السودان فهو من جانب يرسل رسائل حماسية إلى جيشه بانه لن يقبل بأي حل سلمي وان الحرب هي سبيلهم الوحيد و في جانب اخر يطالب المجتمع الدولي بمساعدة السودان علي ايقاف الانتهكات و جاء ذلك من خلال خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة لدورة شهر سبتمبر 2023م الماضي حيث طالب باجراء تحقيق حول الجرائم التي وقعت في السودان مع مطالبته بتصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة ارهابية و بما ان ذلك غير ممكن للمجتمع الدولي من ان يتخذ قرار قاطع بذلك الشان الا بعد تقصي الحقائق علي ارض الواقع فقد تقرر تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في السودان وبالفعل تم تشكيلها في يوم 18 ديسمبر 2023 حيث أعلن رئيس مجلس حقوق الإنسان فاكلاك باليك (الجمهورية التشيكية)، عن تعيين محمد شاندي عثمان من (تنزانيا) وجوي إيزيلو من (نيجيريا)، ومنى رشماوي من (الأردن) و(سويسرا،) كالأعضاء المستقلين الثلاثة في البعثة الدولية المستقلة المكلفة بتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان ولكن كانت المفاجئة في رفض حكومة الامر الواقع برئاسة الجنرال البرهان لتلك اللجنة بحجة مساواتها بالدعم السريع وهنا اثبت الجنرال البرهان للعالم مرة أخرى انه يتهرب من اي خطوة تقود الي ايقاف الحرب فهو ينظر الي ان الحل الانسب لها يكون عن طريق استخدام البندقية و ليس عن طريق الحوار و لكن ذلك يضعه امام المجتمع الدولي علي انه بات يمثل عقبة أمام تحقيق السلام ومنع ايصال المساعدات الإنسانية الي العالقين في مناطق القتال في السودان و علي ضوء ذلك اتخذ الاتحاد الافريقي اول امس قرار بتشكيل لجنة لبحث سبل ايقاف الحرب في السودان وهي بمثابة الفرصة الاخيرة لمعرفة موقف الجنرال البرهان الحقيقي حول موقفه من قبول او رفض الحلول السلمية و بالمقابل نجد تصريحات الجنرال محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع تحمل ترحيب لكافة المبادرات حيث انه لم يخفي رغبته في ايقاف الحرب و قد ترجم ذلك بسلسلة من الزيارات الي عدد من العواصم الافريقية للتبشير بالسلام و حضوره الاخير في قمة منظمة الايقاد المنعقدة فى اوغندا يوكد ذلك المسعي

ويبقي السوال المهم
في ما الذي يمنع الجنرال البرهان من قبول الحلول السلمية و الانخراط في حوار مباشر مع قائد الدعم السريع خاصة وان البرهان قد صرح قبل ايام للسيد رمضان لعوامره مبعوث الامين العام للامم المتحدة للسودان علي انه ملتزم بالفترة الانتقالية في السودان اذا هذا يعني ضمنيا ان مع تسليم السلطة الي حكومة مدنية مع رجوع للعسكريين الي الثكنات العسكرية ولكن هل ذلك رهين بتحقيقه انتصار عسكري علي قوات الدعم السريع ؟ والغريب في الامر ان القوات المسلحه هي ذاتها من اشرفت سابقا علي الدعم السريع بتكوينها وتدريبها و الدعم السريع لم تكن في السابق تحسب من ضمن الحركات المسلحة المتمردة فهي ولدت من رحم القوات المسلحه كما كان يتفاخر بذلك الجنرال البرهان نفسه اذا بالتالي فان المجتمع الدولي بات ينظر الى قوات الدعم السريع علي انها جزء لايتجزأ من الجيش السوداني وان ما حدث بينهم لا يخرج عن نطاق الحرب الاهلية خاصة وان الطرفين (الجيش والدعم السريع) قد تحالفا في السابق علي الاطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر حسن أحمد البشير الذي حكم السودان لفترة ثلاثين عاما و الذي تورط في جرائم ضد الانسانية تتعلق بالابادة الجماعية في اقليم دارفور الواقع في غرب السودان وصدرت بحقه مذكرات توقيف دولية من المحكمة الجنائية الدولية

اذا الجنرال البرهان امام خيارين اما بالتعاون مع اللجنة التي شكلها الاتحاد الافريقي بدون قيد أو شرط وذلك يعني القبول بوقف إطلاق النار والإنخراط في التفاوض او رفض اللجنة الافريقية بوضع عدد من الشروط تتضمن ابعاد الطرف الآخر ( الدعم السريع) بعدم الجلوس معها وحينها يكون الاتحاد الافريقي مجبر على اتخاذ قرار بنقل ملف السودان الي مجلس الامن الدولي باعتبار ان ما يحدث فيه يهدد الامن والسلم الدوليين وقتها سوف يجد الجنرال البرهان نفسه في موقف حرج خاصة وان الاتحاد الافريقي سبق له تجميد عضوية السودان في العام اكتوبر 2021م في اعقاب قيام البرهان بانقلاب عسكري على حكومة الثورة المدنية التي توافق عليها الشعب السوداني عقب ثورة ديسمبر 2019 م

واذا تم وضع ملف السودان امام طاولة مجلس الامن الدولي حينها تكون القرارات الصادرة بخصوص السودان ملزمة للجميع مع فرض عقوبات على الجهة التي تعرقل ايقاف الحرب وتعمل علي تعطيل الانتقال الي حكم مدني يمثل طموحات السودانيين في اقامة دولة تسودها الديمقراطية والقانون

فهل ينجح الجنرال البرهان هذه المرة في الافلات من مطب الاتحاد الافريقي؟ هذا ماسوف تجيب عليه الايام القادمة

علاء الدين محمد ابكر
????????????????????9770@????????????????????.

????????????  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الاتحاد الافریقی الجنرال البرهان فی السودان ایقاف الحرب

إقرأ أيضاً:

السودان بين أقدام الفيلة-الحرب، والمصالح الدولية، والتواطؤ الصامت

zuhair osman


بين البرهان وحميدتي... ما يُخفى أكثر مما يُقال
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، دخل السودان في أتون نزاع دموي مُعقّد، تتقاطع فيه صراعات داخلية على السلطة والموارد، مع أجندات إقليمية ودولية تجعل من البلاد
مسرحًا صامتًا لتصفية الحسابات.
في ظل غياب إرادة دولية حقيقية لوقف النزيف، ووسط تحركات أمريكية تلمّح بالعقوبات أو تضغط في اتجاهات غير معلنة، تبرز أسئلة محورية: هل نحن أمام نزاع داخلي صرف، أم إعادة ترتيب لموازين القوى في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر على
حساب السودان؟
انسحاب تكتيكي أم هندسة خارجية؟
مؤخرًا، انسحبت قوات الدعم السريع من بعض مناطق أم درمان، في خطوة فُسّرت عسكريًا بأنها تكتيكية لتفادي الضربات الجوية أو لإعادة التموضع. غير أن تزامن هذا الانسحاب مع تلويح الولايات المتحدة بفرض "تدابير وشيكة" على قيادة الجيش، يفتح الباب
أمام قراءة أعمق تُلمّح إلى وجود هندسة غير معلنة للوقائع الميدانية.
الولايات المتحدة، بحكم حضورها في ملف السودان منذ عقود، لا تتحرك دون حسابات دقيقة. وقد يكون توقيت الانسحاب مفيدًا سياسيًا لدفع الجيش نحو التفاوض أو تهيئة المسرح لإعادة تعريف المشهد، خاصة في ظل اتهامات أمريكية غير مباشرة للجيش
باستخدام أسلحة غير تقليدية.
هل الدعم السريع هو "البديل الأقل إزعاجًا"؟
من الناحية البراغماتية، لا يمكن استبعاد فرضية أن بعض الدوائر الغربية باتت ترى في الدعم السريع طرفًا يمكن التحكم فيه أو إعادة هندسته ليصبح شريكًا "أقل خطرًا"، خصوصًا بعد تجربته السابقة في التحالف العربي باليمن، وعلاقاته المفتوحة مع الإمارات
والسعودية.
في المقابل، الجيش السوداني يُنظر إليه بحذر متزايد في بعض الدوائر، لاتهامه باحتضان عناصر تنتمي للتيارات الإسلامية، المصنّفة غربيًا كمصدر تهديد إقليمي محتمل، خاصة مع تحليلات تتحدث عن تقاربه النسبي من محور إيران – سوريا في لحظة تعقيد
إقليمي شديد الحساسية.
أبعاد استراتيجية أعمق: السودان في ميزان الجيوبولتيك
اهتمام الولايات المتحدة بالسودان ليس طارئًا. فالموقع الجغرافي الحاكم على بوابة البحر الأحمر، ووجود ثروات غير مستغلة (مثل اليورانيوم والمياه)، يجعل السودان نقطة ارتكاز مهمة في لعبة النفوذ بين الغرب، وروسيا، والصين، والفاعلين الإقليميين
كإيران وتركيا.
من هنا، يُفهم لماذا تحرص واشنطن على إعادة رسم المشهد، بطريقة تُضعف الفاعلين الرافضين للتطبيع مع إسرائيل أو المقاومين للديانة الإبراهيمية كمدخل سياسي ناعم، وتعزّز الأطراف الأكثر مرونة تجاه المشروع الأمريكي في المنطقة.
احتمالات السيناريو: بين التفكك والتدويل
استمرار الحرب في ظل "مفاوضات ديكورية": قد يلجأ الجيش إلى تبني مبادرات تفاوض شكلية، بينما يُعيد انتشاره في مناطق أقل تكلفة ميدانيًا، فيما تستفيد قوات الدعم السريع من مرونة الحركة وغطاء الدعم الإقليمي غير المُعلن.
تصعيد محدود بضوء أخضر دولي: قد تلجأ واشنطن إلى فرض عقوبات، وربما تنفيذ ضربات محددة ضد مواقع عسكرية للجيش في حال ثبوت تجاوزات جسيمة (كما حدث في النموذج السوري)، لكن هذا مرهون بتوازنات معقدة تشمل الموقف المصري والسعودي.
تفكك فعلي للدولة السودانية: في ظل غياب الحلول السياسية واستمرار التمويل الخارجي للطرفين، قد يتجه السودان نحو انقسام واقعي لا يُعلَن رسميًا: الجيش في الشرق، والدعم السريع في الغرب، وسط غياب سلطة مركزية، ووجود حُكم أمر واقع متعدد الرؤوس.
خاتمة: الجريمة تُرتكب على مرأى العالم
الحرب في السودان تُدار ليس فقط بأصابع داخلية، بل بحسابات دولية لا تخفى. الولايات المتحدة لا تبدو بعيدة عن مسار المعركة، حتى لو لم تكن في المشهد بصورة مباشرة. القوى الإقليمية تموّل وتُغذّي، والمجتمع الدولي يكتفي بالبيانات.
لكن الحقيقة الكبرى أن من يدفع الثمن هو الشعب السوداني: ملايين النازحين، انهيار الدولة، ومجازر في مدن كانت تعج بالحياة.


الخروج من هذه الكارثة لن يتم من خلال "مبادرات تعويم" شكلية، بل يتطلب وقفًا صارمًا للتمويل الخارجي، وتدخلاً دوليًا نزيهًا يُعيد للسودان حقه في تقرير مصيره دون وصاية أو اقتتال مفروض.


 

مقالات مشابهة

  • شبكة مهنية: الدعم السريع تنفذ تنجيد قسري بالضعين وتعتقل العشرات بينهم كادر طبي
  • "أطباء السودان" تتهم الدعم السريع باعتقال 178 شخصا بشرق دارفور
  • العنف الجنسي في السودان.. خطر دائم على المواطنين في ظل الحرب
  • الدعم السريع تعلن حالة الطوارئ جنوب دار فور وحركة نزوح جماعي في كردفان
  • مصدر عسكري: «الدعم السريع» قصفت بمسيَّرة مستودعاً للوقود ومقراً للجيش جنوب السودان
  • هجمة بمسيرة.. الدعم السريع تضرب هدفين استراتيجيين في جنوب السودان
  • مليشيا الدعم السريع تنهب أكثر (5) الاف محلا تجاريا و (16) فرعا للبنوك بالسوق المحلي بالخرطوم
  • قوات الدعم السريع تضرب هدفين استراتيجيين جنوب البلاد
  • السودان بين أقدام الفيلة-الحرب، والمصالح الدولية، والتواطؤ الصامت
  • هل استخدم جيش السودان الأسلحة الكيميائية ضد الدعم السريع؟