صدرت ردود أفعال فلسطينية اليوم الجمعة 26 يناير 2024 ، بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية الذي طالب إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال على اتخاذ جميع التدابير لمنع الأفعال المحظورة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، واتخاذ إجراءات لضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة لقطاع  غزة  بشكل فوري.

دولة فلسطين ترحب بالأمر القضائي التاريخي لمحكمة العدل الدولية

رحبت دولة فلسطين، بالأمر القضائي التاريخي لـ محكمة العدل الدولية، بفرض تدابير مؤقتة في قضية جنوب إفريقيا ضد اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وبقبول الدعوة التي قدمتها جنوب افريقيا، بارتكاب جريمة الابادة الجماعية في مخالفة لأحكام الاتفاقية الأممية لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وذلك على ضوء ما قدمته للمحكمة من أدلة دامغة على ارتكاب إسرائيل للإبادة الجماعية.

وأكدت دولة فلسطين، اليوم الجمعة، أن القرار المصيري لمحكمة العدل الدولية، يذكر العالم أن لا دولة فوق القانون، وأن العدل يسري على الجميع، ويضع هذا القرار حداً لثقافة الإجرام والإفلات من العقاب لإسرائيل، والتي تمثلت بعقود من الاحتلال، والتطهير العرقي، والاضطهاد، والفصل العنصري.

وأشارت دولة فلسطين، الى فشل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في تقديم أي دليل مقنع للمحكمة بأنها لا تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، بل قدمت للقضاة أكاذيب وروايات مسيسة ومفضوحة، والقضاة بدورهم قيّموا بموضوعية ما بين أيديهم من حقائق مستندة للقانون، كما قدمتها جنوب إفريقيا، وكما يعكسها جسامة الأوضاع على أرض الواقع في فلسطين، وهو ما حذا بهم إقرار التدابير الاحترازية، فإسرائيل اليوم متهمة في تدمير شعب بأكمله، والآن تمثل كمتهمة بجريمة الابادة الجماعية، جريمة الجرائم.

وانطلاقاً من هذا القرار التاريخي، دعت دولة فلسطين المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها المتواصل على قطاع غزة، ووقف جريمة الإبادة الجماعية، وجميع عمليات التدمير، وجريمة التهجير القسري، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2720 بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية، والسماح الفوري بعودة النازحين لمنازلهم.

كما دعت دولة فلسطين، الدول كافة، بما في ذلك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لضمان احترام قرار محكمة العدل الدولية، وأن تلتزم حكومات العالم بعدم التواطؤ في ارتكاب الإبادة الجماعية، وأن تعمل على وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، مشيرة إلى أن حكومات العالم ملزمة بأن تتخذ خطوات من شأنها وضع حد لأعمال القتل والتدمير واسعة النطاق في قطاع غزة، مذكرة بأن مطالباتها هذه باتت ذات طبيعة قانونية إلزامية وقطعية.

وعبرت عن امتنان شعبنا الفلسطيني وقيادته التاريخي والأبدي لشعب وحكومة جنوب إفريقيا لما اتخذته من خطوات شجاعة، مثلت تضامناً فعلياً مع مأساة شعبنا الفلسطيني.

كما عبرت عن الشكر والامتنان للملايين من شعوب العالم، والذين لم يتوقفوا عن التظاهر للتعبير عن تضامنهم مع شعبنا الفلسطيني ولحقه بالحياة والحرية، وعن رفضهم للإبادة الجماعية.

وأكدت دولة فلسطين استمرارها بالعمل مع الدول الشقيقة والصديقة، ذات المبادئ الراسخة، لضمان وقف الإبادة الجماعية، ومساءلة مرتكبي الجرائم الفظيعة، وحماية حقوقنا الجمعية كشعب ينتفع من حقوق الإنسان والحرية والعدالة، على نحوٍ متساوٍ مع بقية شعوب العالم.

كما شددت دولة فلسطين، على أن نضال شعبنا الفلسطيني هو نضال من أجل الإنسانية جمعاء، وهذا النضال يجب الا يفشل.

اشتية: قرار "العدل الدولية" يؤكد انتهاء زمن إفلات إسرائيل من العقاب

قال رئيس الوزراء محمد اشتية إن القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية، يعني انتهاء الزمن الذي تفلت فيه إسرائيل من العقاب، وهو ما يفرض على الدول المساعدة لإسرائيل بالتوقف عن دعمها ومساعدتها لها.

واعتبر اشتية أن عدم رد المحكمة للدعوى المرفوعة أمامها من قبل دولة جنوب إفريقيا ينطوي على درجة عالية من الأهمية لأنه يضع إسرائيل في قفص الاتهام كمجرم حرب وهي المرة الأولى التي تقف فيها بهذه الصفة أمام محكمة العدل الدولية.

وقال رئيس الوزراء إنه "كان يأمل بأن يتضمن القرار وقفا فوريا لإطلاق النار بالنظر للمعاناة الشديدة التي يكابدها أبناء شعبنا في قطاع غزة من مجازر يومية يذهب ضحيتها المئات معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة لانتشار المجاعة والأوبئة التي تفتك بالمحاصرين في مراكز الإيواء".

وأعرب اشتية عن شكره لدولة جنوب إفريقيا على ما قدمته من ملفات محكمة ومرافعات احترافية تدين إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني.

كما أعرب عن أمله بأن تستكمل المحكمة مداولاتها حتى صدور القرار النهائي بإدانة إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني لم يشهد لها العالم مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية.

وحمل اشتية إسرائيل كامل المسؤولية عن تفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها أبناء شعبنا في القطاع، داعيا الى ممارسة الضغط عليها لحملها على وقف عدوانها وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية والمواد الإغاثية إلى قطاع غزة على نحو عاجل.

"فتح" ترحب بالأمر القضائي التاريخي لمحكمة العدل الدولية

رحبت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، بالأمر القضائي التاريخي الصادر عن محكمة العدل الدولية، بفرض تدابير مؤقتة في قضية جنوب إفريقيا ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبقبول الدعوة التي قدمتها جنوب إفريقيا، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في مخالفة لأحكام الاتفاقية الأممية لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها؛ وذلك بناءً على ما قُدّم للمحكمة من أدلة دامغة على ارتكاب دولة الاحتلال الإسرائيلي للإبادة الجماعية.

وأضافت "فتح" في بيان صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية، اليوم الجمعة، أن هذا القرار التاريخيّ يُذكّر العالم بأن لا أحد فوق القانون الدولي، مبينةً أن هذا القرار يضعُ حدًا لإفلات دولة الاحتلال الإسرائيلي من العقاب والمحاسبة على جرائمها الإبادية بحق شعبنا الذي يتعرض حتى هذه الآونة إلى عدوان الاحتلال الدموي، مردفةً أن القرار الذي يعد سابقة قضائية تاريخية يدحض الرواية الصهيونية ويبدد مزاعمها.

ودعت "فتح" المجتمع الدولي إلى الالتزام بقرار المحكمة؛ عبر الضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي بوقف عدوانها الهمجي على شعبنا الذي نجم عنه استشهاد عشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير الأحياء السكنية، ودور العبادة، ومراكز الإيواء، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية للنازحين الذين أُجبروا على النزوح إلى جنوب قطاع غزة.

وأشادت "فتح" بجنوب إفريقيا، حكومةً وشعبًا، داعية إلى مزيد من التحركات المماثلة.

كما نوهت حركة "فتح" إلى أهمية هذه التحركات القانونية والشعبية والدبلوماسية، في ظل التبجح الإسرائيلي والقفز فوق القانون، باستمرار عمليات القصف داخل قطاع غزة، واستهداف قرى ومدن الضفة الغربية وتضاعف جرائم الاحتلال.

السفير حجازي: لا يمكن تنفيذ أمر محكمة العدل الدولية دون وقف إطلاق النار

أكد مساعد وزير الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف، السفير عمار حجازي، أن هذا يوم تاريخي لفلسطين والإنسانية جمعاء.

ورحب باسم فلسطين بقرار محكمة العدل الدولية الحاسم فيما يخص الإجراءات الاحترازية الواجبة، بخصوص الدعوى المقدمة من جمهورية جنوب إفريقيا حول الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشدداً أن ذلك يعني أن إسرائيل ستحاكم في قادم الأيام بتهمة الإبادة الجماعية وانتهاكات أخرى لمعاهدة الإبادة الجماعية في أعلى سلطة قضائية في العالم.

وأكد حجازي خلال مؤتمر صحفي عقد أمام المحكمة في لاهاي عقب انتهاء الجلسة، أن إسرائيل فشلت في التهرب من المساءلة، وفشلت كذلك في تبرير ما ترتكبه من فظائع، حيث قيّم قضاة محكمة العدل الدولية الحقائق والوقائع والمعطيات القانونية التي قدمت لهم من جنوب إفريقيا، ولم يتأثروا بمحاولة دولة الاحتلال لتسييس ما قُدم أو تحريفه أو تكذيبه.

وأشار السفير حجازي إلى أن الحكم يمثل انتصاراً للقانون الدولي والإنسانية، ورفضاً واضحاً للفوضى والمعايير المزدوجة، وفيه رسالة واضحة لدولة الاحتلال وداعميها بأن لا أحد فوق القانون أو خارج نطاق المساءلة، وأن أيام الإفلات من العقاب قد ولت.

ودعا جميع الدول لضمان تطبيق الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية ، والالتزام بمسؤولياتها بمقتضى الحكم، وتحديداً في عدم مساعدة حكومة الاحتلال بارتكاب مزيد من الجرائم أو التورط والتواطؤ في ارتكابها، وتحديداً فيما يتصل بمسألة تزويد إسرائيل بالسلاح.

وعبر مساعد وزير الخارجية عن امتنان فلسطين قيادة وشعباً لجنوب إفريقيا لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة من التضامن العملي، وأضاف: "سنواصل جنباً إلى جنب مع الدول والشعوب من أصحاب المبادئ العمل على وقف الإبادة الجماعية ومحاسبة إسرائيل على فظائعها ضد الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقنا الجماعية كشعوب العالم في المساواة في حقوق الإنسان، وهذه معركة يجب أن ننتصر فيها من أجل الحرية والإنسانية".

وشدد على أنه لا يمكن تطبيق القرارات الصادرة في حكم محكمة العدل الدولية دون وقف إطلاق النار، قائلاً إن في كل جوانب هذا القرار هناك دعوة ضمنية لوقف إطلاق النار.

وتابع: "لا يمكن تنفيذ أمر المحكمة دون وقف إطلاق النار، وعلى إسرائيل أن تبرر نفسها خلال شهر من اليوم لماذا لم تنصع للقرار الذي لا يمكن تنفيذه دون وقف إطلاق النار، فكيف يمكن إيصال المساعدات الإنسانية وتقليل ومنع الخسائر بين المدنيين، ووقف التدمير دون وقف إطلاق النار. وقف إطلاق النار رئيسي في كل جزء من قرار المحكمة".

 

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: دولة الاحتلال الإسرائیلی قرار محکمة العدل الدولیة جریمة الإبادة الجماعیة المساعدات الإنسانیة دون وقف إطلاق النار القائمة بالاحتلال شعبنا الفلسطینی الشعب الفلسطینی جنوب إفریقیا إسرائیل على دولة فلسطین فوق القانون هذا القرار من العقاب مع الدول قطاع غزة لا یمکن على ما

إقرأ أيضاً:

هل بدأت هولندا تتحول إلى دولة مناصرة لفلسطين؟

مع بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وانطلاق المظاهرات في المدن الهولندية للمطالبة بوقف إطلاق النار، بدا التناقض واضحا بين الموقف الشعبي الهولندي وموقف الحكومة. وعكس تدرج تصاعد الأحداث والفعاليات الشعبية المناصرة لغزة وفلسطين، مقابل التصريحات والسلوكيات الرسمية الداعمة لإسرائيل بقوة منذ عهد الحكومة السابقة لمارك روته وبعدها حكومة ديك شوف الحالية ذات التحالف اليميني الذي فاز بالانتخابات التشريعية الأخيرة في تشرين الأول/ نوفمبر 2023، التناقض بين الموقفين. وتمثل هولندا الرسمية واحدة من الدول التقليدية في دعمها لإسرائيل، وهذا الثبات في الدعم تفوق دائما على الموقف الرسمي الذي يدعو لحل الدولتين (فلسطين وإسرائيل) ودعم اللاجئين الفلسطينيين.

سابقا في مرحلة ما بعد فوز اليمين بالانتخابات، توقع كثير من الناشطين والأكاديميين في هولندا ألا يحدث الكثير من التغيير على السياسات الخارجية، وواقع الحال في معظم القضايا بما فيها موقف الحكومة من الوضع في فلسطين والعلاقة مع إسرائيل في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على غزة، وهذا ما حدث بالفعل. وفي المقابل، بدا الأمر يناقض ذلك على المستوى الشعبي، حيث تدرجت شرائح هولندية وازنة في تصعيد دعمها للشعب الفلسطيني وتغيرت مواقف شعبية كثيرة من إسرائيل وفقا لاستطلاعات رأي، وهو ما أحيا السؤال عن إمكانية أن تتحول هولندا إلى دولة مناصرة لفلسطين في المستقبل بطريقة تعاكس واقعها الحالي.

ولا بد من التمييز هنا بين "دولة" مناصرة لفلسطين "وبلد" مناصر لفلسطين، فالبلد يتمثل شعبيا بينما الدولة تتمثل رسميا بمواقفها السياسية، والأخيرة هي التي يتمحور حولها سؤال هذه المقالة ومدى أن يؤثر الضغط الشعبي على الموقف الرسمي.

تدرج الحراك..

تصاعد الحراك والنشاط الشعبي الداعم لفلسطين وغزة بشكل مضطرد وتدريجي في هولندا، ويشار هنا إلى أن هذا الأمر أخذ منحى غير مسبوق خلال أحداث الشيخ جراح في القدس في العام 2021، حيث ملأت المظاهرات الداعمة لفلسطين شوارع المدن الهولندية وبعدها حدثت حالة فتور في الفترات التالية، لكن الإبادة في غزة أعادت مشهد التظاهر والنشاط المناصر لفلسطين منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ليصير أمرا يوميا في البلاد وإلى الحد الذي أصبحت فيه مدن كبيرة كالعاصمة أمستردام وأوترخت وروتردام نقاط تظاهر ثابتة.

ولا يُنسى في هذا السياق دور الجامعات الهولندية، ولا سيما جامعة أمستردام وطلابها وجزء كبير من طاقمها التدريسي وموظفيها في الحراكات والاعتصامات المتواصلة حتى اليوم للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، وهو ما قوبل بعنف غير مسبوق من الشرطة الهولندية التي كانت تهاجم المظاهرات وتقمعها بطلب من إدارات الجامعات ومجالسها، في مشهد يراه كثيرون اعتداء غير مسبوق على حقوق الإنسان الهولندي وحرية التعبير في البلاد. وهذه المظاهرات أثرت بدورها على الرأي العام في البلاد وجعلته ينحاز لدعم حق الطلاب بالتظاهر من جهة، ولفت الانظار نحو غزة والإبادة الحاصلة من جهة أخرى، فضلا عن ضغوط أخلاقية تعرضت لها إدارات الجامعات في ملفي الاستعانة بالشرطة لقمع طلابها وشراكاتها مع جامعات ومؤسسات إسرائيلية، ما يعد "تواطؤا في الإبادة" وسببا جوهريا للاعتصامات الطلابية.

ومؤخرا منذ نيسان/ أبريل الماضي تصاعدت الفعاليات الشعبية بشكل غير مسبوق في هولندا، بسبب استمرار الإبادة وتردي الوضع الإنساني في غزة ومواصلة دعم الحكومة الهولندية لإسرائيل، ففي 20 نيسان/ أبريل شهدت مدينة روتردام أكبر مظاهرة في تاريخها دعما لغزة.

وفي 10 أيار/ مايو 2025 أي قبل ذكرى النكبة الفلسطينية بـ5 أيام، أصبحت بلدية أوترخت البلدية الأولى في هولندا التي تعرّف بشكل رسمي ما ترتكبه "إسرائيل" في غزة بالإبادة الجماعية، وذلك بعد تصويت الأحزاب في البلدية على مقترح قدمه حزب "bij1" فاز بأغلبية الأصوات ليعتمد المصطلح في معاملات البلدية الرسمية. ويرى كثير من الناشطين أن الأمر جاء تتويجا لجهود كبيرة وعمل تراكمي طويل من أبناء الجالية الفلسطينية والجاليات العربية والمسلمة والأحزاب الداعمة لفلسطين ومناصري فلسطين الكثر من أبناء المدينة الواقعة وسط هولندا، وهو ما قد يؤثر على النشاط البلدي الهولندي ويدفع مدنا وبلديات أخرى لتحذو حذو أوترخت باتخاذ قرارات مماثلة. كما أقر المجلس البلدي لبلدية زفولة في 27 من أيار/ مايو قرارا بدعم ضحايا العنف من أهالي قطاع غزة، وهو ما قد يمهد لاحقا لقرار مشابه لذلك الذي اعتمدته بلدية أوترخت، وهو ما رآه فلسطينيون من سكان المدينة يشكل شعور بالراحة في صفوفهم.

وفي 18 أيار/ مايو نظمت مجموعات هولندية مظاهرة "خط أحمر ضد الإبادة" في مدينة لاهاي، للمطالبة بوقف الإبادة في قطاع غزة ورفضا لسياسات حكومة شوف التي يعتبرونها متواطئة. هذه المظاهرة التي شارك فيها أكثر من 100 ألف مواطن هولندي هي الأكبر في هولندا منذ 20 عاما وفقا لتقديرات رسمية، ومثلت برأي كثيرين استفتاء حقيقيا يبرز التغير الواضح في الرأي العام الداخلي لمصلحة فلسطين وبصورة جريئة تختلف عن سابقاتها.

النشاط الرقمي وعوامل أخرى..

تأثر المزاج الشعبي الهولندي في انزياحه بعكس الموقف الرسمي وزيادة مناصرته لفلسطين بالعديد من العوامل، أبرزها الفعاليات الشعبية المستمرة التي نشرت الوعي ودفعت الناس للتعرف على القضية الفلسطينية، والجهد الكبير الذي تقوم به الجاليات الفلسطينية والعربية والمسلمة والحراكات الطلابية للجامعات، وهو ما أثمر عن جذب شرائح هولندية جديدة.

كما كان لمنصات التواصل الاجتماعي دور حاسم وكبير في ذلك عبر نشر المشاهد القادمة من غزة للمدنيين والأطفال الذين تقتلهم إسرائيل بوحشية، إذ لم يعد بالإمكان شطب ذلك من ذاكرة المواطن الهولندي أو إنكار ما يحدث من قبل الإعلام الهولندي التقليدي ووسائل الإعلام الرئيسة. ولعبت الصفحات والمعرفات التابعة للحراكات المناصرة لفلسطين خاصة في الجامعات الهولندية عبر المنصات، منها صفحات "encampment"، وكذلك صفحة الجالية الفلسطينية في هولندا ووسائل الإعلام الشعبية التي تدعم فلسطين مثل "LeftLaser" و"Cestmacro"، دورا مهما في التأثير على الرأي العام ولفت الأنظار ونقل صورة ما يجري في غزة، وتبيان دعم الحكومة الهولندية لإسرائيل سياسيا وعسكريا.

ولا يُنسى في هذا السياق عامل مؤثر، هو وجود حزب دينك الهولندي المناصر لقضايا اللاجئين والمهاجرين والقضية الفلسطينية في البرلمان وتحالفه مع أحزاب اليسار وحزب "Bij1" بصورة غير مباشرة، ولا سيما أن الحكومة اليمينية التي تتبنى خطابا ضد الهجرة واللجوء وضد المسلمين ومع إسرائيل؛ تدفع هذه الأحزاب وشرائح ليبرالية ويسارية وعموم المهاجرين واللاجئين والمسلمين والداعمين لفلسطين لرفع الصوت ضدها.

كما كان لحادثة أمستردام في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، واعتداء مفتعلي الشغب من جمهور فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي على المواطنين والمرافق الخاصة والعامة، وتمزيقهم الأعلام الفلسطينية وتكسيرهم النوافذ، وهتافاتهم الداعية لقتل العرب وأطفال غزة؛ أثر كبير في دفع كثير من المواطنين نحو رفض الرواية الرسمية للحكومة والشرطة والبلدية والتي ناقضت كليا المشاهد، مع تعريض سلامة المدينة ومواطنيها للخطر.

يرى 48 في المئة من الهولنديين في استطلاع رأي نشر في نيسان/ أبريل الماضي أن ما تفعله إسرائيل في غزة يعتبر إبادة جماعية، وهذه نسبة كبيرة تعادل نصف السكان تقريبا، ما يعكس تغيرا في الموقف والرأي تجاه فلسطين وغزة حدث بالفعل لدى الشعب الهولندي
وأفضت القرارات والمواقف الرسمية لمنع المظاهرات في أمستردام، ومعاقبة المواطنين الذي ردوا الاعتداءات في الشارع بغرامات باهظة ومحاكمات، مقابل إفلات الجمهور الإسرائيلي من أي عقوبة، واعتبار كثير من السياسيين ما جرى أحداثا "معادية للسامية وكراهية لليهود"، وعلى رأسهم خيرت فيلدرز، زعيم حزب "PVV" اليميني الذي يقود الحكومة، والذي أبرز دعمه لإسرائيل وأصدر تصريحات كارهة للمسلمين حينها، وهو ما استنكره ناشطون من الجالية اليهودية حينها واعتبروه تزييفا للحقيقة.. أفضى كل ذلك إلى إشعال الغضب لدى الهولنديين، وجعل كثيرين منهم حتى ممن لم يتدخلوا في السياسة سابقا ينحازون هذه المرة للرواية الفلسطينية ويبدون دعمهم لمناصري فلسطين في هولندا، من باب رفض الاعتداء على سلامة مواطني العاصمة والسلم الأهلي ودفاعا عن حرية التعبير في البلاد.

التغير يحدث..

في الآونة الأخيرة بدا أن تغيرا يحدث، حيث بدأ الإعلام الهولندي التقليدي يتخذ منحى تصاعديا بتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية في غزة وإبراز وجهة النظر الفلسطينية، تزامنا مع تصاعد الموقف الأوروبي الرسمي الداعي لمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وتلويح دول مثل فرنسا بإمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعوة غيرها لاعتراف الأمم المتحدة بفلسطين دولة كاملة العضوية، والدعوة لفرض عقوبات على إسرائيل، وهو ما يراه كثيرون ناجما عن استمرار جريمة الإبادة وتفاقم الواقع في غزة، ونتيجة الضغط الشعبي الداعم لفلسطين داخل الدول الأوروبية والذي لم يعد بإمكان الساسة والإعلام تجاهله ولا سيما في هولندا.

ووفقا "لموتيف آكشن"، وهو مركز أبحاث في أمستردام، يرى 48 في المئة من الهولنديين في استطلاع رأي نشر في نيسان/ أبريل الماضي أن ما تفعله إسرائيل في غزة يعتبر إبادة جماعية، وهذه نسبة كبيرة تعادل نصف السكان تقريبا، ما يعكس تغيرا في الموقف والرأي تجاه فلسطين وغزة حدث بالفعل لدى الشعب الهولندي، أو على الأقل بروز هذا الصوت الداعم لفلسطين بوضوح منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو مالا يمكن تجاهل تأثيره المستقبلي.

هذا التغير في هولندا وإن لم يؤثر على الخارطة السياسية في البلد حاليا وروايتها الرسمية، أو يجعل هولندا الرسمية منفتحة على أن تتحول لـ"دولة" مناصرة لفلسطين بمواقفها وسياساتها أو أن تعترف رسميا بالدولة الفلسطينية كما هو الحال في دول أوروبية كأيرلندا والنرويج وإسبانيا، لكنه قد يجعلها في المستقبل القريب "بلدا" مناصرا لفلسطين على المستوى الشعبي بأكثريتها، وهو ما سينعكس ويضغط بالتدريج على الموقف الهولندي الرسمي.

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي إلى وقف حرب الإبادة الجماعية على غزة
  • «حشد»: جرائم إسرائيل تجاوزت حدود الإبادة الجماعية وتهدف لهلاك سكان غزة والتدمير الشامل
  • كوربين يطالب بتحقيق مستقل في دور بريطانيا بحرب الإبادة الجماعية على غزة (شاهد)
  • هل بدأت هولندا تتحول إلى دولة مناصرة لفلسطين؟
  • “الخارجية الفلسطينية” ترحب برفع عضوية فلسطين إلى “دولة مراقب” بمنظمة العمل الدولية
  • طالبة فلسطينية تُشعل حفل تخرج بأمريكا: لن نسامح أبدا في الإبادة الجماعية بغزة
  • تصاعد ملحوظ في عمليات المقاومة الفلسطينية ضد جحافل الاحتلال الصهيوني في غزة
  • “الأحرار الفلسطينية” تطالب بتدخل دولي عاجل للجم عدوان الاحتلال وجريمة الإبادة
  • مرصد حقوقي: إسرائيل تحول توزيع المساعدات أداة للإبادة الجماعية بغزة
  • كفى نفاقا.. أنه وقت العمل لوقف الإبادة الجماعية