د.حماد عبدالله يكتب: الترقية لرتبة الجاويش !!
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
كانت المدرسة الثانوية في الستينيات، مدرسة متميزة بالإنضباط في كل مستويات الدراسة في مصر سواء ثانوي عام أو تجاري أو زراعي أو صناعي، كما كان التقسيم الذي بدأ في أوائل الخمسينيات مع مبادئ ثورة يوليو، والإعتماد علي شباب الوطن من الخريجين في المؤهلات المتوسطة لتحمل المسئولية في شركات القطاع العام والخدمات الحكومية، ومشروعات الثورة العملاقه مثل السد العالي والحديد والصلب والكيماويات والإنتاج الحربي ومشروع الإصلاح الزراعى، وغيرهم من صناعات كانت وسيلة الثورة وأهدافها في نفس الوقت للتنمية ونقل البلاد من صفة الدولة الزراعية إلي دولة صناعية، حتي أنه قيل بأننا ننتج من "الأبره للصاروخ ".
ولعل مادة التربية العسكرية التي كانت مقررة ضمن مناهج التعليم الثانوي، كانت هي المؤثرة والمهيمنة علي المدرسة الثانوية، حيث مع إستلام الطالب للكتب في أول كل عام تسلم ملابس التربية العسكرية ( الفتوه ) كما كانت تسمي، ويشرف عليها هيئة الفتوه، وكان مقرها في أحد القصور القديمة بضاحية جاردن سيتي وأتذكر بأن أول من تعين لإدارتها اللواء "جمال نظيم"، وكانت تلك الملابس ( يونيفورم) عبارة عن، بنطلون أزرق وقميص رمادي غامق، ( وقايش ) حزام عسكرى، و( جدر ) حامي لقصبة الرجل، وشرابات، وحذاء عسكري، وكاب أو باريه وكانت حصة التربية العسكرية، يقوم بها أحد الضباط الإحتياط ويعاونه عدد من صف الضباط، ومقرهم في كل مدرسة، وكانت المدرسة تسمي كتيبة المدرسة، والفرقة الدراسية تسمي ( سارية ) والفصل يسمي ( فصيلة ) طبقًا لمسميات القوات المسلحة وتنظيمها الإداري، وكان الإنضباط في كتيبة المدرسة فى جميع مدارس الجمهورية شييء يشهد له في نهاية العام بشهادات تقدير وجوائز قيمه يقوم بتسليمها مدير مديرية التعليم في المنطقة مع ناظر المدرسة مع قائد القوة أو التربية العسكرية، وكان يقام معسكرات في نهاية الأسبوع للتدريب والترفيه وللعمل الإجتماعي والذي كان يستهدف نظافة المدرسة أو الشوارع المحيطة بالمدرسة، كما أن الأنشطة المدرسية تؤهل المعسكرات الصيفية ومعسكرات عمل شارك فيها شباب المدارس الثانوية في زراعة الصحراوات في الوادي الجديد، وشمال وجنوب التحرير "طريق مصر إسكندرية الصحراوي " وأسفل هضبة المقطم خلف قلعة صلاح الدين، كما أن ( معسكر المكس ) كان من أشهر معسكرات الفتوه التي كانت تقام علي شكل أفواج طيلة شهور الصيف لإستقبال آلاف من الطلبه من جميع أرجاء الجمهورية، وكانت معسكرات أبي قير لإستقبال فتيات، المدارس الثانوية في جميع مديريات التربية والتعليم في الجمهورية .
ولعل من أبرز الأنشطة التي شارك فيها طلاب المدارس الثانوية، هو ذلك العرض العسكري الذي يدخل ضمن فقرات العرض يوم 23 يوليو أمام المنصة التي شيدت خصيصًا لهذا العرض العسكري والذي كان يحرص الرئيس جمال عبد الناصر علي حضوره والتي شاء الحظ أن نفقد الشهيد الرئيس / محمد أنور السادات في عام 1981 في نفس منطقة العرض وتحت نفس المنصة في يوم 6 أكتوبر أثناء العرض العسكري الذي حل تاريخه الجديد ( 6 أكتوبر ) بديلًا من 23 يوليو (عيد ثورة يوليو).
هذه الملامح كانت هي التي يسعي كل طالب في منهج التربية العسكرية أن يكون لديه الطموح في الترقي ( لرتبة الجاويش )، وكان يسمي شاويش المدرسة والتي كانت شرف عظيم وشيئًا نفتخر به كشباب وكان السلاح والعلم هم رمز الإنتماء لهذا الوطن وحافز النجاح وصانع الرجوله المبكرة لدي شبان لم يتعدي عمرهم الثمانى عشر عامًا منتهى الإنضباط، أين ذلك من اليوم !!
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التربیة العسکریة
إقرأ أيضاً:
د. سعيد الكعبي يكتب: في تأمل النعم
ما أجمل أن نتدبر القرآن ونربطه بحياتنا، وهناك سور نقرأها كثيراً ولكن للأسف دون التوقف عندها. بالأمس وأنا أقود سيارتي في طريقي من قريتي قلي إلى مدينة الشارقة، كنت أتفكر بالنعم التي من حولي، وبالأمان الذي نعيشه، والرفاه الذي منّ به الله علينا، وتذكرت قوله تعالى: «لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» (التكاثر: الآية 8).
آية قصيرة تهزّ الوجدان، وتوقظ الغافل مما اعتاد عليه، ونداءٌ لطيف من الله ليعيد الإنسان النظر في معنى النعمة، قبل أن يُسأل عنها، فالنعيم ليس ثروةً تُكنَز، ولا جاهاً يُفاخر به، بل هو تلك التفاصيل التي نمر بها كل يوم دون أن نلحظ قيمتها.
هل تأملنا يوماً في الماء عندما نفتح الحنفية فيصب علينا حاراً أو بارداً كما نريد، النَفَس الذي نتنفسه، يدخل الهواء برحمةٍ إلى صدورنا، يوزع الحياة على خلايانا، ثم يخرج وقد حمل ما لا نحتاج إليه، رحلة تتكرر كل يوم بعدد لا يمكن حصره. وهل تأملنا يوماً في رحلة الغذاء الذي نأكله؟ من بذرةٍ نبتت في أرضٍ، إلى مزارعٍ سقاها، إلى من قطفها، إلى طباخ طبخها، ثم إلى يدك التي وضعتها في فمك، الذي قام بدوره ثم المعدةٍ التي تكمل الرحلة إلى نهايتها.
هل تأملنا في رمشة العين التي تحمي البصر دون أن نستدعيها؟ هل تأملنا في تمييزنا لصوتٍ واحدٍ بين العشرات. هل تأملنا في النوم الذي يزورنا دون موعدٍ، ثم في استيقاظنا الدقيق، كأن داخلنا حارس يوقظنا بعد اكتفاء الجسد؟ هل تأملنا في اللغة، حركة لسان صغيرة تنقل فكرة أو تثير عاطفة أو تُصلح بين قلبين؟
هذه النعم لا تُحصى، لكنها تنتظر منّا نظرة امتنان، وسجدة شكر، وتأملاً يعيدنا إلى جوهر الحياة، وأن نكمل القول بالفعل فنشكر نعمة المال بالإنفاق، ونعمة العلم بالتعليم، ونعمة الوقت بالعمل، ونعمة الصحة بالعطاء، وأن نرى في كل ما تملك فرصة للخير، لا وسيلة للترف. ونتذكر قوله تعالي: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» (إبراهيم: 7)
* تأمل.:. ما النعم التي تمرّ بك كل يوم؟
. هل تُعامل النعم كأمانةٍ ستُسأل عنها؟