أثار استئناف إسرائيل هجماتها الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية موجة من التساؤلات بشأن الرسائل المراد إيصالها، فضلا عن مصير اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وفي هذا السياق، يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين -لبرنامج "ما وراء الخبر"- إن الغارات الإسرائيلية تحمل 3 رسائل:

ميدانية، إذ لا ملاذ آمنا لحزب الله داخل لبنان.

سياسية إستراتيجية؛ بأن لدى إسرائيل حرية عمل كاملة بعيدا عن آليات الردع. ابتزاز دبلوماسي، إذ تحاول تل أبيب تفريغ القرار الأممي 1701 من مضمونه.

وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى في أغسطس/آب 2006 القرار 1701 الداعي لوقف حرب لبنان الثانية التي اندلعت في يوليو/تموز 2006، وانسحاب مقاتلي حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، والسماح بنشر قوات الجيش اللبناني في الجنوب.

بدوره، أعرب الأكاديمي والباحث السياسي حبيب فياض عن قناعته بأن الغارات الإسرائيلية رسالة للدولة اللبنانية في ظل أجواء شبه وفاقية تخيم على المشهد اللبناني.

ووفق فياض، هناك تنسيق عالٍ بين الرئيس جوزيف عون وحزب الله بشأن إستراتيجية الأمن الوطني، وكذلك هناك تصحيح مسار العلاقة بين الحزب ورئيس الحكومة نواف سلام.

إعلان

وتريد إسرائيل القول -حسب فياض- إن من يريد تأسيس شراكة في لبنان بأن حزب الله بات "عاجزا وغير قادر على الدفاع عن لبنان".

وكانت إسرائيل شنت سلسلة من الهجمات الجوية على لبنان مساء الخميس، مستهدفة ضاحية بيروت الجنوبية بـ8 غارات على الأقل، عقب "7 غارات تحذيرية" نفذتها طائرات مسيّرة إسرائيلية.

من جانبه، لفت الكاتب الصحفي والمحلل السياسي بشارة شربل إلى أن استئناف إسرائيل ضرباتها على ضاحية بيروت الجنوبية تزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى لبنان.

وحسب شربل، فإن الوزير الإيراني طلب من حزب الله الإبقاء على جهوزيته، إذ تمر المفاوضات الأميركية الإيرانية في مرحلة حساسة غير معروف نتيجتها.

موقف لبنان

وقال شربل إن إسرائيل ترفض أن يتولى الجيش اللبناني مسؤولية دهم الأماكن التي يقصفها الجيش الإسرائيلي، مؤكدا أن "لا أدوات للجيش اللبناني للتهديد أو أخذ موقف سياسي يعارض اتفاق وقف إطلاق النار".

وشدد على أن الحكومة تريد أن يُسلم حزب الله سلاحه، مع تأكيدها بأن "لا شريك للدولة بالسلاح"، معربا عن قناعته بأنه "حزب الله خسر حرب الإسناد، وعليه تحمل النتائج".

ووفق شربل، فإن الحكومة تحاول تجنب أي صدام مع حزب الله، لكنه أقر بوجود بطء في اتخاذ قرار جدي بوضع "جدول زمني" لتسلم حزب الله، مشددا على ضرورة الإسراع بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

خيارات حزب الله

من جانبه، أعرب فياض عن قناعته بأنه لا يوجد تغيير في إستراتيجية حزب الله بقدر الحديث عن "تطوير الأدوات الداخلية اللبنانية"، التي تتيح التوصل لإطار عام للدفاع عن لبنان والحد من الخسائر، التي يتعرض لها جراء العدوان الإسرائيلي.

وشدد على ضرورة المضي قدما لبناء إستراتيجية أمن وطني تمس أصل وجود لبنان، مع مظلة وطنية للبحث عن الأدوات ونقاط القوة والمعطيات التي تتيح للبنان كيفية التعامل مع المخاطر الإسرائيلية دبلوماسيا وعسكريا.

إعلان

وحسب فياض، فإن حزب الله يرى أن ثمة تقصيرا لدى الدولة اللبنانية في القيام بالجهود الدبلوماسية لكي تحد من العدوان الإسرائيلي.

وخلص إلى أن حزب الله في حالة ترقب و"غموض بناء"، إذ استفاد من التجارب السابقة، ولم يعد بحاجة الإفصاح عما يمكن أن يقوم به.

أهداف نتنياهو

أما جبارين، فقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– يدير المرحلة وفق منطق "حافة الهاوية"، عبر ترتيب وقف إطلاق نار "مشلول" بحيث توجد "أفضلية عليا لإسرائيل من دون رد فعل من طرف لبنان".

ولفت إلى أن نتنياهو يريد إحراج الحكومة اللبنانية ووضعها ضمن اختبارات حقيقية للتأثير على المستوى السياسي اللبناني على صعيد الحكومة وجيشها ومدى انسجامهما مع اتفاق وقف إطلاق النار الحالي.

وتحاول إسرائيل عبر هذه الاختبارات "المحرجة" -وفق جبارين- أن تُبدي بأن لديها "املاءات داخل لبنان" لإشباع المستوى السياسي الإسرائيلي، والتأثير على قواعد اللعبة في لبنان.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس هدد بأن الهجمات ستكون أعنف في حال لم يتم نزع سلاح حزب الله بالكامل وفق الاتفاق، على حد تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج اتفاق وقف إطلاق النار حزب الله

إقرأ أيضاً:

محللون: صمود الحوثيين يربك إسرائيل والهجمات باليمن بلا جدوى

القدس المحتلة- رغم الفشل المتكرر في حسم المواجهة مع جماعة الحوثيين في اليمن ، تواصل إسرائيل استهداف مواقع الجماعة بشكل متكرر، مدفوعة بهواجس أمنية وإستراتيجية تتجاوز الاعتبارات العسكرية البحتة.

فالتحدي الحقيقي أمام صناع القرار في تل أبيب، لا يكمن فقط في التصدي للهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة، بل في التعامل مع حركة مسلحة تمتلك شرعية محلية، وبنية أيديولوجية متماسكة، وتحالفات إقليمية متشابكة.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، دخل الحوثيون على خط المواجهة علناً بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه إسرائيل، دعماً لغزة، غير أن التهديد الحوثي لم يُؤخذ على محمل الجد في بداية الأمر من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

لكن مع تكرار الضربات الحوثية وتوسع آثارها على الملاحة الجوية وصورة الجيش الإسرائيلي، بدأت تل أبيب تعيد حساباتها، كما أورد تقرير موسع في صحيفة "هآرتس" للصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يشاي هالبر، الذي أشار إلى إدراك متزايد بأن الحل العسكري في اليمن محفوف بالمخاطر.

مطار بن غوريون تعرض لهجمات حوثية متتالية (مواقع التواصل) مزايا ميدانية وأيديولوجية

تتمركز جماعة الحوثيين في مناطق جبلية وعرة شمالي اليمن، وتتمتع بخبرة قتالية طويلة، وتمنحهم عقيدتهم الدينية حافزاً قوياً للمواجهة، بحسب الخبيرة البريطانية في الشأن اليمني إليزابيث كيندال.

إعلان

وأوضحت كيندال، أن الجماعة تستند إلى ثلاث ركائز قوية: التضاريس المحصنة، والتجربة الميدانية، والعقيدة الراسخة، مما يمنحهم قدرة على الصمود تتجاوز إمكانياتهم العسكرية، وتضيف أن الحوثيين يظهرون مرونة كبيرة في التعامل مع الخسائر، ما يفسر استمرارهم رغم التكلفة البشرية العالية.

في السياق نفسه، ترى عنبال نسيم-لوفتون، الباحثة في مركز "موشيه ديان" وجامعة تل أبيب، أن الجماعة قادرة على توظيف هويات متعددة، من الزيدية الدينية، إلى الخطاب الوطني المناهض للاستعمار، وصولاً إلى التحالف الإقليمي مع إيران، "وهذه التركيبة تمنح الحوثيين زخما داخلياً وتفتح لهم أبواب تحالفات خارجية، رغم كونهم أقلية عددية".

العديد من الخطوط الجوية تلغي رحلاتها إلى مطار بن غوريون بعد أي هجوم حوثي (الجزيرة) الحوثيون مشروع سياسي

وتشير نسيم-لوفتون إلى أن الحوثيين ليسوا مجرد جماعة مسلحة، بل يشكلون مشروعا سياسيا واجتماعيا معقدا يستمد شرعيته من سرديات تاريخية تعود إلى الدولة الزيدية، ويقدم نفسه مدافعا عن الزيديين، وعن فلسطين، ومناهضا للغرب.

وتعتقد الباحثة أن قدرة الجماعة على التنقل بين الخطابات تمنحها جاذبية لدى قطاعات واسعة من اليمنيين، بما فيها بعض المكونات السنية، مما يعزز شرعيتها ويصعّب محاصرتها.

وترى أن الجماعة تحقق مكاسب داخلية على حساب خصومها المحليين، في الوقت الذي تفرض فيه حضورا إقليمياً في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل.

ومن الناحية العسكرية، يؤكد المحلل ألون بن ديفيد، أن الغارات الإسرائيلية على اليمن مكلفة، إذ لا تمتلك إسرائيل قواعد قريبة أو حاملات طائرات في المنطقة. ويقدّر تكلفة كل غارة بملايين الدولارات، بالنظر إلى المسافات الطويلة وتكاليف التشغيل والتسليح.

ورغم ذلك، لا تحقق هذه العمليات الأثر الرادع المطلوب، حسب بن ديفيد، الذي يشير إلى أن الجماعة تعمل بتنظيم لا مركزي، ما يقلل من فعالية ضربات تستهدف القادة فقط.

إعلان

كما أن قدرة الحوثيين على التكيف كبيرة، إذ لجؤوا بعد استهداف ميناء الحديدة إلى وسائل بديلة، مثل استخدام قوارب صيد لتفريغ شحنات النفط، ما يعكس مرونة عملياتية واضحة.

محللون يرون أن تأثير الهجمات الإسرائيلية على اليمن محدود (الفرنسية) حسابات ما بعد غزة

ورغم أن الحوثيين يربطون هجماتهم على إسرائيل بالحرب على غزة، فإن محللين يستبعدون توقف تلك الهجمات حتى لو انسحبت إسرائيل من القطاع.

وترى نسيم-لوفتون، أن الجماعة تتبنى موقفاً معاديا لأي دولة تسعى للتطبيع مع إسرائيل، وقد تواصل تصعيدها في مرحلة ما بعد غزة لترسيخ صورتها مدافعة عن فلسطين.

وتقترح الباحثة مساراً سياسياً داخلياً يمنح الجماعة مخرجاً مشرفاً، خصوصاً مصالحَها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهي ملفات محورية في أي مفاوضات مستقبلية.

كذلك تؤكد كيندال، أن الجماعة ستواصل عملياتها ما دامت ترى فيها وسيلة لتعزيز شرعيتها، محذرة من أن الهجمات العشوائية التي تطال المدنيين قد تأتي بنتائج عكسية، وتزيد من تعاطف اليمنيين مع الحوثيين.

الحوثيون نفذوا هجمات على سفن تنقل بضائع إلى إسرائيل (أسوشيتد برس) تهديد طويل الأمد

وبحسب ليؤور بن أري، مراسلة الشؤون العربية في موقع "واي نت"، فإن القصف الإسرائيلي المكثف لم يمنع الحوثيين من مواصلة إطلاق الصواريخ. وتتساءل: ما الذي يمنح هذه الجماعة القدرة على الصمود في ظل أزمة إنسانية خانقة؟.

تجيب إن الحوثيين يرفعون مطالب واضحة وغير قابلة للمساومة:

وقف الحرب. فتح المعابر. إدخال المساعدات. إنهاء الحصار.

وترى أن الخطر الحوثي لم يعد هامشيا بالنسبة لإسرائيل، بل يمثل تحديا أمنيا طويل الأمد، فالهجمات المستقبلية قد تكون أكثر دقة وفتكا، مما يفرض على تل أبيب إعادة التفكير في خياراتها، بعيدا عن الرهان على القوة العسكرية وحدها.

مقالات مشابهة

  • بشأن الفيول العراقي.. فياض يردّ على وزير الطاقة
  • ماذا يريد نتنياهو في لبنان؟ محللون يكشفون
  • إسرائيل منعت الجيش اللبناني تفتيش موقع بالضاحية الجنوبية قبل قصفه
  • الصّدي رداً على فياض: واجب على كل مسؤول مصارحة اللبنانيين
  • الجيش اللبناني يُدين الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب
  • ‏الجيش اللبناني: إسرائيل تواصل اعتداءاتها اليومية على سيادة لبنان غير مكترثة بآلية وقف إطلاق النار
  • خبير عسكري: إسرائيل تفرض قواعد اشتباك جديدة وتريد شرعنة التدخل المتكرر بلبنان
  • محللون: صمود الحوثيين يربك إسرائيل والهجمات باليمن بلا جدوى
  • 7 قذائف هاون.. مدفعية الاحتلال تستهدف منطقة العمرة بلبنان