قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن روح الأزهر الشريف تسري في نفوس أبناء إندونيسيا، ولم لا تسري هذه الروح وبين شعبي مصر وإندونيسيا علاقات قوية على المستوى الرسمي والشعبي في كثير من مجالات الحياة؟! لقد كانت مصر من أوائل الدول التي رحبت باستقلال إندونيسيا في 17 من أغسطس 1945م، وأذاعت الخبر في وسائل الإعلام الجماهيرية، وفي 22 من مارس 1946 اعتمدت وزارة الخارجية المصرية جمعية «استقلال إندونيسيا» ممثلًا رسميًّا عن حكومة بلادها المستقلة، وفي 15 من مارس 1947م أعلنت مصر اعترافها الرسمي باستقلال إندونيسيا، وبعد ثلاث سنوات، وفي 25 من فبراير 1950م، باشرت سفارة إندونيسيا بالقاهرة أعمالها، وكان أول سفير لإندونيسيا في القاهرة هو محمد رشيدي، أحد خريجي جامعة الأزهر الشريف، وأما العلاقة العلمية بين مصر وإندونيسيا فقديمة تعود إلى عدة قرون؛ فقد كانوا يستغلون مواسم الحج للقاء علماء الأزهر الشريف؛ لسؤالهم عما يشغلهم من مسائل الفقه والشريعة، ثم بدأ قدوم الإندونيسيين منذ أكثر من قرن ونصف إلى مصر لينهلوا من علوم الأزهر وشيوخه الأجلاء.

وكيل الأزهر يستقبل رئيس الوزراء بجناح الأزهر فى معرض الكتاب

وأضاف وكيل الأزهر الشريف خلال كلمته باحتفالية نهضة العلماء بإندونيسيا فرع القاهرة، والتي جاءت تحت شعار "الإنسانية والسلام"، أن الأزهر عني بأبناء إندونيسيا الراغبين في العلم؛ فخصص لهم أحد أروقته ونسبه إلى «جاوة» أكبر جزر إندونيسيا، وما زال هذا الرواق موجودًا حتى اليوم في حرم الجامع الأزهر الشريف تحت اسم «الرواق الجاوي»؛ ليشهد بعمق العلاقة العلمية التي استمرت حتى يوم الناس هذا، واستمرارًا لهذا المنهج الكريم أسس الأزاهرة من أبناء إندونيسيا رواقًا جديدًا أنشئ قبل سبع سنوات تقريبًا تحت اسم: «رواق إندونيسيا»، وهو رواق تشهد فعالياته بحب أبناء إندونيسيا للأزهر الشريف، وبهدف نشر الوسطية والسلم والتعايش ونبذ العنف والإرهاب، زار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف جاكرتا عاصمة إندونيسيا عام 2016م، واعترافًا بهذا الأثر الأزهري المبارك، وتقديرًا لإسهاماته وجهوده في نشر قيم الوسطية والسلم ونبذ الإرهاب؛ منحت إندونيسيا شيخ الأزهر الشريف الدكتوراه الفخرية من جامعة «مولانا مالك إبراهيم» الحكومية، وتكررت زيارة فضيلة الإمام في نهاية أبريل 2018م؛ للمباحثة حول أهم التحديات التي تواجه العالم الإسلامي، وكانت زيارتي إلى إندونيسيا أوائل عام ألفين وثلاثة وعشرين، والتي شاركت فيها في حدثين على درجة كبيرة من الأهمية: الأول: الاحتفال بمئوية جمعية نهضة العلماء، والثاني: المشاركة في مؤتمر فقه الحضارة.

الأوطان المتحضرة هي التي تتجاوز التنظير إلى التطبيق

وبيّن الدكتور الضويني، أن الأوطان المتحضرة هي التي تتجاوز التنظير إلى التطبيق، وهي التي تحول الأفكار إلى صيغ عملية مجتمعية تتمتع بحرية العمل وتستجيب لحاجات الناس، ومن هذه الصيغ النافعة التي عملت على تحقيقها دولة إندونيسيا جمعية «نهضة العلماء».

وإننا إذ نحتفل اليوم بعيدها السنوي فإنما نحتفل بخدمة متنوعة تقدم لأكثر من 120 مليونا من المنتمين إليها، ونحتفل بمعاهد علمية تزيد عن 20 ألف معهد، ونحتفل بعشرات الجامعات والمستشفيات ومراكز التأهيل والتدريب في جميع أنحاء جمهورية إندونيسيا، ونحتفل أيضا بالمنهج والفكر الذي تأسست عليه الجمعية والذي أنتج هذا كله، وإن هذه المنجزات المادية والمعنوية دليل واضح على أن الجمعية تمتلك من المقومات ما يضمن لها البقاء واستمرار العطاء.

وأوضح وكيل الأزهر الشريف أن ما تقدمه جمعية «نهضة العلماء» من جهود علمية وعملية دليل على أن شعب إندونيسيا قد أحسن فهم قيم الإسلام التشريعية والخلقية، وحولها إلى سلوك عملي على مستوى الأفراد والمؤسسات، أوجد لها مكانا في صدارة الدول المتقدمة، فاستطاعت بذلك أن ترد على اتهام أعداء الإسلام بأنه دين الكسل والتواكل، وأنه يعيق التنمية الاقتصادية والسياسية الإسلام، وأن تؤكد بشكل عملي أن الإسلام هو دين عمارة الدارين الدنيا والآخرة، مضيفًا أننا نجتمع اليوم في لقاء حول «الإنسانية والسلام»، وما أحوج البشرية إلى أن تستلهم قيم السلام وأخلاق السلام.

وتابع أنه إذا كنا سنحتفل خلال أيام بذكرى الإسراء والمعراج التي خلد القرآن شأنها في قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير» تلكم الذكرى الغالية على قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ فإن من الواجب أن نفهم أولًا أن الإسراء والمعراج ليست معجزة كسائر المعجزات، وإنما هي جزء أصيل من المكون العقدي للمسلم، أيا كان موطنه؛ لذا كان ارتباط المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بالأقصى والقدس وفلسطين هو ارتباط عقدي إيماني، وليس ارتباطًا انفعاليًّا عابرًا ولا موسميًّا مؤقتًا، فالقدس بقعة مباركة، من أقدس البلاد وأشرفها، وهي أرض النبوات، وتاريخها مرتبط بسير الرسل الكرام -عليهم الصلاة والسلام-؛ وهي عزيزة علينا، دينا ودنيا، قديما وحديثا، ولن نفرط فيها أبدا مهما كانت المغريات، ومهما عظمت التهديدات.

وأردف وكيل الأزهر الشريف أن ذكرى الإسراء والمعراج على ما تحمله من معان روحية سامية فإنها تنكأ فينا جراحا لم تلتئم بعد، فها هي أرض المسرى أسيرة، وها هي القدس مدينة السلام وغزة مدينة العزة والإباء يغتال أبناؤهما برصاصات الغدر، وها هم الصهاينة يعتدون على المسجد الأقصى بالاقتحامات، وينتهكون فيه الحرمات، وها هم يسعون لهيكل مزعوم مكذوب، فضحه علم التاريخ وأدلة الحفريات الأثرية، مؤكدًا أن تحرير المسجد الأقصى وعودته للمسلمين خالصا وفلسطين كاملة بإذن الله وعد صادق في كتاب ربنا لن يتخلف؛ حيث يقول الله تعالى: «فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا»، فتحرير فلسطين قضية محسومة لا يخفى علينا إلا وقتها، ولعله قريب إن شاء الله!، وحتى يأتي هذا الوقت فإن الواجب على المسلمين ألا يخدعوا عن قضيتهم، وألا يصابوا في وعيهم، وأن يحسوا بالواقع الأليم الذي يعانيه أهل فلسطين، وأن يدركوا ما يحاك للقبلة الأولى التي لا تقل شرفا وتعظيما عن بيت الله الحرام.

ما يحدث في غزة يحتاج إلى وقفة مع عالم اليوم الذي يتغنى بالحرية والديموقراطية

وشدد وكيل الأزهر الشريف أنه إذا كان لقاؤنا اليوم للحديث عن الإنسانية والسلام فإن ما يحدث في غزة اليوم لأمر يحتاج إلى وقفة مع عالم اليوم الذي يتغنى بالحرية والديموقراطية، من خلال مؤسسات دولية وهيئات أممية تشهد مواثيقها ومعاهداتها بأن المسجد الأقصى مسجد إسلامي عربي، وأن فلسطين أرض عربية تحت الاحتلال، ثم لا يتحرك لهم ساكن وهم يرون هذه الانتهاكات، وما يجري من اعتداء آثم على الفلسطينيين قتلًا وجرحًا واعتقالًا، كل ذلك يحدث في صمت مخز من المجتمع الدولي الذي لم يكترث لكل هذه الانتهاكات ولم يصدر عنه سوى المطالبة بالتهدئة وضبط النفس!.

وبيّن الدكتور الضويني لو أن ما يرتكبه الصهاينة كل يوم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قام بعشر معشاره بعض الفلسطينيين تجاه معبد يهودي ولو كان مهجورا؛ لقامت الدنيا ولم تقعد، ولتحركت الدول الكبرى والصغرى، ولشنت المؤسسات الدولية والهيئات الأممية ومنظمات حقوق الإنسان حملة لا هوادة فيها على المستوى الرسمي والإعلامي تتهم الإسلام فيها بالتطرف والإرهاب، وتصم المسلمين بالهمجية والعنصرية وانتهاك المقدسات، وتصف ما حدث بأنه أبشع صور الإرهاب!، وإننا –نحن أمة العرب والإسلام- أمة سلام، ولكنه سلام القوة وليس سلام الضعف والانكسار والانهزام، وإننا نوقن أن هذا السلام هو الخيار الأوحد للعالم ليتجاوز الثمرات المرة للكراهية.

وأوضح الدكتور الضويني أن طريق الأزهر الشريف واضح ومحدد، فهو سني يدرس كتب أئمة المسلمين من أهل السنة والجماعة: عقيدة وشريعة وسلوكًا، وعلى هذا المنهج المتكامل يربي أبناءه؛ لينهض بهم مادة وروحا، ويحفظهم عقلًا وقلبًا، ويصلحهم دينا ودنيا وآخرة، وهو إنساني يعنى بالإنسان في شمولية دون أن يطغى جانب على جانب، وهو مؤسسة تراثية معاصرة يرتكن إلى الأصول والثوابت ولا يلغي العصر أو يتجاوز الواقع، مبينًا أن خير دليل على وعي قادة إندونيسيا الذين يدركون مسئولياتهم في ظل وجود كثير من التيارات المنحرفة في ربوع الأرض أنهم يرسلون أبناءهم إلى الأزهر وهم موقنون أنهم سيرجعون إلى بلادهم ومعهم العلم الشريف الذي يصون الإنسان، ويحفظ العمران، ويبعث بمزيد من الصلاح والإصلاح.

واختتم وكيل الأزهر الشريف كلمته بأن الإسلام الذي ينطق باسمه الأزهر الشريف هو دين التسامح والمحبة والسلام، دين يدعو إلى المحبة ونبذ الكراهية بين البشرية جمعاء، دين يوضح أن الأصل في العلاقة بين الناس وبعضهم هو السلم والأمان والتعارف والتعاون، وإننا إذا رجعنا بالتاريخ إلى الوراء وجدناه حافلًا بالأمثلة والمواقف التي تجسد معني التعايش السلمي بين الناس جميعًا باختلاف أديانهم وأعراقهم ومذاهبهم وأعرافهم، حتى صار التعايش السلمي حتميًّا وضروريًّا لتحقيق التعاون والوحدة والتواصل الفعال الذي يهدف إلى بناء الأوطان والمجتمعات لا إلى هدمها وتخريبها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وكيل الأزهر الضويني أبناء إندونيسيا الإنسانية والسلام الإسراء والمعراج الفلسطينيين وکیل الأزهر الشریف المسجد الأقصى نهضة العلماء

إقرأ أيضاً:

القره داغي للجزيرة نت: دعوة إلى تشكيل تحالف إسلامي للدفاع عن القدس وفلسطين

الدوحة – كشف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القره داغي عن مبادرة للاتحاد لتكوين "التحالف الإسلامي الاقتصادي والعدلي" للدفاع عن القدس وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، موضحا أنه قدم مشروعا في هذا الإطار للدول الإسلامية والعربية، وينتظر الالتقاء ببعض الرؤساء لمناقشة المشروع.

وأضاف القره داغي في حوار للجزيرة نت، أن ما تشهده غزة والمسجد الأقصى من انتهاكات غير مسبوقة يعكس استغلال الاحتلال الإسرائيلي حالة العجز والصمت الدوليين لتصفية القضية الفلسطينية، وفرض مشروعه للهيمنة على الشرق الأوسط بدعم وتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة.

وأكد أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يعتبر هذه المرحلة فرصة ذهبية لإنهاء ملف المقاومة، وإعادة ترتيب المنطقة وفق أجندته، مشيرا إلى أن العدوان المتواصل على غزة منذ ما يقارب السنتين، والتصعيد داخل باحات المسجد الأقصى، يجري وسط صمت عربي ودولي مؤسف، بل وتواطؤ من بعض الأطراف.

وتاليا نص الحوار:

القره داغي: نتنياهو يعتبر هذه المرحلة فرصة ذهبية لإنهاء ملف المقاومة (الجزيرة) كيف تقرؤون تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية الخطِرة بالمسجد الأقصى في ظل الحرب، وانشغال العالم عنه؟

وجدت دولة الاحتلال، برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الفرصة الكاملة للقضاء على القضية الفلسطينية وتنظيم شرق أوسط جديد، حسب ما يراه نتنياهو، الذي أعلن أنه سيسافر إلى واشنطن لأجل ذلك الترتيب.

فمن وجهة نظر نتنياهو، تعد الفرصة مواتية للقضاء على هذه القضية وتحقيق السيطرة الكاملة والهيمنة التامة على الشرق الأوسط، بالتنسيق والتعاون والشراكة مع الولايات المتحدة، لتكون شرطي المنطقة نيابة عن أميركا، وبالتعاون معها، والسبب في ذلك هو العجز العربي الواضح جدا؛ بل إن الأمة العربية –ونتكلم عن الحكومات– بين العجز الكامل والصمت.

إضافة إلى صمت الحكومات الغربية، وحتى الحكومات الشرقية مثل الصين وروسيا، فليس لهم موقف حقيقي قوي، بل مجرد إدانة أو شيء من هذا القبيل. وأمام هذه الحالة الغريبة، من الطبيعي أن تنتهز دولة الاحتلال الفرصة وتصعد كل الانتهاكات.

إعلان جماعات الهيكل، التي تدعمها سلطات الاحتلال، خطت خطوات غير مسبوقة في الأقصى في الفترة الأخيرة، وقد نستيقظ بلا أقصى، فما الموقف حينئذ؟

فعلا، شهدت خطط جماعات الهيكل خطوات غير مسبوقة في الفترة الأخيرة، وهناك تخوف شديد من هذا الأمر، وقد نستيقظ يوما ما بلا أقصى. وقد شهدنا، لأول مرة، تعطل صلاة الجمعة حينما ضربت طهران، والمظاهرات والاحتفالات التلمودية على أشدها داخل باحات الأقصى.

كما أن تصريح ذلك الصهيوني المجرم، وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، واضح جدا، إذ قال: "القدس لنا، وليس هناك شيء اسمه تقسيم الأقصى، الكل لنا، وغزة لنا، والشرق الأوسط لنا"، هكذا يقولون.

أما العالم العربي، فهو في حالة صمت. فاليوم، إسرائيل ليست في غزة فقط، بل تدخلت في سوريا واحتلت جزءا آخر منها، وتصول وتجول في سماء لبنان، تقتل من تشاء وتدمر ما تشاء، فهو احتلال كامل.

هل يتناسب التحرك العلمائي والشعبي والرسمي لنصرة الأقصى مع تلك الخطوات المتصاعدة من جماعات الهيكل وسلطات الاحتلال؟

التحرك الشعبي في العالم العربي ضعيف جدا، ليس على مستوى غزة، ولا على مستوى الأقصى، ولا على مستوى الانتهاكات الخطِرة لدولة الاحتلال. أما التحرك الرسمي في الأمة العربية من هذا الجانب، فعلى ثلاثة مستويات: فهناك دول تسعى بقدر جهدها، ولكنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً، وهناك دول صامتة، وهذا هو الغالب، وهناك دول داعمة. هذه هي المواقف الرسمية –مع الأسف الشديد– لنصرة الأقصى، في ظل الخطوات المتسارعة من جماعات الهيكل وسلطات الاحتلال.

أما الموقف الشعبي العالمي، فهو أفضل بألف مرة من موقفنا نحن المسلمين، ولكن الحكومات الغربية، وحتى غير الغربية، لا تزال ليست على المستوى المطلوب. أما الأمم المتحدة، فقد انتهت تقريبا، وأهملها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولا تستطيع أن تحمي مؤسساتها مثل "أونروا"، فما الذي نتوقعه؟

أما دور العلماء، فالعلماء أيضا على ثلاثة أنواع: علماء أصحاب العمائم واللحى، يعبّرون عما تريده دولة الاحتلال، ويحمّلون حماس المسؤولية، وهو نفس كلام نتنياهو، وهناك علماء ربانيون يدافعون عن القضية بكل صدق، وهناك علماء ساكتون يحافظون على مصالحهم.

نحن، في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من النوع الذي يسعى بكل جهده، ومنذ "طوفان الأقصى" إلى الآن، لم يتوقف الاتحاد عن المبادرات القولية، والبيانات، والفتاوى، وقد التفت حول الاتحاد جمعيات علمائية في إندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وتركيا، وفي كل العالم الإسلامي.

فنحن لسنا جهة سياسية، ولا عسكرية، ولا دبلوماسية، نحن جهة علمائية شعبية، وفي نظري، إن الاتحاد العالمي، بقدر إمكانياته، بذل كل جهده. ولا شك، لو كان هناك تعاون مع بعض الدول، لاستطعنا فعل المزيد. وقد قدمنا تسعة مقترحات للدول الإسلامية والعربية، ولم يُسمع لنا، بل إنه ليس لنا الحركة المطلوبة المسموح بها في بعض الدول العربية.

ما الدور الذي يجب أن يضطلع به العلماء في الدفاع عن المسجد الأقصى ونصرته؟

العلماء يجب عليهم أن يضطلعوا بتحريك الشعب، وبالتوعية والتعبئة. وكما قلت، العلماء على ثلاثة أنواع: منهم مطبّعون، ومنهم صامتون، ومنهم متحرّكون. وإن شاء الله، نحن في الاتحاد العالمي ضمن هذا الجزء، بقدر استطاعتنا.

إعلان كيف نتدارك الإهمال والتقصير تجاه المسجد الأقصى؟

هذا ما اقترحته، حقيقة، منذ 9 يناير/كانون الثاني 2024، حيث قدمت مقترحا إلى العالم الإسلامي والعالم كله، لما سميته بـ"حلف الفضول"، وهو شبيه بمنظمة دول عدم الانحياز، وقدمت هذا المشروع إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، وإلى رئيس وزراء ماليزيا، وغيرهما، ويهدف إلى تشكيل حلف من ممثلي 120 أو 140 دولة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وذلك قبل أكثر من عام ونصف عام، ولكن إلى الآن، لا مجيب، مع الأسف الشديد.

وقبل فترة وجيزة، قمت بتطوير هذا المطلب، وطلبت تكوين "تحالف إسلامي اقتصادي وعدلي"، وقدمت مشروعا في هذا المجال أيضا. وإن شاء الله، الآن ننتظر أن نلتقي ببعض الرؤساء في هذا المشروع.

الآن، اليد الطولى فعلاً لدولة الاحتلال، تصل إلى كل مكان، وتدمر من لم يستجب لها. فقد قدمنا هذا المشروع، وهو المشروع الوحيد الذي ينقذ الأمة، ومشكلتنا في تفرقنا، وفي عجزنا.

كيف نُفعّل الوعي الشعبي تجاه ما يتعرض له الأقصى؟

يجب علينا أن نقوم بتفعيل الوعي الشعبي، من خلال الجانب الديني، ومن خلال ما ذكره القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ثم ما قاله علماؤنا وقادتنا السابقون من خطورة هذا الوضع. وإذا بقينا على هذا الحال، سننتهي تمامًا، ولن تبقى لنا قوة ولا قدرة، حتى على إدارة أموالنا، وستُفرض علينا إتاوات تحت أي اسم آخر. فلذلك، يجب أن نفعّل هذا الوعي الشعبي، بل نوصل هذا الوعي إلى قادة الأمة الإسلامية والعربية، ونستثمر هذه الجهود، إضافة إلى التاريخ، والواقع.

ما الخطوات العملية التي يمكن أن يقوم بها المسلمون في مختلف أنحاء العالم نصرة للأقصى؟

الخطوات العملية –في نظري– تقسم وفق مكونات الأمة الإسلامية، فبالنسبة لما يخص الدول، يجب اتخاذ خطوات عملية لتحقيق التحالف. أما بالنسبة للعلماء، فالمطلوب هو وحدة العلماء المسلمين وتفعيل دور الجمعيات العلمائية. وبالنسبة للشعوب، ينبغي تطوير وتقوية أدوات الضغط، من خلال المظاهرات المنظمة والفعالة، والضغط على الحكومات والسفارات، وكل ذلك يمكن أن يُوضع في إطار خطة إستراتيجية واضحة وموزعة المهام.

كيف يمكن توجيه الدعم الشعبي والمؤسساتي لخدمة قضيته؟

لا شك أن توجيه الدعم الشعبي والمؤسساتي لخدمة القضية ممكن، من خلال خطة إستراتيجية شاملة، تغطي مختلف أنواع الدعم، مثل الدعم السياسي، والدبلوماسي، والاقتصادي، والخيري، والتعليمي، والدعم المظاهراتي، وغيرها من أشكال الدعم، ونحن بحاجة حقيقية إلى توسيع دائرة الدعم.

ما الكلمة التي توجهونها للأمة الإسلامية والعلماء والمؤسسات الدينية عن المسجد الأقصى في هذه المرحلة الحرجة؟

كلمتي هي، إننا نقف اليوم أمام خطر وجودي، لا سيما في فلسطين. فيا أمة الإسلام، هل تقبلون بأن تنتهي هذه القضية؟ هل تقبلون بأن تنتزع منكم قبلتكم الأولى التي حررها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأخذ فيها العهد، ووقع الاتفاقية مع المسيحيين، ثم حررها بعده صلاح الدين الأيوبي، بدماء عشرات الآلاف من خيار الناس من العلماء والقادة والمجاهدين؟ فهل تقبلون أن تُسلَّم قبلتكم الأولى لهؤلاء المحتلين النازيين المجرمين؟ هذا هو الجانب الأول.

أما الجانب الثاني: فأين إحساسكم الإسلامي؟ كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". فبيننا وبين فلسطين، وبيننا وبين غزة، علاقة الجسد الواحد.

ثم أوجه كلمتي إلى قادة أمتنا الإسلامية: فوالذي نفسي بيده، إن لم تتحركوا، وإن لم تدافعوا، وإن لم تتوحدوا وتتحالفوا تحالفا حقيقيًا، عسكريا واقتصاديا، فوالله ستتغير فعليا معالم الشرق الأوسط، وستكونون أول الضحايا لهذا التغيير، على يد أولئك المجرمين الذين لا يعرفون حقا ولا ذمة. هؤلاء يبدؤون بالمعارضين، ثم بالصامتين، ثم حتى بالمؤيدين. فهم لا يقبلون بوجود دولة ولا قوة يمكن أن تقف في وجوههم.

إعلان

مقالات مشابهة

  • 40 ألف مصلٍ يتحدون قيود الاحتلال ويؤدون صلاة الجمعة بالأقصى
  • القره داغي للجزيرة نت: دعوة إلى تشكيل تحالف إسلامي للدفاع عن القدس وفلسطين
  • رئيس جمعية علماء المسلمين الجزائريين يزور مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
  • وكيل الأزهر ورئيس القطاع يتابعان امتحانات الثانوية من غرفة العمليات
  • وكيل الأزهر: ختم "شرح علل الترمذي "دليل على عناية الأزهر بالسنة رواية ودراية
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • مرصد الأزهر: دراسة بريطانية تحذر من تأثير كراهية المسلمين على التماسك المجتمعي
  • وكيل الأزهر: ختم «شرح علل الترمذي» دليل على عناية الأزهر بالسنة رواية ودراية
  • في احتفالية اليوم الوطني المصري.. وزير الأوقاف يكرّم وزيري شئون المسلمين والتجارة بالفلبين
  • رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود الإمام الأكبر لجمع المسلمين تحت راية واحدة