أجمع خبراء ومحللون على أن التفاؤل بمفاوضات القاهرة الرباعية حول حرب غزة ليس بمحله، وسط تأكيدهم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن يناوران ولا يرغبان بوقف دائم لإطلاق النار.

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، الدكتور حسن أيوب، إن التفاؤل ليس بمحله خاصة باستحضار مسلسل التراجعات الأميركية التي صدرت سابقا عن بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن خلال الحرب، وأضاف أن الإدارة الأميركية تراهن على تحقيق الحكومة الإسرائيلية إنجازا ميدانيا.

وتابع أيوب -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟" في حلقته بتاريخ (2024/2/13)- أن رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الإستراتيجي حشر حكومة نتنياهو وإدارة بايدن بالزاوية، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية لا تريد عملية تفاوضية تنتهي بوقف إطلاق نار دائم، مستدلا بتقصير مدة الهدنة المقترحة إلى 6 أسابيع بدلا مما يزيد عن 100 يوم.

وشدد على أن هذه الآلية لن تفضي لوقف الحرب نهائيا، مرجحا أن الضغط الدبلوماسي والعسكري الإسرائيلي "يهدف لمنح شرعية لعملية واسعة النطاق برفح جنوبي قطاع غزة، وكذلك لابتزاز المقاومة والضغط عليها للوصول لصفقة حدها الأعلى 6 أسابيع".

وأكد أن نتنياهو يشتري الوقت باعتباره أهم أسلحة إسرائيل لإقامة منطقة عازلة شمالي القطاع، والمضي بخطط استبعاد وكالة الأونروا وترحيل السكان وإفراغ القطاع "لذلك يعمل على تأخير أو تعطيل الاتفاق حول الصفقة".

ونبه إلى أن الضغوط على واشنطن وتل أبيب تمثل مصدر قوة للمقاومة، وكذلك قدرتها على الصمود وإلحاق خسائر جسيمة بجيش الاحتلال وما يتعرض له الأسرى المحتجزون من عمليات قتل على يد الجيش الإسرائيلي، فضلا عن اقتراب موعد تقديم رد إسرائيل على مطالب محكمة العدل الدولية، وضغوط الرأي العام الدولي.

ومع ذلك يؤكد أيوب أن بعض الأطراف الإقليمية تمارس ضغوطا على المقاومة لأجل تليين موقفها من الحصار على غزة وعودة السكان إلى الشمال، لافتا إلى أن وضع حماس بين خياري صفقة سيئة أو اجتياح رفح "أمر بغاية الخطورة، وهو فخ منصوب للمقاومة فالأصل تحرك عربي ودولي لردع إسرائيل عن ذلك".

"استكمال شهوة الانتقام"

بدوره يقول الكاتب الصحفي المختص بالشؤون الإسرائيلية وديع عواودة، إن هناك فجوة بين التقارير المتفائلة الصادرة من واشنطن والقاهرة وبين تل أبيب، مبينا أن حكومة نتنياهو بدأت بطرح ما يسمى بالصفقة المسؤولة والصفقة غير المسؤولة، تزامنا مع تعرضها لضغوطات كبيرة من عائلات الأسرى.

ويؤكد عواودة أن الفجوات كبيرة "فنتنياهو يعمل على خلط الحسابات ويناور لمنع أي تقدم بالمفاوضات خاصة الاختلاف حول البند الجوهري الخاص بوقف الحرب أو القتال"، مشيرا إلى أن الحكومة اليمينية في إسرائيل "لم تستكمل شهوة الانتقام، وتريد مواصلة تلقين الفلسطينيين درسا تاريخيا بعد هجوم طوفان الأقصى".

وأكد أن محاولة إسرائيل الاحتفاء بتحرير أسيرين من غزة يأتي "لتعويض الفشل، ورفع معنويات الجيش والمجتمع، وكذلك تمهيد الرأي العام بأن اقتحام رفح لن يكون عسيرا".

وأضاف أن "صناع القرار بإسرائيل لديهم حسابات خاصة، لأن وقف الحرب حاليا يعد خسارة إستراتيجية لتل أبيب ويهدد مستقبل الائتلاف الحاكم"، لكنه شدد على أن المؤسسة العسكرية ترغب بتهدئة بسبب الإنهاك والإجهاد الذي تعرض له الجيش.

تجدر الإشارة إلى أن القاهرة احتضنت -اليوم الثلاثاء- اجتماعا رباعيا لبحث التهدئة بقطاع غزة وتبادل الأسرى، وذلك بمشاركة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ومسؤولين مصريين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

إلغاء تأشيرات الطلاب واتساع رقعة الحرب التجارية الأميركية الصينية

علاقة الصراع بين أميركا والصين بدأت مبكرًا، وإن كانت وصلت إلى الحرب الاقتصادية العلنية مع مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الأولى 2017-2020، ويمكن رصد مسيرة الصراع منذ مطلع الألفية الثالثة حتى الآن في 5 محاور رئيسة.

فقد شملت دائرة الصراع الاقتصادي الأميركي الصيني المحاور الآتية:

اتهام الصين بإصرارها على إبقاء قيمة عملتها منخفضة من أجل زيادة الصادرات. اتهام الصندوق السيادي الصيني بممارسة دور سياسي. اتهام شركات التكنولوجيا الصينية بالقيام بأعمال تجسس. قيام أميركا باستخدام آلية الرسوم الجمركية بشكل مبالغ فيه ضد الواردات من الصين. الإعلان عن العزم على البدء بإلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين، وبخاصة أولئك الذين يرتبطون بعلاقة بالحزب الشيوعي، أو يدرسون في تخصصات حساسة.

وهنا يأتي التوظيف السياسي للقرار المزمع اتخاذه من قبل أميركا تجاه الطلاب الصينيين، إذ سيصنف الطلاب حسب انتمائهم السياسي داخل بلدهم، وكذلك نوعية الدراسات التي يلتحقون بها.

ووصفت الخارجية الصينية إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنه غير منطقي، وأنه يضر بمصالح الطلاب الصينيين. ويذكر أن الطلاب الصينيين يعدّون من أحد أهم مصادر التمويل للجامعات الأميركية، لكونهم يدفعون رسوما دراسية كاملة.

إعلان

وتذهب بعض التقديرات إلى أن عدد الطلاب الصينيين بأميركا يصل إلى 277 ألف طالب بمراحل التعليم الجامعي والدراسات العليا، وترصد بعض التقارير أن العدد في تناقص منذ عام 2021، إذ كانت الأعداد تزيد على 300 ألف طالب.

وذكرت وكالة بلومبيرغ أن نواب من الحزب الديمقراطي قد نبهوا في تقرير لهم إلى خطورة اطلاع طلاب صينيين على أبحاث موّلت من قبل وزارة الدفاع، وهو ما يعني نقل أسرار هذه الدراسات لدولة معادية.

وهنا الملاحظة المهمة، والتي يمكن من خلالها قراءة خلفيات ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي، أن الأمور تأتي من خلال مخاوف أمنية تتعلق بنقل للتكنولوجيا، وبخاصة في ظل الحرب الاقتصادية المعلنة بين أميركا والصين.

الجدير بالذكر أن بعثات الصين التعليمية إلى أميركا بدأت في سبعينيات القرن العشرين بمبادرة من الرئيس الأميركي جيمي كارتر، إذ بدأت بابتعاث نحو 10 آلاف طالب صيني، إلا أنها في السنوات الأخيرة في أقل تقديراتها، وكانت في بعض السنوات قد تجاوزت 900 ألف طالب.

المصالح لا المبادئ

على الرغم من تبنّي مشروع العولمة الأميركي منظومة من المبادئ، من حرية التجارة والاستثمار الأجنبي، والمنافسة الاقتصادية والتجارية، وتوزيع المنافع بين الشركاء في الاقتصاد العالمي، فإن الواقع يعكس صورة أخرى عمادها أن المصالح مقدمة على المبادئ، والأخطر أن العلاقة بين القوى الاقتصادية تأتي في إطار الصراع وليس المنافسة، وعكست صحة هذا الادعاء ممارسات ترامب في مواقف عدة تتعلق بالرسوم الجمركية وحجب التكنولوجيا.

ولذلك كثُر المتضررون من ممارسة أميركا الاقتصادية، سواء من خلال تصديرها لمشكلاتها الاقتصادية الداخلية، عبر سياساتها المالية والنقدية، أو الخروج على منظومة المنظمات الدولية المعتمدة على مبدأ "تعدد الأطراف".

فالعجز التجاري المزمن في أميركا، وإشكالية دينها العام المتزايد، يضغطان على الوضع المالي هناك، مما دعا لإعادة التصنيف الائتماني لأميركا من قبل وكلات التصنيف الدولية، حيث تراجع تصنيف أميركا على مؤشر وكالة موديز في مايو/أيار 2025 من "إيه إيه إيه" إلى "إيه إيه1".

إعلان تجاهل التاريخ

محاور الصراع والحرب الاقتصادية بين أميركا والصين تم تناولها ومناقشتها من قبل بشكل واسع عبر وسائل الإعلام أو الحلقات العلمية، إلا أن الخطوة الأخيرة التي تخص إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين هي الأكثر حداثة في مسيرة الصراع.

وإن كانت أميركا تقوم اليوم باتخاذ مثل هذه الخطوة ضد طلاب الصين فمن الوارد أن تتخذها ضد دول أخرى كلما شعرت بأن هؤلاء الطلاب يسعون لنقل التكنولوجيا لبلدانهم، أو أن هذه الدول تمثل نوعًا من المنافسة غير المرغوبة للاقتصاد الأميركي.

ولكن على أميركا أن تعي أن سجلات التاريخ محفوظة، وأنها إبان بناء نهضتها اتجهت لإرسال طلابها إلى دول أخرى في بعثات تعليمية أسهمت في تقدمها تكنولوجيًّا، فالكاتب البريطاني جون تشانج يذكر في كتابه "ركل السلم بعيدًا.. إستراتيجيات التنمية والتطور قديمًا وحديثًا" أنه مما يدلل على تقدم نوعية التعليم في ألمانيا أنه "قدم إليها 9 آلاف أميركي للدراسة بين عامي 1820-1920".

وإن كانت الفترة تمتد إلى 100 عام، إلا أن المبدأ نفسه استفادت منه أميركا، ولنا أن نتخيل هذا العدد في ذلك الزمن، فهو عدد معتبر بمعايير عدد السكان آنذاك، كما أن الأيام دول وأميركا لم تكن بلا هدف من وراء بعثاتها التعليمية لألمانيا، فقد رأينا كيف لعبت أميركا أدوارا متعددة في الحربين الأولى والثانية، مكنتها في ما بعد من قيادة العالم، وكان للعلم والبحث العلمي دور كبير في هذا الأمر.

ويقدر عدد الطلاب الوافدين إلى أميركا في عام 2024 بنحو 1.1 مليون طالب، يمثل الطلاب الهنود والصينيين منهم نصيب الأسد بنحو 50%، وإن كانت الهند تتقدم الصين من حيث عدد الطلاب الوافدين لأميركا.

التأثير الاقتصادي

حسب بيانات البنك الدولي، تبلغ صادرات الخدمات الأميركية في 2023 نحو تريليون دولار. تستحوذ الصين منها على قرابة 50 مليار دولار، حسب أرقام العام نفسه، بينما الأرقام الخاصة بصادرات الخدمات التعليمية الأميركية للصين بلغت 14.3 مليار دولار.

إعلان

وإن كان الرقم كبيرا إلى حد ما، عندما ننظر إليه في ضوء إنفاق الدول الأخرى على الخدمات التعليمية بأميركا، إلا أنه لا يمثل شيئا يذكر عند مقارنته بالناتج المحلي الإجمالي الأميركي البالغ 27.7 تريليون دولار في عام 2023.

ثقل إنتاج التكنولوجيا

التأثير الاقتصادي قد يُنظر إليه في الأجل القصير أو في الجانب المباشر بحجم إنفاق هؤلاء الطلاب وما يحدثونه من زيادة في الطلب على السلع والخدمات، ولكن التأثير غير المباشر هو ما استرعى انتباه إدارة ترامب، ومن قبلها مسؤولين أميركيين، إذ يتمثل هذا الأثر غير المباشر في تغيير ثقل إنتاج التكنولوجيا، فقد لاحظ النواب الأميركيون أن طلاب الصين يمثلون الكتلة الأكبر من الطلاب الأجانب بالجامعات الأميركية في مجالات العلوم والتكنولوجيا.

ولكنّ ثمة أمرا مهمًّا يتعلق بإسهام الأجانب في تطوير البحث العلمي بأميركا، حيث تعتبر إسهامات الأجانب ملموسة ولا يمكن تجاهلها، وقد تؤدي الخطوة الأميركية إلى تأثير سلبي على مسار البحث العلمي في ضوء منع تأشيرات الدخول للبلاد للطلاب الصينيين.

ويتوقع أن يتزايد الصراع بشكل عام، وفي مجال البحث العلمي بشكل خاص، وكلا الطرفين بلا شك سوف يبحث عن بديل، فقد تذهب الصين بطلابها للأبواب الخلفية للتكنولوجيا الأميركية في الهند أو كوريا الجنوبية.

بينما قد تفتح أميركا الباب لجنسيات أخرى من أميركا اللاتينية أو تزيد حصة الطلاب من شرق آسيا لتعويض الحضور الصيني في التعليم الجامعي والدراسات العليا.

ونحسب أن حسابات كلا الطرفان إستراتيجية ولا تخضع للتكتيك، فالصراع في طريقه للتزايد، وحتى لو هدأت ملفات أخرى تتعلق بالرسوم الجمركية، إلا أن ملف نقل التكنولوجيا من أميركا للصين ستكون له حسابات أكثر تشددًا، وهو أمر يمثل اتفاقا بين الحزبين الأميركيين، الديمقراطي والجمهوري، فإبان ولاية بايدن زادت القيود التكنولوجية على الصين.

إعلان

مقالات مشابهة

  • تصعيد جوي متبادل بين روسيا وأوكرانيا وتبادل للاتهامات بشأن تعثر تبادل الأسرى
  • مظاهرات في قلب تل أبيب ضد نتنياهو.. أوقف الحرب فورًا وأعد الأسرى
  • أوكرانيا تدعو روسيا لتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والجثث بمفاوضات إسطنبول
  • أوقفوا الحرب .. آلاف المتظاهرين في تل أبيب يطالبون بعودة الأسرى
  • أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو
  • عائلات الأسرى: نطالب نتنياهو بتقديم مقترح لإنهاء الحرب وإعادة الرهائن دفعة واحدة
  • محللون: نتنياهو يريد هدنة مشلولة بلبنان وهذه خيارات حزب الله
  • إلغاء تأشيرات الطلاب واتساع رقعة الحرب التجارية الأميركية الصينية
  • مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يجر الجيش إلى فخ في غزة ويحوّل إسرائيل لعبء إقليمي
  • هل تريد أوكرانيا وروسيا فعلاً إنهاء الحرب؟