موقع النيلين:
2025-07-05@00:29:40 GMT

القيم أم القانون؟

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT


أيهما أكثر ردعاً للإنسان، القيم التي يحملها من ثقافته ومجتمعه، أم القانون الذي سنّه الآخرون له؟ تلك إشكالية تعب في تتبعها الكُتاب والفلاسفة، إلا أن هناك جسراً يربط بينهما، وحتى لا نبقى في إطار التنظير، فإن الأمثلة التي سآتي بها هنا هي من الفضاء الكويتي الممارس في السابق واللاحق، إلا أنني أجزم أن معظم مجتمعاتنا العربية، إن لم تكن كلها، تعاني اليوم الإشكالية التي بين أيدينا.

لنبدأ القصة من البداية، تأخر المعلم نصف ساعة من بدء الدراسة، ولما حضر سأله الناظر عن سبب التأخير: قال المدرس، توفي والدي فجر اليوم، وذهبنا للمقبرة لدفنه! روى تلك القصة فيصل العظمة في كتابه بلاد اللؤلؤ، وهو مدرس سوري كان يعمل في الكويت في سنة 1942، أي قبل أكثر قليلاً من ثمانين عاماً، والكتاب أصبح نادراً اليوم، إلا عند بعض المهتمين بجمع الكتب القديمة، إلا أن العظمة بعدما روى في كتابه تلك القصة التي كان شاهداً عليها، أكمل بالقول: إنه تبين له أن تلك الممارسة من أخلاق الكويتيين في العمل! أما اليوم فيقوم وزير التربية، ونتيجة كثرة تغيب بعض المدرسين عن أعمالهم، بفرض (البصمة)، إلا أن ذلك الإجراء أحدث ضجة في الجسم السياسي في المجلس المنتخب، بعضهم ينادي برفع ذلك الإجراء، ورفع شهية الاحتجاج لدى (ممثلي الأمة) ضد الوزير تلمساً للشعوبية، وقليل منهم يؤيده إلا أنهم أقلية شجاعة، أي أن القيام بالواجب، وهنا هو التدريس، أصبح محط قول ورد.

في الحالة الأولى، كانت القيم العامة تحث عليه، وفي الثانية انقلبت القيم، وتم الأخذ بالقانون إن تحققت أسباب تطبيقه.

على مقلب آخر، نجد أن الغلظة في القول سمة نسبة كبيرة من ممثلي الأمة، وفهم هؤلاء من جهة أخرى أن (الديمقراطية) هي القول الخشن ضد الآخر (الوزير). ولم تمضِ أسابيع على تشكيل الوزارة الجديدة في الكويت، حتى سمعنا خشونة القول إلى حد التطاول وأبشع الأقوال، في خلط جاهل بين الدفاع عن حقوق الناس، والتهجم بأبشع الألفاظ على الآخرين، في خلط معيب بين الفعل والشخص.

لم تكن تلك الظاهرة موجودة أو حتى مستحبة للرجال الأوائل الذين مارسوا العمل السياسي في الكويت، مهما كان اختلافهم مع المنفذين في السلطة، كان الحديث دائماً في حدود الاحترام.

ليس ذلك الشكل من التعبير موجوداً أو حتى مقبولاً في الممارسة الديمقراطية في بلاد كثيرة، أتابع النقاش في فترة (الأسئلة لرئيس الوزراء البريطاني) بعد ظهر كل يوم أربعاء، في حال عمل مجلس العموم، وأجد أن هناك اختلافات كثيرة في السياسات، بين الحكومة والمعارضة، بل حتى بين أفراد الحزب الواحد، ولكن النقاش يتم بالكثير من الاحترام للشخوص ودائماً ما يشار إلى الآخر (العضو المحترم..) بل حتى في بلد مثل السنغال حصل خلاف مع رئيس الجمهورية في توقيت الانتخابات، فشهد العالم النقاش في البرلمان، صحيح كان غاضباً، ولكنه لم تستخدم فيه ألفاظ نابية!

من جديد، إنها القيم التي يعتمدها المجتمع، ربما القانون يكون رادعاً، ولكن القانون يتطلب إجراءات قد تكون طويلة، أما القيم التي يحملها الفرد، فإنه يتربى عليها ويقبلها المجتمع ويتوافق عليها، والسكوت عن الشاذ منها معيب، يجب ألا يُتمنع عن نقده، وما يتستر به بعضهم من (حصانة) هو ذريعة يجب ألا يؤخذ بها، لقد بلغ التنابز في العمل السياسي في الكويت حداً معيباً وطارداً لأي فكر عقلاني صحيح، وأصبح الصياح والتخوين، وربما حتى التكفير، الذي لم ينجُ منه أحد، سمة للشعوبية التي يجري وراءها بعضهم لجهله، ويكفي أن نرى أن (تغريدة واحدة) مكررة بالحرف وحتى الفواصل من عدد من أعضاء مجلس الأمة وكان بعضهم قاصراً عن التعبير عن نفسه.

ليس ذلك ما يرغب في أن يراه المجتمع الكويتي المتحضر، والذي جعل مدرساً بسيطاً قبل ثمانين عاماً ونيف يدفن والده ويتأخر نصف ساعة عن دوامه ويعتذر. وقديماً قيل (تكلم حتى أراك)!

محمد الرميحي – جريدة البيان

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی الکویت إلا أن

إقرأ أيضاً:

بحضور مساعد وزير التعليم وزارة التعليم وجمعية المودة توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز القيم الأسرية في جميع المراحل التعليمية

المناطق_متابعات

وقّعت وزارة التعليم مذكرة تفاهم مع جمعية المودة للتنمية الأسرية ضمن مشاركتها في معرض ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب، بهدف ترسيخ القيم والمهارات الأسرية والحياتية لدى الطلاب والطالبات في مختلف المراحل التعليمية.

وأوضح الرئيس التنفيذي للجمعية محمد بن علي آل رضي أن الاتفاقية تسعى لبناء منظومة متكاملة لتعزيز ثقافة الأسرة، وتشجيع الطلاب على إنتاج أفلام قصيرة توعوية باستخدام أدوات مبتكرة.

أخبار قد تهمك وزارة التعليم: بدء التقديم على الابتعاث لبكالوريوس الطب البشري في جامعة الخليج بالبحرين 29 يونيو 2025 - 12:34 مساءً برعاية وزير التعليم.. وزارة التعليم تنظّم ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب 2025 25 يونيو 2025 - 7:37 مساءً

وتتضمن الاتفاقية مجموعة من المبادرات، أبرزها برنامج “تحدي غرس القيم” الذي يستهدف طلاب الجامعات لإنتاج أفلام قصيرة توعوية حول القيم الأسرية مثل بر الوالدين وصلة الرحم وآداب الحوار، ويشمل البرنامج تدريبًا مكثفًا ومسابقة وطنية تُعرض عبر منصة يوتيوب ويتم تكريم أفضل 6 أفلام. وفي موسمه الثالث، يستهدف البرنامج أكثر من 1000 طالب وطالبة من 10 جامعات، موزعين على 200 فريق سينتجون 200 فيلم قصير، بجهود تطوعية تتجاوز 50 ألف ساعة، في 13 منطقة إدارية، بهدف الوصول إلى 10 ملايين مشاهدة. كما تشمل الاتفاقية مبادرات نوعية أخرى مثل مخيم “رواد القيم” الموجّه لطلاب وطالبات المدارس، وبرنامج “أسس الحياة الأسرية 101” لتثقيف طلاب الجامعات والمدارس الثانوية حول المبادئ الأساسية لبناء أسرة مستقرة ومتزنة، ويستهدف 1500 طالب وطالبة، إلى جانب برنامج تأهيل الموجّه الطلابي كممارس إرشاد أسري، الذي يهدف إلى تمكين الكوادر التعليمية من دعم الطلاب وتوجيههم نحو حياة أسرية متزنة.

واختتم آل رضي بالتأكيد على التزام الجمعية بتطوير وعي الشباب، مشيرًا إلى أن برامج الجمعية استفاد منها أكثر من 7150 شابًا وشابة خلال 8 سنوات، في إطار دعم مستهدفات رؤية السعودية 2030 لبناء مجتمع مزدهر ومستقر.

مقالات مشابهة

  • جائزة الشارقة للاتصال الحكومي تضيء على القيم والتضامن والهوية
  • رائد السياحة البيئية في مصر: منعنا الغوص والتعري لحماية الشعاب واحترام القيم
  • تراجع سعر الذهب في الكويت اليوم الخميس 3 يوليو 2025
  • الكويت تدين تصريحات الاحتلال بشأن التوسع في الضفة الغربية
  • «غراس الصيف» يعزز القيم الأخلاقية والتربوية
  • أفرجت عن بعضهم.. ضياء رشوان: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل مليون فلسطيني منذ عام 1967
  • بحضور مساعد وزير التعليم وزارة التعليم وجمعية المودة توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز القيم الأسرية في جميع المراحل التعليمية
  • ما هي المادة 2 التي رفضت الحكومة حذفها من قانون الإيجار القديم؟
  • سعر الذهب في الكويت اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025
  • د. منال إمام تكتب: المرأة المصرية.. حارسة القيم ومصدر التوازن الأسري في زمن التحولات