(1) روى البرفيسور ابراهيم غندور القيادي بالمؤتمر الوطنى ووزير الخارجية الأسبق مواقف مهمة للامام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ، واورد غندور التفاصيل لأول مرة فى حوار اسفيرى نشر قبل يوم ، ومما جاء فيه قال (التقينا الإمام الصادق عام 2019م ، وعام 2021م لدعوته التدخل حل خلافات بين الجيش والدعم السريع ، وقد أستجاب الإمام واستطاع أكثر من مرة أن يتوصل لحلول) ، وفى هذه الحادثة أكثر من رسالة:
وأولها: إن الإسلاميين ورغم الإدعاءات حولهم فى ذلك الوقت والحملات الممنهجة إلا أن ذلك لم يمنعهم من التداول فيما يصلح حال البلاد ، وبالقدر نفسه فإن الإمام الصادق المهدي أستقبلهم واستمع إليهم ، بل واستطاع تجاوز الأزمة ، وهذا ما نسميه فى فقه السياسة (التوافق على المصالح العليا للبلاد).
وثانيا: فإن الإمام الصادق المهدي ورغم موقفه من الدعم السريع وحميدتى (تحديدا) ، فإنه وافق على التدخل واجتمع بالطرفين ، وبالقدر نفسه فإن الإسلاميين لم يقفوا فى دائرة المتفرج وبلادهم تنزلق للهاوية ، وكما قال الإمام الصادق (من فش غبينته حرق مدينته) ، وذلك مبدأ تسامى فوق المرارات الشخصية والتطلعات الذاتية إلى الهم الوطني الكبير..
وثالث النقاط : تأثير وجود (الكبير) كما نرمز عليه فى مجتمعنا وهو المرجع ، والشخصية ذات الكاريزما فى الوسط السياسي ، وقد نستبدل ذلك بالحزب الرائد فى مواقفه والمعبر عن شعبه وعن تاريخه.. ونتساءل الآن ، أين يقف حزب الأمة القومي اليوم ؟..
هل الدور الذي يلعبه هذا الحزب ورئيسه مردوف مع قائمة من الكيانات الوهمية والمسميات الشبحية يناسب اسهامه الوطنى والتاريخي؟ ..
أكثر من 130 من المسميات ، ولم يخض حزب واحد منهم انتخابات وفاز فيها بعضو ، ولم تنعقد لهم جمعية عمومية ، فهل هذا مقام حزب الأمة القومي ؟..
مهما أختلفنا ، فإن دور الأنصار وحزب الأمة غير منكور فى الماضي ، ولكن المواقف الأخيرة تحتاج لتفسيرات ، فالحزب الذي غادر قحت وهي فى تماسكها وفاعليتها ، لا يمكن أن يتم إلحاقه بها بعد أن توزعت ايدي سبا وتساقطت منها كيانات سياسية فاعلة وتيارات شبابية ولجان مختلفة ، وحركات كفاح ، ولم تفلح عمليات التزييف ببعض المنشقين..
فماذا تغير ؟
(2)
ليس سرا أن قوى غربية راغبة فى تقليص نفوذ الأحزاب فى قحت ، واجتهدت فى اعادة واحياء ما تسميه (منظمات المجتمع المدني) وتم جلب دكتور عبدالله حمدوك لاضفاء ذلك الطابع ، وتم إزاحة القوى السياسية من المشهد ، والان وزن حزب الأمة القومي ووزن جمعية (لا لقهر النساء) فى ذات الدرجة والمقام ، وتمثيل هذا بمندوب وذاك بمندوب ، فهل هذا يتناسب مع دور حزب الأمة القومي ومساهمته الوطنية وإلتزاماته مع مواطنيه..
وإن كانت تلك قضية إجرائية ، فهل تعبر (تقدم) فعليا عن مواقف حزب الأمة القومي وجماهيره..
هل إسناد (تقدم) ودعوتها للتعايش مع المليشيا هي رؤية حزب الأمة القومي ؟ وهل بعض أعضاء الحزب فى مدنى والنيل الأبيض الذين تفاعلوا مع المليشيا يمثل خط حزب الأمة القومي ؟، هل نسى الحزب مجازر الجنينة ومقتل الأمير طارق تاج الدين ابن عم سلطان المساليت وشقيق الراحل د.على حسن تاج الدين القيادى بحزب الأمة القومي ؟ ولماذا تغافل الحزب عما جرى فى زالنجى والفور هم سنده وقاعدته ؟ وماذا عن برام والشكابة وقرى المناقل ونعيمة ومناطق نفوذ الحزب ؟.. لقد أكتفى دكتور محمود أبو امين عام هيئة الأنصار بمنشور وحيد عن تجنب الفتنة ، لم تحركه المجازر والنهب والقتل على الهوية وسبي النساء ؟ ..
اظن واقع الحال لا يسر ..
(3)
وبالتأكيد للأحزاب تقديراتها ، وقد أنخرط حزب الأمة القومي فى قضية الإتفاق الإطاري ، ولكن قضية الحرب أكبر من منافسة سياسية ، أو مناورة حزبية ، إنها قضية وطن ، لابد من إعادة المواقف وترتيب الاولويات بما يحقق المصالح العليا للبلاد والعباد وحفظ امنها ووحدتها ، و تجاوز المكاسب الحزبية ، فالاحزاب تكسب حين يتعافى الوطن ، فلا مكاسب مع الخراب ، ومن الغريب أن الحزب بعد عشر شهور من الحرب ما زال غارقا فى تفاصيل صغيرة ومواقف (هتافية) لا تليق به..
(4)
حزب الأمة القومي ليس حكرا لآل المهدي ، والجزيرة أبا هى حاضنة الحزب والانصار وليس جزيرة لبب مولد الإمام المهدي ومنشأه ، ولذلك لا يحق لأسرة المهدي التحكم فى مصيره ومواقفه وخياراته ، إنه حزب وجزء من تاريخ الوطن ، وللأسرة مكانها و كسبها وفق الآخرين..
و إنى آمل من باب الإشفاق أن يعجل قادة الحزب ورموزه بإتخاذ قرارات تناسب مقام الأنصار وحزب الأمة القومي، وتقديم النصح لقيادة الحزب المكلفة ، الوطن لا يحتاج احدا ، والشعب حدد خياراته ولن ينتظر ، ولكن كما (رفع اسماعيل الازهري والمحجوب) علم الإستقلال سويا ، فإن العبور وصف الوطن أكثر ترابطا اوثق وافضل..
.. لعل وعسى.. اللهم إني قد بلغت ..
د.ابراهيم الصديق على
13 فبراير 2024م
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: حزب الأمة القومی الإمام الصادق
إقرأ أيضاً:
الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: العلماء ورثة الأنبياء والإخلاص والتواضع ركائز طالب العلم
عقد الجامع الأزهر اليوم الإثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي "رؤية معاصرة" بعنوان: "العلماء نبراس الهدى "الإمام أبو حنيفة نموذجاً".
جاء ذلك بحضور د. محمد محمد عبد الستار الجبالي، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، وعضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، ود. عماد عبد النبي محمود، أستاذ أصول الفقه المساعد بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، وعضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، وأدار الحوار د. مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة.
في مستهل الملتقى، أكد الدكتور محمد الجبالي أن العلماء هم ورثة الأنبياء نظرًا للأهمية البالغة للعلم، ومما يدل على ذلك أن أول نزل من القرآن الكريم هو الأمر بالقراءة في قوله تعالى: "اقرأ وربك الأكرم"، مما يدل على أن القراءة هي الأساس والركيزة التي تنهض عليها المجتمعات وتُبنى عليها الحضارات.
وأشار إلى أن القسم الإلهي في قوله تعالى: "ن والقلم وما يسطرون" يعد دليلاً واضحًا على مكانة العلم السامية، ويؤكد اهتمام الإسلام الكبير بالعلم والعلماء، والآية الكريمة: "إنما يتذكر أولو الألباب"، خير دليل على قيمة أهل العلم وقدرتهم على إدراك الحقائق التي قد لا يتوصل إليها غيرهم.
آداب طالب العلموأوضح الدكتور محمد الجبالي أن هناك آدابًا يجب أن يتحلى بها كل من طالب العلم ومعلِّمه، ويأتي في مقدمتها: الإخلاص لله تعالى، فمن سلك طريقًا للعلم يجب أن يبتغي بهذا العلم وجه الله تعالى والنفع للمجتمع، فغياب الإخلاص عن طالب العلم يجعل العمل بلا فائدة، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن تعلم العلم ليُباهي به العلماء، أو يُماري به السفهاء، أو ليصرف وجوه الناس إليه، فهو في النار"، ثانيا: الوقار والسكينة والتواضع، لأن العلم لا يستقيم مع الكبر ولا يؤتى مع المعصية، قالى تعالى: "واتقوا الله ويعلمكم الله"، كما قال الإمام علي كرم الله وجهه بأن "العلم أفضل من المال"، ولهذا، نجد أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتسابقون على تحصيل العلم؛ لأن العلم يحرس الإنسان ويحميه على عكس المال هو الذي يحتاج إلى حراسة وحماية.
وبيّن الدكتور محمد الجبالي، أن العلم لا يقتصر على العلم الشرعي بل يشمل جميع فروع المعرفة والعلوم النافعة، وهذا الفهم الشامل يتفق مع الرؤية القرآنية التي ترفع شأن كل علم يقود إلى الإدراك الحقيقي لعظمة الخالق ويحقق فائدة حقيقية للناس، وهذا ما يدل عليه القرآن الكريم: "إنما يخشى الله من عباده العلماء"، لهذا زكى النبي صلى الله عليه وسلم العلماء فقال: "فضل العالم على العابد كفضل الشمس على الكواكب، أو كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب".
هل يجوز إخراج زكاة الذهب للأقارب؟.. الأزهر للفتوى يوضح 8 فئات مستحقة
كيف أتوب من التقصير في إخراج الزكاة؟.. الأزهر يجيب
أمين البحوث الإسلامية: الأزهر يجسد التكامل بين العلم والدين في خدمة الإنسانية
ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يناقش دور التغذية السليمة في بناء الصحة الجسدية والنفسية للطلاب
وأشار الدكتور محمد الجبالي، إلى أن الإمام أبا حنيفة وصف بأنه "مخ العلم"، وهذا الوصف يعد دليلاً قاطعًا على مكانته العلمية الرفيعة، لما له من إسهامات فقهية عظيمة لا تزال تضيء للبشرية طريقها، مبينًا إلى أن الإمام لم يكن يتميز بكونه من كبار علماء زمانه فحسب، بل كان يتحلى بصفات شخصية رفيعة مثل الأمانة، والحلم، والصبر، والذكاء الفطري الذي بسطه الله عليه، وقد شهد له الإمام الشعبي بذكائه وفطنته عندما سأله عن وجهته، فأجاب أبو حنيفة بأنه ذاهب إلى السوق، فرد عليه الشعبي: "ما قصدت ذلك، ولكن إلى من تذهب من حلقات العلماء؟ اذهب وسيكون لك شأن كبير".
الدكتور عماد عبد النبي: العلاقة بين العلماء الكبار تقوم على الاحترام المتبادلمن جانبه، أكد الدكتور عماد عبد النبي أن العلاقة بين العلماء الكبار تقوم على الحب والاحترام والتقدير المتبادل، مع إعطاء كل واحد منهم حقه ومكانته العلمية دون أي بخس، وهو ما يبرهن عليه موقف الإمام الشافعي الذي وصف الإمام أبي حنيفة بقوله: "الناس عِيَالٌ في الفقه على أبي حنيفة"؛ ليؤكد أن هذا الأدب الجم والتواضع هو ثمرة العلم الحقيقي، فالعلم يورث أصحابه السكينة، ولذلك فإن مجالسة العلماء تهذب النفس وترقيها وتعلم الأجيال الجديدة أدب الخلاف وقيمة الاعتراف بالفضل لأهله، مشددًا على أن التنافس بين أهل ينبغي أن يكون تنافسًا معرفيًا بنّاءً يهدف إلى إثراء العلم لا إقصاء صاحبه.
وأضاف الدكتور عماد عبد النبي أن مذهب الإمام أبي حنيفة ملأ الدنيا بفضل اعتماده على منهج قوي ومنضبط في الاستدلال بالسنة، حيث وضع الإمام أبا حنيفة ضوابط صارمة لقبول الحديث؛ منها ألا يكون الحديث مصادمًا للأصول والقواعد العامة، وألا يكون الراوي قد خالف ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ألا يكون واردًا في قضايا عموم البلوى (أي ما تعم به الحاجة بين الناس) ، فهذه القيود كانت أساسية لضمان استقامة مذهبه الاستنباطي، إضافة إلى أن أبا حنفية كان ورعًا تقيا، فكان يخشى الله سبحانه وتعالى في كل شيء، لأن العلم الحقيقي هو الخشية.
يذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد الاثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى الفقهي إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة.