اليمن في مواجهة الاستكبار الإمبريالي الصهيوني والرجعية
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
أصبح اليمن الثوري قوة وازنة ومهابة في مواجهة الاستكبار الغربي والعدوان الصهيوني ورجعية البترو/ دولار.
اليمن الذي رفع رأس الأمة؛ يحظى – اليوم – بتقدير شرفاء الأمة وأحرار العالم؛ وصوته ونضاله يحظى باحترام الشعوب الحرة التي خرجت تصرخ في وجه المجرم بايدن، ورفيقه النازي نتنياهو -رئيس عصابة الإجرام الصهيونية.
الشعوب عندما تمتلك قيادة ثورية وحكيمة تبدع في مواقفها والدفاع عن قضاياها، والقضايا الإنسانية والقومية.
صهاينة الأعراب والتأسلم الذين سَخَروا ثروات الأمة لأعدائها، وأصبحوا مسخرة للعالم والشعوب؛ يقهرون شعوبهم، ويسخرون الثروات لإشعال الحروب التي يخطط لها الغرب الصهيوني ضد شعوب الأمة والشعوب الحرة.
لقد كان المال السعودي والخليجي حاضرا في حروب أمريكا ضد كثير من الشعوب العربية والأجنبية.
اليمن المحاصر المفقر المجوع من قبل تحالف العدوان، والذي يواجه دول الاستكبار الغربي وصهاينة النفط العربي؛ ذلك اليمن ذو التاريخ العريق يدخل التاريخ من جديد؛ ومن أوسع الأبواب، يدخل التاريخ مجاهدا مدافعا عن الأمة وعقيدتها ومقدساتها وقيمها الإنسانية التي تدنسها جيوش الاحتلال الغربي والصهيوني في كل بقعة يحتلها.
ما قامت به دول العدوان الغربي من هجمات على اليمن هو نتيجة موقفها وفعلها الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، الفعل اليمني أوجع دولة الاحتلال الصهيوني، كما أوجع دول العدوان الغربي، لقد حول اليمنيون البحر الأحمر إلى موقعة نزال ضد الصهاينة ومن يتعاون معهم من لصوص الغرب وصهاينة الشرق.
أمريكا التي قامت على القتل والإبادة والدمار والحروب والنهب لثروات الشعوب، تحاول اليوم أن تعيد الكرة، وتنصر القتلة الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني، ومن يسانده من الشعوب الحرة.
وإذا كانت دولة جنوب افريقيا قد قامت بواجبها الإنساني برفع دعوى ضد دولة الاحتلال الصهيوني، متهمة إياها بالإبادة، فإننا محتاجون إلى دولة أخرى ترفع دعوى ضد السعودية والإمارات بتهمة إبادة الشعب اليمني، وتدمير مقدراته وحصاره، وتجويع شعبه في عدوانهما المتوحش المستمر منذ تسع سنوات، كما نحتاج إلى دعوى من نفس النوع ضد الإمبريالية الأمريكية وشريكتها في الإجرام المملكة البريطانية؛ هاتان الدولتان الموغلتان في دماء الشعوب والناهبتان لثرواتها عبر التاريخ الدموي لهاتين الدولتين، التاريخ لا يتكرر، ولن تعود الهيمنة الغربية على الشعوب، واليمنيون بصمودهم وقتالهم كتبوا فاتحة العصر الجديد في مواجهة الإمبريالية، يعلمنا التاريخ أن الشعوب التي تدافع عن قضاياها العادلة هي المنتصرة مهما تكالب عليها الأعداء والسامعون.
واليمنيون أصحاب قضية، فهم يدافعون عن استقلال وسيادة بلادهم، ويقفون مع شعب مظلوم، تكالب عليه وحوش الغرب، ودهاقنة البترو/ دولار.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
النظرة الاستعمارية.. من جوهر السياسة إلى توماس براك؟
خالد بن سالم الغساني
بعد انتهائي من قراءة مقال الدبلوماسي السوري السابق أحمد علي الحريري بعنوان «مفهوم الدولة بين ابن خلدون وتوم براك»، وجدتني مأخوذًا بذلك التناول الذي جمع بين الطرافة الجاذبة في المُقدمة والعمق في التحليل.
لقد كان دافعًا لي لكتابة هذا النص، لا استكمالًا لما طرحه، بل محاولةً لقراءة أوسع في المعنى الكامن خلف تصريحات المبعوث الأمريكي، وفي النظرة التي تختبئ خلف تلك اللغة الاستعلائية، والتي تكشف عن جوهرٍ استعماري أعمق في مفهوم الغرب للآخرين، ولا سيما نحن الذين نعيش في هذا الشرق.
في زيارته إلى المنطقة مؤخرًا، وأمام وسائل الإعلام والصحافة، وفي قصر بعبدا بلبنان، وصف المبعوث الأمريكي توماس براك، الصحفيين اللبنانيين بأنهم "فوضويون وحيوانيون". هذا الوصف ينسجم مع ما كان قد صرح به سابقًا عن أنَّ منطقة الشرق الأوسط لا تضم دولًا؛ بل قرى وقبائل وعشائر. الأمر المؤكد أنها ليست زلة لسان أو نوبة غضب؛ بل إن ما قاله براك، يعكس بوضوح طريقة التفكير السائدة في دوائر وأروقة القرار الغربي، ولا سيما الأمريكي والصهيوني، تجاه شعوب هذه المنطقة. الكلمات التي تبدو في ظاهرها استعلائية ومُهينة، هي ذاتها تلك النظرة وذلك الأسلوب الاستعماري، اللذان يمارس من خلالهما الغرب، ويُدير سياساته تجاه منطقتنا وشعوبها، إنها تُعبّر في عمقها عن رؤية سياسية وفكرية تعتبرنا جميعًا شعوبًا وجغرافيا، فضاءً غير متحضّر، يحتاج دائمًا إلى وصاية، وإلى من يهذّبه ويرشده، ويوجهه، وقد وضعوا أنفسهم في تلك المكانة المرشدة والموجهة والمديرة، لأننا وفقًا لهم، عاجزون عن حكم أنفسنا أو بناء دولنا المستقلة.
هذا الخطاب ليس جديدًا على الذهنية الغربية، إنه امتداد مباشر للفكر الاستعماري الذي ساد أوروبا منذ قرون، حين كانت القوى الاستعمارية الكبرى تبرر احتلالها للشعوب بشعارات من قبيل نشر الحضارة وتمدين البرابرة وأخيرًا نشر الديمقراطية!! واليوم، وإن تبدّلت اللغة وتغيّرت الأدوات، إلا أنَّ الجوهر لم يتبدل؛ فما زالت منطقتنا وشعوبها في نظرهم ميدانًا رحبًا للفوضى والجهل والانقسام، وما زالوا يرون أنفسهم أصحاب رسالة إنقاذية، لحماية النظام العالمي، من ما يُسمى بالاضطراب والغوغاء الشرقي.
ومن هنا فإنَّ الأمر لا يبدو مستغربًا أن يتحدث دبلوماسي أمريكي، لم يستعر هذه العجرفة والوقاحة التي هي امتداد لجذور أجداده، بمثل هذا التبجح، فهو يعبّر عن إحساس متجذر بالغطرسة التي تشعره بالتفوق والهيمنة.
غير أنَّ الأخطر من هذا القول وأمثاله، هو ما يترتب عليه من فعل؛ فالولايات المتحدة ومعها القوى الغربية لم تنظر يومًا إلينا بوصفنا شركاء نِدًّا لها، بل بوصفنا ملعبًا كبيرًا للنفوذ والمصالح، فعندما يرى صانع القرار الأمريكي أن المنطقة مجرد تجمعات عشائرية لا ترقى إلى مستوى الدولة، يصبح من الطبيعي أن يتعامل معها على هذا الأساس، فهو يقيم تحالفاته على أسس طائفية وقبلية، ويغذّي الانقسامات الداخلية، ويفرض وصايته السياسية والاقتصادية والعسكرية، من منطلق أنه "الوصي على هذه التجمعات والقرى المتناحرة".
هذا هو تمامًا ما شهدته وتشهده العديد من الدول العربية بعد ما سُمّي بـ الربيع العربي، وفوضوية كونداليزا رايس الخلاّقة؛ حيث تم تفكيك المؤسسات الوطنية، والتلاعب بالبُنى الاجتماعية وإنشاء الثورات بعد تجميع كل الخارجين عن القانون والمجرمين والمطلوبين للعدالة، لقيامهم بما يخدم استمرار الفوضى وضمان خضوع المنطقة لإرادة الخارج.
وعلى صعيد الصراع العربي الإسرائيلي، فإن هذه النظرة الاستعلائية تمثل الركيزة الأساسية للسياسة الأمريكية في حماية دويلة الكيان المحتل. فعندما يُختزل الشرق الأوسط في مجموعة قبائل، يسهل تبرير دعم دولة الاحتلال باعتبارها الجزيرة المتحضرة وسط بحر من البدائية والتخلف. هذا المنطق يُستخدم لتبرير كل الجرائم الإسرائيلية تحت شعارات براقة مثل الدفاع عن الديمقراطية ومحاربة الإرهاب، فيما يُصوَّر الفلسطينيون والعرب عمومًا على أنهم غير مؤهلين لبناء دولة، ولا يفهمون سوى لغة القوة.
ثم إنَّ هذه النظرة لا تقتصر على الخطاب، بل تتجسد في الممارسة السياسية اليومية: في الدعم العسكري غير المحدود لإسرائيل، وفي التغطية الدبلوماسية على جرائمها في غزة والضفة، وفي تعطيل أي تحرك أممي لمحاسبتها. إنها سياسة قائمة على معادلة راسخة، تتمثل في تفوق "المدني الغربي" مقابل "تخلّف الشرقي"، وعلى أساس هذه المعادلة تُصاغ القرارات وتُبنى المواقف.
لقد أثبتت التجارب أن الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة، لا يريد لهذه المنطقة أن تنهض أو تستقر، فالفوضى تخدم مصالحه، والانقسامات تحمي وجود إسرائيل، والضعف السياسي والاقتصادي يفتح الأبواب أمام هيمنته. ومن هنا يمكن فهم تصريحات توماس براك؛ باعتبارها جزء من سياسة إعلامية ودبلوماسية تهدف إلى تكريس صورة العربي ككائن فوضوي لا يعرف الانضباط ولا يستحق السيادة، وبالتالي فهو بحاجة دائمة إلى الوصاية الغربية.
المفارقة أن هذا الخطاب يجد صدى لدى بعض النخب المحلية التي تتبنى المفاهيم الغربية دون وعي بجذورها، فتُعيد إنتاجها داخليًا في شكل جلد للذات وترديد لاتهامات التخلف، متناسية أن جانبًا كبيرًا من هذا الواقع هو نتاج مباشر لتدخلات الغرب نفسه. فالاستعمار القديم رسم حدود الدول بطريقة تُبقي على النزاعات، والسياسة الأمريكية الحديثة دعمت أنظمة استبدادية مقابل ضمان المصالح، ثم عادت لتدين الشعوب حين ثارت على تلك الأنظمة.
إن ما قاله توماس براك ليس إهانة متكررة وكفى- وما أكثر إهاناتنا- بل تلخيص لعقيدة سياسية ترى في منطقتنا حديقة خلفية للمصالح الغربية، وفي شعوبنا أدوات يمكن تحريكها وفق الحاجة. والوعي بهذه الحقيقة هو الخطوة الأولى لمواجهتها، لأنَّ التصدي للهيمنة يبدأ من إدراك آلياتها الفكرية واللغوية. فالمعركة ليست بالسلاح فقط، بل بالكلمة والمعنى؛ إذ إن من ينجح في تصويرك كفوضوي يُبرر لنفسه كل أشكال السيطرة عليك.
إن استعادة الكرامة السياسية تبدأ من إعادة تعريف الذات، من إدراك أن شعوب المنطقة ليست عشائر مُتناحرة، بل أمم تملك تاريخًا عريقًا وثقافة عميقة وذاكرة نضالية لا تنطفئ. أما أولئك الذين يرون فينا قرى بلا دول، فليتذكروا أن تلك القرى أنجبت حضارات غيّرت وجه التاريخ، وأن تلك العشائر قاومت الغزاة عبر القرون.
الغرب اليوم يملك القوة، لكنه لا يملك الحقيقة، والحقيقة أن الشعوب التي تُهان وتُحتقر، تحمل في داخلها بذور ثوراتها المقبلة، تمامًا كما حملت هذه المنطقة عبر تاريخها الطويل وجعها وإصرارها على الحياة. بقي أن نُذّكر بأن على النخب التي لم تنشغل خلال مرحلتنا الكسيحة هذه، أكثر من انشغالها بجلد الذات، أن تستيقظ وأن تقوم بواجباتها الوطنية الحقة، بدلًا من الندب والضرب على الأكف.