كابل- أعلن مسؤولون في الحكومة الأفغانية انتهاء بناء طريق واخان في ولاية بدخشان شمالي البلاد، وتم ربط أفغانستان بالصين رسميا عبر هذا الممر، الذي يوصف بأهم النقاط الإستراتيجية شمالي البلاد.

ويقول حاكم ولاية بدخشان المولوي أيوب خالد للجزيرة نت "بعد عمل استمر 5 أشهر تمكنا من بناء طريق إلى الحدود مع الصين يربط البلدين لأول مرة في تاريخهما عبر البر، وهي خطوة كبيرة نحو التنمية الاقتصادية وتنشيط القطاع السياحي في المنطقة".

وقّعت كابل وبكين مذكرة تفاهم لدراسة بناء الطريق في ممر واخان عام 2009، ثم طالب الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني -خلال زيارته الصين عام 2014- السلطات الصينية ببدء العمل، لكن الوضع الأمني في الوادي حال دون إكمال العمل.

وعندما وصلت حركة طالبان إلى السلطة أولت اهتمامها إلى بناء الطريق لتقليل الاعتماد على الطرق والموانئ الباكستانية.

وممر واخان هو شريط ضيق من الأرض في أفغانستان يبلغ طوله حوالي 350 كيلومترا وعرضه من 13 إلى 65 كيلومترا، وهو منطقة جبلية غير مأهولة بشكل عام. ولمقاطعة واخان -التي يبلغ عدد سكانها أقل من 20 ألف نسمة- حدود مشتركة مع مقاطعة شينغيانغ الصينية في الشرق، وطاجيكستان في الشمال، وباكستان في الجنوب.

ويُعد الممر واحدا من أكثر المناطق البكر في العالم، وتختلف ظروفه المناخية عن المناطق الأخرى في أفغانستان، لكن من المؤكد أنه ستكون له فوائد كبيرة لزيادة التعاون الاقتصادي والتعاون بين بكين وكابل.

ممر واخان هو شريط ضيق من الأرض في أفغانستان بطول يبلغ حوالي 350 كيلومترا (الجزيرة) ممر بديل

يقول الكاتب والباحث السياسي عبد الولي نائبزي، للجزيرة نت، إن "العلاقات التجارية الأفغانية الباكستانية تتأثر بالمواقف السياسية، وإسلام آباد أغلقت 5 معابر رئيسية مع كابل، مما ألحق أضرارا بالغة بالتجارة والاقتصاد، لذا تفكر الحكومة الحالية في تقليل الاعتماد على الموانئ الباكستانية، واختارت التوجه إلى إيران وآسيا الوسطى".

وأضاف أن "ممر واخان هو بديل للموانئ الباكستانية، وخاصة أن الدول التي تقع شمالي أفغانستان تفكر في الاقتصاد والتجارة أكثر من السياسية"، وفق رأيه.

وتحاول الصين، التي ترغب في الوصول إلى أسواق مختلفة ضمن نطاق مشروع الحزام والطريق، إنشاء ممرات وطرق بديلة، وقد أقامت علاقات تجارية مع دول في القارة الآسيوية، ومن أهم أهدافها في المنطقة بناء شبكة طرق تمكنها من الوصول إلى الأسواق العالمية والإقليمية.

وبعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وجهت الصين عينها على كابل لأسباب كثيرة أهمها البعد الجغرافي والاستثمار في المناجم الأفغانية، وبناء طريق في ممر واخان أقصر طريق إلى بكين.

واجهت أفغانستان مرارا وتكرارا مشكلة التجارة مع الصين عبر باكستان، كما أضرت العلاقات السياسية الأفغانية الباكستانية المتوترة منذ عقدي التجارة بين البلدين.

يوضح السفير الأفغاني السابق في الصين جاويد قائم، للجزيرة نت، أن "هذه خطوة إيجابية أثمانها، في الحكومة السابقة تحدثنا مع الجانب الصيني لبناء هذا الطريق، ولكن الوضع الأمني حال دون ذلك، وعلى الحكومة الحالية أن تقدم معلومات أكثر عن طبيعة الطريق وأهميتها في التبادل التجاري وربط البلاد بالصين وآسيا الوسطى".

وزير الحدود الأفغانية الملا نور الله نوري: سيكون لطريق واخان تأثير إيجابي على عجلة الاقتصاد في البلاد (الجزيرة) تأثير إيجابي

وكان وزير الحدود والقبائل في الحكومة الأفغانية الحالية نور الله نوري أول شخصية حكومية تزور هذه المناطق لتقييم الوضع الأمني والمعيشي والوقوف على بناء الطريق.

يقول الوزير نوري للجزيرة نت "تمكنت من زيارة ممر واخان لتفقد الوضع هناك، نريد السيطرة التامة على حدودنا، وسيكون لهذا الطريق تأثير إيجابي على عجلة الاقتصاد في البلاد، وستنتعش السياحة لأن هذه المنطقة فريدة في طقسها وطبيعتها".

ويضيف نوري أن "ما يميز هذه المنطقة أنها نقطة إستراتيجية حيث يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 4600 متر، وأما الجبال فارتفاعها يصل إلى 7400 متر، وستكون نقطة وصل بين أفغانستان و3 دول في المنطقة".

ويتوقع المسؤول بوزارة التجارة الأفغانية عبد السلام جواد للجزيرة نت أن يعود البنك الدولي قريبا إلى كابل، ويستأنف العمل على المشاريع المتوقفة، مشيرا إلى أن ممر واخان سيوفر سنويا 6 مليارات دولار، وفرص العمل للمواطنين الذين يعيشون في ولاية بدخشان الأفغانية.

الجدير بالذكر أن هذا الطريق استُخدم قبل 2000 سنة كطريق الحرير الرئيسي ويمر جزء كبير منه في الأراضي الأفغانية، وقد حاولت الحكومات السابقة إحياءه، ولكن الوضع الأمني لم يسمح بذلك.

مسؤولون أفغان وسكان محليون يتفقدون ممر واخان البري الذي يربط أفغانستان بالصين (الجزيرة) تعزيز التعاون

وينتظر أن يعزز ممر واخان موقف أفغانستان في علاقاتها مع القوى الكبرى والإقليمية، والوصول إلى الأسواق العالمية، وبالإمكان استخدام الطريق مستقبلا كترانزيت بين إيران والهند إلى آسيا الوسطى. كما يمكن أن يسهل الطريق التعاون بين الدول الأربع المتاخمة لممر واخان وهي الصين وأفغانستان وباكستان وطاجيكستان.

ومن الناحية الجغرافية، يعد ممر واخان فريدا من نوعه، لأنه يقع في مفترق طرق هذه الدول الأربع، ويتمتع بقيمة تاريخية كبيرة كونه جزءا من طريق الحرير القديم، وتشترك أفغانستان مع باكستان بطول 300 كيلومتر، ومع طاجيكستان بطول 260 كيلومترا و74 كيلومترا مع الصين.

وأغلقت بكين حدودها مع كابل إثر الاجتياح السوفياتي لأفغانستان عام 1979، وبقي الأمر كذلك طيلة وجود القوات الأميركية في أفغانستان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الوضع الأمنی فی أفغانستان للجزیرة نت مع الصین

إقرأ أيضاً:

غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان

كما تتبع الفيلم -الذي يحمل عنوان "غنائم الانسحاب"- مصير الجيش الأفغاني الذي أنفقت عليه واشنطن مليارات الدولارات، وجنوده الذين تلقوا تدريبا أميركيا ليصبح بعضهم مرتزقة لاحقا في حرب أخرى بين روسيا وأوكرانيا، وذلك من خلال مقابلات خاصة بمسؤولين عسكريين وسياسيين أفغان.

ففي 31 أغسطس/آب 2021، غادر آخر جندي أميركي الأراضي الأفغانية، وبعد ساعات قليلة اقتحمت وحدات النخبة من قوات "بدر 313" التابعة لحركة طالبان مطار العاصمة كابل متسلحة بعتاد أميركي. وجاء ذلك بعد أن سيطرت الحركة خلال شهر واحد على مراكز المدن الأفغانية.

ويظهر في الفيلم المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي وهو ينفي أن تكون القوات الأميركية قد تركت معدات وأسلحة عسكرية في أفغانستان، إلّا أن تقرير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، أكد أن الوزارة سلمت الكونغرس تقريرا -لم ينشر في وسائل الإعلام- تذكر فيه أن حجم ما تركته الولايات المتحدة خلفها من معدات يقدر بـ 7 مليارات و100 مليون دولار.

ويوضح جيسون ديمبسي، المساعد الخاص السابق لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية في أفغانستان، أن المعدات التي تركها الأميركيون وراءهم هي نفسها التي قدموها للجيش الأفغاني، ويشير إلى أن طلبان لم يكن لديها طائرات هيلوكوبتر حتى وصلت إلى كابل، وأنها أخذت -وفق قوله- المروحيات التي تركت للجيش الأفغاني، كما استولت على كافة الأسلحة بعد انهياره.

ويعتبر ديمبسي أنه من العار أن الأميركيين تركوا أسلحتهم خلفهم وعجزوا عن تشكيل جيش أفغاني قادر على القتال.

ويقر بلال كريمي نائب المتحدث الرسمي للحكومة الأفغانية سابقا -في شهادته- بسيطرة طالبان على الأسلحة الأميركية، ويقول إن "الأسلحة والعتاد من الغزاة والقوات المساندة لهم قد وصلت إلى أيدي مجاهدي الإمارة الإسلامية وهي آمنة الآن"، مشيرا إلى أن أفغانستان تمتلك حاليا قوة مكونة من وزارة الدفاع والمخابرات ووزارة الداخلية التي تملك قوات أمنية.

حركة طالبان سيطرت على السلطة بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان (الجزيرة)مصير المعدات الأميركية

وعن مصير المعدات الأميركية التي وقعت في أيديهم، قال قائد الأركان الأفغاني قاري فصيح الدين فطرت إن "قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) حاولت إعطاب ما تركته خلفها من أسلحة ومعدات، لكن بعضها بقي سليما وصار في قبضة الإمارة الإسلامية، أما المركبات والمعدات التي دمرت جزئيا فنحاول إعادة تأهيلها وإصلاحها لاستخدامها".

وتمكن الفريق الذي أعد الفيلم الوثائقي من الوصول إلى قاعدة مطار كابل العسكري وتوثيق عدد من الطائرات العسكرية التي تستخدم في نقل الجنود والمعدات العسكرية، فضلا عن طائرات هيلوكوبتر قتالية أظهرت حالة معظمها أنها جاهزة للعمل.

وحسب بلال كريمي، فقد عمل الأميركيون قبل مغادرتهم على تدمير الطائرات وإتلافها، لكن الإمارة الإسلامية أصلحتها منذ توليها السلطة، وبعضها أصبحت جاهزة، ويجري العمل على إصلاح البقية، وفق تعبيره.

ويقول العقيد عباس دهوك، وهو مستشار عسكري سابق للخارجية الأميركية، إن الأميركيين تخوفوا بعد انهيار الحكومة الأفغانية أن تقوم طالبان باستخدام المعدات لخدمة مصالحها الخاصة، أو بيعها في السوق السوداء أو بيعها لدول مثل إيران أو روسيا أو الصين.

ويكشف -في شهادته- أن الطائرات والمعدات الحساسة قام الأميركيون بتعطيلها إلى حد ما، لكنه لا يستبعد أن تكون المعدات التي قدمتها الولايات المتحدة للقوات الأفغانية من مروحيات أو عربات الهمفي أو أسلحة قد انتقلت إلى طالبان قصدا.

كما تمكن الفريق الذي أعد الفيلم الوثائقي من دخول قاعدة بغرام العسكرية، التي كانت تعد من أكبر القواعد الأميركية في شمال العاصمة كابل، لكن لم يسمح له بالتصوير.

وعن حجم المعدات التي سيطرت عليها طالبان، جاء في الفيلم الوثائقي الذي بثته الجزيرة أن تقارير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان والتي استندت إلى تقارير وزارة الدفاع الأميركية، تؤكد أن طالبان سيطرت على أكثر من 900 مركبة قتالية مدرعة، و18 ألفا و414 مركبة ذات عجلات متعددة الأغراض عالية الحركة، و23 ألفا و825 مركبة تكتيكية خفيفة من نوع همفي.

كما استطاعت طالبان السيطرة على 131 طائرة من مختلف الأنواع منها 3 طائرات ضخمة تستخدم لنقل الجنود، وما يقرب من 33 طائرة هيلوكوبتر من نوع بلاك هوك، و56 ألف بندقية آلية و258 بندقية من طراز أم 4 وأم 16، إلى جانب 17 ألفا و400 جهاز رؤية ليلية، وأكثر من 150 ألف جهاز اتصال مختلف.

أين اختفى الجنود الأفغان؟

وعن مصير آلاف الجنود الأفغان الذين تركتهم الولايات المتحدة للمجهول، أظهرت المعلومات الواردة في تقارير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان أن كثيرا من الجنود والضباط الأفغان فروا من أفغانستان إلى الدول المجاورة مثل طاجاكستان وباكستان وإيران.

ويضيف التقرير أن عددا غير معروف من عناصر القوات العسكرية والأمنية المنحلة الذين بقوا في أفغانستان قد انضموا، إما إلى صفوف قوات طالبان أو تحالفوا مع جماعات أخرى مناهضة لطالبان أو جماعات مسلحة إقليمية مثل تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان.

والتقى الفريق الذي أعد الفيلم الوثائقي بشمس الدين أمرخي، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة في الجيش الأفغاني المنحل والذي عاد إلى أفغانستان أخيرا بعد مغادرته جبهة القتال في روسيا. ويقول إنهم ذهبوا إلى إيران للعمل بعد سقوط الحكومة وهناك شجعهم بعضهم على الذهاب إلى روسيا للمشاركة في الحرب الأوكرانية، لأن هناك كثيرا من المال.

وكشف أمرخي أن نحو 300 أفغاني شاركوا في الحرب الأوكرانية.

غير أن بلال كريمي، نائب المتحدث الرسمي للحكومة الأفغانية سابقا، أكد أن "الإمارة الإسلامية أعلنت العفو العام عن جميع أفراد الحكومة السابقة عسكريين ومدنيين، وحتى الآن يعيش عشرات الآلاف من أبناء النظام السابق في أفغانستان، وهناك ما يقارب 500 ألف مسؤول يعملون في الإمارة أو في الهيئات الحكومية".

Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 22:35 (توقيت مكة)آخر تحديث: 22:35 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الصيني والمبعوث الخاص لرئيس الدولة لدى الصين يبحثان تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين
  • خبير روسي: الأزمة الأفغانية الباكستانية قد تشعل حربا طاحنة بشرق آسيا
  • لقاء عبدالله بن زايد ووزير خارجية الصين.. شراكة بين البلدين
  • عبدالله بن زايد ووزير خارجية الصين يؤكدان عمق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين
  • تصاعدت بشكل لافت...كيف تستفيد مليشيا الحوثي من قضايا الثأر في اليمن
  • العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب
  • غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان
  • مسار ومحطات الخط الرابع للمترو.. شريان نقل جديد يربط أكتوبر بالقاهرة الجديدة
  • فرصة مقيدة: هل تستفيد الصين من تراجع القوة الناعمة الأمريكية؟
  • إيران تعلن عن عقد اجتماع إقليمي لمناقشة التطورات في أفغانستان