عرب نيوز: رمال السياسة المتغيرة باستمرار جعلت من الاستقرار في ليبيا مجرد سراب
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
ليبيا – سلط تقرير تحليلي نشره موقع “عرب نيوز” الإخباري الدولي الضوء على حالة الجمود في كافة المجالات في ليبيا منذ العام 2011.
التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد أشار إلى أن رمال السياسة المتغيرة باستمرار جعلت من الاستقرار مجرد سراب، مبينًا أن الأمراض السياسية والأمنية المتأصلة بعمق يديمها التقاء صراعات داخلية على السلطة وتدخلات خارجية.
ووفقا للتقرير جعلت هذه الصراعات والتدخلات على تعزيز بيئة الوصول إلى طريق مسدود دائم النتيجة الأكثر ترجيحا مشيرا إلى أن ليبيا باتت بلا أمل في تحقيق ازدهار ديومقراطي ومستسلمة لوضع راهن قاحل حتى مع استمرار تدفق النفط وانحسار الحرب المفتوحة.
وبحسب التقرير تستقر ليبيا ببطء في مأزق دائم لن يؤدي إلا إلى تسريع انهيارها التام حيث يعسى المواطنون العاديون للوقوف في وجهها في وقت اتسمت فيه استجابة المجتمع الدولي بسياسات غير متسقة ومصالح متنافسة بين قوى أجنبية لم تفعل الكثير للمساعدة في إنهاء المأزق.
وتابع التقرير إن الجهات الفاعلة الخارجية قاومت باستمرار تنسيق جهود تحقيق الاستقرار المرعية أمميًا لصالح إعطاء الأولوية لمصالحها الجيوسياسية والاقتصادية على حساب السيادة الليبية والتطلعات الديموقراطية.
وأوضح التقرير إن الإصرار على مثل هذه التكتيكات ذات المحصلة الصفرية مكن الفصائل الليبية من ترسيخ نفسها في داخل مناطقها ما يسمح لها بمواصلة العمل بمستوى من الحكم الذاتي المقوض لأي سلطة وطنية والمتسبب بجمود مدمر دائم.
وتابع التقرير إن تفاعل مصالح ومجموعات متعارضة تماما والتقاعس النسبي من جانب المجتمع العالمي أدى إلى صعود وانتشار الجهات الفاعلة الهجينة الأكثر تطورًا فيما تتمتع هذه الكيانات بمزيج خصائص جماعات مسلحة غير تابعة للدولة ومؤسسات حكومية تقليدية.
وبين التقرير إن هذه الجهات تعمل على ترسيخ شبه دائم داخل النسيج الاجتماعي السياسي وتمارس في الغالب تأثيرًا كبيرًا على المناطق الغنية بالموارد والبنية التحتية الرئيسية فالاحتياطيات النفطية الهائلة باتت هدفا أساسيًا لها للاستفادة من قوتها الاقتصادية وتحقيق أهدافها الخاصة.
وأضاف التقرير إن معركة السيطرة على النفط أدت لتأجيج الصراع وسمحت للجماعات المسلحة بالعمل بصفة كيانات شبه حكومية وجمع الإيرادات وتوفير الحكم في غياب السلطة الوطنية الموحدة في وقت غابت فيه إعادة المعايرة الكبيرة للأولويات الوطنية والدولية.
وتابع التقرير إن هذا الغياب نحو عملية المصالحة وإعادة البناء أدى لصعود رجال أقوياء محليين وتسريع تفتيت الحكم في ليبيا ما قاد لتحديد معالم الدولة المجمدة في المرحلة الانتقالية فيما برزت معالم مقلقة لتطور الاقتصاد السياسي الجديد ببطء.
وأوضح التقرير إن هذا النمو يأتي في ظل نخبة حاكمة جديدة وطائفة سياسية متنامية لا تحفز باتجاه التخلي عن السيطرة نظرًا للثروة والهيبة التي تأتي مع مناصبها فيما تستمر هذه الديناميكية بسبب عدم وجود آلية دولية قوية لتحفيز التحول السياسي وفرض المساءلة.
ووفقًا للتقرير فرض هذا الوضع عبئًا على السكان المصابين بصدمات نفسية ممن يخافون من وعود التغيير ويشككون في نوايا النخبة السياسية الصاعدة فالفشل في إجراء انتخابات ذات مصداقية والإدارة الغامضة لثروات البلاد سبب لتآكل ثقة الجمهور.
وبين التقرير إن التأخير المتكرر والغياب المستمر للتفويض الديموقراطي ترك الليبيين يتساءلون عن شرعية قادتهم واحتمال حدوث أي إصلاح حقيقي فبالإضافة للمأزق الدائم المفروض من مجتمع دولي غير مهتم ومشتت جعل الليبييون العاديين يواجهون صعوبات يومية.
وبحسب التقرير تبرز صعوبات تدهور البنية التحتية ونقص الخدمات والفرص الاقتصادية ما يؤدي إلى تفاقم السخط العام فيما أعاق الجمود الذي طال أمده أعاق النمو الاقتصادي وحول ليبيا إلى أرض خصبة لعدم استقرار قد يمتد إلى ما بعد حدودها.
وأوضح التقرير إن هذه اللا استقرار قد يؤدي إلى زعزعة واقع منطقة شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط بأكملها، متطرقًا لشعور واضح بالتشرذم من الناحية الاجتماعية في ظل تفاقم التوترات القبلية والفئوية وتعميق انقسامات مجتمعية.
وتابع التقرير إن هذا التعميق يعني أن مهمة بناء هوية وطنية متماسكة أصبحت بعيدة المنال بشكل متزايد مشيرا للخسائر والصدمات النفسية الفادحة فشبح العنف وعدم الاستقرار ألقى بظلاله الطويلة على السكان عبر مشكلات الصحة العقلية والنفسية.
وأضاف التقرير إن هذه المشكلات تمثلت بالشعور السائد باليأس الآخذ في الارتفاع مع قلة الموارد المتاحة للدعم أو الشفاء، مبينًا أن آثار هذا المأزق هي الأكثر مأساوية على الشباب ممن يواجهون مستقبلا تندر فيه فرص التعليم والعمل.
ووفقًا للتقرير سيؤدي الافتقار إلى الآفاق لخلق أجيال ضائعة متعاقبة معرضة للتطرف أو مخاطر الهجرة غير الشرعية متحدثا عن مكانة ليبيا الدولية المعرضة للخطر فكلما طال أمد الجمود أصبحت البلاد أكثر عزلة ديبلوماسيًا ما يعقد وصولها للمساعدات والدعم الدوليين وتفاقم مشاكلها.
وتناول التقرير إهمال القضايا الملحة المرتبطة بأزمة المناخ المتفاقمة التي تتراوح من التصحر إلى قضايا إدارة المياه في خضم الاضطرابات السياسية والاجتماعية وتركيز الاهتمام على البقاء والصراع ما يؤدي لتدهور بيئي طويل الأمد وعواقب دائمة.
وشدد التقرير على وجوب بذل جهود عاجلة ومركزة لكسر الحلقة المفرغة وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر أملًا، مشيرًا إلى أن المظالم الداخلية العميقة وتآكل العقد الاجتماعي ستكون عوامل حاسمة لصعود أي حركة لإيجاد سلام دائم واستعادة الحكم.
وأكد التقرير إدراك المجتمع الدولي لحيوية الاعتراف المحلي لشرعية الحكم فيما سيتسبب الافتقار إلى التماسك في المواقف الدولية بإعاقة الوساطة الشاملة في الصراع فالشمولية تظل غير مكتملة وعرضة للتلاعب من قبل النخب الليبية المقاومة للتغيير.
ونبه التقرير لأهمية الهروب من حالة الجمود وخيبة الأمل العامة عبر وضع إستراتيجية دولية قوية تقدم الحوافز وتفرض العقوبات وإنشاء مؤسسات الدولة الشرعية من خلال حكومة منتخبة من قبل الشعب الليبي وخاضعة للمساءلة أمامه.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
مصر أكتوبر: الرئيس السيسي يرسخ مكانة مصر في السياسة الدولية
قال المهندس أحمد حلمي، نائب رئيس حزب مصر أكتوبر والأمين العام للحزب بالإسكندرية، إن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لحضور احتفالات الذكرى الثمانين لعيد النصر في موسكو، إلى جانب 29 رئيس دولة، تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر وروسيا، وتجسد تقدير المجتمع الدولي لمكانة مصر ودورها المحوري في محيطها الإقليمي والدولي.
المشاركة التاريخية تأتي في توقيت بالغ الدقةوأوضح حلمي في بيان له، أن هذه المشاركة التاريخية تأتي في توقيت بالغ الدقة وسط أوضاع دولية وإقليمية شديدة التوتر، أبرزها التصعيد في الأراضي الفلسطينية والأزمات المتصاعدة في عدة مناطق، ما يجعل من مشاركة الرئيس السيسي في هذا المحفل الدولي رسالة سياسية واضحة على أهمية مصر كطرف فاعل وشريك يحظى بالثقة والاحترام.
السياسة الخارجية المصرية المنفتحةوأضاف أن هذه الزيارة تمثل امتداداً طبيعياً للسياسة الخارجية المصرية المنفتحة على العالم، التي تقوم على الاحترام المتبادل والثوابت الوطنية، مؤكداً أن النهج المتزن الذي يتبعه الرئيس السيسي يعزز من مكانة مصر كعنصر استقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وأشار حلمي إلى أن العلاقات بين القاهرة وموسكو ليست وليدة اللحظة، بل تضرب بجذورها في التاريخ، بدءًا من التعاون في بناء السد العالي، وصولاً إلى الشراكات الحالية في مجال الطاقة، وعلى رأسها مشروع محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية بمحور قناة السويس.
وأكد أن هذه الزيارة تمثل فرصة قوية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة بعد نمو حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا، فضلا عن الطفرة الكبيرة في حجم الاستثمارات الروسية في مصر، ما يؤكد على متانة العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية.
وشدد نائب رئيس حزب مصر أكتوبر على أن اللقاءات الرئاسية المتواصلة التي يعقدها الرئيس السيسي مع قادة وزعماء العالم تؤكد أن مصر لم تعد مجرد طرف في معادلات السياسة الإقليمية، بل أصبحت رقماً فاعلاً لا يمكن تجاوزه في صياغة القرارات المصيرية، مضيفاً أن هذه المكانة هي نتاج لرؤية سياسية حكيمة تنتهجها الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي، تقوم على تحقيق الأمن والسلام والتنمية.