باريس- أرسلت جمعية "بالمد" (PALMED) للأطباء الفلسطينيين في أوروبا أول بعثة طبية إنسانية إلى قطاع غزة في الفترة ما بين 22 يناير/كانون الثاني والسادس من فبراير/شباط، بقيادة الطبيب العسكري السابق والمتخصص في طب الحرب والطب الإنساني، البروفيسور رافائيل بيتي.

ووصل الأطباء إلى مطار شارل ديغول، ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، أمس الثلاثاء، بعد عملهم مدة 10 أيام في المستشفى الأوروبي في خان يونس، جنوب القطاع.

وفور وصولها، وصفت البعثة الوضع الإنساني بالكارثي في القطاع المحاصر في ظل عدم كفاية المساعدات الإنسانية الدولية والغياب التام لوسائل الحياة الطبيعية، ونقص المياه والدواء والغذاء والكهرباء، فضلا عن ظهور الأمراض المعدية ونقص التغذية عند الأطفال.

كما تحدث الوفد عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمنشآت الطبية والمستشفيات طوال 4 أشهر من الحرب، وأعرب الأطباء عن حزنهم الشديد لاستشهاد عدد كبير من العاملين في المجال الطبي.

أول بعـثة طبية

وكان في البعثة ممرضة متخصصة في غرفة العمليات و6 أطباء من تخصصات مختلفة هي: جراحة العظام، وجراحة البطن، والجهاز الهضمي، وأمراض النساء، وطب الطوارئ، وتخدير العناية المركزة.

كما خصص الطاقم الطبي العناية المطلوبة لسكان المنطقة المصابين بصدمات نفسية جراء قصف جيش الاحتلال المستمر، فضلا عن تقديمهم الخبرة لزملائهم في مجال الجراحة وطب الحروب.

وقال نزار بدران، وهو جراح وعضو في تجمع الأطباء الفلسطينيين "بالمد": إن تنسيق سفر البعثة تم من خلال مؤسسة إنسانية طبية أميركية، وليس عن طريق السلطات الفرنسية، مشيرا إلى أن التجمع يتكفل بعد ذلك بالمسائل الأخرى المتعلقة بالتنظيم والتكلفة، حسب قوله.

وأضاف بدران، في حديثه للجزيرة نت، أن "الوفد اشترى معدات طبية من فرنسا ومصر"، لافتا في الوقت ذاته إلى أنه لم يدخل سوى كميات قليلة منها، و"تم حملها باليد، أو في حقائب؛ لأن السيارات لا تستطيع تجاوز نقطة الحدود عند معبر رفح".

وهو ما أكده طبيب آخر كان ضمن الوفد -فضل عدم ذكر اسمه- قائلا: "أُخذت معدات طبية خاصة بجراحة العظام من زميل بريطاني في المطار".

من جانبها، أشادت رئيسة منظمة "قاطعوا إسرائيل" أوليفيا زيمور التي استقبلت الوفد بالورود ولافتة كتبت عليها "شكرا لكم" بعدة لغات، بـ"العمل الشجاع" الذي قامت به أول بعثة فرنسية إلى القطاع، مستنكرة في الوقت ذاته الموقف الفرنسي الذي لا يزال مصرا على عدم المطالبة بوقف إطلاق النار ولم يشجع جنوب أفريقيا في مرافعتها ضد إسرائيل، على حد تعبيرها.

وتابعت: "نشعر بخيبة أمل كبيرة جدا من فرنسا التي سحبت دعمها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وهذا أمر خطير جدا يشجع الاحتلال على مواصلة الإبادة الجماعية".

البعثة الثانية من الأطباء الفرنسيين الذين سيتوجهون إلى قطاع غزة (الجزيرة) شهادات

وتشابهت شهادات الأطباء الذين عاشوا ظروف الحرب بكل تفاصيلها رفقة زملائهم الفلسطينيين في مستشفى رفح لبضعة أيام، قبل التوجه إلى المستشفى الأوروبي، حيث سلطت جميعها الضوء بشكل خاص على الأوضاع الكارثية التي تعانيها المنشآت الصحية في قطاع غزة.

وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال جراح العظام مؤمن برقاوي إن "مسجدا يقع بجانب مستشفى في رفح تعرض لاستهداف جيش الاحتلال، وهو أمر تكرر في أثناء عمله في مستشفى خان يونس حيث سقط أحد جدرانه بسبب قصف طيران الاحتلال".

ويصف برقاوي الحالات التي عالجها بأن "معظمها كانت عبارة عن جروح مع كسور مفتوحة استدعت البتر في بعض الأحيان، فضلا عن الحروق الكثيرة والتمزق الشديد في الأطراف".

بدوره، قال طبيب التخدير شمس الدين بوشكور إن "المستشفى كان مكتظا بالمرضى وأهاليهم الذين ظلوا بداخله، واتخذوا سقفه ملجأ لهم يحميهم من الصواريخ؛ لأن منازلهم دمرت ولا يملكون مكانا آخر يذهبون إليه".

وعند سؤاله عن نقص الأدوية في المستشفيات وإجراء عديد العمليات بدون تخدير، أوضح بوشكور أنه رغم تمكن الجراحين من إنجاز عمليات باستخدام التخدير، إلا أن مسكنات الألم القوية مثل المورفين بدأت تنفد، وهو ما ينبئ بوقوع أزمة صحية جديدة وآلام لا يمكن لأي إنسان تحملها، على حد قوله.

أبطال تحت القصف

وكان للأطباء الفلسطينيين الذين ما زالوا يعملون في مستشفيات قطاع غزة، رغم ندرة المعدات الطبية وظروف العمل الخطيرة والقاسية، النصيب الأكبر من رواية الوفد الطبي.

وذكر برقاوي، ذو الأصول الفلسطينية، أن الأطباء شعروا بالسعادة عند وصول البعثة "لأنهم تمكنوا أخيرا من أخذ قسط من الراحة"، مشيرا إلى أنهم "يحبون عملهم كثيرا، لكن الإرهاق والتعب تمكن منهم بالفعل، نفسيا وجسديا".

ووصفت إيمان معرفي، الممرضة الوحيدة ضمن الوفد والمتخصصة في الطوارئ والإنعاش، زملاءها في المستشفى الأوروبي بأنهم "محترمون وشرفاء"، فرغم كل الظروف القاسية "يعيشون بكرامة".

وأخبرت معرفي الجزيرة نت أن الأطباء الفلسطينيين "لا يشكون حالهم لأحد، ولا يفصحون عما بداخلهم؛ لأنهم في حالة حداد جماعي، لذلك يغرقون أنفسهم في العمل فقط".

وأثنى عضو تجمع الأطباء الفلسطينيين بدران على "الدور النبيل الذي تقوم به الطواقم الطبية الفلسطينية" منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قائلا: "هؤلاء زملاؤنا وأصدقاؤنا، منهم من استشهد، ومنهم من دُمر بيته. وأنا فقدت صديقا لي كان طبيب أطفال في خان يونس، واستشهد هو وأطفاله وزوجته".

وأضاف بدران: "إنهم منهكون جدا في عمل وضغط مستمر منذ 4 أشهر، لكن الطبيب الفلسطيني البطل بقي على رأس عمله ولم يغادر، وحتى أولئك الذين اعتُقلوا رجعوا إلى مزاولة مهنتهم مباشرة بعد إطلاق سراحهم".

وأكد كل أعضاء جمعية "بالمد" ووفدها الطبي ضرورة وقف إطلاق النار الشامل؛ لأنه الحل الوحيد الذي سيسمح بوصول المساعدات الدولية المتراكمة في مصر، وأنهم "مستمرون في إرسال بعثاتنا إلى قطاع غزة، وندعو السلطات الفرنسية والأوروبية إلى تسهيل مهمتنا الإنسانية بشكل أفضل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ماهو سر الصيحات الكبيرة التي اخترقت حاجز الصوت في ميدان السبعين (تفاصيل خطيرة)

شهد ميدان السبعين في العاصمة صنعاء، ومعه عدد من الساحات اليمنية الأخرى، مشهداً استثنائياً من الزخم الجماهيري والموقف الشعبي الصلب تجاه غزة والقضية الفلسطينية، في مسيرة مليونية حملت شعار: “ثباتاً مع غزة وفلسطين.. ورفضاً لصفقات الخداع والخيانة”،  لم تكن الحشود وحدها رسالة اليوم، بل الشعارات والهتافات التي ترددت في الأجواء وتحت زخات المطر رسمت ملامح وعي شعبي يتجاوز اللحظة ويؤسس لخطاب مقاوم متجذر في الثقافة اليمنية المعاصرة.

يمانيون / خاص

 

رسالة سياسية وشعبية

في لحظة إقليمية تشهد فيها الأوضاع في غزة والقضية الفلسطينية حالة غير مسبوقة من التآمر والصمت، برز المشهد اليمني كصوت يملأ الأفاق ، ليعيد للأمة ماء وجهها ، الحشود التي ملأت ميدان السبعين رغم الأحوال الجوية الصعبة، لم تكن مجرد تظاهرة تضامنية عابرة، بل تمثل، تعبيراً عن الإجماع الشعبي على مركزية القضية الفلسطينية في الوجدان اليمني، ورسالة قوية موجهة داخلياً وخارجياً مفادها أن اليمن، رغم ظروفه، لا يزال حاضناً لمشروع المقاومة، في تحد عملي لمحاولات تطبيع العلاقات العربية مع العدو الإسرائيلي.

 

دلالات الشعارات والهتافات

تنوّعت الشعارات التي رددتها الحشود، وعبّرت في مجملها عن دلالات وأبعاد في مقدمتها البُعد الديني والرسالي

والذي مثله شعار (مع غزة من أجل الله.. وجهاداً في سبيل الله) يعكس ربطاً مباشراً بين النضال مع الشعب الفلسطيني والواجب الديني، وهو ربط يقوّي من الحافز الشعبي ويجعل من الموقف المساند أمراً أخلاقياً ودينياً لا سياسياً فقط، وكذلك بعد التضامن العابر للحدود، والذي تجلى في هتافات مثل (كل الساحات اليمنية.. غزاوية فلسطينية) و(يا غزة واحنا معكم.. أنتم لستم وحدكم)، والتي تعكس تحوّلاً في الشعور الجمعي، من تعاطف إلى اندماج رمزي وسياسي مع القضية، مما يرسّخ أيضاً بعداً أممياً ومشتركاً.

كذلك شعارات  مثل (من يخذل غزة كي يسلم .. الدور سيأتيه ويندم) و(يا أمة.. غزة تعنيكم.. عاقبة الصمت ستخزيكم)  تعبّر عن حالة غضب شعبي تجاه الأنظمة التي باتت تتعامل مع الكيان الإسرائيلي كحليف، مع تحميل تلك الأنظمة مسؤولية تاريخية وأخلاقية عن الجرائم المرتكبة.

كذلك الهتافات المؤيدة للعمليات العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي تعبّر عن التأييد الشعبي للموقف العسكري، بل وتمنح التفويض لمزيد من التصعيد، وهذا يبرز في هتافات مثل (الجهاد الجهاد.. حي حي على الجهاد).

المعادلة اليمنية الفلسطينية .. مصير مشترك ومقاومة مشتركة

لم تعد فلسطين في الوجدان اليمني مجرد قضية تضامن، بل باتت جزءاً من معادلة مصير مشترك ومقاومة واحدة، اليمن، الذي يرزح تحت حصار عدواني منذ سنوات، يرى في صموده نموذجاً مكافئاً لما يجري في غزة، وتجلّى ذلك في التكافؤ الرمزي بشعار تردد عالياً : (في غزة لله رجال.. معجزة في الاستبسال) يقابلها شعور يمني مشابه بالبطولة تحت الحصار، وهي مفردات الجهاد والصبر التي صارت جزءاً مشتركاً في الخطابين اليمني والفلسطيني.

 

رفض وإدانة التخاذل العربي والإسلامي

أحد أبرز أبعاد التظاهرة كان في الهجوم على الأنظمة العربية المتخاذلة وإدانتها، حيث وُجّه الخطاب مباشرة إلى الشعوب والضمائربشعار مجلل : (يا عرب يا مسلمين.. أين النخوة أين الدين) في تعبير صريح عن الغضب من خذلان الأنظمة العربية،

وكان شعار (أمريكا والصهيونية.. هم أعداء الإنسانية) تتويجاً للزخم الهادر الذي يعكس اتساع وعي الجماهير بأن المعركة تتجاوز حدود الجغرافيا.

 

ختاماً .. الميدان الذي ارتج بهتافات الملايين ونزل عليه الغيث الإلهي

رغم الأمطار الغزيرة، بقي ميدان السبعين يهتف لفلسطين، وكأن السماء أرادت أن تشهد على صدق النداء، لقد قدمت صنعاء مشهداً شعبياً نادراً، يبرهن أن القضية لا تموت ما دامت الشعوب تنبض، وأن الهتاف لا يزال يملك القدرة على إحداث الصدى في زمن الصمت والخيانة.

مقالات مشابهة

  • تشابك بالأيدي في عمومية اتحاد المهن الطبية | تفاصيل مثيرة
  • ماهو سر الصيحات الكبيرة التي اخترقت حاجز الصوت في ميدان السبعين (تفاصيل خطيرة)
  • 100 يوم صحة : 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15يوماً
  • حماس": غزة تواجه مجاعة كارثية والإبادة الجماعية بلغت أخطر مراحلها
  • الصحة: 38 ألف طبيب من كل التخصصات يعملون على خدمة الأشقاء الفلسطينيين
  • الأونروا: الأوضاع كارثية والمجاعة بلغت ذروتها في معظم مناطق قطاع غزة
  • أطباء روس يواصلون عملية جراحية لمريض خلال وقوع زلزال كامتشاتكا
  • وزراء وأعضاء في الكنيست يطالبون بجولة "عائدون إلى حزام غزة"
  • المريخ البورسعيدي يوضح تفاصيل مكاسبه من صفقة بيع إبراهيم عادل للجزيرة.. فيديو
  • اكتئاب خلف الكاميرا.. مشاهير هوليود يروون معاركهم النفسية