FT: هكذا اكتسب الحوثيون جماهير جديدة في جميع أنحاء العالم العربي
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للصحفية ريا جلبي من بيروت قالت فيه إن أحد الناشطين على مواقع التواصل، راشد الحداد، قام بتصوير نفسه وهو على قارب يقترب من سفينة الشحن التي احتجزها الحوثيون في أواخر العام الماضي والتي أصبحت منطقة جذب سياحي غير متوقعة.
وفي مقطع فيديو تم تسجيله في ظل سفينة "Galaxy Leader"، القابعة الآن قبالة الساحل اليمني، قال الشاب البالغ من العمر 19 عاما لحشد من متابعيه الجدد على وسائل التواصل الاجتماعي إن جميع اليمنيين "مع فلسطين حتى النصر" ودعاهم إلى الاستمرار في دعمهم لغزة.
كتب أحد المعلقين العراقيين تحت أحد منشورات حداد واسعة الانتشار على موقع إنستغرام: "نحمد الله على الحوثيين. إنهم العرب الوحيدون الذين يساعدون فلسطين". وهو شعور ردده مئات الآخرين.
وقال حداد إنه ليس حوثيا، لكن مقاطع الفيديو التي ينشرها ساعدت في تسليط الضوء على الحركة المسلحة المرتبطة بإيران والتي تسيطر على جزء كبير من اليمن، حيث حصدت ملايين المشاهدات على تطبيقات مثل "TikTok" – التي أطلق عليه مستخدموه الشباب لقب “TimHouthi Chalamet” لشبهه مع نجم هوليوود.
لقد اكتسب الحوثيون جماهير جديدة في جميع أنحاء العالم العربي، والكثير منهم لا يعرفون سوى القليل عن تاريخ الجماعة الإسلامية أو التكتيكات القمعية المتزايدة في وطنهم. وقد تزايدت شعبيتها، التي يبدو أنها تتجاوز الانقسامات الطائفية، منذ العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر، وبدأت الحركة هجماتها الجريئة بالصواريخ والطائرات المسيّرة على السفن التي تعبر البحر الأحمر.
وفي حين أن حملة الحوثيين لم تتسبب في أضرار مادية تذكر للسفن، إلا أنها عطلت التجارة العالمية وعززت سمعتهم كواحد من أكثر الفصائل نشاطا في ما يسمى بمحور المقاومة في إيران.
وقد استدرجت الجماعة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى القتال، على الرغم من أن الضربات التي بدأت هذا الشهر لم تفعل الكثير لمنع هجمات الحوثيين.
قال رجل أردني يبلغ من العمر 28 عاما ويعيش في المملكة المتحدة: "من بين جميع أصدقائي، هناك تصور إيجابي تماما عن الحوثيين. لا أحد لديه أي انتقاد تجاههم في الوقت الحالي.".
وتعكس هذه التعليقات الغضب الشعبي المتزايد في العالمين العربي والإسلامي بشأن الحرب في غزة. حيث استشهد أكثر من 25 ألف فلسطيني في القطاع، وتم تهجير الغالبية العظمى من سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بسبب العدوان.
ومع بث لقطات من القصف المميت والأطفال الجائعين مباشرة إلى المنازل العربية، تركز الغضب على المعايير المزدوجة الملموسة وإحجام الغرب عن محاسبة دولة الاحتلال، ليس فقط على هذه الحرب، ولكن أيضا على معاملتها للفلسطينيين على مدار العام الخمس وسبعين سنة الماضية.
والكثير من هذا الغضب موجه نحو الولايات المتحدة بسبب دعمها لتل أبيب. وقد ازدادت حدة هذا الأمر منذ ضرباتها على الحوثيين. وقالت بشرى هند، 27 عاما، وهي محاسبة في الكويت: "تريد هذه الدول منا أن نصدق أنها أخلاقية في حين أنها منافقة حقا".
وقالت هند: "إنهم لم يفعلوا شيئا لوقف الفظائع في غزة. لكن في اللحظة التي تتعرض فيها التجارة العالمية والشحن للتهديد، فإنهم ينطلقون فجأة إلى العمل".
وكانت الحركة اليمنية، المعروفة أيضا باسم أنصار الله، يقودها في البداية أفراد من قبيلة الحوثيين الذين ينتمون إلى المذهب الشيعي الزيدي. وتحولت إلى قوة متقلبة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قاتلت للإطاحة بالحكومة اليمنية الاستبدادية. وشعارهم هو "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود".
وفي حين أن الحوثيين لديهم علاقات مع إيران، إلا أنهم ليسوا متحالفين أيديولوجيا مع طهران مثل المسلحين الآخرين في المنطقة. لكنهم اقتربوا أكثر من الجمهورية الإسلامية، مما ساعدهم على خوض حرب استمرت تسع سنوات ضد التحالف الذي تقوده السعودية والذي تدخل في الصراع المدني في اليمن في عام 2015.
قُتل مئات الآلاف من اليمنيين إما بسبب القتال أو بسبب المجاعة والمرض الذي ساد في أعقابه. لكن الحوثيين صمدوا، وتم الاتفاق على هدنة هشة مع الرياض، وسيطر المتمردون على جزء كبير من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
وقال إبراهيم جلال، الباحث اليمني في معهد الشرق الأوسط والشريك في "Horizon Insights"، إن الحوثيين أظهروا منذ فترة طويلة أنهم "بارعون" في الدعاية، والطريقة التي تحالفوا بها مع غزة "لم تكن استثناء".
وقال جلال: "من خلال تصوير أنفسهم كمدافعين عن القضية الفلسطينية، فقد استفادوا من هجماتهم وبرزوا كجهات فاعلة مزعجة وتحظى بشعبية كبيرة". وقال إن الحوثيين يقارنون أنفسهم بالدول العربية التي لجأت إلى الدبلوماسية بدلا من استخدام القوة العسكرية.
وخلص استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في أواخر عام 2023 إلى أن سكان غزة والضفة الغربية المحتلة صنفوا رد فعل اليمن على الحرب على غزة على أنه الأكثر إرضاء بين الجهات الفاعلة الإقليمية.
وقالت سدين، وهي طالبة فلسطينية تعيش في القدس: "داعمنا الوحيد هو اليمن". وقالت إنها لم تسمع عن الحوثيين قبل أن تشاهد لقطات لضرباتهم الدراماتيكية في البحر الأحمر. "لأول مرة أشعر أن هناك من يدعمنا بالأفعال، وليس بالأقوال فقط".
وفي اليمن، حيث يكره الكثيرون الحوثيين، بلغ الثناء على الجماعة أعلى مستوياته على الإطلاق، حتى بين خصومهم اللدودين الذين وصفوا الضربات على أهداف الشحن بأنها "مُحقّة".
وقال رجل يمني يبلغ من العمر 35 عاما يعيش في جزء من جنوب اليمن التي لا يسيطر عليها الحوثيون: "شخصيا، لم أحب الحوثيين قط: إنهم دولة بوليسية، وقد حكموا على العديد من الأشخاص بالإعدام ظلما، بما في ذلك خصومهم السياسيين.. لكن ما يفعلونه الآن من أجل فلسطين: إنه عمل جيد. وسأدعم أي شخص يجعل الحياة أكثر صعوبة لأولئك الذين يضطهدون الفلسطينيين، خاصة عندما يكونون يمنيين مثلي".
وأثارت الزيادة في الدعم الشعبي قلق العديد من اليمنيين وجماعات حقوق الإنسان، الذين يقولون إن الحوثيين أصبحوا أكثر قمعا مع تعزيز سلطتهم في الداخل.
وقال نيكو جافرنيا، الباحث في الشأن اليمني في "هيومن رايتس ووتش": "إن الارتفاع في الدعم للحوثيين يمنحهم الغطاء لارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان ضد شعبهم".
وقد وثقت المجموعة كيف قام الحوثيون بتجنيد ونشر الآلاف من الجنود الأطفال، وقمع حرية التعبير والحركة النسائية. وحكمت سلطات الحوثيين الشهر الماضي على ناشطة في مجال حقوق المرأة بالإعدام بتهمة "التجسس" الزائفة.
وأضاف جافرنيا: "لا أحد ينتبه إلى حقيقة أنه بينما يزعمون أنهم يحمون الفلسطينيين من إسرائيل، فقد حاصروا ثالث أكبر مدينة يمنية، تعز، لمدة تسع سنوات".
واعترف الأردني المقيم في المملكة المتحدة بأنه لا يعرف الكثير عن الأجندة المحلية للحوثيين، وأنه سيكون غير مرتاح إذا كانوا يقيدون حقوق الإنسان. لكنه أضاف: "باعتبارك عربيا أولويته الرئيسية هي وقف إراقة الدماء في غزة، فإن أي شيء في صالح فلسطين، ربما ستغض الطرف".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحوثيين العرب غزة الاحتلال غزة العرب الاحتلال الحوثيين صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الیمن
إقرأ أيضاً:
التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة بالبلاد
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
في رسالة مرئية قصيرة نشرها شاب عُماني من رواد الأعمال الصغار على إحدى المنصات كان يتساءل فيها حول إلزام إحدى الجهات العُمانية له بدفع مبلغ 275 ريالًا عُمانيًا (715 دولارا أمريكيا تقريبا) للحصول على شهادة الانتساب دون أن يذكر اسم تلك الجهة.
ومثل هذه الشهادات إما تصدر عن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أو غرفة تجارة وصناعة عُمان، أو الجهة التي تُدير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد. وكان يُشير في رسالته بأنَّه وأمثاله من الباحثين عن العمل قد اضطرتهم الظروف للتوجه نحو العمل الحر والريادة، ولا يجب مقارنتهم بالتجار الكبار منتقدًا الجهات التي تتحدث عن "الريادة"، والتي تُعرقل أمور الراغبين في ممارسة أعمال الريادة والتجارة. ويقارن هذا الشاب بما تقوم به الدول الأخرى في المنطقة التي تقدّم كل الخدمات والتسهيلات لراغبي العمل التجاري من المواطنين وتحفيزهم للتوجه نحو هذا المسار، مؤكدًا أنَّ مثل هذه الإجراءات سوف تُنفِّر الراغبين من أبناء البلد في ممارسة العمل التجاري، في الوقت الذي نرى فيه صدور الكثير من القرارات التي تعرقل أعمال المؤسسات الصغيرة وتدفع أصحابها إلى ترك العمل التجاري.
هذه الرسالة المرئية في بعض المنصات تداولتها الكثير من المواقع، وتدفعنا للوقوف عليها والتحدث قليلًا عن أهمية المؤسسات الصغيرة في العالم، وأهميتها للاقتصادات العالمية؛ فهذه المؤسسات (SMEs) تؤدي دورًا محوريًا في اقتصادات العالم، وتمثل ركيزة استراتيجية للتنويع الاقتصادي في كثير من دول العالم، وتعد العمود الفقري للاقتصاد العالمي؛ حيث تُشكل غالبية الشركات حول العالم، وتسهم بنصيب كبير من الوظائف؛ حيث يُقدّر أن حوالي 90% من الأعمال التجارية في العالم تدار من قبل المؤسسات الصغيرة وفق بيانات منظمات الأمم المتحدة، وتوفر ملايين فرص العمل للمواطنين. كما إنَّ لها دورًا كبيرًا في المساهمة في القيمة المضافة للكثير من القطاعات الاقصادية أيضًا. وبسبب صغر حجمها نسبيًا فإنه يمكنها التكيف سريعًا مع التغيرات السوقية، واحتضان ابتكارات أو أفكار جديدة في مختلف الأعمال؛ مما يجعلها محركًا للابتكار والتنويع الاقتصادي، وخاصة في مثل دولنا التي تعتمد على مصدر ريعي واحد للدخل.
والحقيقة أن المؤسسات الصغيرة تمنح الاقتصادات قدرة على النمو المستدام، ولديها قدرة في توظيف أوسع، وتتسم بالتنويع الاقتصادي.
وفي سلطنة عُمان فإن الحكومة تعمل على جعل هذا القطاع ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني في إطار رؤية "عُمان 2040"؛ بهدف تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وتقدّم لها الدعم من خلال برامج التمويل بجانب تقديم حوافز وتسهيلات؛ الأمر الذي يتطلب ضرورة تسهيل إجراءات التأسيس للراغبين في بدء مشاريعهم التجارية دون تحملهم المبالغ الكبيرة عند التأسيس. الحكومة تعتبر هذه المؤسسات الصغيرة ركيزة أساسية في خطة الدولة للاستدامة، وتوظيف الشباب، والاستمرار في التنويع الاقتصادي، وفتح آفاق تصدير المنتجات والخدمات.
هذا الأمر يتطلب ضرورة القضاء على التحديات والصعوبات التي تواجه هذه المؤسسات، والتي تتمثل بعضها في صعوبة الحصول على التمويل؛ باعتبار أن الكثير من الداخلين في هذه المشاريع لا يملكون ضمانات كافية مثل (رهن عقاري أو أصول)؛ مما يجعل البنوك مترددة في منح القروض لهم. كما إن هناك إجراءات بيروقراطية مطولة في عملية التأسيس أو التقديم للتمويل تتسم بالتعقيد والبطء؛ الأمر الذي يقلل من جاذبية الاستثمار أو المرونة في الاستجابة. في الوقت نفسه نجد أن بعض رواد الأعمال العُمانيين حديثي العمل في هذه المؤسسات تنقصهم الخبرة الإدارية والتخطيط والمهارات في إدارة الأعمال، وخاصة في مجالات التخطيط والتسويق وغيرها؛ مما يؤدي بهم إلى ضعف في الأداء والتعثر والفشل مبكرًا في بعض الأحيان.
وهناك أيضًا منافسة تجاه هذه المؤسسات الصغيرة من شركات دولية أكبر من حجمها بعشرات المرات بسبب قيامها باستيراد أدوات وسلع أجنبية أرخص منها لتوزيعها في الأسواق. كما إن بعض المؤسسات الصغيرة تُعاني من محدودية الطلب وتتميز بقلة الربحية في العمل اليومي؛ الأمر الذي يشكّل تحديًا لها في التوسع أو الاستدامة وتتعثر أو تنهار، فيما تعاني بعضها من ضعف البنية الأساسية في مجالات التقنيات والمهارات الرقيمة.
وجميع هذه التحديات يمكن حلها من خلال العمل على تقديم تمويل ودعم أكبر للمؤسسات الصغيرة والتسهيل في تقديم القروض والضمانات لها، بجانب تعزيز برامج التدريب وإدارة المعرفة لأصحابها من خلال تنظيم ورش عمل في مجالات الإدارة، والتخطيط والتسويق والرقمنة، لمساعدهم في التنافس والبقاء. إضافة إلى ذلك يتطلب تبسيط الإجراءات الإدارية لأصحابها وتقليل البيروقراطية، والإسراع في منح التصاريح لهم ببدء أعمالهم التجارية دون تحملهم مبالغ مالية كبيرة، بجانب تشجيع ثقافة الريادة وتعزيزها من خلال الجامعات، ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، إضافة إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مختلف المجالات التي تهم المؤسسات الصغيرة.
رابط مختصر