الخليج الجديد:
2025-06-08@07:28:55 GMT

الشرق الأوسط الجديد

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

الشرق الأوسط الجديد

الشرق الأوسط الجديد

إسرائيل ضرورية لواشنطن بصفتها القلعة المتقدمة لحماية المصالح الأميركية.

نتنياهو لا يريد دولة فلسطينية، بل يريد تعديلات جغرافية في الإقليم تسمح لإسرائيل بمزيد من التغلغل الاقتصادي في الوطن العربي.

مع أن أميركا ما تزال القوة الأكثر تأثيراً بالمنطقة لكن اهتمامها بات محصوراً في مسألتين: إسرائيل؛ وما تبقى من سنوات استمرار الطلب على الوقود الأحفوري.

إسرائيل تنسق مع أميركا، والرأسمال اليهودي في العالم يخطط لتعزيز العلاقات خارج الغرب متجهاً نحو الشرق لذا ستكثر الضغوط على الدولار كما قالت وزيرة المالية الأميركية.

نرى عدداً كبيراً من الهنود قد تغلغلوا بالمراكز المتقدمة في أميركا وبريطانيا مثل كاميلا هاريس ونيكي هيلي ورامس وامي وريشي سوناك وبسبب هذا التحالف نسمع أصواتاً من متطرفين هندوس ضد عرب الخليج.

* * *

وسط الأخبار المزعجة عن قيام "موديز" بتخفيض درجة قابلية مصر للدَّيْن من موجب إلى سالب، وزيادة التوتر في منطقة البحر الأحمر، وتبادل إطلاق النار على الحدود السورية الأردنية بفعل تهريب السلاح والمخدرات، وعدم وجود أفق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ولأن الضربات المتبادلة بين إسرائيل والمقاومة غير الحكومية ما تزال موجودة في جنوب لبنان وشمال إسرائيل، وزيادة ضراوة الحملات الإسرائيلية على مدن الضفة الغربية ومخيماتها، واشتراك أميركا في ضرب الحوثيين، وقتل قادة المنظمات الشعبية الإيرانية، وضرب إيران للأكراد داخل العراق، واستمرار السودان في حربها الأهلية، وضرب إسرائيل للمقاومة في سورية والعراق، وقيام تركيا بين الحين والآخر بضرب تجمعات حزب العمال الكردستاني في سورية والعراق، وعودة الوجود الروسي في الساحل السوري، والخلافات المسكوت عنها بين دولة الإمارات وبعض جيرانها في الخليج والمشرق العربي.... يثور السؤال الكبير: وماذا بعد؟

في عام 2013 حضرت ندوة في إحدى جامعات مدينة كراكوف البولندية، تحدث فيها المؤتمرون عن أن معاهدة سايكس- بيكو قد انتهت، وانتهت معها الجغرافيا التي تشكلت لتخدم مصالح الدولتين المستعمرتين وهما المملكة المتحدة وفرنسا، والتي أهملت حقوق الإثنيات في المشرق العربي.

ولذلك آن الأوان لتفادي كل تلك الأخطاء من أجل خلق شرق أوسط جديد يراعي الإثنيات والأعراق والقوميات المختلفة التي يعج بها الوطن العربي من أجل تحقيق السلام الدائم في هذه المنطقة المهمة في العالم.

ويتحدث كثيرون عن دراسات وضعت لرسم مستقبل جديد للشرق الأوسط، ومنها القديم الذي سبق أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وهناك دراسات جاءت بعدها. وكلها تخطط للمنطقة بموجب تعريفات مختلفة.

فالشرق الأوسط حسب بعض المصادر يمتد من بنغلادش إلى لبنان شمالاً، ومن موريتانيا غرباً حتى الصومال على بحر العرب شاملة كل الوطن العربي وإسرائيل وإيران، وتركيا، وباكستان، وبنغلادش. ومنهم من يتبنى تعريفاً يبقي تركيا وإيران وإسرائيل ويلغي الدول في جنوب آسيا. ومنهم من يتكلم عن المشرق العربي بما في ذلك بلاد الشام والعراق ومصر ودول الخليج العربية.

وبغض النظر، فإن المنطقة المقصودة تحديداً هي الداخلة في التعريف الأخير بما فيها بلاد الشام (فلسطين)، والعراق، ومصر واليمن ودول الخليج الست.

وقد لفت نظري بوجه خاص ليس كتاب رئيس الوزراء ورئيس الدولة الإسرائيلي الأسبق شيمون بيريز في كتابه الموسوم "الشرق الأوسط الجديد" أو The New Middle East الصادر عام 1993، ولاحقاً كتاب ريتشارد هاس (R.N.Hass) رئيس مجلس الشؤون الدولية (Council on Foreign Relations) الأميركي بعنوان "إعادة التوازن: استراتيجية للشرق الأوسط للرئيس الجديد" ولكن الدراسة التي سرقت اهتمامي هي دراسة صادرة عن "معهد كارنيغي" "Carnegie Endowment" بعنوان الشرق الأوسط الجديد، والتي وضعها خمسة باحثين هم مارين عطاوي، نيثان براون، عمرو حمزاوي، كريم سجاد بور وأخيراً بول سالم والتي تتكون من (48) صفحة فقط، ونشرت عام 2008.

ويتحدث الباحثون فيها عن الحقائق الجديدة في الشرق الأوسط والأسلوب الذي يجب أن يتعامل العالم مع هذا الواقع الجديد.

وقد ركز المؤلفون في الفصل الأول عن أهم التغيرات في المنطقة ومن أهمها "كتلة العراق وإيران، وكتلة سورية ولبنان، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومشكلة الانتشار النووي، وفشل أجندة الحريات، والنزاعات الإثنية".

وقد خلصوا إلى تقديم مقترحات للتعامل مع الشرق الأوسط الجديد وقضاياه الأساسية، والتي تتحدد في التعامل مع إيران والأزمة النووية، ورسم منهج للعراق من أجل خروج القوات الأميركية من هناك. والسعي لحل مشكلة إسرائيل وفلسطين. وميزان القوى في المنطقة، وقضية الديمقراطية.

ومع أن الدراسة ليست عميقة بقدر ما هي أجندة، لكهنا كانت تركز على التطورات في المنطقة وتأثير ذلك على المصالح الاستراتيجية الأميركية. ويلاحظ أن معظم الكتاب الخمسة المشاركين في صنع البحث هم من أصول شرق أوسطية، ولكنهم يركزون على خلق سلم أولويات للمصالح الأميركية.

وقد بُنيت كل هذه الهندسة السياسية على فرضية أن أميركا ما تزال "شرطي العالم" بصفتها القطب الوحيد في العالم آنذاك، وأنها قادرة على إعادة تنظيم المنطقة.

ومع الاعتراف بأن أميركا ما تزال القوة الأكثر تأثيراً في المنطقة، إلا أن اهتمامها بات محصوراً في نقطتين أساسيتين فقط. الأولى هي إسرائيل، والثانية هي ما تبقى من سنوات على استمرار الطلب على الوقود الأحفوري (النفط السائل والغاز، وكميات محدودة من الفحم الحجري غير الموجود في الشرق الأوسط).

وبحسب الدراسات، فإن الطلب على الوقود الأحفوري سيبقى حتى عام 2050. ولكن الطلب الكلي الثابت لا يعني أن الطلب المشتق على المنتجات المختلفة سيبقى ثابتاً. فسيكون هناك تحول من النفط السائل نحو الغاز خاصة في مجالي التقل (السيارات والناقلات)، وفي مجال توليد الكهرباء (تحول نحو الغاز).

وإسرائيل ضرورية للولايات المتحدة بصفتها القلعة المتقدمة لحماية المصالح الأميركية، ولأن إسرائيل يقف خلفها اللوبي الصهيوني الذي يموّل جزءاً مهماً من الحملات الانتخابية لأعضاء الكونغرس الأميركي. وبحسب مصادر "الأيباك"، فإن ثلاثة وثلاثين نائباً أميركياً فقط من أصل 435 لم يتلقوا دعماً انتخابياً منها.

ولهذا، ووفق المخطط الأميركي، فإن النتيجة التي يمكن استخدامها هي أنها لا تمانع في تجزئة أقطار الشرق الأوسط المهددة للنفط أو لإسرائيل. وهكذا يستثنى من هذا المخطط كل من الدول التي وقعت معاهدات مع إسرائيل أو الدول النفطية.

ووفقاً لهذه الرؤية، فإن ما نشهده الآن من صراعات وفتن يمكن رَصُّه كله في إطار حماية إسرائيل والمصالح النفطية للولايات المتحدة.

أما بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، فله ولجماعته مخططهم، والذي لا يختلف كثيراً في الأصل عن المخطط الأميركي الذي يتبناه الرئيس الحالي جو بايدن، أو مخطط الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يحرص على إظهار أنه أكثر تأييداً لإسرائيل وأكثر صلابة في التعامل مع ما يجري في غزة أو مع الحدود اللبنانية أو في البحر الأحمر كمهددات للأمن الإسرائيلي وحرية مرور النفط والبضائع الأخرى عبر الممرات الضيقة في باب المندب، ومضيق هرمز وقناة السويس ومضيق جبل طارق، إنها كما يقولون الدول العميقة التي لها أجندة عابرة للرؤساء هناك وإن اختلفت لغة التعبير عنها.

فماذا يريد بنيامين نتنياهو إذن؟ إنه لا يريد دولة فلسطينية، ولكنه منفتح على تعديلات جغرافية في الإقليم تسمح لإسرائيل بمزيد من التغلغل الاقتصادي في الوطن العربي.

ولذلك، فإن فكرة الدولتين التي يقبل بها أحياناً تعني كيانين فقط ليس أحدهما فلسطين مستقلة، ويريد كذلك أن تصبح إسرائيل عراب المنطقة الاقتصادية والأمنية ليس بالاعتماد على الأمم المتحدة، بل عن طريق التفاهم مع الهند داخل الهند وفي أماكن أخرى.

ولذلك أيضاً نرى عدداً كبيراً من الهنود قد تغلغلوا في المراكز المتقدمة في الولايات المتحدة مثل كاميلا هاريس نائبة الرئيس الأميركي الحالية، ونيكي هيلي المرشحة للرئاسة القادمة، وتسعى لأن تكون نائبة للرئيس على الأقل، ورامس وامي الذي انسحب من الترشح للرئاسة وبات يطمع في منصب وزاري هام.

وهناك بالطبع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ذو الأصول الهندية. وبسبب هذا التحالف صرنا نسمع أصواتاً نشازاً من قبل المتطرفين الهندوس موجهة ضد عرب الخليج بالذات.

وسعى نتنياهو سابقاً لتأجير ميناء حيفا لشركة صينية، ولكن الأميركيين أجبروه على التخلي عن ذلك حتى لا تعطى الصين ورقة تفاوض مهمة تنفع إسرائيل بقيادة نتنياهو وتضر بالمصلحة الأميركية.

إسرائيل تنسق مع أميركا والرأسمال اليهودي في العالم يخطط لتعزيز العلاقات خارج الغرب، متجهاً نحو الشرق. ولذلك، ستكثر الضغوط على الدولار. وهذا ما قالته الأسبوع الماضي وزيرة المالية الأميركية جانيت يلين في دافوس.

*د. جواد العناني سياسي وخبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أميركا الدولار الهندوس إسرائيل نتنياهو الشرق الأوسط شرطي العالم العدوان على غزة طوفان الأقصى الشرق الأوسط الجدید رئیس الوزراء الوطن العربی فی المنطقة فی العالم ما تزال

إقرأ أيضاً:

عقبات أمام حُلم إسرائيل بتقسيم سوريا

منذ بداية الحرب الأهلية السورية وحتى سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، قصفت إسرائيل بشكل متكرر المواقع العسكرية الإيرانية في الأراضي السورية، والمركبات التي تنقل الأسلحة إلى حزب الله، والمقرات التابعة للمليشيات الموالية لإيران، والمواقع العسكرية التابعة للدولة السورية بالصواريخ.

بعد سقوط نظام بشار الأسد، فضلت إسرائيل، بالإضافة إلى قصف الأهداف التي حددتها في الأراضي السورية، كما كانت تفعل سابقًا، احتلالَ المناطق منزوعة السلاح والجنود، بموجب "اتفاقية فض الاشتباك" الموقعة بين سوريا وإسرائيل عام 1974، وإنشاءَ قواعد عسكرية في هذه المناطق.

يمكن اعتبار إنشاء نقاط عسكرية في الأراضي السورية بعدًا جديدًا للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد سوريا؛ بذريعة "الأمن القومي".

بالإضافة إلى ذلك، فإن احتلال إسرائيل جبلَ الشيخ، وتهديدَ بعض المسؤولين الإسرائيليين، مثل وزير الدفاع كاتس، الحكومةَ السورية، يكشفان أن إسرائيل ليس لديها نية لتحقيق الأمن في المنطقة، بل تسعى إلى احتلال المزيد من الأراضي من خلال استغلال الفراغ الإداري في سوريا.

يمكن اعتبار الغارات الجوية الإسرائيلية الشاملة لتدمير القدرات العسكرية السورية بالكامل، والتحركات البرية العسكرية لاحتلال أراضيها، بالإضافة إلى الحوار الذي أجرته مع الطائفة الدرزية في جنوب سوريا، والتصريحات التي أدلت بها للطائفة العلوية التي تعيش في منطقة الساحل السوري، خطوات اتخذتها حكومة نتنياهو لتقسيم سوريا.

إعلان

في المقابل، نرى أن أحمد الشرع وإدارته يتوخون الحذر الشديد في خطواتهم العسكرية والسياسية، وفي التصريحات التي يدلون بها بشأن أفعال إسرائيل، وذلك لحماية سيادة بلادهم، وتجنب الدخول في حرب جديدة مع إسرائيل.

صرح الرئيس السوري أحمد الشرع في العديد من المناسبات بأن سوريا لن تتحول إلى منطقة تؤثر سلبًا على أمن أي دولة، بما في ذلك إسرائيل، وأن حزب الله وإيران لم يعودا موجودَين في سوريا، وبالتالي لا يوجد مبرر لإسرائيل لشن غارات جوية على سوريا.

حُلم إسرائيل

طورت إسرائيل خطة تسمى "ممر داود" لإعادة تشكيل شرق البحر الأبيض المتوسط. إذا تم تفعيل ممر داود، فستصل إسرائيل إلى جنوب سوريا عبر مرتفعات الجولان، وإلى شرق الفرات عبر دير الزور، وبالتالي إلى الحدود التركية. لذا، سيكون لديها عدد كبير من السكان بفضل التحالفات التي أقامتها على مساحة جغرافية واسعة. لم يكن ممر داود خطة ظهرت بعد سقوط نظام البعث. لطالما طورت إسرائيل علاقات مع الجماعات الانفصالية في المنطقة لتفعيل هذا الممر. لكن خطة ممر داود الإسرائيلية ليست مقبولة على الإطلاق لكل من تركيا، والإدارة السورية.

من أجل تفعيل ممر داود، تعِد إسرائيل بحماية الطائفة الدرزية في جنوب سوريا، وتقيم اتصالات مع كبار الشخصيات الدرزية الذين يرحبون بالحماية الإسرائيلية، بل وتستضيفهم في تل أبيب.

اتخذت إدارة أحمد الشرع العديد من الخطوات التي تظهر الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وعدم السماح بالحركات الانفصالية.

أعلنت تركيا موقفها بوضوح بتصريحات كل من الرئيس أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان. أوضحت تركيا مرارًا وتكرارًا أنها تعتبر تشكيل هيكل اتحادي في شرق سوريا تهديدًا لأمنها القومي. وفي هذا السياق، نفذت العديد من العمليات العسكرية في الأراضي السورية في السنوات الماضية.

هناك نقطة أخرى هي أن تركيا تعتبر تفعيل ممر داود بمثابة مجاورة لإسرائيل. لا تريد تركيا على الإطلاق إنشاء هيكل يمكن لإسرائيل أن تتحرك فيه بحرية على حدودها. في الواقع، هذا وضع متبادل؛ فكما أنها لا تريد وجود إسرائيل أو هيكل يتعاون مع إسرائيل على حدودها، فإن إسرائيل لا تريد وجود تركيا في جنوب سوريا.

إعلان

لذلك، فإن إصرار الإدارة السورية على سياسة الحفاظ على وحدة أراضي البلاد، ورؤية تركيا لممر داود على أنه تهديد لمصالحها الوطنية، يؤثران سلبًا على تحقيق حُلم إسرائيل.

من ناحية أخرى، على الرغم من وعود إسرائيل بالحماية والمساعدة، فإن جزءًا فقط من المجتمع الدرزي يرحب بالانفصال والحماية الإسرائيلية.

يحلم الدروز الذين يعيشون في الوحدات السكنية القريبة من مرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل والمجتمع الدرزي الذي يدعم حكمت الهجري بالانفصال. وأعلن قادة آخرون في المجتمع الدرزي أن الدروز جزء من المجتمع السوري، وأن السويداء أرض سورية، وأنهم لا يريدون الحماية الإسرائيلية، وأنهم يرغبون في إقامة علاقات جيدة مع دمشق. وفي هذا السياق، عُقدت العديد من الاجتماعات الناجحة بين الحكومة السورية والمجتمع الدرزي.

تعتقد إسرائيل والمجتمع الدرزي أنه يمكن إعادة تأسيس الدولة الدرزية التي تأسست خلال فترة الاحتلال الفرنسي. لكن التطورات في سوريا والمنطقة تؤثر سلبًا على تأسيس دولة درزية. وبالمثل، فإن إعادة تأسيس الدولة العلوية التي تأسست خلال فترة الاحتلال الفرنسي أمر مستحيل. وعندما ننظر إلى التاريخ، نرى أنه حتى أثناء استمرار الاحتلال الفرنسي لسوريا، لم تنجُ الدولة العلوية والدولة الدرزية، بل أصبحتا جزءًا من الدولة السورية.

مفتاح حل المشاكل: الشرعية

بعد الإطاحة بنظام البعث، كان أول من دعم حكومة تصريف الأعمال السورية، بقيادة أحمد الشرع، هي تركيا، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والأردن.

زار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان دمشق في 22 ديسمبر/ كانون الأول، والتقى أحمد الشرع. كما زار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، العاصمة السورية دمشق في أوائل فبراير/ شباط. بعد يوم واحد من زيارة أمير قطر، قام الرئيس السوري أحمد الشرع بأول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية، وبعد أيام قليلة زار تركيا.

إعلان

إن اعتراف دول المنطقة- وعلى رأسها قطر، وتركيا- بالإدارة السورية الجديدة، وإجراء المحادثات، وإعادة تفعيل سفاراتها في دمشق، مهدت الطريق لدول غربية لإقامة علاقات مع الإدارة السورية. زار كبار المسؤولين من العديد من الدول الغربية- بمن في ذلك وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا- دمشق والتقوا بأحمد الشرع ومسؤولين آخرين. وبالمثل، أتيحت لوزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني الفرصة لشرح رؤية الحكومة السورية الجديدة لقضايا مثل؛ التنمية والأمن والعلاقات الدولية؛ في زياراته إلى دول المنطقة والدول الغربية.

تكللت جهود قطر وتركيا، على وجه الخصوص، لاكتساب الشرعية، والاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، بلقاء الرئيس الأميركي ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض خلال زيارته للخليج، وبرفع العقوبات المفروضة على سوريا.

إن مفتاح "الاعتراف والشرعية" الذي لم يُمنح لحكومة طالبان في أفغانستان، مُنح للحكومة السورية الجديدة بجهود قطر، وتركيا. اعتُبر اعتراف الدول بالحكومة السورية، وزيارة المسؤولين دمشق، وإعادة تفعيل البعثات الدبلوماسية- أي باختصار قبول الدول الحكومة السورية الجديدة وإقرارها بها كإدارة شرعية- بمثابة "مفتاح". فالاعتراف والشرعية يلعبان دورًا رئيسيًا في حل العديد من المشاكل.

في الواقع، إن اعتراف دول المنطقة والدول الغربية بالإدارة السورية الجديدة، ورفع العقوبات الأميركية، ولقاء ترامب مع أحمد الشرع ، دفعت إسرائيل إلى إعادة النظر في خططها لسوريا.

يبدو أن إسرائيل قد جمدت الهجمات الرامية إلى تدمير القدرات العسكرية السورية، والأنشطة الرامية إلى تقسيم سوريا من خلال المجتمع الدرزي.

وعلى الرغم من أن الإدارة السورية لم تؤكد ذلك رسميًا بعد، إلا أن الصحافة الإسرائيلية زعمت أن بعض الاجتماعات عُقدت بين إسرائيل وسوريا بمشاركة تركيا. وزعمت الصحافة الإسرائيلية أن الاجتماعات عُقدت في باكو، عاصمة أذربيجان.

إعلان

إن تخفيف إسرائيل هجماتها على سوريا وتفضيلها طريق الحوار مع الإدارة الجديدة، يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالشرعية التي اكتسبتها إدارة أحمد الشرع.

مقترحات

هناك دعامتان أساسيتان لمسألة الشرعية؛ أولاهما الشرعية التي يحققها دعم الشعب، والأخرى هي الشرعية التي يحققها دعم المجتمع الدولي. لقد حققت الحكومة السورية حاليًا دعمًا من الشعب ودعمًا من المجتمع الدولي. وهذا إنجاز ومكسب مهم لسوريا الجديدة.

إن دعم الشعب السوري للإدارة الجديدة ليس أبديًا. لذلك، فإن دعم الشعب يتعلق بوفاء الإدارة السورية بالوعود التي قطعتها بشأن مستقبل سوريا. إذا لم تفِ الحكومة بوعودها، فإن الشعب سيقلل من دعمه. لذلك، يجب على الإدارة السورية اتباع سياسة حازمة في الوفاء بوعودها، وتجنب تقديم الأعذار.

يجب على الإدارة السورية تجنب الوقوع في خطأ تفضيل الدعم الذي يقدمه الشعب، على الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي. يجب على الإدارة دائمًا إعطاء الأولوية لدعم الشعب. بسبب الدعم القوي المقدم للإدارة السورية، ستضطر إسرائيل إلى التخلي عن سياستها الرامية إلى فصل المجتمع الدرزي عن سوريا.

يمكن للإدارة السورية تحويل هذا التطور إلى فرصة لتنفيذ سياسات تكسب دعم المجتمع الدرزي وتمنع الانقسام. إن ربط القوات شبه العسكرية الدرزية في المنطقة بوزارة الدفاع، والسماح للقوات شبه العسكرية الدرزية التابعة لوزارة الدفاع بلعب دور معين في الحفاظ على أمن منطقة السويداء، يمكن أن يساهم ذلك في تحقيق الاستقرار في المنطقة.

قد تطلب إسرائيل تحديث اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974. يمكن تحديث هذه الاتفاقية بالطبع حسب الحاجة. لكن من المهم ألا توافق الإدارة السورية على أي مادة في تحديث الاتفاقية تضفي الشرعية على وجود إسرائيل في الأراضي السورية. فمن الملاحظ أن إسرائيل ستطلب تحديث الاتفاقية في الفترة المقبلة.

إعلان

يتم إعادة تشكيل الجيش السوري من خلال انضمام الجماعات المسلحة السورية المعارضة إلى الجيش السوري بالتنسيق مع وزارة الدفاع.

أعلنت وزارة الدفاع السورية الأسبوع الماضي عن قرارات حاسمة بشأن إنشاء جيش محترف. تتضمن القرارات العديد من المواد مثل: تدريب المنتسبين إلى الجيش في الكليات العسكرية. إن تخلي الجيش السوري عن مظهره كتشكيل شبه عسكري مسلح أمر مهم جدًا لتحقيق أمن سوريا ووحدتها. يجب تحويل الجيش السوري، الذي لا يزال يعطي صورة تنظيم شبه عسكري، إلى جيش محترف بسرعة. ربما يجب اتخاذ أسرع الخطوات في سوريا فيما يتعلق بإنشاء جيش محترف.

أقامت إسرائيل علاقات مع بعض القرى السنية في درعا والقنيطرة خلال الحرب الأهلية السورية. تقوم الإدارة السورية بدمج الهياكل المسلحة المعارضة في المنطقة في الجيش السوري من خلال ضمهم إلى الفرقة 40 التي ستعمل في المنطقة الحدودية.

من ناحية أخرى، يواصل الجنود الإسرائيليون دورياتهم العسكرية في المنطقة والحفاظ على علاقاتهم مع العناصر المحلية التي أقاموها منذ عام 2011. من المحتمل أن تتعارض هذه الأنشطة الإسرائيلية مع جهود الإدارة السورية لتأمين الحدود. لذلك، يجب على الإدارة السورية أن تعمل على توفير إمكانات عودة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF) إلى المنطقة، والقيام بواجبها الناشئ عن الاتفاقية، كضرورة لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974. سيكون وجود قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في المنطقة مهمًا أيضًا لتوثيق انتهاكات إسرائيل.

ستقدم إسرائيل والولايات المتحدة عرضًا للتعاون الاستخباراتي بشأن الجماعات الفلسطينية في الأراضي السورية. في سياق أهمية تحقيق الأمن في عملية تطبيع سوريا، يجب اعتبار إخراج الجماعات الفلسطينية من سوريا كافيًا. إن ظهور صورة للتعاون مع إسرائيل أو الولايات المتحدة ضد الجماعات الفلسطينية، سيزيد من الانتقادات الموجهة إلى الإدارة السورية ويقلل من الدعم الشعبي.

إعلان

قد يتم طرح خطة عاموس هوكستين، وهي: "نقل الغاز الإسرائيلي إلى سوريا عبر خط أنابيب الغاز العربي الذي يمر عبر الأردن"، مرة أخرى على جدول الأعمال من قبل إسرائيل والولايات المتحدة. إن اقتراح عاموس هوكستين هذا جزء من حرب ممرات الطاقة والممرات التجارية.

من المعروف أن خط أنابيب الغاز الطبيعي التركي كان من المقرر أن يمر عبر الأراضي السورية. كما أن نقل الغاز الطبيعي الأذربيجاني عبر تركيا إلى سوريا هو أيضًا أحد الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال. لذلك، من المهم أن تتخذ الإدارة السورية خطوات حذرة في القضايا الإستراتيجية، مثل: الطاقة، وإجراء مشاورات مع حلفائها الإقليميين.

قد تمارس إسرائيل والولايات المتحدة ضغوطًا على الإدارة السورية؛ لإعلان أن مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل كانت تحت السيادة السورية قبل عام 1967.

وبهذه الطريقة، تهدف إسرائيل إلى تعزيز أطروحتها بأنها لم تحتلّ أراضي لبنان. يجب على الإدارة السورية ألا تتخذ خطوات تخلق مشاكل طويلة الأمد مع دول وشعوب المنطقة، ويجب ألا تستجيب بشكل إيجابي للطلبات الواردة في هذا الاتجاه.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الإمارات مركز بارز للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط
  • العالم العربي وزمن انحطاطه الجديد!
  • محادثات حول تركيا وسوريا في البيت الأبيض
  • من هو مرشح ترامب لقيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط؟
  • الترجمان: لا وجه للمقارنة بين القوات المسلحة شرقًا والتشكيلات المسلحة التي تحيط بالدبيبة
  • مصادر تكشف لـCNN عن تحويل الجيش الأمريكي وسيلة تستخدمها أوكرانيا لمكافحة المسيرات إلى قواته بالشرق الأوسط
  • إسرائيل تكشف طبيعة الأهداف التي تهاجمها في لبنان
  • استثناءات معينة.. ما نعرفه عن حظر السفر الجديد إلى أميركا
  • عقبات أمام حُلم إسرائيل بتقسيم سوريا
  • نائب يطالب بتنفيذ رؤية الرئيس السيسى بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية بالشرق الأوسط