النقد الدولي يحذر: صراع الشرق الأوسط يفاقم الأضرار الاقتصادية حول العالم
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - بغداد
قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا ، إن اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى تفاقم الأضرار الاقتصادية على المستوى العالمي.
وأشارت غورغيفا إلى أن الصراع يؤثر على السياحة في الدول المجاورة، مضيفة أن الصندوق يراقب التأثيرات المالية عن كثب.
وأكدت مديرة الصندوق أن تأثير الصراع في الشرق الأوسط على المستوى العالمي يتجلى في ارتفاع تكاليف الشحن وانخفاض حجم المرور عبر البحر الأحمر.
وأضافت، في كلمة ألقتها في المنتدى المالي العربي، أن صندوق النقد الدولي سينشر وثيقة اليوم الاثنين تظهر أن الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة يمكن أن يوفر 336 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط، ما يعادل اقتصادي العراق وليبيا مجتمعين.
الظروف الحالية وتوقعات المستقبل
في حين أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، بسبب التطورات المأساوية بين إسرائيل وغزة، إلا أن غورغيفا أكثر ثقة بعض الشيء بشأن التوقعات الاقتصادية. "لقد كان الاقتصاد العالمي مرنا بشكل مدهش، ومع انخفاض التضخم بشكل مطرد، فإننا نستعد لهبوط ناعم في عام 2024".
"لقد تجاوز النمو التوقعات في العام الماضي، ونتوقع أن يصل هذا العام إلى 3.1 %. ولكن لا يمكننا أن نعلن النصر قبل الأوان".
وأضافت: "لا تزال آفاق النمو على المدى المتوسط هزيلة عند نحو 3 %، مقارنة بالمتوسط التاريخي المسجل في عقود ما قبل الجائحة والذي بلغ نحو 3.8 %. إن آفاق تعزيز النمو تطغى عليها أسعار الفائدة التي لا تزال مرتفعة والحاجة إلى استعادة الاستدامة المالية بعد سنوات من زيادة الإنفاق العام".
ومن الممكن أن تنيرها التطورات التكنولوجية مثل التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، ولكن "فقط إذا كنا مستعدين لها. ويظهر تحليلنا أنه مع تعرض ما يقرب من 40 % من الوظائف للذكاء الاصطناعي- على مستوى العالم وفي العالم العربي- نجد أن العديد من البلدان غير مستعدة لحجم ونطاق التحول الاقتصادي الذي ستشهده". وأشادت بالعمل التي أظهرتها بعض البلدان- مثل الإمارات العربية المتحدة- من خلال تعزيز قدرتها على الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي. لكن البلدان التي تفتقر إلى البنية التحتية والقوى العاملة الماهرة اللازمة لتسخير هذه التكنولوجيا يمكن أن تتخلف أكثر عن غيرها ".
وبالانتقال إلى الآفاق المباشرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يتوقع الصندوق أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.9 % هذا العام- وهو أعلى من العام الماضي، ولكنه لا يزال أقل من توقعاتنا لشهر أكتوبر.
ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التخفيضات قصيرة الأجل في إنتاج النفط، والصراع بين غزة وإسرائيل، والسياسات النقدية المتشددة، التي لا تزال هناك حاجة إليها. ومن بين المصدرين، يعد بطء النمو خارج قطاع النفط والغاز عاملا آخر. وسوف يصبح تراجع الطلب على النفط بمثابة رياح معاكسة متزايدة على المدى المتوسط. وفي الوقت نفسه، فإن مستوردي الطاقة الصافيين يعوقهم ارتفاع مستويات الديون والاقتراض بشكل تاريخي، ومحدودية الوصول إلى التمويل الخارجي.
تأثر حرب غزة
اقتصاديا، كان تأثير الصراع مدمرا في غزة، حيث انخفض النشاط بنسبة 80 % في الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول حتى ديسمبر/ كانون الأول مقارنة بالعام السابق- بينما يبلغ الانخفاض في الضفة الغربية، عند 22 %." إن التوقعات الأليمة للاقتصاد الفلسطيني تزداد سوءا مع استمرار الصراع، ولن يغيره جذريا إلا السلام الدائم والحل السياسي. وسيواصل صندوق النقد الدولي تقديم المشورة في مجال السياسات والمساعدة الفنية للسلطة الفلسطينية وسلطة النقد الفلسطينية ".
وبالنظر إلى المنطقة المجاورة مباشرة، فإن الصراع يؤثر على السياحة، التي تمثل شريان الحياة بالنسبة للكثيرين . ونحن نراقب عن كثب التأثيرات المالية، التي يمكن رؤيتها في مجالات مثل زيادة الإنفاق على شبكات الأمان الاجتماعي والدفاع.
في جميع أنحاء المنطقة وخارجها، يظهر التأثير من خلال ارتفاع تكاليف الشحن وانخفاض أحجام العبور في البحر الأحمر- حيث انخفضت بنسبة تزيد عن 40 % هذا العام وفقا لبيانات" PortWatch "التابعة للصندوق." وهذا يؤدي إلى تفاقم التحديات التي تواجهها الاقتصادات التي لا تزال تتعافى من الصدمات السابقة. وكلما طال أمد القتال، زادت مخاطر اتساع نطاق الصراع، مما يؤدي إلى تفاقم الضرر الاقتصادي ".
وأكدت غورغيفا أن العالم العربي قادر على زرع بذور مستقبل أفضل وأكثر استقرارا في ظل هذه الظروف الصعبة. ويمكنه تلبية احتياجات إعادة الإعمار المقبلة، وتعزيز القدرة على الصمود، وخلق الفرص التي يطلبها عدد متزايد من السكان.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار النقد الدولی الشرق الأوسط لا تزال
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف مشروع الشرق الأوسط الجديد في رؤية ترامب ونتنياهو
بعد مرور عقدين على فشل مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي روجت له إدارة جورج بوش الابن إبان غزو العراق وحرب لبنان عام 2006، تعود الرؤية ذاتها ولكن بثوب جديد – هذه المرة عبر تحالف وثيق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واللذَان يسعيان لتشكيل "شرق أوسط جديد" تكون فيه إسرائيل القوة المهيمنة بدعم أمريكي مطلق، بينما يتم تحييد إيران ومحور المقاومة عبر سلسلة من الحروب والاستنزاف العسكري، بحسب الدراسة التي نشرها مركز الأبحاث المجلس الأطلسي.
منذ حرب 7 أكتوبر 2023، شنت إسرائيل سلسلة من الهجمات التي طالت غزة ولبنان وسوريا واليمن، وصولاً إلى قلب إيران في يونيو 2025. هذه الحروب، التي وفرت لها واشنطن غطاءً سياسيًا ودعمًا عسكريًا، لم تحقق أهدافها الاستراتيجية حتى الآن، حيث ما زالت قوى المقاومة – رغم الخسائر الكبيرة – صامدة ميدانيًا وسياسيًا.
غزة: دمار هائل دون نصر حاسمبعد عشرين شهرًا من العدوان على غزة، تخطى عدد الشهداء الفلسطينيين 57 ألفًا، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ الصراع. وعلى الرغم من تدمير البنية التحتية وتهجير السكان، لم تنجح إسرائيل في القضاء على حركة حماس، التي لا تزال قادرة على شن هجمات نوعية تُربك الجيش الإسرائيلي.
إيران: الضربة الاستراتيجية التي لم تنجز المهمةفي يونيو 2025، شنت إسرائيل والولايات المتحدة حملة جوية مكثفة على منشآت إيران النووية، مع وعود ترامب بـ"تحطيم المشروع النووي الإيراني بالكامل". لكن التقييمات العسكرية تشير إلى أن الضرر كان كبيرًا، لكنه غير كافٍ لتفكيك القدرات النووية الإيرانية. بل وقد تؤدي هذه الهجمات إلى تسريع طهران لمساعيها نحو امتلاك سلاح نووي ردًا على التهديدات الوجودية.
لبنان: حزب الله يتراجع تكتيكيًا... دون هزيمةفي لبنان، ورغم الخسائر الفادحة الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية، لا يزال حزب الله قوة قائمة، ولم يسلم سلاحه كما تطالب إسرائيل والولايات المتحدة.
ورغم التراجع إلى شمال الليطاني، فإن أمينه العام بالوكالة، نعيم قاسم، يتوعد برد قاسٍ حال اجتياح إسرائيل للجنوب اللبناني. أما الحكومة اللبنانية الجديدة، بقيادة الرئيس جوزيف عون، فتواجه مأزقًا سياسيًا بين الضغوط الخارجية والاحتمالات الكارثية لأي صدام داخلي مع حزب الله.
اليمن: صمود الحوثيين رغم القصفعلى الرغم من القصف الأمريكي والإسرائيلي على مواقع الحوثيين في صنعاء وصعدة وموانئ الحديدة، فإن جماعة أنصار الله (الحوثيين) ما تزال تمتلك قدرات هجومية، وتحتفظ بترسانات استراتيجية قد تستخدم في حال عودة الحرب ضد إيران.
اتفاق الهدنة المؤقت مع واشنطن في مايو 2025 عزز من موقف الحوثيين داخليًا وأضعف خصومهم في المجلس الرئاسي.
المشروع الحالي لإعادة تشكيل الشرق الأوسط يعتمد، كما في اتفاقيات "أبراهام" التي وقعت في عهد ترامب عام 2020، على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية دون أي اعتبار للحقوق الفلسطينية. وتفترض الخطة أن الرخاء الاقتصادي كفيل بتجاوز عدالة القضية الفلسطينية – وهي فرضية أثبتت المعطيات الأخيرة فشلها، بل وساهمت في تأجيج الصراع.
وتشير الدراسة إلى أن هناك طريقين لا ثالث لهما في المرحلة المقبلة: إما دبلوماسية خلاقة تنقذ ما تبقى من فرص السلام، أو استمرار لحرب مفتوحة ومتعددة الجبهات. غير أن تمسك كافة الأطراف بمواقفها القصوى يرشح السيناريو الثاني كالأقرب، ما يعني أن "الشرق الأوسط الجديد" وفق رؤية ترامب ونتنياهو قد يتحقق شكليًا عبر تطبيع اقتصادي جزئي، لكنه سيكون محفوفًا بمزيد من الحروب، الانهيارات، والتشظي السياسي.
التحالف الأمريكي-الإسرائيلي يسير نحو فرض واقع جديد بالقوة، لكن التصدعات الإقليمية، وصمود الخصوم، وغياب أي تسوية سياسية متوازنة، كلها عوامل تضعف الرؤية الترامبية-النتنياهوية لـ"شرق أوسط جديد". ما يتم رسمه حتى الآن ليس مستقبلًا مستقرًا، بل خريطة من الدمار والتوتر الدائم، تراكم الغضب أكثر من السلام، وتبني واقعًا لا يدوم.