لم يكن مقتل ثلاثة أشخاص وتدمير منزل أسرة واعتقال العشرات كافياً كي يوقف الحوثيون عملية التنكيل بسكان إحدى قرى محافظة إب اليمنية؛ رداً على مقتل قائد إحدى وحداتهم العسكرية، بل امتد العقاب الجماعي إلى قطع المياه واعتقال المراهقين والنساء.

فمنذ خمسة أيام وعقب مقتل قائد وحدات التدخل السريع غمدان جميدة، وثلاثة من مرافقيه في قرية المشاعبة التابعة لمديرية المشنة في مدينة إب عاصمة المحافظة (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، يمعن الحوثيون في التنكيل بالسكان بطريقة سمع عنها اليمنيون من أجدادهم، حيث كان أسلاف الجماعة يعتمدون العقاب الجماعي أساساً لتثبيت سلطتهم.



ونقلت صحيفة«الشرق الأوسط»، عن مصادر في مدينة اب أن وحدات التدخل السريع التي تتبع مباشرة عبد الملك الحوثي تواصل التنكيل بالمدنيين من نساء وأطفال القرية، حيث فرضت حصاراً محكماً، ومنعت الدخول أو الخروج منها.

وتقوم قوات الجماعة - حسب المصادر - باعتقال كل الذكور حتى المراهقين منهم، وقطعت عن السكان المياه منذ خمسة أيام بهدف إذلالهم كي يكونوا عبرة لغيرهم ممن يقاومون الجماعة التي تسيطر على المحافظة منذ عام 2014.

ووفق هذه المصادر، فقد تجاوز عدد المعتقلين من السكان 65 شخصاً، بينهم خمس نساء وعدد من الأطفال، بعد أن توسعت حملة الاعتقالات لتطال أقارب السكان في قرية «الواسطة» المجاورة جنوب شرقي مدينة إب، حيث تنتشر عناصر وحدات الحوثيين في مداخل القريتين وفي الطريق العامة المؤدية لمنطقة ميتم، باتجاه محافظة الضالع.

نهب وتفجير وإذلال

بينت المصادر المحلية في إب أن الحوثيين يواصلون حملة الاعتقالات التي استهدفت في بدايتها أسرة وأقارب بيت الطويل عقب الاشتباك المسلح بين قواتهم وثلاثة من أفراد الأسرة كانوا ملاحقين، حيث تصدوا للحملة وقتلوا قائدها وثلاثة من مرافقيه قبل أن يقتلوا، لكنّ الحوثيين لم يكتفوا بذلك بل أقدموا على نهب محتويات منزل حسن الطويل قبل تفجيره، ثم اعتقلوا جميع أقاربه واقتادوهم إلى سجون مركز المحافظة.

وطبقاً لهذه المصادر فإن الحوثيين أرسلوا تعزيزات إضافية إلى محيط القرية منذ الأربعاء الماضي، حيث قامت بتنفيذ حملة دهم للمنازل واعتقالات بالجملة، ومنعت الدخول أو الخروج من القرية والقرى المجاورة، ولا تزال الحملة مستمرة وسط استنكار شعبي ورسمي، حيث طال العقاب كبار السن والأطفال والنساء في ممارسات كانت انتهت مع انتهاء حكم الأئمة لشمال اليمن في بداية الستينات من القرن الماضي.

وفي حين شيع الحوثيون في صنعاء 17 ضابطا قالوا إنهم قتلوا نتيجة الضربات الأميركية البريطانية، ضموا إليهم أربعة من قتلاهم الذين سقطوا خلال المواجهات في إب، وهم غمدان جميدة، وياسين الشعوري، وشافي جميدة، وأحمد رجب، مع أن الجماعة كانت أعلنت قبل ذلك بأيام تشييعهم في مدينة إب عقب يوم من مصرعهم خلال المواجهة مع أسرة الطويل.

وتعد وحدات التدخل السريع إحدى الأذرع العسكرية لزعيم الحوثيين، ويتم الاستعانة بها في ضرب أي تمرد تعجز عنه قوات الأمن، واستخدمت هذه الوحدات عند الهجوم على العاصمة اليمنية قبل نهاية عام 2014، ويتم اختيار منتسبيها بعناية وبعد التأكد من التزامهم الفكري الطائفي والولاء المطلق لقائد الجماعة، حيث تلقت هذه الوحدات تدريباتها على يد عناصر من «حزب الله» اللبناني.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

عرض علني لرهائن وسيناريو تصعيدي يتكرر.. الحوثي يمعن في إرهابه بالبحر الأحمر

في تحوّل خطير يكشف ملامح مرحلة جديدة من التصعيد، بدأت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران استخدام اختطاف طواقم السفن التجارية كورقة ضغط استراتيجي ضمن ما تصفه بـ"الحصار البحري على إسرائيل"، في وقت تسعى فيه الجماعة لترسيخ دورها كقوة مهددة للممرات الدولية، وممسكة بزمام المبادرة في البحر الأحمر.

إقدام الحوثيين على استعراض طاقم سفينة "إتيرنيتي سي" المختطفة، بعد تدميرها في عرض البحر، يوجّه رسالة واضحة للمجتمع الدولي مفادها أن الجماعة لن تتراجع عن تهديداتها، وأنها ماضية في التصعيد دون اكتراث بالقانون الدولي أو سلامة الملاحة العالمية.

ويبدو أن الميليشيات تسعى إلى تحويل البحر الأحمر إلى ساحة نفوذ عسكري وسياسي، مستخدمة ذريعة دعم غزة، بينما الهدف الحقيقي يتمثل في تكريس موقعها الإقليمي والتفاوضي على حساب أمن التجارة العالمية وحرية الملاحة.

وفي خطوة غير مسبوقة منذ بدء عملياتها البحرية في نوفمبر 2023، بثت وسائل إعلام حوثية فيديو يُظهر عشرة من أفراد طاقم السفينة "إتيرنيتي سي" المختطفة، بعد أسابيع من الهجوم الذي استهدف السفينة في البحر الأحمر. ويُعد هذا التصرف تكرارًا لما قامت به الجماعة سابقًا مع طاقم سفينة "جالاكسي ليدر" في نوفمبر من العام الماضي، غير أن سياق التصعيد اليوم يبدو أكثر خطورة من أي وقت مضى.

الفيديو، الذي تضمن لقطات لما وصفته الجماعة بعملية "الإنقاذ"، يظهر أفراد الطاقم وهم يتحدثون عن عدم معرفتهم بحظر الحوثيين للملاحة باتجاه موانئ إسرائيل. كما تضمّن مقاطع لاحتجازهم في موقع مجهول، في محاولة واضحة من الجماعة لتوظيف الطاقم المختطف كدعائيين قسريين لتبرير الهجوم وتضليل الرأي العام الدولي.

العملية تأتي ضمن ما أعلنه الناطق العسكري للحوثيين، يحيى سريع، بأن الجماعة بدأت تنفيذ المرحلة الرابعة من "الحصار البحري" على إسرائيل. وتشمل هذه المرحلة استهداف أي سفينة تتبع شركة تتعامل مع موانئ إسرائيل، "بغض النظر عن جنسيتها"، ما يعني توسيع دائرة الهجمات إلى أهداف أكثر تنوعًا وخطورة.

وتكشف هذه التصريحات عن تحول استراتيجي في أداء الجماعة، حيث لم تعد تكتفي بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، بل أصبحت تركز على إبراز قدرتها على تنفيذ عمليات بحرية معقدة تشمل التدمير والاختطاف، دون ردع فعلي من القوى الدولية.

الهجوم على السفينة "إتيرنيتي سي"، وهي ناقلة بضائع سائبة ترفع علم ليبيريا، جاء بعد توقف مؤقت في عمليات الاستهداف البحري، ما أعاد للأذهان هشاشة الإجراءات الأمنية في الممر البحري الحيوي. والأسوأ، أن الهجوم لم يُقابل بأي تدخل لحماية الطاقم، ما منح الحوثيين فرصة استثمار الواقعة دعائيًا واستراتيجيًا.

أشارت تقارير بحرية إلى أن أربعة من أفراد طاقم السفينة – ومعظمهم من الجنسية الفلبينية – يُعتقد أنهم لقوا حتفهم خلال الهجوم، فيما لا يزال مصير أحد أفراد الطاقم الآخر غامضًا، بعد ظهور عشرة فقط في الفيديو الذي بثه الحوثيون.

ورغم خطورة هذا التصعيد، لم يصدر أي موقف دولي صارم ضد الجماعة، في مشهد يعكس فشل الجهود الأمنية الدولية في ضمان حماية السفن المدنية أو ردع الجهة التي تعلن صراحةً مسؤوليتها عن الهجمات.

من جهة أخرى، تُواصل إسرائيل تنفيذ ضربات مركّزة على منشآت حوثية في اليمن، وكان ميناء الحديدة أبرز الأهداف خلال الأسابيع الأخيرة. ووفق مصادر ملاحية، فإن الغارات الإسرائيلية دمرت 5 من أصل 8 أرصفة في الميناء، ما أدى إلى خروجه جزئيًا عن الخدمة، في تطور لافت ينذر بتهديد التوازن الإنساني والاقتصادي في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي.

هذه الضربات تُعد بمثابة محاولة للرد على سلوك الجماعة البحري العدائي، غير أنها حتى اللحظة لم تفلح في كبح اندفاع الحوثيين، الذين يرون في التصعيد البحري أداة ضغط فعالة لإبراز مكانتهم في أي مفاوضات محتملة.

ومع مواصلة الحوثيين التهديد بشن المزيد من الهجمات، يصبح مستقبل الملاحة الدولية في البحر الأحمر رهينًا بإرادة ميليشيا مسلحة خارجة عن القانون الدولي. فالرسالة التي حملها الفيديو الأخير ليست فقط أن الجماعة مستمرة، بل أنها باتت أكثر جرأة وتنظيمًا، وقادرة على توظيف الحوادث كأدوات ردع نفسية وسياسية وإعلامية في آن واحد.

كما تكشف التطورات الأخيرة عن هشاشة النظام الأمني في البحر الأحمر، وضرورة إعادة تقييم أدوات الردع المتاحة إقليميًا ودوليًا، إذ لم يعد من الممكن اعتبار البحر الأحمر ممرًا آمِنًا في ظل غياب موقف حازم يردع الجماعة ويمنع تكرار السيناريوهات الكارثية بحق السفن وطاقمها.

مقالات مشابهة

  • عرض علني لرهائن وسيناريو تصعيدي يتكرر.. الحوثي يمعن في إرهابه بالبحر الأحمر
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • ماذا يعني إعلان الحوثيين مرحلة جديدة من التصعيد ضد إسرائيل؟
  • أرحب تمهل الحوثيين وتُلوّح بالثأر لمقتل أحد وجهائها واختطاف أبنته
  • وزيرة التضامن توجه فرق التدخل السريع بالتعامل مع حالات بلا مأوى
  • ميليشيات الحوثي تحرق منزل مواطن في الجوف بعد نهب ممتلكاته وتهجير أسرته بالقوة
  • التضامن: التدخل السريع تعامل مع عدد من حالات لسيدات وأطفالهن بلا مأوى
  • المهرة.. الإفراج المشروط عن القيادي الحوثي الزايدي وسفره إلى سلطنة عُمان
  • مليشيا الحوثي تفرض ملازم طائفية على مدارس ثلاث مديريات بتعز