رايتس ووتش: اعتقال القاضي قطران مثال لحملة القمع الحوثية ضد حقوق الإنسان
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
يمن مونيتور/قسم الأخبار
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش” اليوم الثلاثاء، إن الحوثيين اعتقلوا قاضيا في العاصمة اليمنية صنعاء، على الأرجح بسبب منشوراته على منصة “إكس” (“تويتر” سابقا) التي تنتقد أفعال الحوثيين في البحر الأحمر.
وأفادت أن الجماعة المسلحة تهدد وتحتجز وتسجن الأشخاص الذين ينتقدونها في المناطق اليمنية التي تسيطر عليها.
قالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: “بينما ينشغل الحوثيون بالترويج أمام العالم أنهم يدافعون عن الفلسطينيين في غزة ضد الفظائع الإسرائيلية، يُسكِتون بلا رحمة اليمنيين تحت حكمهم الذين يتجرؤون على انتقادهم. المطالبة بحقوق الإنسان الأساسية للفلسطينيين تنطبق أيضا على اليمنيين”.
اعتقلت قوات الحوثيين في 2 يناير/كانون الثاني 2024 القاضي عبد الوهاب قطران من منزله في صنعاء. نشر محمد، نجل القطران، فيديو على منصة إكس قال فيه إن قوات من “جهاز الأمن والمخابرات” التابع للحوثيين وصلت إلى منزل الأسرة حوالي الساعة 10 صباحا، واقتحمته وهددت القاضي وعائلته، وأجبرتهم على دخول مركبات عسكرية منتظرة خارجا. بعد ذلك احتجزهم عناصر الأمن والمخابرات لساعات واستجوبوهم.
اعتُقل القاضي قطران لاحقا واقتيد إلى مكان مجهول، فيما أُطلق سراح بقية أفراد عائلته. قال محمد في الفيديو إن الحوثيين صادروا الهواتف وحواسب العائلة ولم يعيدوها. تظهر في خلفية الفيديو كتب وأوراق ومقتنيات منزلية أخرى متناثرة على الأرض، قال محمد إنها بهذا الشكل نتيجة الاعتقال.
بينما كانت قوات الأمن تقتاد الأسرة بعيدا، عرضت القوات أمام الجيران الموجودين زجاجات كحول زعموا أنهم وجدوها، مبررين اعتقال القاضي بالادعاء بأنه كان يصنع الكحول ويشربه.
قال محمد: “أرتنا [قوات الحوثيين] زجاجات خمور لم نرها من قبل – وزعموا أنهم عثروا عليها في منزلنا. كانت كميات عجيبة من الخمور بأشكالها وألوانها وأنواعها لم أرَها من قبل”.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى نجل قطران وثلاثة آخرين مطلعين على القضية، والذين قالوا إن سبب اعتُقاله، وفق اعتقادهم، انتقاداته للحوثيين، وليس الكحول. راجعت هيومن رايتس ووتش خمسة فيديوهات سجلها ابنه ونشرها على الإنترنت ومواد أخرى نشرها نشطاء حقوقيون آخرون ومنظمات المجتمع المدني.
قال رجل التقى جهاز الأمن والمخابرات بشأن قضية قطران لـ هيومن رايتس ووتش إن الإدارة أخبرته في البداية أن اعتقال القاضي كان لصلته بالكحول. قال إنه في وقت لاحق من الاجتماع، قال له أحد المسؤولين: “إذا كان لديك ديك يزعجك بصياحه طوال الوقت، ماذا ستفعل به؟” أضاف الرجل: “عندها علمنا أن اعتقاله كان بسبب نشاطه السياسي والحقوقي”.
القاضي قطران معروف بمواقفه ضد الحوثيين وسياساتهم، وسبق أن كتب عدة منشورات على حسابه على إكس حول انتهاكات الحوثيين لحقوق الإنسان، منها ما كتبه في 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، “لست مخول من الشعب اليمني لمحاربة احد هل تفهم ذلك؟!”. كتب حساب موالٍ للحوثيين منشورا بعد فترة وجيزة يذكر فيه قطران بالاسم، قائلا: “اليوم يا قطران غير أمس اليوم معركتنا مع أمريكا مباشره وليس هناك مكان لمرتزقة الداخل والمنافقين أمثالكم أنتم أمام خياريين إما مع الدوله أو مع أمريكا”.
قال الناشط الحقوقي رياض الدبعي لـ هيومن رايتس ووتش: “صحيح أن قطران قاضٍ، لكنه رفض الذهاب إلى العمل لموقفه ضد سياسات الحوثيين وطريقة إدارتهم المؤسسات الحكومية”.
وقال إن الحوثيين اعتقلوا قطران لنشاطه السياسي والقانوني الأوسع، وإن منشوراته حول هجمات البحر الأحمر “كانت مجرد القشة التي قصمت ظهر البعير”.
وقال الدبعي: “لا علاقة للحوثيين بالحرب في غزة. إنهم يستغلون القضية الفلسطينية فقط للهروب من التزاماتهم الداخلية تجاه اليمنيين… [مثل] توفير الرواتب والخدمات للأشخاص الخاضعين لسيطرتهم”.
بعد الاعتقال الأولي، لم تخبر سلطات الحوثيين عائلة القاضي قطران لمدة ثلاثة أيام بالوجهة التي اقتادته إليها. في 5 يناير/كانون الثاني، ذهب أحد أصدقاء القاضي إلى مقر جهاز الأمن والمخابرات، حيث أخبروه أن القاضي قطران محتجز في مقرهم، وأن بإمكان عائلته زيارته.
لكن، عندما ذهب محمد وعمه لزيارة القاضي، سمحت السلطات لمحمد فقط بالدخول. قال محمد في فيديوهات إنه لم يُسمح لأفراد الأسرة بزيارته أو التحدث معه بعد ذلك، إلى حين 28 يناير/كانون الثاني، عندما تلقى أحمد، الابن الآخر لقطران، مكالمة هاتفية مدتها 20 ثانية قال له فيها قطران “أنا ميت”.
في 15 و18 يناير/كانون الثاني، قدم محمد شكاوى رسمية إلى “مجلس القضاء الأعلى” ووزير حقوق الإنسان التابعَيْن للحوثيين تطالب بالإفراج عن والده، ولم يتلق ردا.
القبض على شخص بدون مذكرة وتهم واضحة هو انتهاك بموجب المادة 132 من “قانون الإجراءات الجزائية” اليمني. يتمتع القضاة أيضا بحماية قانونية إضافية بموجب القانون اليمني. تنص المادة 87 من “قانون السلطة القضائية” اليمني لسنة 1990 على أنه “لا يجوز القبض على القاضي أو حبسه احتياطياً إلا بعد الحصول على إذن من مجلس القضاء الأعلى”.
اعتقال القاضي قطران هو أحد الأمثلة المفترضة على نمط أوسع من قمع الحوثيين لحقوق الناس في حرية التعبير، فضلا عن نمط من الانتهاكات ضد النشطاء ومن يُنظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون. اعتقلت قوات الحوثيين تعسفا النشطاء والصحفيين والطلاب، وأخفتهم، واعتدت عليهم، وعذّبتهم وغالبا ما اتهمتهم بارتكاب مخالفات لا أساس لها ولا علاقة لها بحرية التعبير، في انتهاك لحقوقهم في المحاكمة العادلة، والحرية، والأمن.
ومؤخرا، حكم الحوثيون بالإعدام بتهم التجسس على الناشطة الحقوقية فاطمة العرولي (35 عاما)، التي أُخفيت قسرا على يد قوات الحوثيين في تعز في 12 أغسطس/آب 2022. لم تُمنح العرولي التمثيل القانوني الكافي، ورفضت السلطات مرارا طلبات أفراد عائلتها زيارتها والاتصال بها.
كما قام الحوثيون أيضا باعتقال البهائيين وإخفائهم منهجيا، وأجبروا البهائيين على الخروج إلى المنفى، بما في ذلك في الآونة الأخيرة عندما أخفوا قسرا 17 شخصا كانوا يحضرون تجمعا للبهائيين. وحتى 25 يناير/كانون الثاني، كان خمسة من الأشخاص الـ 17 ما يزالون محتجزين تعسفا.
في تقريره لعام 2023، أفاد فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن أنه وثّق العديد من الحالات التي تنطوي على الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب. وأضاف الفريق أن معظم الانتهاكات التي حقق فيها الفريق نُسبت إلى الحوثيين.
وثّقت “مواطَنة لحقوق الإنسان”، وهي منظمة مجتمع مدني يمنية، 1,482 حالة احتجاز تعسفي و596 حالة إخفاء قسري على يد سلطات الحوثيين بين 2015 وأبريل/نيسان 2023.
حالات الإخفاء القسري، التي تحتجز فيها السلطات شخصا ما ثم ترفض الاعتراف بمكانه أو وضعه عند سؤالها، هي جرائم خطيرة بموجب القانون الدولي ومحظورة في جميع الأوقات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
قالت جعفرنيا: “الناس في مختلف مناطق الحوثيين ليس لديهم ما يكفيهم من الغذاء والماء. أولوية الحوثيين ينبغي أن تكون حل هذه المشكلة وليس ملاحقة كل شخص ينتقدهم”.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن حقوق الإنسان ینایر کانون الثانی الأمن والمخابرات هیومن رایتس ووتش قوات الحوثیین اعتقال القاضی القاضی قطران قال محمد
إقرأ أيضاً:
السودان.. انهيار نظام العدالة ومحاسبة دولية تلوح في الأفق
أكدت الأمم المتحدة أنها تعكف حاليا على توثيق وجمع المعلومات اللازمة حول الانتهاكات التي استهدفت المدنيين في السودان خلال الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023، تمهيدا لاتخاذ إجراءات قضائية دولية، محذرة من أن البلاد تعيش أسوأ ازمة حقوقية مع الانهيار الكبير في مؤسسات العدالة المحلية.
وقالت لي فونغ ممثلة مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السودان في تصريحات نشرت الخميس على موقع المنظمة، إن حجم ووحشية الانتهاكات الموثقة حطمت حياة الملايين وأدت إلى أكبر حالة طوارئ إنسانية ونزوح جماعي في العالم.
وشددت المسؤولة الأممية على أن المساءلة هي التحدي الأكثر إلحاحا لكسر الحلقة المفرغة من الإفلات من العقاب التي غذّت دورات العنف في السودان.
وأوضحت فونغ أنه "مع اقتراب الصراع من عامه الثالث، لا تزال التقارير الدولية ترصد نمطا مروعا من الجرائم والانتهاكات، بدءا من الإعدامات الميدانية والعنف الجنسي، مرورا بالنزوح القسري والجوع، وصولا إلى انتشار خطاب الكراهية والعنف ذي الطابع القبلي".
انهيار العدالة محليا
أشارت ممثلة مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إلى خطر جسيم يواجه العدالة المحلية بسبب انهيار المؤسسات العدلية، وقالت إن الصراع أضعف بشدة سيادة القانون ومؤسسات العدالة، مما قوّض آليات الحماية الأساسية للمدنيين.
ولوّحت المسؤولة الأممية بعدة خيارات لتحقيق العدالة، موضحة "أعتقد أنه على المستوى الدولي أيضا، هناك العديد من الآليات المهمة. فالمحكمة الجنائية الدولية، بناءً على إحالة من مجلس الأمن، مُكلفة بالتحقيق في الجرائم الدولية المرتكبة".
وأضافت: "يتقاطع النزاع والانتهاكات الجسيمة مع انهيار مؤسسات العدالة وتقلص المساحات المدنية، في وقت يواجه فيه ملايين المدنيين مصيرا مجهولا".
أزمة حقوق الإنسان
وفقا للأمم المتحدة فإن وضع حقوق الإنسان في السودان "خطير للغاية".
ورأت فونغ أن السودان يعيش "أزمة حقوق إنسان وحماية ناجمة عن عامين ونصف من الصراع والانتهاكات واسعة النطاق للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد".
وحمّلت فونغ غياب احترام حقوق الإنسان مسؤولية الوضع الحالي الذي أدى إلى أكبر حالة طوارئ إنسانية في العالم، ونزوح جماعي، ومستويات صادمة من الجوع.
وتابعت موضحة أن "حجم ووحشية الانتهاكات التي نواصل توثيقها يعكسان أزمة حطمت حياة الملايين، وحرمت أعدادا لا تُحصى من السودانيين من الحماية الأساسية التي يستحقها كل إنسان".
لكن المسؤولة الأممية أبدت تفاؤلا بإمكانية تحقيق العدالة مستقبلا، قائلة: "سلّطت أعمالنا في مجال توثيق حقوق الإنسان والتقارير، الضوء على الانتهاكات المروعة وتأثيرها على المدنيين، ووفرت إنذارات مبكرة وتحليلات لصياغة الاستجابة للأزمة".
وأكدت فونغ أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يعمل على توثيق الانتهاكات ليكون شاهدا عليها.
وشددت قائلة: "نواصل توثيق انتهاكات خطيرة للغاية للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، تشمل الإعدام بإجراءات موجزة، والعنف الجنسي، والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، والقيود على الحيز المدني، والهجمات على البنية التحتية المدنية".
ووفقا لفونغ فإن المعلومات التي يتم جمعها حاليا ستكون حاسمة للإجراءات القضائية المستقبلية على المستويين الدولي والوطني.
وبيّنت فونغ أنه "نرفع تقاريرنا إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان الذي يقدم أيضا تقاريره إلى مجلس حقوق الإنسان، وهذا يضمن بقاء الوضع في السودان على جدول الأعمال الدولي".
ودعت المسؤولة الأممية أطراف الصراع إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي، وحماية المدنيين وضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات.
واعتبرت المسؤولة الأممية أنه من الضروري أن تكون المساءلة "جزءً من الطريق نحو السلام في السودان"، داعية إلى "انتهاج إجراءات مساءلة وآليات تُمكّن مراقبي حقوق الإنسان من الوصول، وتوثيق الوضع على أرض الواقع، والدعوة الفعّالة إلى حماية المدنيين وإجراء التحقيقات".
وكشفت فونغ عن انخراط المفوض السامي لحقوق الإنسان مع مجلس الأمن الدولي لضمان أن تكون المساءلة عن الانتهاكات محور جهود السلام والأمن.