هيمنة نسائية على ترشيحات جوائز جرامي الـ66
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
متابعة بتجـرد: لطالما أبدى الموسيقيون والنقاد أسفهم للغياب الكبير للنساء في سجلات الفائزين بجوائز “جرامي”، أبرز مكافآت الموسيقى الأميركية… لكن يُتوقع أن تصبّ أهمّ الجوائز في نسخة هذا العام، الأحد، لمصلحة فنانات، ما يعكس تغيراً في العقليات وتنوعاً متزايداً في المشهد الفني.
في فئة ألبوم العام وحدها، والتي تتنافس عليها خصوصاً تايلور سويفت، وسزا، وأوليفيا رودريجو خلال الحفلة الـ66 لهذه الجوائز في لوس أنجلوس، 7 من المرشحين الثمانية هنّ نساء، أو من مجتمع الميم.
وتقول كريستين ليب، الأستاذة في جامعة إيمرسون والمتخصصة في تسويق الموسيقى والهويات الجنسية “كان من المعتاد في ما مضى أن تلفت نجمات موسيقى البوب الانتباه من خلال مرورهنّ على السجادة الحمراء. أما الآن فبتن محور الحديث في المنافسة على جوائز (جرامي) نفسها”.
وتضيف لوكالة فرانس برس “إنه تغيير كبير. بات الحديث يدور حول موهبة النساء وجاذبيتهن أكثر من أجسادهن وملابسهن”.
وتتنافس تايلور سويفت، التي استحالت نجمة عالمية كبرى، مع سزا التي حصلت على أكبر عدد من الترشيحات (9) بفضل ألبومها SOS، وأغنيتها الضاربة، Kill Bill، وأوليفيا رودريجو، ملهمة ديزني السابقة التي تحظى أعمالها الموسيقية من نوع الروك باستحسان النقاد، في آن واحد على جائزتي أفضل ألبوم، وأفضل تسجيل لهذا العام، التي تُمنح تقديراً للأداء العام للأغنية.
والأمر سيّان مع مايلي سايروس وفرقة “بويجينيوس” التي أثارت موسيقياتها الثلاث فيبي بريدجرز وجوليان بيكر ولوسي داكوس ضجة كبيرة من خلال المزج بين موسيقى البوب الشعبية والروك المستقلة.
وتشارك في المنافسة أيضاً جانيل موناي، بيلي إيليش والنجمة الصاعدة فيكتوريا مونيه في الفئات الأبرز (أفضل ألبوم أو أفضل تسجيل أو أغنية)، أما الرجل الوحيد الذي نجح في حجز مقعد له في هذه المنافسة فهو عازف الجاز جون باتيست، الفائز الكبير في حفلة “جرامي” قبل عامين.
وتشير كريستين ليب إلى أن هذا التطور لافت، لأنه يطاول النساء والفنانات من مجتمع الميم مثل الثلاثي “بويجينيوس”، إضافة إلى مايلي سايروس، وبيلي إيليش، وجانيل موناي.
وعلى المستوى الإحصائي، ثمة تغيير ملحوظ. فبين عامي 2012 و2022، كان 13,9% فقط من المرشحين في الفئات الرئيسية من النساء، بحسب دراسة أجرتها مؤسسة Annenberg Inclusion Institute البحثية التابعة لجامعة جنوب كاليفورنيا.
وقد تتماشى هذه الأرقام مع التصريحات المثيرة للجدل للرئيس السابق لمنظمة “ريكوردينج أكاديمي” القائمة على جوائز “جرامي”، نيل بورتناو، الذي قال عام 2018 إن الفنانات يجب عليهن إبراز أنفسهنّ بصورة أكبر إذا ما أردن انتزاع مزيد من الاعتراف بهنّ.
وفي نوفمبر، كان بورتناو موضوع شكوى قانونية، إثر اتهامه بتخدير فنانة واغتصابها في 2018، وهو ما ينفيه.
وفي رد فعله على إعلان الترشيحات في نوفمبر، أشار رئيس “ريكوردينج أكاديمي” الحالي هارفي مايسن جونيور إلى أن “النساء صنعن موسيقى جيدة للغاية” وأنّ “ناخبينا اقتنعوا بوضوح” بأعمالهنّ.
وفي رصيد أكثرية هاتيك الفنانات مسيرة فنية قوية، ما سمح لهنّ باستكشاف أنماط متنوعة، بعدما كان يتم حصر النساء في كثير من الأحيان في موسيقى البوب.
وتوضح كريستين ليب “المرأة التي تحقق مبيعات جيدة مقدراً لها أن تفقد أسلوبها الموسيقي الأصلي، وتُصَنَّف على أنها نجمة بوب”.
وفيما تعتمد موقفاً حذراً حيال مسألة تطور العقليات، سواء في القطاع الموسيقي، أو في نظرة النقاد، تقول الأكاديمية “بشكل عام، تُعتبر موسيقى البوب أمراً مصطنعاً أو سريع الزوال”.
وتأمل خبيرة أخرى، هي كريستين ويش، التي تقدّم حصصاً في جامعة إنديانا حول تاريخ المرأة في الموسيقى منذ العصور الوسطى، أن “نتمكن في نهاية المطاف من متابعة الفن كما هو”، من دون أخذ “بعض الهويات” بعين الاعتبار.
وتوضح أن الطلاب لديهم إعجاب خاص بـ”بويجينيوس”، الثلاثي المرشح في ست فئات، والذي يسخر أعضاءه طوعاً من تسمية “نساء في موسيقى الروك”.
وتضيف ويش “كموسيقية ومدرّسة، لا أستطيع الانتظار إلى اليوم الذي لن يعود فيه النوع الاجتماعي موضوعاً مهماً ولن نتفاجأ بعد الآن بأن النساء يشكلن الأغلبية”.
main 2024-02-02 Bitajarodالمصدر: بتجرد
إقرأ أيضاً:
إندونيسيا الخيار الباقي أمام أمريكا للتحرر من هيمنة الصين على صناعة المعادن الأساسية
واشنطن, "د.ب .أ":فتح التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية والتوسع الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، والصراعات التجارية بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية من ناحية والصين أكبر منتج في العالم لمعادن الأرض النادرة من ناحية أخرى الباب أمام إندونيسيا لكي تحتل مكانة استراتيجية مهمة في سلاسل إمداد المعادن النادرة وصناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
ونظرا لافتقارها إلى الاحتياطيات الطبيعية والإمدادات المحلية من معادن الأرض النادرة التي تستخدم في أغلب الصناعات المتطورة بدءا من السيارات الكهربائية وحتى الأقمار الاصطناعية ومركبات الفضاء، تواجه الولايات المتحدة حاجة ملحة لتأمين سلاسل توريد موثوقة لهذه المعادن بعد معالجتها.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية تقول آنا بورجيل المحاضرة في سياسة التحول نحو الطاقة المستدامة بكلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكنز الأمريكية وسلمى خليل الباحثة في الكلية نفسها إن إندونيسيا تعتبر من أهم الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة لتأمين إمدادات موثوقة من المعادن الأساسية ومكونات بطاريات السيارات الكهربائية. وأشارت المحللتان إلى أن إندونيسيا تمتلك أكبر احتياطيات من النيكل في العالم، وأصبحت في السنوات الأخيرة أكبر منتج له أيضا. كما تحولت من دولة مصدرة للنيكل الخام إلى مركز رئيسي للمعالجة والتصنيع.
وحققت سياسة إندونيسيا للاستفادة من احتياطيات النيكل نتائج مبهرة. فقد تضاعفت عائدات صادرات النيكل إلى أكثر من عشرة أمثالها خلال عقد من الزمن، لتصل إلى 30 مليار دولار في عام .2022 ويعود جزء كبير من هذا النمو إلى تصدير منتجات النيكل ذات القيمة المضافة مثل النيكل الحديدي، وحديد النيكل الخام، والفولاذ المقاوم للصدأ بدلا من الخام . وعلى سبيل المثال، ارتفعت قيمة صادرات النيكل الإندونيسي المستخدم في الفولاذ المقاوم للصدأ إلى 9ر11 مليار دولار في عام .2022 وكما كتبت إيف واربورتون الباحثة في التغيرات السياسة والاجتماعية في تحليل نشرته ناشونال إنتريست، فإنه في إندونيسيا، "تبرز آفاق استخراجية جديدة ومراكز صناعية بسرعة مذهلة".
ومع ذلك، تأخر تطور سلاسل توريد بطاريات السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية في إندونسيا عن طفرة الفولاذ المقاوم للصدأ. وحتى وقت قريب، كانت صناعة النيكل في إندونيسيا موجهة نحو إنتاج النيكل من "الفئة الثانية" المستخدم في صناعة الصلب، وليس إلى مركبات النيكل عالية النقاء "الفئة الأولى" اللازمة للبطاريات.
لذلك، انخفضت صادرات إندونيسيا من منتجات النيكل المتعلقة بالبطاريات في السنوات الأولى من حظر التصدير - من حوالي 307 ملايين دولار في عام 2014 إلى 196 مليون دولار في عام 2022 - مما يعكس غياب القدرة التصنيعية اللازمة لإنتاج مواد صالحة للبطاريات. ولحل هذه المشكلة، خططت الحكومة الإندونيسية لتصبح واحدة من أكبر ثلاث دول منتجة لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم بحلول عام 2027، مع قدرة متوقعة تبلغ 140 جيجاوات ساعة بحلول عام .2030 وقدمت الحكومة حوافز سخية - مثل الإعفاءات الضريبية لمدة تصل إلى عشرين عاما للمشاريع الكبرى - لجذب المستثمرين إلى هذا القطاع.
وتصدرت الشركات الصينية قائمة الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع المعادن الأساسية بإندونيسيا، تلتها الشركات الكورية الجنوبية واليابانية. و شغلت إندونيسيا أول مصنع لديها بما يعرف بالاستخلاص الحمضي عالي الضغط (HPAL)، مما سد فجوة حرجة في سلسلة التوريد من خلال إنتاج مواد كيميائية من النيكل صالحة للاستخدام في البطاريات. وبحلول عام ????، تم إطلاق ستة مشاريع للاستخلاص الحمضي عالي الضغط في إندونيسيا.
ويعني هذا أن إندونيسيا أصبحت قادرة على توفير ليس فقط الخام، بل أيضا المواد المكررة اللازمة لإنتاج أقطاب الكاثود في بطاريات الليثيوم.، أي أنها ترسخ مكانتها كمصدر واحد مجمع لكل عناصر سلسلة الإمداد بدءا من المناجم إلى المواد الكيميائية المستخلصة، والتي تعتبر الجزء الأكثر صعوبة في سلسلة التوريد والتي تبحث عنها الولايات المتحدة والدول الغربية لتأمين احتياجاتها بعيدا عن الإنتاج الصيني والروسي.
لكن المشكلة هي أن هذا التطور الصناعي في إندونيسيا يتم بدون مشاركة أمريكية تذكر، رغم حقيقة أن إنتاج هذا القطاع من النيكل والكوبالت يستخدم في سيارات شركة تسلا وغيرها من السيارات الكهربائية الأمريكية. في الوقت نفسه فإن النيكل ليس مهما فقط في صناعة البطاريات عالية الكثافة المطلوبة لزيادة مدى السيارات الكهربائية، وإنما حيوي لتقليل الاعتماد على الكوبالت الذي يصعب الحصول عليه مع ارتفاع تكلفته.
ومن المنظور الأمريكي، يمثل قطاع النيكل في إندونيسيا قيمة استراتيجية حيوية في بناء سلاسل توريد بطاريات أكثر مرونة وتنوعا. ويعد استغلال قاعدة الموارد الإندونيسية وسيلة لتلبية الطلب المتزايد على النيكل في السيارات الكهربائية، مع تقليل الاعتماد على الصين، التي تسيطر على ما يصل إلى 90% من سلسلة توريد بطاريات الليثيوم المؤين العالمية حاليا. ولذلك فالشراكة مع إندونيسيا تتيح للولايات المتحدة تقليل الفجوة الهائلة مع الصين في مجال إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية. ففي حين وصل إنتاج الصين من هذه البطاريات في عام 2023 إلى حوالي 480 جيجاواط/ساعة لم تنتج الولايات المتحدة سوى 58 جيجاواط/ساعة.
في الوقت نفسه فإن إندونيسيا تتحول إلى مركز شامل لسلسلة توريد السيارات الكهربائية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وإذا استمرت الولايات المتحدة في تجاهل هذا الأمر، فلن يكون لها تأثير يذكر على المعايير أو التسعير أو تدفقات الإمدادات الصادرة من أحد أهم مراكز هذه الإمدادات في العالم.
ورغم ذلك تواجه إندونيسيا مشكلة كبيرة تتمثل في اعتماد صناعة معالجة النيكل الخام على الطاقة الكهربائية المولدة بالفحم وهو ما يجعلها صناعة ملوثة للبيئة. ووفقا للتقديرات فإن إنتاج كل طن من النيكل المعالج، يطلق نحو 6ر58 طن ثاني أكسيد الكربون.
هذه الحقيقة ستضع ضعفا متزايدا على صناعة النيكل العالمية، إذ يتزايد اهتمام مشتري المعادن بالاستدامة. في الوقت نفسه فإنها تمثل فرصة للولايات المتحدة التي تستطيع مساعدة إندونيسيا في تطوير إنتاج "النيكل الأخضر" باستخدام بدائل لأفران الصهر، ودمج مصادر الطاقة المتجددة أو منخفضة الكربون، والاستفادة من تقنية احتجاز الكربون. وهناك أسباب وجيهة لتوقع تزايد الطلب على "الفولاذ الأخضر" وغيره من مواد البطاريات منخفضة الكربون، لأن الأسواق الأوروبية واليابانية ستتطلبها بشكل متزايد للامتثال للوائح التصدير.
أخيرا تقول آنا بورجيل وسلمى خليل في تحليلهما إن إندونيسيا لا تعتبر مجرد فرصة استثمارية للشركات الأمريكية ذات الطموحات العالمية أو الساعية للتحرر من هيمنة الصين على التكنولوجيا النظيفة، بل إنها إحدى الجبهات القليلة المتبقية في العالم التي ما يزال يمكن تحقيق مكاسب استراتيجية فيها.