الحكومة الأمريكية تسرّع تبنّي الذكاء الاصطناعي التوليدي
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
إعداد: بنيمين زرزور
تستخدم حكومات الولايات على جميع المستويات الذكاء الاصطناعي وأنظمة صنع القرار الرقمية لتوسيع مهمات دوائر إنفاذ القانون أو تبديلها، والمساعدة على تطوير قرارات المنفعة العامة، واستقبال الشكاوى والتعليقات العامة. لكن استخدام هذه الأنظمة من حكومات الولايات لا يزال يعاني الارتباك والغموض إلى حد كبير.
ينطبق الشيء نفسه على اعتماد أدوات اتخاذ القرار الآلي في الولاية ومحلياً التي تستخدم في تطبيق القانون والدورة القانونية الجنائية الأوسع، وفي إدارات المنفعة العامة، وفي عمليات الإسكان، وغيرها كثير. وتبين أن لدى بعض الولايات تشريعات معلقة تحسّن الشفافية والمساءلة بشأن هذه الأدوات، ولكن لم يقرّ أي منها حتى الآن.
الذكاء الاصطناعي والدورة القانونية الجنائية
في نظام العدالة الجنائية، تسبب نشر الذكاء الاصطناعي وغيره من أدوات صنع القرار الخوارزمية، في تفاقم أنماط الشرطة التمييزية التي تضر الأقليات بالفعل. وكشفت دراسة أجراها المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا عام 2022 عن أدوات التعرف إلى الوجوه - التي عادةً ما تعتمد على الذكاء الاصطناعي أن الأنظمة كانت أكثر عرضة لبثّ نتائج إيجابية كاذبة بما يصل إلى 100 مرة لشخص غير أبيض، زيادة على عدد مرات شخص أبيض. ووجدت الدراسة على وجه التحديد، أنه بالنسبة لمطابقة واحد إلى متعدد، رأى الفريق معدلات أعلى من النتائج الإيجابية الكاذبة للإناث الأمريكيات من أصل إفريقي، وهو اكتشاف مهم بشكل خاص، لأن العواقب يمكن أن تشمل اتهامات كاذبة.
كما كشفت دراسة منفصلة أجرتها «جامعة ستانفورد» و«معهد ماساتشوستس» للتكنولوجيا، وتضمنت اختبارات على ثلاث برمجيات تجارية للتعرف إلى الوجه منتشرة على نطاق واسع، أن معدل الخطأ يبلغ 34.7% للنساء ذوات البشرة الداكنة، مقارنة بمعدل خطأ قدره 0.8% للرجال ذوي البشرة الفاتحة.
كما كشفت مراجعة لنظام «ريكوغنشين»، وهو نظام للتعرف إلى الوجه تملكه شركة «أمازون» وسوّقته لأجهزة إنفاذ القانون الأمريكية - عن مؤشرات على التحيز العنصري، ووجدت أن النظام أخطأ في تعريف 28 عضواً في الكونغرس الأمريكي مجرمين مدانين. وبالمثل، فإن الذكاء الاصطناعي وأدوات اتخاذ القرار الخوارزمية المستخدمة في الترتيبات السابقة للمحاكمة، وإصدار الأحكام، وإعدادات السجون غالباً ما تسفر عن نتائج غير دقيقة أو متحيزة تعمل على إدامة أوجه عدم المساواة القائمة.
مساعدة الإنفاذ التنظيمي
تستخدم الكثير من الوكالات الأمريكية، مثل هيئة الأوراق المالية، ودائرة الإيرادات الداخلية، ووزارة الخزانة، «الخوارزميات» للمساعدة في توجيه موارد الإنفاذ لحالات الاحتيال المحتملة. ونتيجة للمتابعة والتطوير المستمر والتراكمي الذي تسارع خلال العام الماضي بشكل خاص، استخلصت ست طرائق لتفعيل دور الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي طوّرته شركة «أوبن إيه آي» ومنافساتها، في تطوير عمل الحكومة خلال عام 2024.
وتتصدر الولايات المتحدة، دول العالم في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي بدعمها لشركات القطاع الخاص المتنافسة على هذا الصعيد وعلى رأسها شركة «أوبن إيه آي» و«مايكروسوفت».
وقد شهد عام 2023 ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي وتقدمه السريع، ولديه القدرة على تغيير طرائق عمل الحكومة وتفاعلها مع المواطنين بشكل كبير.
مع بداية العام الجديد، ظهرت مؤشرات واضحة على أن اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي في الحكومة سوف يتسارع، ما يعود بالفوائد على خدمات المواطنين والأمن السيبراني والمشتريات والقطاعات والخدمات الأخرى:
أولاً: العقود الحكومية
سواء استخدم لتطوير التطبيقات أو تعزيز الأنظمة الحالية أو توفير خدمات جديدة، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيساعد الحكومة على الاستفادة من الكميات الهائلة من البيانات التي تجمعها لخلق قيمة بطرق غير مسبوقة. وسنشهد اعتمادها بسرعة هائلة في جميع أنحاء العالم. ستتبع حكومات الولايات والحكومات المحلية الحكومة الفيدرالية لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في العقود.
ثانياً: تدريب الموظفين
يتطلب الذكاء الاصطناعي التوليدي إشرافاً بشرياً لضمان استخدامه بشكل أخلاقي وفعال؛ فهو ليس حلاً سحرياً لجميع المشكلات. ومن المرجح تنفيذ المزيد من البرامج التدريبية، المصممة خصيصاً لتلبية احتياجات الأقسام أو الموظفين المعنيين، لمساعدتهم على فهم كيفية الحصول على أقصى استفادة من التكنولوجيا الجديدة.
ثالثاً: تغلب الحكومات على النقص
غالباً ما يلاحظ القادة في القطاع الخاص أن إحدى الفوائد الرئيسية للذكاء الاصطناعي التوليدي هي قدرته على مساعدة المؤسسات على تحقيق المزيد بموارد أقل.
رابعاً: تعاون شركات التكنولوجيا
سوف تخرج شركات التكنولوجيا من سباق التسلح في الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي ساد عام 2023. ويعد التعاون والتنسيق أمرين بالغي الأهمية لضمان استمرارية الذكاء الاصطناعي التوليدي على المدى الطويل.
خامساً: الذكاء الاصطناعي التوليدي
تاريخياً، تعد المشتريات واحدة من أكثر العمليات تعقيداً وتحدياً بالنسبة للحكومة، حيث تتضمن خطوات متعددة وأطرافاً متعددة ومتطلبات متعددة، إلى جانب عدد لا يحصى من القيود القانونية والتنظيمية. لقد كانت المشتريات الحكومية تقليدياً تستغرق وقتاً طويلاً. يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يساعد الحكومة على تسهيل عمليات الشراء وأتمتتها، بتقديم توصيات ذكية وتسهيل المفاوضات والعقود والمدفوعات - وفي النهاية، تقليل وقت المراجعة المكلف.
سادساً: نقل الخدمات إلى المنصات الرقمية
سيكون هناك تأييد أكبر من صنّاع القرار لتحويل خدمات المواطنين، بحيث تكون لا ورقية، ونقل وثائق القبول المكتوبة إلى الوسائل الرقمية وإلغاء الحاجة إلى مشاركة المعلومات المكررة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات القمة العالمية للحكومات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
قيادة المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي
د. علي بن حمدان بن محمد البلوشي
تطوَّر مفهوم القيادة بشكل كبير خلال العقود الأخيرة، فلم يعد القائد هو ذلك الشخص الذي يعتمد فقط على الكاريزما أو السلطة الرسمية؛ بل أصبح الدور أكثر شمولًا وتعقيدًا.
القيادة الحديثة تقوم على مزيج من المهارات الإنسانية والتقنية، وعلى قدرة القائد على التأثير في الآخرين والإلهام واتخاذ القرارات ضمن بيئات سريعة التغيّر. وبعض القادة يولدون بسمات تساعدهم مثل الحزم أو الذكاء العاطفي، لكن النجاح الحقيقي يعتمد بشكل أساسي على مهارات مكتسبة عبر التجربة والتعلم المستمر؛ مثل القدرة على التواصل، التفكير الاستراتيجي، إدارة فرق متنوعة، فهم البيانات، والتعامل مع التقنية.
وفي عصر العولمة والذكاء الاصطناعي، يواجه القادة تحديات لم يشهدوها من قبل. أولى هذه التحديات هو تسارع التغيير التقني الذي يفرض على القائد مواكبة الابتكار دون فقدان البوصلة الإنسانية. إضافة إلى ذلك، فإن تنوع ثقافات ومهارات المرؤوسين يجعل إدارة التوقعات وبناء فرق متجانسة أكثر تعقيدًا. كما تُعد حماية البيانات والالتزام بالأخلاقيات الرقمية من أبرز التحديات، في وقت أصبحت فيه القرارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي جزءًا من العمليات اليومية. كذلك تواجه المؤسسات ضغوطًا عالمية تتعلق بالاستدامة والمسؤولية المجتمعية، ما يتطلب من القادة فهم البيئة الدولية واتخاذ قرارات مبنية على قيم واضحة.
ولمواجهة هذه التحديات، يحتاج القائد إلى مجموعة من الاستراتيجيات والأدوات. من أهمها تعزيز ثقافة الابتكار داخل الفريق وتشجيع التعلم المستمر، بما في ذلك تعلّم مهارات العمل جنبًا إلى جنب مع أنظمة الذكاء الاصطناعي. كما يجب على القائد بناء جسور للثقة عبر الشفافية في القرارات، والإفصاح عن كيفية استخدام البيانات والتقنيات. ويُعد الالتزام بالأخلاقيات- سواء في استخدام التكنولوجيا أو إدارة الأفراد- ركيزة أساسية للحفاظ على سمعة المؤسسة ومتانة بيئتها الداخلية. كما ينبغي استخدام أدوات التحليل الرقمي لأخذ قرارات دقيقة، دون إغفال البعد الإنساني في قيادة الأفراد وفهم دوافعهم الثقافية والاجتماعية.
وفي الختام.. فإن قادة المستقبل بحاجة إلى مزيج فريد من البُعد الإنساني والرؤية التقنية. عليهم أن يعزّزوا الثقة داخل منظوماتهم، ويجعلوا الأخلاق معيارًا أساسيًا في كل خطوة، وأن يبنوا ثقافة عمل تتقبّل التغيير وتحتفي بالابتكار. والمستقبل سيكافئ القادة القادرين على التوازن بين العقل والآلة، وبين التقنية والقيم، وبين الطموح والمسؤولية؛ فهؤلاء وحدهم سيقودون التغيير في عصر الذكاء الاصطناعي.
** مستشار اكاديمي