فيديو.. حراك شعبي في فرنسا يدعم فلسطين ويواجه اليمين المتطرف
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
باريس – كانت العاصمة الفرنسية باريس مسرحا لمظاهرتين أمس السبت، تحمل كل منهما رسالة قوية تدعم الشعب الفلسطيني، وتندد بشدة بالأفكار المتطرفة وكراهية الأجانب التي تتبناها الأحزاب اليمينية.
ومن باريس إلى قطاع غزة، أعربت المنظمات المؤيدة للقضية الفلسطينية عن تضامنها المستمر مع سكان القطاع المدنيين الذين يعانون من حرب قاسية دخلت يومها الـ128.
في المقابل، هتف المشاركون في المظاهرة الحاشدة ضد تصاعد اليمين المتطرف الذي انقض على دوائر الحكم في فرنسا بأفكاره المعادية للمهاجرين، وإدانة تواطؤ حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون مع اليمين الإسرائيلي المتطرف.
في طقس بارد وممطر، تجمع آلاف المتظاهرين في ساحة الجمهورية بدعوة من جهات مختلفة، على رأسها جمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية والاتحاد العام للعمال "سي جي تي".
وفي حديثها للجزيرة نت، استنكرت رئيسة منظمة "قاطعوا إسرائيل" أوليفيا زيمور الخطة الإسرائيلية المرتقبة للعدوان على رفح، معتبرة أنها ستؤدي إلى "مجزرة سيشاهدها كل العالم إذا لم يتحرك أحد".
انضمت مفتشة العمل والناشطة في الأحياء الشعبية المناهضة للعنصرية مورنيا العبسي إلى الحراك الشعبي، حيث قارنت بين قمع الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل وبين قمع الدول الإمبريالية بما فيها فرنسا.
وأضافت في تصريحات خاصة للجزيرة نت أن "المهاجرين والأجانب يختبرون شكلا من أشكال الاستعمار الجديد، تماما كما يعاني الفلسطينيون من الاحتلال الإسرائيلي".
وقال الناشط الفلسطيني رامي شعث إن "الرابط بين الفاشية والنازية التي يُتعامَل بها مع الشعب الفلسطيني، وتلك الموجودة في فرنسا بشكلها الرأسمالي واضحة جدا مع وجود اليمين المتطرف ومع حكومة ماكرون بشكل خاص".
ولفت شعث إلى أن "هناك تحالفا يبنى في فرنسا من كل المتضررين من رؤى الاستعمار والفاشية لمواجهة هذه الأنظمة وتغييرها".
وفي الوقت الذي تحاول فيه الأصوات المؤيدة للحق الفلسطيني التأثير في الحكومات للضغط بشكل أكبر وإجبار إسرائيل على وقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، يشق اليمين المتطرف طريقه للنيل أكثر فأكثر من مقاليد الحكم.
فمن قانون الهجرة واللجوء إلى حظر ارتداء العباءات في المدارس، تم سن قوانين تمييزية ضد المهاجرين، لتسحق حقوق السكان الأجانب في فرنسا.
وفي هذا السياق، يستذكر النائب الفرنسي إريك كوكريل ما حدث قبل بضعة أيام عندما قام النائب الفرنسي مائير حبيب بإهانة نائب عن حزب "فرنسا الأبية" خلال تكريم الضحايا الفرنسيين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووصف كوكريل زميله البرلماني حبيب بـ"ممثل الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الجمعية الوطنية"، لافتا إلى أن رئيس التجمع الوطني الحالي جوردان بارديلا قال إن مؤسس الحزب اليميني المتطرف في فرنسا جان ماري لوبان لم يكن معاديا للسامية.
وتابع النائب عن حزب "فرنسا الأبية" أن "حكومة نتنياهو تضم شخصيات يمينية متطرفة وعنصرية، ومن المؤسف أن هذه السياسة سارية المفعول في فرنسا أيضا".
فعلى سبيل المثال، تمكن حزب التجمع الوطني من مضاعفة الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية خلال 15 عاما. فبعد أن حاز على 5.5 ملايين صوت في عام 2002، وصلت أصوات الناخبين الداعمين له في عام 2017 إلى ما يقرب من 11 مليون صوت.
من جانبها، ترى العبسي أن حكومة ماكرون فتحت الباب أمام اليمين المتطرف اليوم للحضور بقوة كبرى في الساحة السياسية الداخلية، "وهذا بمثابة نقطة انطلاق سمحت له بالتوغل في السلطة، مما سيدفع الناس إلى التظاهر أكثر"، على حد تعبيرها.
تدعو المنظمات النقابية في باريس إلى بناء رد فعل شامل ضد اليمين المتطرف والحكومة التي تمهد الطريق أمامه بهدف وقف الهجوم المناهض للمجتمع والعمال. وفي هذا السياق، تطالب هذه المنظمات بزيادة فورية في الرواتب بقيمة 400 يورو بسبب معدلات التضخم، وإلغاء قانون الهجرة، وتسوية أوضاع جميع الأشخاص الذين ليس لديهم أوراق ثبوتية.
وفي هذا الصدد، قال عضو في نقابة المالية العمومية التضامنية إن "احتمال وصول حزب يميني متطرف إلى السلطة في المدى القصير يشكل تهديدا حقيقيا، وقد يتعزز هذا الاحتمال إذا تمكنت الجمعية الوطنية من تقديم نفسها مرة أخرى باعتبارها الحزب الرائد في فرنسا خلال الانتخابات الأوروبية في يونيو/حزيران" المقبل.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت "من الضروري رفع اللهجة وجعل مكافحة اليمين المتطرف بمنظماته وأفكاره أولية وطنية للجميع لضمان المساواة في الحقوق والحريات الأساسية".
وقبل 4 أشهر من الانتخابات الأوروبية، أشار استطلاع للرأي تم إجراؤه في الفترة ما بين 29 يناير/كانون الثاني و7 فبراير/شباط الجاري إلى ارتفاع شعبية حزب اليمين المتطرف بقيادة بارديلا، حيث حاز نسبة 30%، في حين تراجع المعسكر الرئاسي لماكرون إلى ما دون 20%.
من جانبها، هاجمت أوليفيا زيمور الحكومة الفرنسية التي "أوقفت دعم وكالة الأونروا، وتسرع عملية الإبادة الجماعية"، لافتة إلى أن "اليمين المتطرف الفاشي حجز مكانه في السلطة داخل إسرائيل مع نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، وقد تشهد فرنسا هذا التصاعد نفسه في القوى إذا سمحنا بذلك".
وتابعت رئيسة منظمة "قاطعوا إسرائيل" بالقول "رأينا ما يخلفه اليمين المتطرف في العديد من الدول، ومن واجبنا أن نتصدى لأفكاره الشاذة وقوانينه غير العادلة من خلال التظاهر بشتى السبل لضمان حق المهاجرين، ولنحول دون وصوله إلى كرسي الحكم في الفترة المقبلة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الیمین المتطرف فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
بعد فرنسا وبريطانيا.. 9 دول جديدة تتحرك للاعتراف بدولة فلسطين
تتسارع وتيرة التحركات الدولية نحو الاعتراف بدولة فلسطين، مع انضمام تسع دول جديدة إلى قائمة المؤيدين لهذا المسار، استعداداً لإعلان رسمي مرتقب خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، في خطوة وصفها مراقبون بأنها “تحول دبلوماسي غير مسبوق” على الساحة الدولية.
وجاء هذا الزخم السياسي عقب اختتام “مؤتمر الأمم المتحدة لتعزيز حل الدولتين” في نيويورك، الذي انعقد برعاية فرنسية سعودية، وبمشاركة واسعة من دول مؤيدة لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وبرز في ختام المؤتمر “إعلان نيويورك”، الذي دعا إلى إنهاء الحرب في غزة، وتسليم حركة حماس أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية، وإطلاق عملية سياسية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية على أساس حل الدولتين.
وفي بيان مشترك، أعلنت تسع دول، معظمها أوروبية، عزمها الاعتراف بدولة فلسطين للمرة الأولى، وهي: أستراليا، كندا، فنلندا، نيوزيلندا، البرتغال، أندورا، مالطا، سان مارينو، ولوكسمبورغ، كما جددت دول أخرى سبق لها الاعتراف بفلسطين تأكيد دعمها، مثل إيسلندا، إيرلندا، وإسبانيا.
ووصف وزراء خارجية هذه الدول الاعتراف بالدولة الفلسطينية بأنه “خطوة أساسية لا غنى عنها لتحقيق حل الدولتين”، داعين بقية الدول التي لم تعترف بعد إلى اتخاذ القرار ذاته، لما فيه من دعم للسلام الإقليمي والاستقرار العالمي.
تحول بريطاني مشروط يحظى بدعم إقليمي
وفي تطور لافت، نقلت مصادر بريطانية أن رئيس الوزراء كير ستارمر أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعزمه الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، مشيرًا إلى أن تنفيذ القرار مشروط بوقف إطلاق النار في غزة، وضمان عدم تنفيذ عمليات ضم جديدة في الضفة الغربية، وبدء مفاوضات سياسية جادة تفضي إلى حل الدولتين.
ورغم الضغوط الإعلامية والسياسية المتزايدة داخل بريطانيا، شدد ستارمر على أن قراره “نابع من قناعة استراتيجية، وليس نتيجة ضغوط داخلية”، وهو ما لاقى ترحيباً من السعودية والأردن، حيث وصفت وزارة الخارجية الأردنية الخطوة البريطانية بأنها “إشارة سياسية صحيحة نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل”.
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فقد اعتبر القرار البريطاني “موقفاً تاريخياً”، داعياً بقية دول العالم إلى محاكاة هذا التوجه ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
قلق إسرائيلي وتحذيرات داخلية
على الجانب الإسرائيلي، قوبل التوجه الدولي المتسارع نحو الاعتراف بفلسطين بقلق شديد في الأوساط السياسية والدبلوماسية. فقد أصدر منتدى يضم 18 سفيراً إسرائيلياً سابقاً بياناً حذروا فيه من “انهيار سياسي غير مسبوق” يهدد إسرائيل نتيجة عزلتها المتزايدة بسبب استمرار الحرب في غزة، مؤكدين أن “أي خطوات ضم إضافية ستفاقم الوضع وتزيد من عزلة تل أبيب”.
ودعا البيان إلى وقف العمليات العسكرية فوراً، وإطلاق سراح الرهائن، والبدء بعملية سياسية تؤدي إلى إنهاء حكم حماس في غزة ضمن إطار دولي.
إجماع دولي متنامٍ على دعم حل الدولتين
مؤتمر نيويورك الذي رعته باريس والرياض شهد مشاركة 17 دولة، منها بريطانيا، مصر، قطر، تركيا، كندا، والبرازيل، وأكد في بيانه الختامي على ضرورة استعادة المسار السياسي، وإنهاء الصراع عبر حل الدولتين، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية.
هذا التحول المتسارع في المواقف الدولية يعكس ضغطًا سياسيًا متزايدًا لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال حلول سياسية قابلة للتنفيذ، وسط تصاعد الغضب الشعبي والدولي من آثار الحرب المستمرة في غزة والانقسامات الحادة داخل إسرائيل.