حكاية مسجد ضريح أم الغلام «تجاور فاطمة بنت الحسن».. وخلافات حول شخصيتها
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
مئات المساجد التاريخية تضمها شوارع مصر، ما بين قاهرة المعز ومحافظات الصعيد ومحافظات الوجه البحري، تضم العديد منها بين جدرانها أضرحة بعضها لأولياء الله الصالحين، وأخرى لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن القاسم المشترك بين العديد من تلك المساجد والأضرحة أن هناك العديد من الروايات المتعلقة بصاحب أو صاحبة المقام، بل وتاريخ الإنشاء.
ويعد ضريح ومسجد أم الغلام بحي الحسين بالقاهرة واحد من أهم الأضرحة المختلف عليها ليس فقط من حيث تاريخ الإنشاء ولكن أيضًا حول شخصية السيدة الذي يحمل اسمها الضريح والممر الموجود به. خلف مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وفي أحد الممرات الضيقة التى لا يعرفها إلا دائمي التردد على المشهد الحسيني، تجد لافتة خضراء كبيرة الحجم مكتوب عليها "مقام السيدة فاطمة أم الغلام والسيدة فاطمة بنت الإمام الحسن" إلا أن اللافتة لا تحمل تاريخ محدد لإنشاء الضريح، وما إن تنزل درجات الضريح حتى تجد غرفتين إحداهما للسيدة فاطمة بنت الإمام الحسن بن على، وزوجة الإمام علي زين العابدين، أما السيدة الثانية وهي فاطمة أم الغلام، والتي يسمى الممر والضريح باسمها
فقد اختلفت الروايات حول تعريف شخصيتها، بالإضافة إلى لوح معلق داخل الضريح حول قصة قدوم رأس الحسين إلى القاهرة، يوجد بذات الضريح لوح أخر يذكر أن السيدة فاطمة أم الغلام، هي زوجة الإمام الحسين الفارسية، شهربانو جهان شاه بنت يزدجرد"، وهي إحدى بنات كسرى ملك الفرس، وقد زوجها الإمام على رضى الله عنه، لابنه الحسين فى حضور عمر بن الخطاب، وكانت قد أسرت خلال فتح المسلمين لبلاد فارس، وطلب علي بن أبي طالب من عمر بن الخطاب إعتاقها وأخريات وقعن في الأسر، لتغيير اسمها عقب دخول الإسلام إلى فاطمة وأنجبت الأمام على زين العابدين الملقب بـ"علي الأصغر".
وأما سر وجود لافتة بالضريح تروي قصة دخول رأس الإمام الحسين بن علي للقاهرة، فوفقَا للروايات الصوفية فإن رأس الإمام الحسين قد دخلت لمرقده الحالي، من خلال ممر بضريح أم الغلام ويصل ذلك الممر إلى مسجد الحسين. ورغم أن تلك الرواية تبدو الأقرب للتصديق، إلا أن التاريخ المكتوب على جدران المقام، ينفيها، فقد كُتب على الضريح أنها دفنت عام 702 من الميلاد، بينما زواج الحسين من شهربانو جهان شاه بنت يزدجرد"، لم يتم إلا عقب معركة نهاوند سنة 642 ميلاديًا أي بفارق 60عامًا، فمن غير المعقول أن تكون هي صاحبة المقام.
أما الرواية الثانية والمتداولة أيضًا أنه في القرن الخامس عشر، أقام السلطان الأشرف إينال السيفي مدرسة تحمل اسمه في ذات المكان، ورفض القائمون عليها الرواية المنتشرة في ذلك الوقت بإن سيدة قبطية كانت تمر مصادفة خلال أحداث معركة كربلاء بين الحسين وأصحابه وجيش يزيد بن معاوية، ورأت رأس الإمام الحسين فأخذتها وضحت برأس رضيعها ووضعتها في ذات المكان وغطتها حتى تستطيع الهروب برأس الحسين، ودفنت الرأس بالقاهرة، ورفض القائمين على مدرسة السيفي تلك الرواية لأن القاهرة التي أسست على يد جوهر الصقلي قائد جيوش الدولة الفاطمية، لم تكن قد أسست في ذلك الوقت وهناك فارق زمني 4 قرون بين موقعة كربلاء وتأسيس القاهرة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المساجد التاريخية الإمام الحسین
إقرأ أيضاً:
"سيمفونية أحمد بن ماجد" تروي حكاية "أسطورة البحر" بألحانٍ آثرة من تأليف الدكتور ناصر الطائي
◄ الطائي: المزج بين الموسيقى والتاريخ أحيا أسطورة بحرية فذّة
الرؤية- مدرين المكتومية
أحيت الأوركسترا السلطانية العُمانية، العرض الفني الملحمي "سيمفونية أحمد بن ماجد.. أسطورة البحر"، في أمسيتين موسيقيتين مساء يومي الأحد والإثنين ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة للمؤتمر..... والتي احتضنها متحف عُمان عبر الزمان بولاية منح في مُحافظة الداخلية.
وأبدع الدكتور ناصر بن حمد الطائي في تأليف هذا العمل الموسيقي الملحمي، الذي يُعد أول سيمفونية عُمانية تُبرز التراث البحري العُماني؛ إذ تستحضر هذه السيمفونية شخصية البحّار العُماني الشهير، أحد أبرز أعلام الملاحة البحرية في التاريخ الإسلامي، كما تُجسد رحلاته ومآثره بأسلوب موسيقي يدمج بين الأصالة والمعاصرة.
لحظات إنسانية
وأكد الدكتور ناصر بن حمد الطائي، أنَّ هذا العمل الفني يعد تخليدًا لسيرة أحمد بن ماجد، حيث تُجسّد اللوحات السيمفونية لحظات إنسانية وتاريخية من حياة بن ماجد وبطولته، ووداعه المؤثر لعائلته، وتحدياته في وجه العواصف، وعزلته في مكتبه داخل السفينة، وتأمله في النجوم بحثًا عن الطريق، مضيفا: "في قلب هذا العمل، تتجلّى السيمفونية التي تُمثّل شخصية أحمد بن ماجد عبر نغمة آلة الترومبيت، رمزا للبطولة والثبات، وتعلو النغمة وسط حركة الآلات الوترية التي تمثّل موج البحر، وتصاعد الإيقاع يعكس صراعه مع العواصف وانتصاره عليها، ثم تهدأ الأنغام كما يهدأ البحر، ليتردد صدى الحكمة والمعرفة التي تركها للأجيال".
وأشار إلى أنَّ هذا المزج بين الفن والموسيقى والتاريخ، لا ينعكس على إحياء ذكرى ملاح عظيم، بل يعيد رسم معالم الموسيقى العُمانية لتعانق عنان المجد والسماء، إلى جانب إحياء روح بحرية وأدبية فذة لا تزال تهمس بأمجادها من بين طيات الأمواج.
وبدأ الحفل الموسيقي بافتتاحية عُمان 2020، وهي تحتفل بالتقدم المستمر لعمان وخطواتها الثابتة نحو مستقبل واعد ومشرق، وتبع الافتتاحية سلسلة من الأعمال الأوركسترالية للملحن، والمصممة لرسم خارطة طريق موسيقية أوركسترالية عمانية بلغة سيمفونية عالمية، إذ تسرد المقطوعة السيمفونية الأحداث التاريخية التي مر بها الوطن في ٢٠٢٠م بداية بالمصاب الجلل بوفاة أعز الرجال وأنقاهم المغفور له- بإذن الله- السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ثم جائحة كورونا والتي كانت لها عواقب نفسية واقتصادية عالمية، لكن في النصف الثاني تشير المقدمة أيضًا إلى نهضة عُمان المتجددة وعزيمة شعبها الأبي تحت القيادة الرشيدة الملهمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم أيده الله.
كابريتشيو المكان
وشهد الحدث تقديم "كابريتشيو الكمان"، وهو عمل موسيقي ينبض بالحيوية والتحدي، يستلهم روحه من التقاليد الإيطالية حيث يُقصد بـ"كارتيتشو" المقطوعة المتقلبة ذات الطابع الحر والمزاج المتغير، ويتخذ هذا العمل شكلاً تقنياً متقدماً يحاكي إبداعات الملحن الإيطالي الشهير نيكولو باغانيني، لكنه لا يقتصر على البراعة فقط، بل يمزج بين التقنية الرفيعة والتعبير الموسيقي الحي، ليمنح العازف ساحة تتألق فيها المهارة والروح في آنٍ معاً.
سيمفونية أحمد بن ماجد
تلا ذلك سيمفونية أحمد بن ماجد، حيث تعد سيمفونية أحمد بن ماجد أو القصيد السيمفوني لأحمد بن ماجد، عملا موسيقيا ملهما يستلهم شخصية الملاح والشاعر العُماني التاريخي أحمد بن ماجد، الذي عُرف بلقب "أسد البحر" لمهارته الفائقة في فنون الملاحة، لكنه أيضًا ترك بصمة إنسانية وأدبية خالدة في تراث البحر والمعرفة.
وكان أحمد بن ماجد رائدًا في زمن كانت فيه معارف الأوروبيين والعثمانيين بالمحيط الهندي لا تزال محدودة، وخلّف إرثًا علميًا وأدبيًا ثمينًا، من أبرز مؤلفاته كتاب "الفوائد في أصول علم البحار والقواعد"، إلى جانب عدد كبير من القصائد والمخطوطات المهمة.
وتُجسّد السيمفونية هذا الإرث في قالب أوركسترالي عالمي، يحكي رحلة أحمد بن ماجد البحرية والعلمية والأدبية، ويصوّر عبر الموسيقى تحديات البحر العاتية التي واجهها، وانتصاراته في قيادته الحكيمة إلى بر الأمان، ثم تنتقل الموسيقى بانسيابية حالمة بين مشاعر التأمل وهدوء البحر، إلى لحظات العاصفة والتوتر، ومن الحنين العميق إلى نغمات البطولة والانتصار، وفي قلب العمل تبرز الثيمة الرئيسية التي تمثل شخصية بن ماجد، وتقدمها آلة الترومبيت بنبرة بطولية شامخة، بينما تتداخل معها ثيمات أخرى تعبّر عن مناخات البحر والتأملات الأدبية ومعاناة البيّارة والعاصفة، وتتصاعد هذه الأخيرة لتبلغ ذروتها قبل أن تعود ثيمة الملاح لتختتم السيمفونية بنهاية قوية ومؤثرة.
ويزخر العمل بتنوعات هارمونية وإيقاعية تترجم التفاعل الدرامي بين شخصية بن ماجد وعالم البحر المتقلّب، ليخرج في هيئة ملحمة موسيقية تنبض بالحيوية والعاطفة.
وقال الطائي: "سيمفونية أحمد بن ماجد لا تكتفي بتكريم شخصية عُمانية فذّة، بل تفتح أيضا نوافذ الفن العُماني على آفاق التعبير العالمي، وتقدّم للعالم نموذجاً إنسانياً ملهماً تنصهر فيه البطولة بالحكمة، والعلم بالشعر، والموسيقى بالهوية، وهذه السيمفونية هي تخليد لإرث إنساني خالد وملحمة عُمانية بلغة عالمية".
ويهدف هذا العمل إلى تسليط الضوء على الإرث البحري العُماني، وتعزيز الوعي بدور الشخصيات التاريخية في تشكيل الهوية الثقافية للمنطقة، كما يُعد هذا العرض إضافة نوعية تعكس التلاقي بين الفنون والثقافة والتراث ضمن محاور المُؤتمر.