كوكبة وباقة من المراسلين والمراسلات الميدانيين ظهروا في قطاع غزة بشكل لافت على منصات التواصل الاجتماعي، وفي غالبيتهم هم من الأطفال، تأثروا بصحفيين وإعلاميين فلسطينيين مثل الراحلة شيرين أبو عاقلة، وجبل الصمود وائل الدحدوح، وبغيرهم.

واستطاع هؤلاء المراسلون الصغار نقل واقعهم الخاص الذي هو واقع غزة، أو نقل مشهد صغير وبسيط دون تقنيات عالية الجودة ليصبح هذا المشهد جزءا من مشهد أكبر، مشهد فلسطين المفتوح على فضاءات المعاناة والشهادة والنصر.



 من قلب الحدث الذي يعيشون تفاصيله لحظة بلحظة، ومن خلال أدوات بسيطة عبارة عن هاتف وميكروفون، ولا بأس بدرع صحافي إذا توفر على سبيل الإعارة غالبا، أخذوا في نقل المعاناة والصمود بلغة بسيطة تغلفها لمسات وحركات احترافية في طور التكوين والولادة.

يقف عبد الرحمن بطاح أو "عبود" كما يسمي نفسه على منصات التواصل، وبشكل خاص عبر حسابه في منصة "إنستغرام" و"أكس"، في مقدمة "الأصوات الصغيرة" بوصفه الأكثر احترافية في الوصول إلى المتابعين.

عبود عرف بعبارات "من هنا ومن قطاع غزة ننشر لكم آخر التطورات في البلاد، و"أسعد الله صباحكم ومساءكم بكلِ خير"، "الوضع آيس كوفي عالآخر". ويعتبر نفسه "الوريث الوحيد لشيرين أبو عاقلة" كما يقول عن نفسه.


ويحب عبود تقديم نفسه بوصفه "أقوى مراسل في العالم لسنة 2023-2024"، حيث يتابعه أكثر من مليوني شخص.

على عكس غيره يضع عبود على فيديوهاته لمسة من الكوميديا المباشرة وأحيانا من الكوميديا السوداء، مع بعض التهكم والسخرية اللاذعة، وبطريقة محببة للمشاهد يوثق القصف الإسرائيلي على قطاع غزة بابتسامة عفوية تغلفها السخرية غالبا.

لكن لمى أبو جاموس ابنة العاشرة، تظهر بثقة وبجرأة كبيرة وطلاقة لسان ببشرتها السمراء المميزة وابتسامتها الفطرية، منحت لقب "أصغر صحفية في غزة" التي اضطرت إلى النزوح من منزلها في حي الرمال بمدينة غزة إلى مدينة خان يونس في جنوب القطاع، قبل أن تضطر للنزوح مرة ثانية لمدينة رفح جنوب القطاع على الحدود مع مصر.

اختارت لمى منصتي "إنستغرام" و"تيك توك" لنشر تقاريرها التي تظهر من خلالها جوانب من المعاناة اليومية للفلسطينيين تحت القصف الجنوني الذي لا يتوقف،  وحصدت لمى خلال فترة قصيرة آلاف المتابعين من حول العالم، وكانت لتعليقاتهم بالغ الأثر في دفعها لمواصلة مشوارها الإعلامي.

وتقول: "كل تعليقات المتابعين مشجعة، والناس بالشارع صاروا يعرفوني ويشجعوني ..الكل  بيحكي لي أنت حلوة وأنت رائعة، وأنا مستمرة ونفسي أكبر وأصبح صحفية بقناة الجزيرة".

ولمى هي الابنة الصغرى للصحفي أحمد أبو جاموس أحد العاملين في طاقم قناة الجزيرة الإنجليزية في غزة، وتنظر للإعلامي وائل الدحدوح، "عمو أبو حمزة" كما تسميه، بوصفه مثلا أعلى، وقد حققت أمنيتها بلقائه وإجراء مقابلة صحفية معه، نشرتها على حسابها في "إنستغرام" وحصدت نحو 12 مليون مشاهدة وأكثر من 800 ألف إعجاب وعشرات آلاف التعليقات.

تقول: "عمو وائل دفع ثمن تغطيته الرائعة للحرب وجرائم الاحتلال ضد النساء والأطفال، ونفسي أكبر وأكون مثله".

تقول لمى: "أريد العودة إلى مدرستي وغرفتي وألعابي، ما هو ذنبنا نحن الأطفال نعيش في خيمة باردة وما فيها أغطية كافية للشتاء أو أكل كويس".

ويأتي ضمن هذه الكوكبة الجميلة المدهشة بالإبداع والحضور والشخصية رغم صغر السن صاحب عبارة "حسوا فينا أحنا أطفال، ومش من حقنا هيك نعيش الطفل؟"، رمضان أبو جزر، ابن العشر سنوات، الذي يواصل إرسال رسائله إلى العالم عبر عدة منصات، مطالبا بتحرك الضمائر ووقف حرب الإبادة على أهالي غزة ورفع عن المعاناة عن الأطفال في القطاع .


عرف أبو جزر بنشره مقاطع فيديو تحمل رسائل مطمئنة للعالم رغم الحرب المستمرة على غزة، باعثا الأمل في نفوس متابعين له من جميع أنحاء العالم، خاصة الأطفال منهم.

وتحدث رمضان عن حياته كيف كانت قبل الحرب، وكيف أصبحت بعد أن تشرد هو وعائلته  قائلا "قبل الحرب كنا نذهب إلى المدرسة نتعلم واليوم مدرستي قصفها الاحتلال"، وأضاف "كنا نفرح لنزول المطر، والآن صرنا نخاف من حبات المطر لأنها تسبب الضرر لنا".

أبو جزر الذي عرف بقدراته في الخطابة والإلقاء، كانت أول خطبه له في أكبر مساجد مدينة غزة في شهر رمضان وكان عمره حينها عامين ونص، وأثار الإعجاب والاهتمام منذ تلك الليلة، التي كان فعلا بألف ليلة وليلة، وهو حافظ لأجزاء من القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وشارك في كثير من الاحتفالات والندوات المحلية والعالمية في سبيل الدعوة إلى الله، وسجل ونشر مئات الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويصفه البعض بأنه "أصغر داعية في فلسطين".

أبو جزر متابع بشكل كبير وأجرى عدة مقابلات صحفية وتلفزيونية تحدث فيها عن واقع غزة وعن أحلامه، محذرا بأنه قد يستشهد في اية لحظة حال باقي أطفال غزة.

ثمة أصوات فلسطينية صغيرة كثيرة نضجت واشتعلت تحت القصف والنزوح والمعاناة ورائحة الموت، تحتاج إلى دراسة متخصصة وموسعة لتوثيقها بوصفها أصوات لم يخنقها صوت القصف والطائرات والدبابات والرصاص المسكوب والمصوب.

أصوات حرة غضة طرية يافعة تمتلك مواصفات الإذاعي والإعلامي والصحفي الحقيقي تحتاج إلى تبني وأن يتم تطويرها، فثمة فضاء عربي بحاجة لمن ينير له طريق النور والحرية والنصر ويرفع معنوياته وسط الإحباط العربي من تجاهل العالم لتغريبة غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه غزة فلسطينيين الأصوات فلسطين غزة أصوات الدمار العدوان بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه عالم الفن عالم الفن سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أبو جزر

إقرأ أيضاً:

أونروا: الأوضاع في غزة تنذر بانهيار كامل .. والنزوح الجماعي يفاقم الأزمة

قال عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إن قطاع غزة يشهد نزوحًا داخليًا متسارعًا وخطيرًا بفعل تصعيد القصف الإسرائيلي، ما دفع أكثر من 600 ألف فلسطيني إلى الهروب من منازلهم. 

وأكد أن الوضع في غزة غير مسبوق، ووصل إلى مستوى يهدد الحياة في كل بيت.

وأشار خلال مداخلة هاتفية على شاشة "القاهرة الإخبارية"،  إلى أن الناس يتم تهجيرهم من شمال غزة وشرقها إلى مناطق وسط وغرب القطاع تحت القصف، بينما يعيشون ظروفًا قاسية في مخيمات مؤقتة بلا غذاء أو دواء. وقال: "نتحدث عن أهالي فقدوا كل شيء، والآن يُدفع بهم قسرًا إلى مصير مجهول".

وأضاف أن الأطفال يُقتلون يوميًا، وكبار السن يموتون بصمت بسبب انعدام الدواء، والمجتمع الدولي يكتفي بالإدانة دون تحرك فعلي. وأشار إلى أن إسرائيل لم تعد تبرر عملياتها العسكرية، بل تنفذ عمليات قتل جماعية في وضح النهار.

ودعا أبو حسنة إلى تحرك إنساني عاجل لوقف الانهيار، مشددًا على أن الوضع داخل القطاع لا يمكن احتماله أكثر من ذلك. وأوضح أن كل بيت في غزة يعاني من الجوع، وأن الأمل الوحيد الآن هو فتح المعابر والسماح بدخول المساعدات لتفادي مجاعة شاملة.

طباعة شارك الأونروا غزة القاهرة الإخبارية الوضع في غزة

مقالات مشابهة

  • مي كساب.. صحفية وخبيرة تجميل
  • جمعيات صحفية فرنسية تطالب باريس بإجلاء زملائهم من غزة
  • أونروا: الأوضاع في غزة تنذر بانهيار كامل .. والنزوح الجماعي يفاقم الأزمة
  • للمرة الثالثة وبنسبة أصوات استثنائية.. محمد صلاح يتوج بإنجاز جديد في الدوري الإنجليزي
  • تقرير: حرائق الأمازون لعام 2024 تتسبب في أكبر خسارة للغابات في العالم
  • الأجساد الحية تتوهج بضوء خافت يختفي حين تموت
  • دولة عربية تصبح ثاني أكبر مستهلكي الشاي عالمياً
  • بريطانيا تنهي حياة أكبر أنثى دب في العالم بـ “القتل الرحيم”
  • تجارة الشاي العالمية تتجاوز 50 مليار دولار.. ومزارعون يطالبون بدعم أكبر
  • أصوات من غزة.. مأساة النزوح المتكرر وصعوبة التنقل