موقع النيلين:
2025-07-05@13:44:21 GMT

السفير عبد الله الأزرق يكتب: ???? تبرئة المجرمين

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT


زار أبو نوّاس رجلاً بخيلاً يُسمّى أبو هند وقت الغداء ، فتركه جائعاً وأكثر من الكلام ولا شيئ سوى الكلام ، فأنشد أبو نوّاس قائلاً :
أبو هند نزلت عليه يوماً
فغداني برائحةِ الطعام
وقدم بيننا لحمًا سميناً
أكلناه على طبقِ الكلام
فكان كمن سقى الظمآن ظلاً
وكنت كمن تغدى في المنام
ذلك كان حالنا مع القحاتة عقب الإطاحة بالبشير : كلامٌ في كلامٍ في كلامِ ؛ ثم أكثروا في الأرض الفساد فأكلوا مال لجنة التمكين وتركونا كشعبٍ جائعين .


فلما دارت عليهم الدوائر تآمروا مع المجرم الجاهل فأوقدوا نيران الحرب . ولما اشتد الكرب على الجماهير تداعت لحماية الأرض والعرض .
أثار التداعي الواسع للمقاومة الشعبية الذعر في قلوبٍ كثيرة. وجراء هذا انطلق نشاط محموم واتصالات جمة بدأت بمبعوث الأمين المتحدة وامتدت لتشمل اتصالات امريكية وأوروبية وخليجية مع القيادة السودانية؛ كلها تهدف لإجهاض المقاومة الشعبية أو تجاوزها بأي صورة. ذلك لأن كل هذه الأطراف تُدرك أن المقاومة الشعبية ستقلب المعادلة التي كانت سائدة رأساً على عقب.
وتزايد الهلع وسط تلك الأطراف وكذلك بين قيادة المليشيا المتمردة وقيادة قحت. لهذا يسعى هذان الطرفان تحديداً لصيغة ما مع القيادة السودانية تنجيهما من مآلات نجاح حملات الجيش والمقاومة.
معلوماتي الأكيدة أن حميدتي يسعى للتفاوض بكل ما أوتي من قوة.
كما أن معلوماتي الأكيدة تشير إلى أن قيادات قحت تسعى بقوة للتفاوض.
ويجد هذان الطرفان دعماً من الغربيين ليتم هذا التفاوض.
وقد وجدت المليشيا وقحت وداعميهم طوق النجاة في الدعوة لتفاوض داخل السودان. واتضح تلهفهم لهذا الضرب الجديد من التفاوض في تصريحات محمد الفكي المشهور بمنقة وجعفر المشهور بسفارات، اللذان قالا إنهما على استعداد للمجيء للسودان حال تحديد زمان ومكان التفاوض.
هناك أسباب عدة أجبرت قيادة المليشيا المتمردة على طلب التفاوض: (1) منها أن الجيش والمتطوعين فتكوا بعناصر المليشيا في العاصمة فتكاً ذريعا.
(2) ثم إن المليشيا فشلت في إدارة المناطق التي سيطرت عليها في غرب السودان. فقد ارتفعت أسعار لكل شيء بصورة جنونية، وتعاني تلك المناطق من شح في كل المواد جراء انقطاع الطرق بينها ووسط السودان ومينائه. ووصلت الأوضاع حد انقطاع مياه الشرب في بابنوسة نظراً لانعدام الوقود لتشغيل مضخات سحب المياه من الآبار. دع عنك كراهية المواطنين لعناصر المليشيا الذين أذاقوهم الأمرَّين.
تعطلت خدمات الكهرباء ومرافق الصحة والتعليم بكل مراحله؛ وانسحب الموظفون والعمال والفنيون وتركوا العمل مع المليشيا لتشغيل تلك المرافق.
( 3 ) بدأت نُذُر الانهيار والهرب بين عناصر المليشيا .
ونتيجة لهذه الضغوط أخذ عبد الرحيم دقلو يتوعد القحاتة بالثبور وعظائم الأمور؛ متهماً إياهم بالخيانة بعد أن وعدوهم بكل الدعم وتشغيل كل المرافق في المناطق التي يسيطرون عليها.
أيقنت قيادة المليشيا أن الحكم لا يقوم على البندقية والقمع، وأن تحدياته تحتاج لكوادر وقدرات وخبرات، لا هي تملكها، ولا يتمتع بها جناحها السياسي (قحت).
أزعم أنها استيقنت ذلك لكنها تجحده ، لذا تواصل جرائمها .
وأرى أن قحت تعلم أنها أرجعت السودان عشرات السنين للوراء لافتقارها للكوادر المؤهلة ، لكنها لا تستطيع أن تُقرّ بحق ، فهي طامعة ( والطمعُ كالحبِ يُعمِي ) ) هذا من ناحية ؛ من ناحية أخري فهي مَقُودَة.
قحت لم يُجدِها تبديل جلد الافعى بالاسم الجديد المفتعل . حزب الأمة شرع في مراجعات والبعثيون والشيوعيون خارجها ؛ فلم يبقَ فيها إلا حمدوك وسلك ومنقة والدقير وسفارات . وحتى الجنوبيون ما عادوا كسابق عهدهم معهم ؛ بسبب مظاهرتهم للمليشيا التي جندت الجنوبيين معارضي نظام سلفاكير . فماذا تبقى منها ليجري التفاوض معه ؟
جاءت المناداة لقحت والمليشيا للتفاوض الداخلي في وقت لاحت فيه بشائر النصر بما تحقق من انتصارات بجهود جبارة وتضحيات جسام. وفي هذا خذلان عظيم للجيش والمجاهدين معه بعد كل ما بذلوا.
ثم إن تلك الدعوة تمثل طوق نجاة لمجرمين مارسوا ضد المواطنين كل ضروب الإجرام وما استبقوا شيئاً. وهو ما يبحثون عنه وتبحث عنه القوى التي تحركهم وترعاهم؛ ليعودوا للساحة السياسية كأنهم بُرَآء.
طفقت قيادات المليشيا وقحت يتحدثون عن التفاوض والسلام ( ونعرف جميعنا أنهم دمروا بلادنا بحربهم ) بعد أن خارت قواهم . وهكذا يراوغ ويتحول المجرمون :
“ كل المجرمين يتحولون إلى وُعّاظ تحت المِقصلة “ . All Criminals Turn Preachers Under the Gallows
ليس ثَمّة منطق يبرر مدَّ طوق نجاة لمجرمٍ يفتك حتى اليوم بالأبرياء من المواطنين. والمليشيا ومحرضوها القحاتة في الجريمة سواء. والتفاوض معهم منجاتهم من فظائعهم؛ وهذا لا تقول به شرعة أو قانون.
التفاوض هو التفاوض، سواء أكان داخل السودان أو خارجه.
لن ترضى الملايين بأي ضرب من التفاوض. فقد عانى كل السودانيين من ويلات حرب المليشيا وقحت. كلهم عانوا. ولم تسلم المناطق التي نجت من سيطرة المليشيا من المعاناة. انهيار الاقتصاد واللجوء والنزوح ألقى بكلكله على الجميع.
لن تقبل الملايين بأي ضرب من التفاوض مع القتلة والمغتصبين والنهابة ممارسي الإبادة الجماعية وداعميهم.
كأني أسمع كل سوداني يسأل عملاء قحت في عواصم النخاسة :
Who is paying your bills ??
يسألهم ليس مستفسراً ، بل نكاية بهم ، وهو يعرف الإجابة .
كِلا مليشيا حميدتي وجناحها السياسي ( قحت ) مجرمين .وتبرئة المجرمين ظلم للضحايا ؛ والسكوت عما اقترفوا مشاركة في الجريمة . وليس ثمّة جهة مفوضة اليوم لتنازلات لمجرمين . ليس ثمّة جهة تستطيع السكوت عن المجرمين الذين يعملون عملاء ، أو رمي طوق نجاة لهم .
وهكذا فإن التفاوض مع المجرمين ، وجيشنا تتوالى انتصاراته ظلم للجيش وظلم الشعب .
????السفير عبد الله الأزرق
————————————
5 يناير 2024

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: التفاوض مع

إقرأ أيضاً:

إسماعيل الشيخ يكتب: رحيل أحمد عامر.. لحظة صدق مع النفس وعِبرة للأحياء

استيقظ الوسط الفني صباح اليوم على خبر وفاة المطرب الشعبي أحمد عامر أحد الأصوات التي صنعت لنفسها بصمة خاصة في الشارع المصري بصوته الشعبي وروحه البسيطة قبل أن يرحل فجأة وفي عمر لا يزال يعتبر باكرًا للوداع.

الخبر صادم ليس فقط لجمهوره بل لكل من يعرف أن الموت لا يفرّق بين مشهور ومغمور بين صغير وكبير ولا ينتظر أن نرتّب أمورنا أولًا الموت يأتي بلا ميعاد لكنه دائمًا يحمل في طيّاته رسالة عظيمة لو توقّفنا لنستمع.

نحن أمة تعيش في حالة من الغفلة نلهث وراء المظاهر نُفتتن بالسوشيال ميديا نُبهر بالترند ونؤجل التوبة وكأن بيننا وبين الموت موعدًا مؤجّلًا نعرفه  رحيل أحمد عامر قد لا يكون الأول لكنه يذكّرنا مجددًا أن اللحظة التي نحياها قد تكون الأخيرة.

الجيل الصاعد اليوم يركض خلف السراب يبحث عن الشهرة لا التأثير عن المال لا القيمة عن الصخب لا الهدوء نحتاج وقفة مع أنفسنا نُعيد فيها تقييم أولوياتنا ونُدرك أن الحياة مهما طالت قصيرة وأن النجاح الحقيقي يبدأ من الصدق مع النفس وينتهي بخاتمة ترضي الله قبل الناس

في موت الشباب خاصةً حكمة ثقيلة الوقع لكنها بالغة الأثر كأن الله يريد أن يقول لنا: “انتبهوا.. فالعمر ليس معيارًا ولا الصحة حصانة ولا الشهرة ضمانة”.

فلنجعل من هذا الرحيل فرصة نُراجع فيها أنفسنا ونتذكّر أن كل دقيقة تمرّ ليست مجرد وقت يمضي بل فرصة جديدة للتوبة والإصلاح والعودة إلى الطريق.

رحم الله أحمد عامر وأسكنه فسيح جناته وجعل من وفاته عظةً لمن تأمّل.

طباعة شارك وفاة المطرب الشعبي أحمد عامر المطرب الشعبي أحمد عامر أحمد عامر

مقالات مشابهة

  • منان: منطقة آبيي تتمتع باستقرار نسبي غير متوفر في المناطق التي دخلتها الميلشيا
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع 500 سلة غذائية في محافظتي قيسان والدمازين بولاية النيل الأزرق بالسودان
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: سد النهضة وخريف الآمن المائي
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر التى فى خاطري !!
  • رسالة مؤثرة من المنجم بعد رحيله عن الشباب: “الله يكتب فيها الخير”
  • ألمانيا تتفاوض لإعادة المجرمين السوريين والأفغان إلى بلادهم
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (كتابات)
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الخرطوم تعود بهدوء الحسم وذكاء الخطاب
  • د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام "والقدوة" !!
  • إسماعيل الشيخ يكتب: رحيل أحمد عامر.. لحظة صدق مع النفس وعِبرة للأحياء