لماذا وافق الكرملين على مقابلة تاكر كارلسون؟
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
نال الصحفي المثير للجدل تاكر كارلسون فرصة مقابلة الرئيس الروسي، في حين لم يسمح لغيره من الصحفيين الغربيين إجراء هكذا لقاء. كلوديا تشابا - بوليتيكو
حصد مقطع فيديو، تحدّث فيه كارلسون عن دواعي إجراء المقابلة مع الرئيس بوتين، أكثر من 60 مليون مشاهدة بحلول صباح الأربعاء. وقال كارلسون إنه كان يجري مقابلة مع بوتين "لأنها مهمتنا.
لكن مونولوج كارلسون، الذي انتقد فيه وسائل الإعلام الغربية وادعى أنها لم تبذل جهدا لسماع جانب بوتين من القصة، أثار ردود فعل عنيفة من الصحفيين الأمريكيين.
كتبت آن أبلباوم، الصحفية والمؤرخة الأمريكية، على موقع X (تويتر سابقًا): "لقد أجرى العديد من الصحفيين مقابلات مع بوتين، الذي يلقي أيضًا خطابات متكررة ومغطاة على نطاق واسع". "المقابلة التي أجراها كارلسون مختلفة لأنه ليس صحفيا، بل هو داعية وداعم.
وقال كارلسون، الذي أطاحت به فوكس العام الماضي، إن المقابلة ستنشر "بدون تحرير" و"ليست خاضعة لنظام حظر الاشتراك غير المدفوع" على موقعه الشخصي على الإنترنت.
وأعلن السيد كارلسون، المذيع في قناة فوكس نيوز السابق، في منشور على موقع إنستغرام، والذي ذكر أن المقابلة ستبث يوم الخميس على موقع tuckercarlson.com في الساعة السادسة مساءً. التوقيت الشرقي، وفق نيويورك تايمز. وستكون هذه أول مقابلة رسمية يجريها بوتين مع شخصية إعلامية غربية منذ بداية الحرب، رغم الطلبات المتعددة من مجموعة متنوعة من وسائل الإعلام.
وفي حين أجرت وسائل الإعلام الغربية "عشرات المقابلات" مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، قال كارلسون: "لم يكلف أي صحفي غربي نفسه عناء إجراء مقابلة مع رئيس الدولة الأخرى المتورطة في هذا الصراع، فلاديمير بوتين".
وقال كارلسون: "معظم الأميركيين ليس لديهم أدنى فكرة عن سبب العملية العسكرية في أوكرانيا أو ما هي أهدافها الآن". "لم يسمعوا صوت الرئيس قط وذلك خطأ."
في حين أنه من الصحيح أن كارلسون سيكون أول أمريكي يجري مقابلة مع بوتين منذ بداية الحرب واسعة النطاق، إلا أن الصحفيين من وسائل الإعلام الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا سارعوا إلى الإشارة إلى أن هذا ليس بسبب النقص من المحاولة.
"هل يعتقد تاكر حقاً أننا كصحفيين لم نحاول إجراء مقابلة مع الرئيس بوتين كل يوم منذ بدأت الحرب؟" انتقدت كريستيان أمانبور، المذيعة الدولية الرئيسية لشبكة CNN، برنامج X قائلة: "إنه أمر سخيف - سنستمر في المطالبة بإجراء مقابلة، تمامًا كما فعلنا منذ سنوات حتى الآن".
وبالمثل، نشر محرر بي بي سي في روسيا، ستيف روزنبرغ، أن بي بي سي "قدمت عدة طلبات إلى الكرملين في الأشهر الثمانية عشر الماضية. والجواب دائما "لا" بالنسبة لنا.
وأكد بيسكوف نفسه أن الكرملين تلقى عدة طلبات لإجراء مقابلات مع صحفيين غربيين. لكن موسكو ترى أن كل هذه المنافذ الإعلامية متحيزة وتروي قصصًا أحادية الجانب. وقال بيسكوف إنهم اختاروا كارلسون لأن موقفه مختلف. فمواقفه ليست موالية لروسيا، وليست موالية لأوكرانيا، إنها موالية لأمريكا. إنه يتناقض بشكل صارخ مع موقف وسائل الإعلام الأنجلوسكسونية التقليدية.
وقد نشر كارلسون مقابلات على قناة X مع الرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، والتي حصدت مئات الملايين من المشاهدات.
أما دونالد ترامب، الذي يرشح نفسه للعودة إلى البيت الأبيض على بطاقة الحزب الجمهوري لعام 2024، قال صراحةً إنه سيعتبر تاكركارلسون نائبًا محتملًا له.
المصدر: بوليتيكو
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا دونالد ترامب فلاديمير بوتين فلاديمير زيلينسكي خافيير ميلي وسائل الإعلام مع الرئیس مقابلة مع
إقرأ أيضاً:
أسوأ وظيفة صحفية.. لماذا تلاشى دور الوسيط في الإعلام الأميركي؟
إلى عهد قريب كانت كبرى وسائل الإعلام الأميركية تضم في هيكليتها منصبا يضطلع صاحبه بدور وسيط ينظر في انتقادات وملاحظات الجمهور ويناقشها مع مسؤولي غرف الأخبار بهدف اختبار مدى الالتزام بالمعايير المهنية، لكن ذلك المنصب بدأ يتلاشى تدريجيا لدرجة إلغائه في بعض المنابر.
ولا تزال مؤسسات إعلامية أميركية قليلة تحتفظ بذلك "الناقد الداخلي المستقل" الذي يساهم في قيام المؤسسة بدورها وأداء رسالتها بمسؤولية وشفافية أمام قرائها أو مشاهديها أو مستمعيها، لكن وسائل إعلام أخرى عريقة مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست قررت إلغاء المنصب واستبداله بآليات أخرى لتحقيق الغاية نفسها.
ويُعرف ذلك المنصب بمسميات مختلفة، بينها المحرر العام وأمين المظالم (Ombudsman)، وهذه الصيغ مستعملة في السياق الأميركي. أما في السياق الفرانكفوني فيطلق على ذلك المنصب غالبا اسم الوسيط، كما كان عليه الحال في صحيفة لوموند ومنابر إعلامية كثيرة في فرنسا وبلجيكا، ويوصف في بعض الأحيان بـ"محامي الجمهور" لانحيازه غالبا إلى وجهات نظر المتلقين.
ويلعب المحرر العام -وهي التسمية الدارجة- دور جهة رقابية داخلية، وتتمثل مهمته في تلقّي شكاوى القراء والنظر فيها، ومناقشتها مع مسؤولي التحرير، والحصول على إجابات وتوضيحات في كل نازلة، وبناء على ذلك يبادر إلى نشر مقالات دورية تناقش الموضوع من وجهات نظر كل الأطراف مع ملاحظات وتوجيهات لهذه الجهة أو تلك.
وغالبا ما تكون تلك المقالات ذات نبرة نقدية وتقييمية تُستعاد فيها أساسيات وأخلاقيات العمل الصحفي ومواثيق التحرير المتفق عليها داخل كل مؤسسة، ليتبين الجمهور مدى التزام المؤسسة بتلك المعايير والأسس.
وفي أغلب الأحيان يكون المحرر العام صحفيا ذا خبرة طويلة. وبالنظر لحساسية المنصب، كانت توصف أحيانا بأنها "أسوأ وظيفة في الصحافة" كما كان الحال في نيويورك تايمز.
إعلانوتنبع تلك التسمية من أن صاحبها يكتب في الغالب أمورا نقدية تُغضب زملاءه في غرف الأخبار، كما تقول الإعلامية الأميركية مارغريت سوليفان التي تحلمت مسؤولية "المحرر العام" في نيويورك تايمز بين عامي 2012 و2016.
وبدأ منصب "المحرر العام" يرى طريقه لهيكلية المؤسسات الإعلامية الأميركية منذ سبعينيات القرن العشرين، وبلغ قمة إشعاعه في الثمانينيات، قبل أن يبدأ في التراجع لعدة عوامل يتصل بعضها بصلب التحولات الحتمية التي يمرّ بها قطاع الإعلام بشكل مستمر.
وتتباين حجج ومسوغات كل مؤسسة إعلامية لتبرير إلغاء منصب "المحرر العام" أو إعادة النظر في دوره، لكن الأرجح مرتبط بالطفرة الرقمية والسطوة المتزايدة لمنصات التواصل الاجتماعي.
ففي عام 2017، ألغت نيويورك تايمز المنصب لأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت وسيلة أكثر فعالية لتلقي ملاحظات الجمهور بشكل فوري، واعتمدت الصحيفة آليات داخلية أخرى للمساءلة مثل التفاعل المباشر مع ملاحظات الجمهور أو الاستعانة بمحررين متخصصين.
وفي مذكرة داخلية، قال ناشر الصحيفة آنذاك آرثر سولزبرغر، إن متابعي الصحيفة على وسائل التواصل الاجتماعي وقرّاءها عبر الإنترنت يعملون معا كجهة رقابية عصرية، وما على الصحفية سوى تمكينهم والاستماع إليهم بشكل مباشر.
وأضاف الناشر: "عملنا يتطلب منا جميعا أن نسعى جاهدين لمحاسبة أنفسنا أمام قرائنا، فعندما يكون لدى جمهورنا أسئلة أو استفسارات سواء بشأن الأحداث الجارية أو قراراتنا المتعلقة بالتغطية، ينبغي الإجابة عليها بأنفسنا".
واعترف الناشر بالدور الحاسم الذي لعبه المحرر العام منذ عام 2003 في استعادة ثقة القراء من خلال عمله كجهة رقابية داخلية، مشيرا إلى أن إحداث المنصب جاء في أعقاب فضيحة خطيرة عندما ثبت تورط أحد صحفيي المؤسسة -وهو جايسون بلير- في قضية انتحال وتزوير، وهو ما أضر بمصداقية الصحيفة وكشف عن اختلالات في غرفة الأخبار.
واشنطن بوست وأسباب أخرىوفي عام 2013، قررت صحيفة واشنطن بوست إلغاء منصب "المحرر العام" الذي ظل قائما طيلة 43 عاما، واستُبدل بممثل للقراء يُختار من أعضاء فريق العمل، ومهمته الإجابة على أسئلة القراء وشكاواهم دون أن يكتب مقالا خاصا أو عمودا ذا صلة بتلك الشكاوى.
وبعيدا عن أميركا، لم يسلم "المحرر العام" من رياح التغيير والإلغاء، ففي صحيفة لوموند الفرنسية العريقة أُلغي منصب "الوسيط" برمته وأُسندت مهمة "الوساطة" إلى مدير منتدب يفتح نافذة حوار شهرية مباشرة مع القراء للرد على ملاحظاتهم وانتقاداتهم.
وإلى جانب سطوة منصات التواصل الاجتماعي، تبرر مؤسسات أخرى قرار الإلغاء بالإكراهات المالية والاقتصادية، علاوة على ما تشهده صناعة الإعلام من تحولات في إنتاج المحتوى وتدقيقه ومراقبته.
ولا يُستبعد أن يكون التراجع التدريجي عن منصب المحرر العام بسبب ما يثيره ذلك الموقع من احتكاكات داخلية في غرف الأخبار بالنظر إلى دوره كناقد داخلي يحاسب الزملاء، إذ لا يكون دائما محط ترحيب.
إعلان خسارة للجمهوروتعليقا على توجه المؤسسات الإعلامية الأميركية نحو إلغاء منصب "المحرر العام"، تقول مارغريت سوليفان -المتخصصة حاليا في شؤون الإعلام على منصة سبستاك- إن ذلك يعتبر "خسارة للقراء، وللمصداقية، وحتى لموظفي الصحف أنفسهم"، وشددت على أهمية المنصب بالقول إن الصحفيين يحاسبون الآخرين ولا بد لهم أيضا أن يخضعوا للمحاسبة.
وطالبت مارغريت سوليفان في مقال نشر في أغسطس/آب 2025 بإعادة منصب "المحرر العام" إلى هيكلية وسائل الإعلام الأميركية، وهو مطلب عبرت عنه أصوات أخرى بعد أن وصلت ثقة الأميركيين في وسائل الإعلام إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من خمسة عقود.
وقد تحقق جزء من ذلك المطلب لكن وفق حسابات أخرى، إذ أقدمت قناة سي بي إس نيوز الأميركية في سبتمبر/أيلول الماضي على إحداث منصب "محرر عام"، لكن تحت وطأة الرقابة التي بدأت تفرضها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وجاء ذلك الإجراء في إطار تسوية شاملة تم بموجبها سحب دعوى قضائية رفعها الرئيس ترامب على القناة بخصوص تغطيتها للانتخابات الرئاسية، وذلك في صفقة مالية قدرها 16 مليون دولار.
ومقابل ذلك حصلت المؤسسة الأم باراماونت غلوبال لاحقا على موافقة اتحادية على اندماجها مع شركة إعلامية أخرى في صفقة بلغت قيمتها 8 مليارات دولار.
وبسبب تلك الحيثيات السياسية، لم يكن استحداث ذلك المنصب محط ترحيب في الأوساط الإعلامية، إذ يتوقع كثيرون أن دور صاحبه سيكون بمثابة رقيب على ما ستبثه سي بي إس وبالأخص على مدى توافقه مع أجندة الإدارة الأميركية الحالية.
This popular news aggregator claims to counteract media bias by rating news outlets on political leaning and factuality.https://t.co/ds5PHHwn9K
— Columbia Journalism Review (@CJR) September 8, 2025
بدائل خارجيةولملء الفراغ الناجم عن إلغاء المؤسسات الإعلامية لمنصب "المحرر العام"، أطلقت مجلة كولومبيا للصحافة عام 2019 مشروعها الخاص، وعينت بموجبه محررين عامين خارجيين على مؤسسات إعلامية بارزة.
وركزت المجلة -وهي منبر إعلامي رقابي بارز- على أربع مؤسسات رئيسية هي سي إن إن وإم سي إن بي سي ونيويورك تايمز وواشنطن بوست، وكلفت المحررين الخارجيين بتلقي ملاحظات القراء ونشر انتقاداتهم وتحليلاتهم على موقعها الإلكتروني.
وتعكس تلك المبادرة مدى الحاجة إلى آلية تُخضع العمل الإعلامي للمساءلة الدائمة من داخل المؤسسات الإعلامية نفسها بروح النقد الذاتي والسعي للحفاظ على ثقة المتلقي في وقت يشهد تراجعا متزايدا في مصداقية الصحافة برمتها.
ومن منطلق الوعي بدورهم الهام في الصناعة الإعلامية ينتظم المحررون العامون من مختلف أنحاء العالم في هيئة اسمها "منظمة أمناء المظالم ومحررو المعايير الإخبارية" (أو إن أو) يوجد مقرها بالولايات المتحدة وتحديدا في ولاية أريزونا.
ويمثل أعضاء المنظمة قطاعات الإعلام الإلكتروني والمطبوع والتلفزيوني والإذاعي وينتسبون إلى مؤسسات إعلامية دولية بارزة، لكن الحضور الأميركي فيها متواضع للغاية.
ومنذ تأسيسها عام 1980، تسعى المنظمة العالمية غير الربحية إلى الحفاظ على أعلى معايير الصحافة من خلال تضافر شبكة قوية من قادة معايير التحرير ومعالجة الشكاوى من جميع أنحاء العالم.