الثورة نت:
2025-12-12@18:58:11 GMT

الخروج اليماني العظيم

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

 

 

بات الخروج الذي يشبه زحوف الحشر علامة مميّزة للشعب اليمني العزيز، وظاهرة يمنية بامتياز…
ربّما خرج الناس هنا وهناك في مناسبة أو أخرى، ولربّما احتشدوا في هذه الساحة أو تلك بتكليف من جهةٍ عليا في نظام ما وتحت مراقبة ومتابعة للحضور الذي يوفّر لهم وسائط النقل مجيئاً وانصرافاً، ولربما زيد على هذا وجبةً سريعة أو قارورة ماء تحفيزاً لهم كي يحضروا.

.
الاجتماع في حد ذاته حين يكون حشراً يعدّه البعض مؤشّراً على شعبية من دعا إليه، ولربما وصف بالاستفتاء على القضية التي احتشد الناس لها…
ومن هنا كان الاجتماع للصلاة من أعظم الشعائر التي يُقاس بها إيمان والتزام المرء المسلم لدرجة جعلها من أول ما يُسأل عنه في حسابه الأخروي، وأنّها عمود الدين، وهذا يُقال في الجمعة، حيث يجتمع المصلّون في المسجد الجامع وراء خطيب واحد وإمام للصلاة واحد، ويعظُم الحال في ركن الحج ومناسكه المعظّمة، حيث يلتقي المسلمون الآتون من زوايا الأرض الأربعة ويجتمعون في صعيد واحد بلباس واحد في أجلى مظاهر الوحدة والتوحيد..
وقل مثل هذا في الجهاد، حيث النفير والبعث والصف الواحد والغاية الواحدة..
هذه الشعائر المقدّسة التي يحبّها الله، وهي محل نظره، بل ومباهاته لملائكته المقربين، تمثّل المادة الأساس التي وضعت لتماسك بناء الأمة على المستويين الفردي والجمعي، وتعدّد هذه الشعائر وتنوّعها فوق أنّه تعبير عن سعة الرحمة الإلهية، واللطف الإلهي في تربية النفس البشرية وتزكيتها وسدّ حاجاتها المتنوعة، وتجنّب أن تصاب بالفتور من اعتياد وألفة النوع الواحد، فإنّه بالجمع بين هذه العبادات يجعل منها مثل السبيكة التي تتكون من مزيجٍ من العناصر المتآلفة المنسجمة يشدّ بعضها بعضاً ويزيد بعضها بعضاً قوة وصلابة..
هذه الشعائر، حيث تجتمع في الإنسان والمجتمع تزيده قوةً ومنعةً وعلوّاً، وشدّة وصلابة تتحطّم عليها الفتن ويُدحر أمامها الشيطان وحزبه، ويُغاظ بها أعداء الله..
هذه الشعائر المعظمة منها ما هو يومي ومنها ما هو أسبوعي، ومنها ما هو حولي، ويتخللها ما هو موسمي كشعيرة صلاة العيدين، فهي متصلة دونما انقطاع، تضيق حيناً، وتتسع حيناً حسبما يقتضيه الشرع، وملاك ذلك الاستجابة لداعي الله، وتحقيق العبودية له سبحانه وحده لا شريك له، وإظهار وحدة الأمة وقوتها وتماسكها والولاء فيما بين أفرادها وشعوبها وقبائلها تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم….
وقد جعل الله بين يدي هذا الحشد الإيماني نداءً سُمّي أذاناً، وهو ذكر مخصوص شُرع للإعلام بدخول الوقت ودعوة الناس إلى الاجتماع، وهو شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام..
جاء في تفسير قوله تعالى: { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}الحج:27 أي : أعلم ونادِ الناس بالحج، والخطاب هنا لإبراهيم (عليه السلام)، فقال إبراهيم: وما يبلغ صوتي؟ فقال: عليك الأذان وعليّ البلاغ، فقام إبراهيم (خليل الله) على جبل أبي قبيس وصاح: يا أيّها الناس، إنّ ربّكم اتخذ بيتاً فحجّوه، فيقال أن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنّه يحج إلى يوم القيامة «لبيك اللهم لبيك»، قال ابن عباس: « فأوّل من أجابه أهل اليمن فهم أكثر الناس حجّاً» (تفسير البغوي وغيره).
وكأنّي بابن عباس (رضي الله عنهما) يشير إلى أهل اليمن في أيامنا هذه، وهم يستجيبون لداعي الله علم الهدى نصرة للمستضعفين في غزة وفلسطين، ويُقيمون على المسلمين الحجّة في خروجهم العظيم، حيث لا عذر لأولئك المخلّفين الذين هم على شاكلة المنافقين الأولين في تاريخ الأمة، أولئك الذين خذلوا الحق، واختلقوا الأعذار وقلّبوا الأمور، وحسبوا أن لا تكون فتنة فعموا وصمّوا، «والله بصير بما يعلمون»، وأهل الحق شهودٌ على نفاقهم..
وهنا يجيء الخروج اليماني المهيب، استجابة لداعي الله العلم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) الذي يقف على سبيل جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعو الناس إلى الله على بصيرة، بسنده المتّصل إلى القرآن والعترة، وهو يقود المسيرة القرآنية، وينسج من خيوط الإيمان درعاً سابغاً يتدرّع به الشعب اليمني، ورايةً مرفرفة باسقةً هي هويته الإيمانية التي حباه الله بها..
قبل عشرٍ من السنين، ما كان أحدٌ إلّا من رزقه الله البصيرة وتأويل الرؤيا يظن أنّ اليمن مقبل على حياة جديدة تنبت فيها جباله وسهوله كلّ هذا النبت من العزّة والكرامة، وقد كانت مركوزة فيه بالقوة، حتى جاء من يخرجها إلى الفعل، وهذه واحدة من ثمرات القيادة الربّانية المسلمة وجهها لله في سبيل الإحسان، { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}النساء:125
الخروج العظيم لأهل اليمن وهم الذين ما برحت الحروب تشنّ عليهم من الأقربين والأبعدين، وهم المحاصرون سياسياً، فلا أحدٌ من الأعراب يتعاطى معهم على حدِّ الاعتراف بهم، بينما نرى أولئك الأعراب يعترفون بـ «إسرائيل» ويشرعون أبواب بلدانهم لليهود الصهاينة الغاصبين المفسدين، وهم المحاصرون اقتصادياً فلا أحد يتبادل معهم تجارة ولا صناعة ولا زراعة، وأكثر من هذا تُفرض عليهم محاصرة مالية وتفرض «العقوبات» من الغرب الكافر على كل من يعمل أو يحاول كسر هذه الحصارات، ويدرجونه على قائمة «الإرهاب» ذلك التصنيف السخيف على حد قول السيّد القائد..
ومع كل هذا، فها هو اليمن يُحاصر حصاره، ويخرج من كل هذه الابتلاءات أصلب عوداً، وأشدّ قوة، وأمضى عزماً، وأكثر يقيناً، وأوضح نهجاً، وأبين قولاً ، وأصدق فعلاً، ولا يرضى بأقل من مقام السابقين المتقين مصداقاً لقوله الله عز وجل: { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ..}آل عمران:172
ولقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}آل عمران:173
فهل من مصداق أعظم لهذا التوصيف الإلهي لجماعة من المؤمنين من اليمن ومقاومة فلسطين وغزة وحزب الله..
وبعد هذا الانطباق في الوصف الذي يُشير إلى المقدّمات، فإن من الحتميات أن تتحقق النتيجة المترتبة على هذه المعادلة أو السنّة الإلهية وهي: { فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} وهذا الأمر هو الذي يُعطي ليمن الإيمان والمجاهدين كل هذه الثقة في الله سبحانه والتوكّل عليه في كل شأن من الشؤون، وهو ما لا يفقهه الكافرون والمنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في هذا العالم.

* رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية – الإيرانية

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الإمام العياني.. نجم بزغ في سماء اليمن وقائد جمع بين السيف والقلم

 يمانيون| محسن علي

في فترة من تاريخ اليمن, حيث كانت البلاد مسرحا للتقلبات السياسية والانقسامات المذهبية, بزع نجم الإمام المنصور بالله القاسم بن علي العياني’ كواحد من أبرز أئمة الزيدية في اليمن فكان العالم المجاهد’ والمصلح الساعى لتوحيد الكلمة وإقامة العدل, وكانت حياته أشبه بملحمة من العلم والجهاد, تركت بصمة واضحة في تاريخ اليمن والزيدية ودور محوري في تاريخ المنطقة خلال القرن الرابع الهجري.

نسبه الشريف:

هو الإمام المنصور بالله القاسم بن علي بن عبدالله بن محمد بن الإمام القاسم بن إبراهيم عليهم السلام ومنهما إلى الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام.

كنيته الجهادية: (أبو الحسين)

أولاده: سليمان، ويحيى، وعبدالله، وعلي، وجعفر.

 

النشأة والحياة العلمية

ولد الإمام القاسم بن علي العياني سنة 310هـ (922م)في منطقة تبالة من بلاد خثعم (عسير حاليا) ونشأ في بيئة علمية’ حيث تلقى العلم على يده والده وغيره من علماء عصرة, ولُقب بـ “المنصور بالله”، وهو من ذرية الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي ,وتشير المصادر إلى أنه كان أعلم أهل زمانه، وقد جمع بين العلم والجهاد وكانت له مكانة علمية مرموقة.

 

ما قيل عنه

قال الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى عليه السلام:
والقاسم بن علي المشهور بالــعلم الغزير الواسع الدفاق.

 

الدعوة والإمامة

بدأ الإمام القاسم بن علي العياني دعوته للإمامة في سنة 388هـ (998م) من بلاد خثعم في الشام، ثم أرسل رسله إلى اليمن ثم رحل إلى الحجاز، ودخل اليمن، فاستقر في صنعاء إلى أن توفاه الله تعالى.

أبرز ملامح جهاده وإمامته

أعلن دعوته من بلاد خثعم، وأرسل رسائل إلى أهل اليمن ونجران يدعوهم فيها إلى مبايعته , فكانت بداية الدعوة في (الشام)388هـ ومن ثم ـتولى الإمامة في اليمن، وكانت فترة حكمه قصيرة لكنها حافلة بالجهاد والحركة, وواجه العديد من التحديات والصراعات مع قوى محلية كانت ترى في دعوته تهديدا لنفوذها.

 

منهجه وصفاته وأساس دعوته

تميز بمنهج قرآني للإصلاح الشامل حيث كان حريصا على نشر العلم وتطبيق العدل كأساس لدعوته, إذ عرف عنه ورعه الشديد والتسامح, وقوة الشكيمة في عزل الولاة غير الأكفاء, كما أنه كان شاعرا بليغا, ومؤلفا غزير الإنتاج.

 

الإمامة في اليمن389هـ – 393هـ

بعد أن ذاع صيته وعلمه, بدأت وفود اليمنيين تصل إليه وتدعوه للقدوم إلى اليمن لقيادتهم وإصلاح شؤونهم, ومع إصرارهم في دعوته توجه إلى صنعاء وعند وصوله باعيه الداعي يوسف بن يحيى أحد أحفاد الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام, وانضوى تحت رايته مما أعطى دعوته زخما كبيرا,واستطاع أن يمد نفوذه بقوة إلى مناطق واسعة في اليمن ومنها نجران.

 

الحملات العسكرية

كان بينه وبين الإمام الداعي إلى الله يوسف بن يحيى تعاون على إقامة دين الله وإحياء السنن، مما يشير إلى تحالفات سياسية ودينية في تلك الفترة.

 

الإرث العلمي والمؤلفات

إرثه العلمي الضخم وحركته الجهادية القصيرة والمؤثرة جعلته شخصية محورية في تاريخ الزيدية واليمن, إذ كان غزير الإنتاج العلمي، وقد ذكرت المصادر أن له مؤلفات تقارب المئة في الفقه والأصول, وقد جُمعت كتبه ورسائله في “مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العياني” .

 

من أبرز مؤلفاته:

ترك الإمام القاسم العياني مكتبة غنية من المؤلفات التي تدل على سعة  وغزاة علمه ومن أبرزها:

كتاب الأدلة من القرآن على توحيد الله

وكتاب التوحيد

وكتاب التجريد

وكتاب التنبيه.

 

الوفاة ومكان مرقده المبارك:

سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ( 393 هـ 1003م) بعد فترة اعتلال.

مشهده: في منطقة عيان ببلاد سفيان بمحافظة عمران شمال محافظة صنعاء, وخلفه في الإمامة ابنه المهدي الحسين بن القاسم، الذي واصل مسيرة أبيه.

 

يمثل الإمام القاسم بن علي العياني نموذجاً للإمام الذي جمع بين السيف والقلم, فقد كان عالماً فقيهاً مجتهداً، وقائداً عسكرياً وسياسياً لم يتردد في امتلاك عناصر القوة والإعداد في سبيل الله لمواجهة أعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا وإقامة دعوته في اليمن.

مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العياني #أئمة_الهدى_في_اليمن#الإمام_القاسم_العياني

مقالات مشابهة

  • الإمام العياني.. نجم بزغ في سماء اليمن وقائد جمع بين السيف والقلم
  • فضل الله بعد لقائه سلام: الملف الأساسي الذي ناقشناه يرتبط بإعادة الأعمار
  • فضل يوم الجمعة: يوم مبارك يجمع الطاعات والدعوات والأجر العظيم
  • الجميل: وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • جلال كشك.. الذي مات في مناظرة على الهواء مباشرة وهو ينافح عن رسول الله
  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي
  • لوحة سيارة بسعر خيالي تثير جدلا في اليمن.. ما القصة؟
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
  • الأوقاف: زيارة المتنافسين في المسابقة العالمية للقرآن للمتاحف تعزز فهم الحضارة المصرية