الجمعية السودانية لحماية البيئة: بيان عن الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية للحرب الدائرة في السودان
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
تجاوزت الحرب في السودان شهرها التاسع، ولا زالت جهود تحقيق السلام بين أطرافها تتعثر، حيث شهدت الأشهر الأخيرة انتقال الحرب من ولاية الخرطوم إلى ولايات غرب ووسط وجنوب دارفور، وولايتي شمال وجنوب كردفان، ثم ولاية الجزيرة وولاية سنار، بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع على العديد من مقرات القوات المسلحة السودانية، والآن تهدد الحرب بقية ولايات السودان بلا استثناء.
وتشهد الحرب منذ بدايتها في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ إزهاقاً لأرواح المدنيين والعسكريين على حدٍ سواء، بوتيرة غير مسبوقة، حيث قتل أكثر من ١٢ ألف مدني حتى ٧ ديسمبر ٢٠٢٣، كما أدى التصعيد في المواجهات لنزوح أكثر من ٧ مليون نسمة (٥,٥ مليون نسمة نزحوا لمناطق آمنة داخل البلاد، وتم تهجير ١،٥ مليون للدول المجاورة).
ذلك، فضلاً عن الأزمات الإنسانية والممارسات القاسية والمصاحبة التي انتشرت على نطاق واسع من اضطهاد للنساء والأطفال، بما في ذلك العنف الجنسي وإجبار الأطفال على الخدمة العسكرية وحمل السلاح، والندرة في الغذاء وغلاء في أسعار المواد الأساسية وما إليها من تجاوزات. كما شهدت أيضاً تدميراً واسعاً للبني التحتية بصورة لم يسبق لها مثيل، من إطلاق الآلاف من القذائف والرصاص والقصف العشوائي، والحرائق في البيئات الطبيعية والصناعية، والقنابل الفسفورية، وبقايا القصف من عناصر المتفجرات والرصاص والمقذوفات، وتلوث مصادر المياه، وغيرها من الآثار البيئية الضارة.
قدّرت دراسة أجراها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية خسائر الاقتصاد السوداني خلال فترة الحرب بمبلغ ١٥ مليار دولار بنهاية العام الماضي (٢٠٢٣)، ما يعادل ٤٨٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقاً للدراسة، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في قطاعات الصناعة، والخدمات، والزراعة بنسبة (٧٠٪، ٤٩٪، ٢١٪) على التوالي. تنبأت الدراسة، والتي طُبقت على ١٠ ولايات، بفقدان ٢,٥ مليون وظيفة، وهو ما يقرب من نصف القوة العاملة في البلاد، نتيجة للخسائر في قطاعات الصناعة، والخدمات، والزراعة. كما حُرم أكثر من ١٩ مليون طفل وشاب من التعليم في مراحله المختلفة. وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن ٧٠٪ من المؤسسات الصحية توقفت عن العمل وأصبحت خارج الخدمة، ما أدى لأنتشار الأمراض مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك.
تعرضت العديد من المقار العامة والحكومية والخاصة، ومنظمات المجتمع المدني لاجتياح لمبانيها ومقراتها واعتداءات ونهب وسلب لأصولها في جميع الولايات التي تعاني من ويلات الحرب. فعلى سبيل المثال، تعرض مقر رئاسة الجمعية السودانية لحماية البيئة في أركويت بالخرطوم، لاعتداءات متكررة، تم على إثرها نهب ٤ سيارات هي من الأصول الأساسية للجمعية، كما نهبت جميع أجهزة الكمبيوتر وملحقاتها، ونظام الطاقة الشمسية وملحقاته بكاملها. وعلى إثر ذلك التدمير الممنهج لموقع رئاسة الجمعية وأصولها وممتلكاتها من مكتبات وتقارير ومصادر مالية بالعملتين المحلية والأجنبية لمشاريع تختص بالتنمية البيئية - حيث تقع مسؤولية حفظ تلك المصادر المالية والصرف على أنشطة المشاريع الملحقة بها، على عاتق الجمعية السودانية لحماية البيئة - قامت الجمعية من دافع مسؤوليتها تجاه التنمية البيئية، وإلتزاماتها تجاه شركاء الجمعية، بالرغم من ظروف الحرب القاسية، قامت بجهد كبير في إنشاء مقر بديل بمدينة ود مدني في سبتمبر ٢٠٢٣ واستطاعت أن تستأنف عملها في تنفيذ بعض المشاريع التى تهدف لحماية البيئة والتنمية البيئية في عدد من الولايات، منها الخرطوم وجنوب وغرب دارفور وكردفان والنيل الأبيض.
ولكن، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني في منتصف ديسمبر الماضي، دخل بعض منتسبيه إلى مكتب الجمعية الجديد، وقاموا بتهديد المدير التنفيذي وسلب جهاز الحاسوب المحمول الخاص بالجمعية، إلى جانب أموال تخص المدير، كما تم أيضاً سلب أموال من المدير الإداري للجمعية.
تدعو الجمعية السودانية لحماية البيئة جميع أطراف الحرب الجارية الآن في السودان لتقديم مصلحة الوطن والمواطنين على ما سواها، والجلوس للتفاوض من أجل تحقيق سلام دائم يجنب البلاد والعباد المزيد من سفك الدماء والخراب والدمار وشبح المجاعة والحالة الإنسانية الحرجة التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
أدى نزوح أعداد كبيرة من المواطنين إلى ضغوط كبيرة على الاستهلاك غير المرشد للموارد الطبيعية للطاقة، خاصة الكتلة الحية، وخصوصاً بعد الزيادة الكبيرة جداً في قيمة أسطوانات غاز البترول المسال، في الولايات التي لم تطالها غائلة الحرب حتى الآن.
تحتاج بصمة الكربون التي خلفتها الحرب المستعرة منذ منتصف إبريل ٢٠٢٣ إلى دراسة لمعرفة أثر انبعاث غازات الاحتباس الحراري، على أثر التعدي المستمر على الغابات لتوفير الوقود المنزلي. استغل بعض ضعاف النفوس حالة الفوضى وضعف الرقابة التي تسببت فيها الحرب وقاموا بالتعدي على الغابات بصورة منتظمة بغرض التجارة في الحطب والفحم على مستوى واسع، حيث لم تنج حتى الغابات المحجوزة من تلك التعديات.
علاوةً على كل ذلك، فقد دمرت الحرب في الخرطوم معظم البني التحتية للجامعات الحكومية والخاصة والكليات الجامعية والمراكز البحثية، كما حدث نفس الشيء في ولايات وسط وغرب وجنوب دارفور، وأخيراً ولاية الجزيرة، ويعاني ملايين الطلاب الجامعيين من توقف الدراسة وحالات الإحباط والقلق، إلى جانب الآثار الأخرى للحرب.
ومن الآثار بعيدة المدى للحرب الداخلية الدائرة في السودان هي الأثر النفسي للحرب والعدوان والترويع، خاصة لدى الأطفال.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
حوار مع صديقي المصري عاشق السودان
ليس كلُّ مصري يعرف أىَّ شئ عن السودان، واِنْ كان معظمهم يزعمون ذلك خاصةً سائقي سيارات الأُجرة!! ولعل مردّ ذلك ناتج من كثرة مخالطتهم (لاخواتهم) السودانيين ولكثافة وجود أبناء السودان منذ زمن بعيد في مصر، لكن صديقي المصري عاشق السودان يعرف بلادنا عن قرب ومعايشة لصيقة بأهله، ذلكم هو الدكتور عبدالعاطي المناعي الطبيب الانسان رائد السياحة العلاجية، ومن المفارقات أنه لم يدخل السودان أولَ مرةٍ بصفته طبيباً- إنَّما زاره بصفته مديراً لأعمال المحسن الكبير الشيخ الحاج سعيد لوتاه، لينفذ مشروعاً له في ولاية الجزيرة حيث توطدت صلته بالأستاذ عبد المنعم الدمياطي، والبروفسير الزبير بشير طه، والفريق أول عبد الرحمن سرالختم، والأستاذ عبد الباسط عبد الماجد، وغيرهم كثير، ومن ثم انداحت علاقاته مع أهل السودان، الذي زاره لأكثر من خمسين مرة، وأقام فيه السنوات ذوات العدد وأسس فرعاً لمركز ترافيكير، وشهد لحظة اندلاع الحرب، وعاش في قلب المعارك بالخرطوم لمدة تزيد عن شهرين متتاليين وانتقل لمدني ثم بورتسودان قبل أن يغادر إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، وكتب كتاباً- تحت الطبع- وثَّق فيه بعضاً من شهادته على الحرب!!
د.المناعي قال لي وهو في حالٍ من الدهشة عن ما يجري من بعض ضيوف مصر من أهل السودان الذين وصلوا بعد الحرب إذ لم يجد فيهم مثل من عرفهم من قبل!!
قال: شهدت مصر لجوء كثيرٍ من العرب من دول مختلفة، ولكنها لا تعتبر السودانيين لاجئين، فأهل مصر يعتبرون أهل السودان أشقاء بحق وحقيقة، هذه هي القاعدة، وإن كان لكل قاعدة شواذ!!
لكن ما تُظهره بعض فئات السودانيين من سلوكيات غير مناسِبة لأناسٍ وطنهم فى حالة حرب وجودية يكون بعدها أو لا يكون .. شئ يجعل الحكيم حيران!!
حفلات ساهرة ورقص خليع، نحن لم نَرَ مثل ذلك من جنسيات أخرى سبق وصولها لمصر وصول السودانيين بعد الحرب!!
صحيح أن معظم السودانيين فى حالة ذهول وحزن شديدين، ويتحرَّقون شوقاً للعودة لبلادهم، لكن تفشي ظاهرة هذه السهرات طغىٰ على ما سواه من ما يعانيه أهل السودان في مصر من آلام مع قسوة الحياة خارج أرضهم وديارهم !!
والناشطون من السودانيين على وسائل التواصل الإجتماعي، وهو الإعلام الأكثر تأثيراً والأسرع وصولاً للمتلقي، مشغول بسفاسف الأمور ومحاربة طواحين الهواء أما الإعلام الرسمي فمحصلته صفر كبير مع شديد الأسف.
وعلى ذكر الإعلام يقول د.المَنَّاعى لماذا لا نلحظ اهتماماً من إعلام سائر الدول العربية تجاه ما يدور فى السودان، ومصر ليست أستثناءً ؟؟
فى الوقت الذي نجد فيه إعلاماً سالباً تنشط فيه دولة الإمارات مع دورها المعروف في هذه الحرب، لدى كل دول العالم !!
ويختم د.المناعى هذه التساؤلات الحيرىٰ بتأكيده أن السياسة ليست من اهتمامته، لكن الوضع الماثل قد اضْطَره لطرح هذا الموضوع على كل سوداني يلتقي به، فهو عاشق للسودان ولكل ماهو سوداني!!!
وهكذا لم يَدَعْ صديقي المصري عاشق السودان، لِىَ ما أقول!! فالحقُّ أًنطَقه وأخْرَسَني، وبدا الحوار وكأنه من طرفٍ واحد.
والحقيقة أن ماتنضح به مجالس السودانيين في مصر أو بالأحرىٰ في القاهرة عن مثل هذه الممارسات الشائنة شئ لا يمكن الدفاع عنه، بل هى أشياءَ لا يمكن السكوت عليها، ولكن ما باليد حيلة، اللهم أهدِ قومي فإنهم لا يشعرون، ولا أقول لا يعلمون، فالأمر لا يحتاج إلى علمٍ أو كثير بيان، ومع كون أن التعميم ظالم، فهنا في مصر الكثير جداً من الأسر الكريمة المتعففة التي تعانى من شظف العيش في بلد ليس له فيها مصدر رزق ولا قريب قادر على التخفيف من وطأة الحياة اليومية فهم فى بلد [مافيهاش يامَّه أرحمينى] !!
ولربما وجد بعضاً من المطربين والمطربات وفِرَقَهم العذر في أن ما يفعلونه هو لجني المال لأنهم في بلد القول المأثور فيها [معاك قرش تساوي قرش، ما معاكش ما تسواش] !! لعن الله الفقر فإنه يذل أعناق الرجال، ولربما امتثلوا للمقولة الشعبية السودانية [بلداً ما بلدك أمشي فيها عريان] !!
لكن تلك المقولة -على عوارها- كانت مبلوعة قبل أن يصبح العالم كقرية واحدة يُرى فيها العريان أين ما كان !!
عفواً صديقي الفاضل فإن ما تراه هو من عقابيل الحرب التي لم تكن في الحسبان، أو على الأقل ليست بمثل هذه الصورة البشعة، عسىٰ أن تكون خيراً لنا،قال تعالى:-
﴿كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ شَرࣱّ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾
جزىٰ اللهُ الشدائدَ كلَّ خيرٍ عرفت بها عدوِّى من صديقى ، ياصديقى.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتسابPromotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/12/11 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة نسمع ضجيجاً ولا نرى2025/12/11 إبراهيم شقلاوي يكتب: العودة للخرطوم ورسائل مفضل2025/12/11 إسحق أحمد فضل الله يكتب: (يا أيها القبر… كم أنت حلو)2025/12/11 هذه المقالة حِصراً لغير المتزوجين2025/12/10 قصة السرير !!2025/12/10 الجيش والمليشيات: لكن الدعم السريع وحش آخر2025/12/10شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات آلهة “تقدم” تعاقبنا بحمل صخرة الكيزان صعوداً وهبوطاً إلى قيام الساعة 2025/12/10الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن