«لا أدري لماذا هذا الكابوس لا يريد أن يتلاشى، كلما أضع رأسي على وسادتي يمر شريط ذلك اليوم من أمامي، أملي بس عدي، يشفى يمكن قلبي بيرتاح»، صوت أم يدوي ألمًا، تستغيت بكل ما تملك من قوة، لتنتشل ما تبقى من أبنائها من الموت، وفي ألف عبرة يضربها الفلسطينيون كل يوم، تحاول الأم بقلب مكلوم، أن تستجمع قواها بعد استشهاد ابنيها على أمل شفاء أخاهما، لاستكمال النضال لمحاولة أن تنأى به بعيدًا عن صواريخ ورصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي.

فقدان وألم

غلف القهر دموعها، تحكي تفاصيل المأساة لـ«الوطن»، وكأنها تحدث الآن، إذ تقول الأم أريج محمد: «كنت في المطبخ، انتهيت من إعداد الطعام، وبينما أنفض يداي، شعرت بأن الأرض تهتز، لم أر شيء من بعدها، إلا سماء سوداء، صوت يتخبط في كل مكان قادني إليها، شعرت أني أقابل أهوال يوم القيامة».

حجارة كبيرة اخترقت منزلهم في فلسطين، حاولت أن تدفع الباب، لكنها وقفت حجرة عثرة، حاولت الدخول إلى غرفة أخرى، وفي هذه اللحظة تمزق كل شيء بداخلها، حيث وجدت طفليها قد تجمعت الحجارة على الجزء السفلي منهما: «صاروخ نزل على البيت وحتى الآن ما حد شفي، كان بس نفسي أحفظهم القرآن».

الأم: الله تقبلهم شهداء

لم تنطق بكلمة من هول المشهد، وبعدها فقدت طفلها «قصي»، ولم تستعب الصدمة، حتى عرفت أنها فقدت «حمزة» طفلها الثاني أيضًا، لم يكن هناك متسع لصرخاتها، لم تصدق وظلت تبحث عنهما في كل مكان، لكن القدر حسم النهاية، وففارقوا الحياة: «قبل ما يستشهدوا بيوم سألني حمزة وقصي، بس نموت يا ماما وين بنروح، حكيت لهم عصفور بالجنة يا بابا إن شاء الله، كان بيهيئوا فيا إنه راح يروحوا سوا، لنا في الجنة لقاء بإذن الله».

حب وأمومة أفسدتها آلات الحرب الوحشية، خاف أهلها عليها أن ترى لحظة فراقهما، ملتفين بآخر ثوب لهما في الدنيا، لكنها استقبلتهما بنفس راضية بقضاء الله وقدره لتقبلهم وتحضنهم الحضن الأخير: «أنا بحاول انشفى اتخطيت مرحلة أنه ألتهي بالنهار بحياتي، صرت وأنا مفتحة عيوني أشوف الأولاد طالعين قدامي من تحت الحجارة، وعلى أمل إنهم عايشين، لكن ما عند الله باق».

View this post on Instagram

A post shared by Areej Mohammed (@areejoo.mohammed)

أدعو الله أن يشفي «عدي»

سافر والد الأطفال الثلاثة، إلى خارج فلسطين قبل الحرب، بحسب أريج: «كنا بأمان، كان مفترض يرجع في نص شهر 10 يشوف أحبائي، لكن القدر، إحنا من غزة بس الآن نزحنا لرفح بعد الحادثة، عدي كان محتاج عملية ومشفى، ورحنا على مشفى الخدمة العامة الأول، لكن أخلوها، لأنه بدهم يقصفوها، ورحنا رفح».

تتمنى «أريج» شفاء ابنها، داعية الله: «سلم الله أطفالكم جميعًا، سلم الله أطفال فلسطين، بس بتمنى عدي يشفى، أنا اشتقت كتير لحضنهم ولصوتهم ولرائحتهم ولحركتهم الكتيرة ولمشاكستنا سوا، واشتقت نلعب مع بعض الغميضة، يمكن عدي يعوض لي جزء حتى يجمعني بهم في الجنة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فلسطين غزة شهداء فلسطين

إقرأ أيضاً:

الهروب من الحرب إلى المجهول.. آلاف اليمنيين يفرّون من جحيم الحوثي.. المليشيا تُشعل أكبر مأساة إنسانية في اليمن

 

رغم مرور أكثر من عقد على انقلاب ميليشيا الحوثيين، لا تزال اليمن تشهد موجات نزوح متواصلة، حيث يجد آلاف المدنيين، مع إشراقة كل صباح، أنفسهم أمام خيارٍ قاسٍ، إما البقاء تحت وطأة الصراع وانهيار الأوضاع الأمنية، أو الهروب نحو المجهول بحثًا عن بقعة أكثر أمنًا.

 

وتسعى الأسر اليمنية، في خضم هذا الواقع المأساوي، إلى تأمين حياة كريمة لأطفالها، وسط أوضاع متردية لا تبشّر بمستقبل آمن، ويغدو النزوح اليومي بالنسبة لكثير من اليمنيين، ليس مجرد تحرّك جسدي، بل رحلة مستمرة نحو النجاة، تنشد الحياة وتفرّ من الموت.

 

وبحسب تقرير حديث صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فقد نزح أكثر من 200 ألف يمني مؤخرًا، بفعل النزاعات المسلحة أو الأزمات المناخية، في محاولة للفرار من واقعهم القاتم، وإنقاذ أرواحهم من المخاطر المحدقة.

 

ويرى مراقبون وحقوقيون يمنيون أن هذه الأرقام تكشف حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة، وتُحمّل ميليشيا الحوثي مسؤولية مباشرة، عبر سياساتها الممنهجة التي ساهمت في تدمير بنية الدولة والمجتمع، جاعلة من انقلابها نقطة تحوّل كارثية تتعمّق آثارها عامًا بعد عام.

 

وفي هذا السياق، قال أيمن عطا، المسؤول الإعلامي في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مأرب، في تصريح : "لا تزال موجات النزوح مستمرة حتى يومنا هذا، في مشهد إنساني يعكس عمق المأساة التي تعيشها البلاد، واستمرار التهديدات الأمنية والمعيشية التي تدفع آلاف الأسر لترك منازلها قسرًا بحثًا عن الأمان".

 

وأوضح عطا أن استمرار الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي ضد المدنيين، يدفع السكان إلى الفرار من مناطق سيطرتها، لا سيما في الشمال، نحو مناطق أكثر أمنًا في محافظة مأرب أو في المحافظات المحررة الأخرى.

 

وأضاف: "إلى جانب الأوضاع الأمنية المتردية، فإن الألغام المنتشرة، وانهيار الخدمات الأساسية، وتدهور سبل العيش، كلها عوامل تجعل من خيار البقاء شبه مستحيل لكثير من الأسر".

 

وأشار إلى أن مناطق النزوح، رغم التحديات، توفّر للنازحين نوعًا من الأمان النسبي، مقارنة بجحيم الانتهاكات الحوثية التي لا تفرّق بين رجل وامرأة، ولا بين طفل وشيخ.

 

وعن دور المنظمات الإنسانية، أقرّ عطا بأن الجهود الإغاثية المبذولة لا تزال دون المستوى المطلوب، قائلًا: "هناك فجوة كبيرة بين حجم الاحتياج على الأرض، وبين ما يتوفر من تمويل أو آليات حماية، ما يجعل الوضع الإنساني هشًا ومعرّضًا للانفجار في أي لحظة".

 

واختتم عطا حديثه داعيًا المجتمع الدولي إلى لعب دور أكثر فاعلية، لا يقتصر فقط على تقديم المساعدات الطارئة، بل يشمل أيضًا دعم حلول دائمة ومستدامة للنزوح، تضمن الحماية وتوفّر فرصًا للعيش الكريم.

 

وبحسب بيانات رسمية سابقة، يتجاوز عدد النازحين اليمنيين الثلاثة ملايين شخص، يتوزعون على أكثر من 650 مخيمًا وحوالي 900 تجمّع سكني في 13 محافظة تسيطر الحكومة اليمنية عليها بشكل كلي أو جزئي.

 

وتهتز المنازل تحت وطأة الصراع، وتنهار الممتلكات بفعل التغيرات المناخية، التي لا تملك اليمن – الدولة محدودة الموارد – الأدوات الكافية لمواجهتها، فكيف بالأسر والأفراد الذين يعيشون على هامش الأمان؟

 

من جانبه، سلّط الكاتب الصحفي والباحث الحقوقي همدان العليي الضوء على جانب آخر من النزوح الداخلي، لا يرتبط فقط بالحرب، بل أيضًا بالتغيرات المناخية التي بدأت تفرض واقعًا جديدًا في البيئة اليمنية.

 

وقال العليي في حديثه لـ"إرم نيوز" إن "النزوح في اليمن لا يقتصر على مناطق الصراع فحسب، بل هناك آلاف الأسر تُجبر على مغادرة قراها نتيجة الكوارث الطبيعية المتكررة".

 

وبيّن أن الأمطار الموسمية الغزيرة والمنخفضات الجوية باتت تتسبب سنويًا في سيول جارفة، تؤدي إلى خسائر مادية كبيرة في المنازل والمزارع، وتتسبب في نفوق المواشي وتضرر الممتلكات العامة والخاصة.

 

 كما أشار إلى أن الأمطار المتساقطة على المرتفعات الجبلية تؤدي إلى انهيارات أرضية وصخرية تهدد القرى الواقعة عند سفوح الجبال، ما يجعل سكانها عرضة لخطر دائم يُجبرهم على ترك مساكنهم والبحث عن مناطق أكثر أمانًا.

  

مقالات مشابهة

  • وكيل الأزهر : قواتنا المسلحة الآن تخوض معركة التنمية وبناء الوطن
  • حملة سياسية فلسطينية في عواصم أوروبا للاعتراف بدولة فلسطين
  • لقطات جوية تكشف مأساة آلاف النازحين المحاصرين على شاطئ بحر خان يونس (فيديو)
  • مأساة في المنصورة.. مصرع طفلة إثر سقوطها من الطابق التاسع بمنطقة توريل
  • بعد حرب دامت عامين.. اتفاق شرم الشيخ يفتح باب السلام وينهي مأساة غزة| ومحلل: مثلت القمة منعطفا محوريا
  • الجيش الإسرائيلي يداهم منازل أسرى مفرج عنهم والمستوطنون يهاجمون قرى فلسطينية مع بدء موسم قطف الزيتون
  • اللهم اجعل في قلوبنا سكينة.. دعاء الصباح اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر | ردده الآن
  • انتهاء تصوير الموسم الثالث من House of the Dragon تمهيدًا لعرضه صيف 2026
  • ناطق أنصار الله: تحرير دفعة من أسرى فلسطين انتصار جديد للشعب والمقاومة
  • الهروب من الحرب إلى المجهول.. آلاف اليمنيين يفرّون من جحيم الحوثي.. المليشيا تُشعل أكبر مأساة إنسانية في اليمن