الفساد في تعدين الذهب آفة تتطلب جبهة عالمية
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
زهير عثمان حمد
الذهب، ذلك المعدن النفيس الذي يشعّ بريقًا في عالمنا، يخفي خلف بريقه وجهًا قاتمًا يُعرف بـ"الفساد". في العديد من البلدان، يتعرض قطاع تعدين الذهب للتلاعب والاستغلال من قبل الأفراد والجماعات الذين يسعون إلى الاستيلاء على الثروة الذهبية وتحقيق مكاسب شخصية على حساب الحكومات والمجتمعات والبيئة.
من أشكال الفساد المنتشرة في تعدين الذهب الرشوة والابتزاز، حيث يطالب المسؤولون بالرشاوى للحصول على التراخيص والتصاريح والوصول إلى مواقع التعدين، أو يقومون بابتزاز المنقبين والشركات للحصول على جزء من عائداتهم. وهذا يؤدي إلى تقويض سلطة القانون والمساواة أمامه، وتشجيع الانتهاكات البيئية والاجتماعية. كما أن هناك التهريب والصادرات غير القانونية، حيث يتم تحويل الثروة الذهبية بعيدًا عن خزائن الحكومة وحرمان المجتمعات من الفوائد المحتملة. وهذا يؤدي إلى خسارة الإيرادات العامة والتنمية المحلية، وتسهيل غسل الأموال وتمويل الإرهاب والنزاعات. ولا ننسى التهرب الضريبي، حيث يتم عدم الإبلاغ عن إنتاج الذهب وتجنب الضرائب المناسبة. وهذا يؤدي إلى تقليل الموارد المتاحة للحكومات لتقديم الخدمات العامة والاستثمار في البنية التحتية والتعليم والصحة. ومن بين أشكال الفساد أيضًا التواطؤ بين المسؤولين والشركات، حيث يتم التلاعب باللوائح والإجراءات لتحقيق مكاسب شخصية. وهذا يؤدي إلى تقويض الحوكمة والمساءلة والمنافسة العادلة، وتعريض حقوق العمال والمجتمعات المحلية والبيئة للخطر. وأخيرًا، هناك التدخل العسكري، حيث تشير بعض التقارير إلى أن الجماعات العسكرية تمارس سيطرتها على مناطق التعدين المربحة وتشارك في أنشطة غير مشروعة. وهذا يؤدي إلى تصعيد التوترات والعنف وانتهاك حقوق الإنسان.
مكافحة الفساد في تعدين الذهب ليست مهمة سهلة، فهي تواجه العديد من التحديات، من بينها محدودية البيانات والشفافية، حيث غالبًا ما تكون المعلومات الدقيقة عن إنتاج الذهب والتدفقات المالية المرتبطة به شحيحة، مما يجعل من الصعب تتبع الأنشطة غير المشروعة ومحاسبة المسؤولين عنها. كما أن عدم وجود نظم رصد وتقييم فعالة يحول دون تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لتعدين الذهب. ومن التحديات أيضًا ديناميكيات السلطة المعقدة، حيث يمكن للأفراد والجماعات القوية ذات المصالح الخاصة عرقلة التحقيقات والإصلاحات والتغييرات اللازمة لمكافحة الفساد في تعدين الذهب. كما أن الفساد قد يكون متجذرًا في الثقافة والتقاليد والعادات المحلية، مما يجعل من الصعب تغيير السلوك والمواقف. ولا ننسى هياكل المساءلة، حيث قد يعيق ضعف الأنظمة القانونية والقضائية الملاحقة القضائية الفعالة لجرائم الفساد في تعدين الذهب. كما أن عدم وجود آليات لحماية الشهود والمبلغين والناشطين قد يثنيهم عن الكشف عن الفساد والمطالبة بالعدالة. ومن التحديات أيضًا المشاركة الدولية، حيث تؤدي مشاركة الشركات والأفراد الأجانب في تعدين الذهب إلى تعقيد الجهود الرامية إلى تنظيم القطاع بشكل فعال. فقد يكون لهم نفوذ وموارد أكبر من الحكومات والمجتمعات المضيفة، وقد يستفيدون من الفجوات القانونية والتنظيمية والإشرافية.
ولكن هناك أيضًا جهود مبذولة على المستويين الوطني والدولي لمكافحة الفساد في تعدين الذهب. على المستوى الوطني ضعيفة جدا أو قل لا توجد، يتضمن هذا الفساد في تعدين الذهب آفة عالمية تتطلب جبهة عالمية
في الختام أقول لازال فساد الذهب السوداني يعمل تحت حماية العسكر ويتم تهريبه عبر البحر لعدة دول وهنالك تكتم شديد وقمع لمن يقترب من هذا الملف ، وأود أن أشير لبعض المصادر المهمة التي تتناول الجريمة المنظمة والفساد في تعدين الذهب. هذه المصادر تقدم تحليلات وتقارير ومعلومات حول مختلف الجوانب والتأثيرات والحلول المتعلقة بهذه المشكلة العالمية. ننصح القراء بزيارة هذه المصادر لمعرفة المزيد والمساهمة في الجهود المبذولة لمكافحة الفساد في تعدين الذهب.
• Global Initiative Against Transnational Organized Crime (GI-TOC): https://globalinitiative.net/about-us/network/ هي شبكة من الخبراء البارزين في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية والحوكمة والتنمية، والذين يسعون إلى إيجاد استراتيجيات وإجراءات جديدة ومبتكرة لمواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
• Organized Crime and Corruption Reporting Project (OCCRP): https://www.occrp.org/en/investigations/sprouting-weapons-of-war هي غرفة أخبار غير ربحية ومدفوعة بالمهمة، تتعاون مع وسائل الإعلام الأخرى لنشر قصص تحفز العمل. تختص OCCRP في الجريمة المنظمة والفساد، وتنشر قصصها من خلال وسائل الإعلام المحلية وباللغتين الإنجليزية والروسية عبر موقعها الإلكتروني.
• The Sentry: http://thesentry.org/our-impact هي منظمة غير ربحية تكشف وتعطل الشبكات التنمرية متعددة الجنسيات التي تستفيد من النزاعات العنيفة والقمع والنهب.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: وهذا یؤدی إلى کما أن
إقرأ أيضاً:
بناء السفن.. جبهة جديدة للتنافس بين الولايات المتحدة والصين
نشر موقع "أوراسيا ريفيو" تقريرا تناول فيه توسع التنافس بين الولايات المتحدة مع الصين ليشمل قطاع بناء السفن؛ فقد أصدرت إدارة ترامب في نيسان/ أبريل 2025 قرارًا تنفيذيًا لإحياء صناعة بناء السفن الأمريكية وتعزيز التفوق البحري في مواجهة التقدم الصيني السريع.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمه "عربي 21"، إن إدارة ترامب، رغم تركيزها الظاهري على التجارة وتعظيم المكاسب الاقتصادية، تُظهر تحركاتها الأخيرة أن التنافس البحري مع الصين بات جزءًا أساسيًا من أولوياتها.
وفي 9 نيسان/ أبريل 2025، أصدرت إدارة ترامب أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى إحياء صناعة بناء السفن في الولايات المتحدة واستعادة التفوق البحري، في ظل التقدّم المتسارع الذي تحققه الصين في هذا المجال، وهو ما يعكس شعورًا متزايدًا بالقلق داخل الإدارة الأمريكية بشأن تراجع قدراتها البحرية مقارنةً بمنافسها الصيني.
وأشار الموقع إلى أن قدامى المحاربين العسكريين قدموا مشروع قانون "أنقذوا أحواض السفن"، في آذار/ مارس 2025، بهدف تجديد صناعة بناء السفن الأمريكية وتلبية احتياجات الجيش، حيث إن هذه الخطوة، إلى جانب القرارات السابقة، تعكس إدراكًا متزايدًا لدى الولايات المتحدة بضرورة تعزيز تفوقها البحري، خصوصًا في ظل استحواذ الصين على نحو 53 بالمائة من صناعة السفن العالمية خلال العقدين الماضيين.
تفوق الصين في بناء السفن البحرية
وأفاد الموقع أن سوق بناء السفن شهد تغيرًا كبيرًا خلال العقدين الماضيين؛ حيث ارتفعت حصة الصين من 5 بالمائة في سنة 2000 إلى 53 بالمائة في سنة 2024، في حين انخفضت الحصة المشتركة لكوريا الجنوبية واليابان من 74 بالمائة إلى 42 بالمائة. وتحتل الولايات المتحدة أقل من 1 بالمائة من السوق العالمي حاليًا.
وذكر الموقع أن تقدم الصين في بناء السفن التجارية والبحرية جاء بفضل التصنيع المحلي وتكاليف العمالة المنخفضة والدعم الحكومي، مع اعتماد سياسة الدمج العسكري المدني التي تجمع بين القطاعين التجاري والدفاعي، ما يمنحها مزايا إستراتيجية واقتصادية واضحة مقارنة بدول أخرى.
وأضاف الموقع أن الصين تمكنت من الاستفادة من قاعدتها لبناء السفن لأغراض مزدوجة، مما عزز قدراتها البحرية بسرعة. وتمتلك الصين أكبر قوة بحرية في العالم؛ حيث تشغل 234 سفينة حربية مقابل 219 للبحرية الأمريكية، ويبلغ إجمالي قوتها القتالية أكثر من 370 سفينة وغواصة، منها أكثر من 140 سفينة سطحية رئيسية.
ومن المتوقع أن يصل عدد سفن البحرية الصينية إلى 395 بحلول 2025، و435 بحلول 2030. ففي سنة 2005، كان لدى البحرية الأمريكية حوالي 300 سفينة، بينما كان لدى الصين 200. وعلى الرغم من حجم الأسطول الأمريكي سيظل ثابتًا حتى 2030، ستصل البحرية الصينية إلى 450 سفينة، أما في مجال بناء السفن التجارية، فقد شهدت الصين نموًا كبيرًا، مما منحها تفوقًا واضحًا على منافسيها، بما في ذلك الولايات المتحدة.
ومع ذلك، قد تتعثر صناعة بناء السفن الأمريكية بسبب نقص الاستثمار والسياسات الحمائية التي أدت إلى تخلفها عن المعايير العالمية. وتواجه البحرية الأمريكية مشاكل كبيرة مثل تجاوز التكاليف وعيوب التصميم وتأخر التسليمات.
ويعتمد القطاع الخاص بشكل كبير على تلبية عدد السفن المطلوبة، لكنه يواجه صعوبات في الالتزام بالميزانية والجداول الزمنية، مما يعيق تحقيق هدف زيادة حجم الأسطول.
وذكر الموقع أن التحديات التي تواجه صناعة بناء السفن الأمريكية تمثل عائقًا كبيرًا أمام تطوير البنية التحتية البحرية، مما يثير مخاوف واشنطن من قدرتها على حماية ممرات الاتصال البحري والسيطرة على نقاط الاختناق، وهو أمر حيوي للتحكم في التجارة الدولية أثناء الأزمات وحماية التجارة العالمية، وهو الدور الأساسي للبحرية الأمريكية.
تعزيز الوجود في منطقة المحيطين الهندي والهادئ
قال الموقع إن صعود الصين كقوة بحرية وتعزيزها العسكري في المحيطين الهندي والهادئ يثير قلقًا لدى دول مثل الفلبين وكوريا الجنوبية واليابان. وأكد تقرير أمريكي حديث على تصاعد عدوانية الصين وضرورة استعادة الولايات المتحدة لردعها في المنطقة للحفاظ على توازن القوى ودعم حلفائها.
جبهة القطب الشمالي
وأوضح الموقع أن الممرات البحرية في القطب الشمالي أصبحت جبهة حاسمة في المنافسة البحرية بين أمريكا والصين؛ حيث تستفيد الصين، بالتعاون مع روسيا، من تغير المناخ لتسهيل الملاحة وتطوير طريق البحر الشمالي الممتد 3500 ميل، بهدف استغلال الفرص الاقتصادية المحتملة في المنطقة.
وتابع الموقع أن كاسحات الجليد تلعب دورًا أساسيًا في ضمان الوصول المستمر إلى القطب الشمالي على مدار السنة. وقد نشرت الصين ثلاث كاسحات جليد مؤخرًا، بينما تواجه الولايات المتحدة ضعفًا في أسطولها. وتعاونت أمريكا مع كندا وفنلندا لتعزيز القدرات القطبية، وأعلن ترامب في 2025 عن خطة لشراء 40 كاسح جليد كبير، مما يعكس تصاعد المنافسة في المنطقة وسعي أمريكا للحفاظ على مكانتها في المنطقة.
الطريق نحو المستقبل
ولفت الموقع إلى أن الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة في إعادة تنشيط صناعة بناء السفن، تشمل تأمين تمويل مستمر وتعزيز تنافسية السفن الأمريكية عالميًا وإعادة بناء القدرات الصناعية البحرية، وتطوير القوى العاملة. كما تحتاج إلى تعاون بين الوكالات وتقييم واقعي لقدراتها مقارنة بالصين، ووضع خطة مستقبلية واضحة لمتابعة التقدم.
واختتم الموقع بأن أمر ترامب التنفيذي يؤكد الحاجة الملحة لتعزيز القدرات البحرية الأمريكية لحماية المصالح طويلة الأمد، مع التركيز على المحيطين الهندي والهادئ وأمريكا اللاتينية والقارة القطبية الشمالية، وأن إعادة بناء صناعة بناء السفن المتدهورة تمثل خطوة أساسية لبداية جديدة لواشنطن في حماية مصالحها التجارية والاستراتيجية.