مسجد أم ضريح إله؟.. توتر جديد بين المسلمين والهندوس في الهند
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
يتساءل سيد محمد ياسين، القائم المسن على مسجد في مدينة مقدسة في الهند، بقلق عن المدة التي سيظل يُسمح فيها للمسلمين بالحضور والصلاة في مسجد بدأ الهندوس الصلاة فيه.
وباتت مدينة فاراناسي، حيث يقوم الهندوس بحرق موتاهم على ضفاف نهر الغانج، موقعا جديدا في معركة مستمرة للمطالبة بآثار إسلامية تعود إلى قرون، بدعوى أنها تعود للهندوس.
ومنذ تولى رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، منصبه عام 2014، شهدت الهند اندلاع أعمال عنف عديدة بين الأغلبية الهندوسية والأقلية المسلمة، التي يبلغ تعدادها أكثر من 200 مليون نسمة.
ويُتهم حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الحاكم بالسعي لتهميشها.
بعد ثلاثة عقود من قيام غوغاء هندوس بهدم مسجد تاريخي، حضر مودي في يناير الماضي، مراسم افتتاح معبد هندوسي كبير أقيم في نفس الموقع، في خطوة سياسية لتعزيز شعبية حزبه قبيل انتخابات وطنية حاسمة.
ويقول خبراء إن المعبد المخصص للمعبود الهندوسي الأكثر تبجيلا، اللورد رام، من شأنه أن يعزز إرث مودي كواحد من أكثر زعماء الهند أهمية، بعدما سعى صراحة إلى تحويل البلاد من ديمقراطية علمانية إلى أمة هندوسية.
ورأى كثيرون أن افتتاح المعبد بداية الحملة الانتخابية لمودي، الذي اتهم على نطاق واسع بتبني التفوق الهندوسي في الهند العلمانية.
وفي فاراناسي، يؤكد ياسين (78 عاما) القائم على مسجد جيانفابي "نحن نشهد قمعا وقسوة" موضحا أن "الأمر لا يتعلق بمسجد واحد فقط. فشعارهم يقول +لن ينجو حتى قبر أو مسجد"، بحسب ما أوردت "فرانس برس".
وطالبت جماعات هندوسية في المدينة بالسيطرة على المسجد قائلة إنه بني فوق ضريح للإله الهندوسي شيفا خلال امبراطورية المغول، التي حكمت معظم أنحاء البلاد قبل قرون.
وكان المصلون المسلمون يأتون إلى المسجد بحماية الشرطة لسنوات في مسعى لمنع تفاقم النزاع.
لكن هذا الأسبوع شهد تصعيدا كبيرا بعدما أمرت محكمة محلية بفتح قبو المسجد أمام المصلين الهندوس خلال سبعة أيام من الحكم.
وأقيمت مراسم صلاة هندوسية صباح اليوم التالي، بينما رفضت المحكمة العليا في الهند الاستماع إلى طلب مقدمي التماس مسلمين لإبطال الحكم.
وتعرض المسلمون الهنود لهجمات متزايدة في السنوات الأخيرة من قبل جماعات قومية هندوسية، ودخلت ثلاثة مساجد تاريخية على الأقل في شمال الهند في نزاعات قضائية بسبب مزاعم بأنها بنيت على أنقاض المعابد.
كما رفع القوميون الهندوس العديد من القضايا في المحاكم الهندية سعيا للحصول على ملكية مئات المساجد التاريخية.
ويرى ياسين أن الحكم وما تلاه من اندفاع المصلين الهندوس إلى الموقع - دون أي عوائق من قبل السلطات - يظهر دعما رسميا للادعاء الهندوسي، مما جعله يشعر بحزن عميق.
وأضاف "إنهم يأتون عبر المحاكم وعبر النظام" مؤكدا "مهما كان قدر الألم الذي يمكنني الشعور به كمسلم، شعرت به. كنت مضطربا طوال الليل".
توترات واضحةوبدت التوترات خارج المسجد الجمعة واضحة للغاية، مع انتشار معزز للشرطة وحوالى 2500 مسلم - أي ما يقرب من ضعف الجماعة المعتادة - وصلوا لأداء الصلاة.
في المقابل، احتشد عشرات من الهندوس في الشارع بعيدا من حواجز الشرطة وهم يرددون شعارات تعبدية لشيفا، إله الخلق والدمار.
ويزعم النشطاء الهندوس أن المسجد أقيم فوق ضريح لإله هندوسي خلال الإمبراطورية المغولية، التي يرون أنها حقبة تعرضت فيها عقيدتهم للاضطهاد.
ويقول الناشط في مجال القضايا الهندوسية سوهانلال إن قرار المحكمة بفتح مسجد فاراناسي أمام الهندوس كان "خطوة إلى الأمام" في الحملة لتصحيح الأخطاء التاريخية.
وبحسب الرجل (72 عاما) "لقد دمروا مكاننا المقدس وبنوا مسجدا. أدلتنا على ذلك دقيقة. لهذا السبب لدينا ثقة كاملة بالمحاكم".
وأكد أن النضال من أجل "استعادة" الموقع مستمر منذ بناء المسجد قبل أكثر من ثلاثة قرون، مشددا على أن صبر الهندوس بدأ ينفد.
وأكد إخلاصه في إيمانه بالإله شيفا، متسائلا "كم من الوقت سيستغرق الأمر؟ جيل واحد، جيلان، ثلاثة أجيال؟ نحن ننتظر".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی الهند
إقرأ أيضاً:
البعثة الأممية تحذّر من التدخّل في مهامها.. توتر في جنوب لبنان بين الأهالي وقوات «اليونيفيل»
البلاد – بيروت
تجددت التوترات في جنوب لبنان أمس (الأربعاء)، بعد وقوع إشكالات بين قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” وأهالي بلدات في قضاء بنت جبيل، وسط تحذيرات من قيادة القوات الأممية من “أي تدخل في أنشطتها الميدانية”، معتبرة ذلك خرقًا للاتفاقات الدولية ولقرار مجلس الأمن 1701.
واندلع خلاف في بلدة ياطِر الجنوبية، عندما دخلت دورية مؤللة تابعة لقوات “اليونيفيل” أحد أحياء البلدة، ثم تطور الموقف إثر اعتراض بعض الأهالي على دخول الدورية دون تنسيق واضح مع الجهات المحلية، ما دفع الجيش اللبناني للتدخل وتهدئة الوضع.
ووفق مصادر محلية، تصاعد التوتر إلى حد أن بعض المدنيين قاموا بإشهار السلاح بوجه أفراد القوة الدولية، وهو ما لم تؤكده قيادة “اليونيفيل”، التي أكدت أن الجنود تمكنوا من متابعة مهمتهم بعد نحو نصف ساعة من التوقف.
وفي بلدة فرون القريبة، حصل إشكال ثانٍ لأسباب مماثلة، إذ رفض عدد من السكان مرور دورية اليونيفيل غير المصحوبة بوحدة من الجيش اللبناني، ما أعاد الجدل بشأن حرية حركة قوات حفظ السلام وآلية عملها جنوب الليطاني.
المتحدث الرسمي باسم “اليونيفيل”، أندريا تيننتي، شدد في بيان رسمي على أن “أي تدخّل في أنشطة جنود حفظ السلام أمر غير مقبول”، ويشكل انتهاكًا لالتزامات لبنان الدولية، خصوصًا القرار الدولي 1701 الصادر عام 2006. وقال: “نذكّر الجميع بأن قوات اليونيفيل تعمل في جنوب لبنان بناءً على طلب الحكومة اللبنانية وبتفويض من مجلس الأمن، وجميع دورياتها تُنسق مسبقًا مع الجيش اللبناني”.
وفي تعليقه على حادثة بلدة ياطر، أوضح تيننتي أن “مجموعة من الرجال بملابس مدنية أوقفوا جنود حفظ السلام أثناء قيامهم بدورية مخطط لها مسبقًا”، لكنه نفى أن يكون قد تم التهديد بالسلاح، مؤكدًا أن الدورية واصلت طريقها دون أذى. تأتي هذه التطورات في وقت حساس يشهد فيه الجنوب اللبناني توترات متقطعة على الحدود مع إسرائيل، وتنامي المخاوف من انزلاق الوضع إلى مواجهات أوسع.
وتتألف قوة “اليونيفيل” من نحو 10,000 جندي من 46 دولة، وتعمل بشكل رئيسي على دعم الجيش اللبناني ومراقبة الانتهاكات على جانبي الحدود، سواء من جانب إسرائيل أو من تبقى من عناصر حزب الله المنتشرين جنوبي الليطاني.
الاحتكاكات المتكررة بين الأهالي و”اليونيفيل” ليست جديدة، لكنها آخذة في التصاعد مع تزايد حساسية الوضع الميداني. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن مثل هذه الحوادث قد تؤثر على فعالية القوات الدولية في تنفيذ تفويضها، وتضع السلطات اللبنانية أمام اختبار حقيقي في ضبط الأمن وتسهيل عمل البعثة الأممية.