عودة الانخراط الأميركي في الشرق الأوسط: مَن المستفيد؟

ركزت الإدارة الأميركية على ثلاثة مجالات سياسية بالشرق الأوسط: تعزيز التكامل الاقتصادي، احتواء إيران، وتشجيع التطبيع العربي -الإسرائيلي.

الأهداف الإقليمية لإدارة بايدن: خفض الضغط وتخفيف التصعيد ودمج دول المنطقة الحليفة لأميركا في الشرق الأوسط في نهاية المطاف.

أدّت حرب غزة لإعادة انخراط الأميركيين بقوة في الشرق الأوسط وعطلت قدرتهم على احتواء الصين بل إن احتواء إيران كهدف أميركي انقلب رأساً على عقب.

المقارنة بين قضيتي فلسطين وروسيا تكشف زيف الادعاءات الغربية حول حقوق الشعوب، وتكشف ازدواجية المعايير الغربية، وهذا يفيد الروس بلا شكّ.

رغم استمرار الأميركيين والأوروبيين في دعم أوكرانيا، فإن تحويل الاهتمام العالمي من أوكرانيا إلى فلسطين، سيسمح للروس باستمرار عمليتهم العسكرية بهدوء.

احتواء إيران كهدف أميركي انقلب رأساً على عقب، إذ أدّت حرب غزة لتقارب عربي إسلامي وإدانة واسعة للمجازر الإسرائيلية بغزة والدعوة إلى حل عادل لقضية فلسطين.

* * *

في السنة الأولى لرئاسة جو بايدن، ناقش مسؤولو الإدارة موضوع تخفيف الانخراط في الشرق الأوسط، وذلك لتحويل الاهتمام والموارد إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لاحتواء التهديد المتزايد لصعود الصين عالميا.

وبعد حرب أوكرانيا، وجد الأميركيون أن حلفاءهم في المنطقة، وخاصة الخليجيين، لم يلتزموا بالعقوبات على روسيا، وكانوا حذرين من الاستمرار في الاتكال على الولايات المتحدة في ضمان أمنهم، وكجزء من استراتيجية "التحوط الاستراتيجي"، كانوا منفتحين على البحث عن شراكات مع روسيا أو الصين.

وعلى هذا الأساس، ردد الكثير من المسؤولين الأميركيين أن الولايات المتحدة لن تغادر المنطقة، وأكد العديد منهم، ومنهم الرئيس جو بايدن خلال زيارته المنطقة، أن الولايات المتحدة باقية وهي ملتزمة بأمن حلفائها.

وفي أيلول/ سبتمبر من عام 2023، أوضح مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان الأهداف الإقليمية للإدارة؛ وهي خفض الضغط وتخفيف التصعيد ودمج دول المنطقة الحليفة للأميركيين في منطقة الشرق الأوسط في نهاية المطاف. وللقيام بذلك، ركزت الإدارة على ثلاثة مجالات سياسية: تعزيز التكامل الاقتصادي، احتواء إيران، وتشجيع التطبيع العربي -الإسرائيلي.

وعلى هذا الأساس، اعتقدت الإدارة الأميركية أن السلام والاستقرار يمكن أن يتحققا في المنطقة، عبر دمج "إسرائيل" والدول العربية في مشاريع اقتصادية، وعبر اتفاقيات تطبيع تشجع التعاون بينها. تجاهلت الإدارة الأميركية، الحالية والسابقة، كلياً الموضوع الفلسطيني، وساد اعتقاد لدى العديد من السياسيين في الولايات المتحدة والمنطقة، أن السلام يمكن أن يتحقق بمعزل عن إعطاء الفلسطينيين حقوقهم.

لقد أثبتت حرب غزة الأخيرة، أن هذا التجاهل كان خاطئاً ومكلفاً أيضاً. لقد أدّت حرب غزة إلى إعادة انخراط الأميركيين بقوة في الشرق الأوسط، وعطلت قدرتهم على التوجه نحو الصين لاحتوائها. بالإضافة إلى أن الهدف الأميركي احتواء إيران قد انقلب رأساً على عقب، وذلك بعدما أدّت حرب غزة إلى تقارب عربي إسلامي، وإدانة واسعة للمجازر الإسرائيلية في غزة، والدعوة إلى حل عادل لقضية فلسطين.

لقد راهن الأميركيون على أن التفاهم السعودي -الإيراني لن يعمّر طويلاً، ومؤخراً قال مسؤول البيت الأبيض، جون كيربي، إن السعودية منفتحة على التطبيع مع "إسرائيل"، بصرف النظر عن وقف النار في غزة وحقوق الفلسطينيين.

لكنّ الردّ أتى واضحاً من وزارة الخارجية السعودية، ليجزم أن السعودية لن تقيم علاقات مع "إسرائيل" إلا بعد تحقيق الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وفي هذا الأمر، عودة للسعودية إلى مبادرة بيروت عام 2002، وهي التي كانت قد غضت النظر عنها خلال مشاورات التطبيع قبل حرب غزة.

وهكذا، تعود عقارب الساعة إلى الوراء. ويجد الأميركيون أنفسهم معنيين بإعادة الانخراط العسكري والسياسي والدبلوماسي في المنطقة لحماية "إسرائيل". فمن المستفيد من إعادة الانخراط الأميركي؟

في البداية لا شك أنها الصين

منذ إدارة باراك أوباما، وبصرف النظر عن الحزب السياسي الذي يحكم في البيت الأبيض، ينظر الأميركيون إلى الصين على أنها منافس استراتيجي وتهديد للقوة والهيمنة الأميركيتين على العالم.

ويعدّ الأميركيون الصين المنافس الأساسي على المدى الطويل وتشكل تهديداً متعاظماً ومتسارعاً، كما قالت وزارة الدفاع الأميركية. ولمنع الصينيين من السيطرة على صناعات التكنولوجيا الفائقة مثل تصنيع أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، شنّت الولايات المتحدة حرباً اقتصادية ضد الصين.

وعليه، فإن الانخراط الأميركي في الشرق الأوسط، سوف يؤخّر توجههم نحو آسيا. وفي المقابل، إن أي تأخير إضافي في التحوّل الأميركي نحو شرق آسيا من شأنه أن يمنح الصين أفضلية في جوارها، وقدرة على توسيع نفوذها والمضي قدماً في مبادراتها العالمية (مبادرة الطريق والحزام).

المرتبة الثانية روسيا

لإضعاف روسيا ومساعدة أوكرانيا على هزيمتها واستنزافها، كانت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يخوضان حرباً بالوكالة ضد روسيا منذ شباط/ فبراير من عام 2022. وبالرغم من الدعم العسكري الغربي غير المحدود، لم تكن الحرب تسير كما هو متوقع لها، وفشل الهجوم الأوكراني في الصيف (2023) في تحقيق تقدم عسكري.

ورغم أن الأميركيين والأوروبيين مستمرون في دعم أوكرانيا، فإن تحويل الاهتمام العالمي من أوكرانيا إلى فلسطين، سوف يسمح للروس باستمرار عمليتهم العسكرية بهدوء، بالإضافة إلى أن المقارنة بين القضيتين تكشف زيف الادعاءات الغربية حول حقوق الشعوب، وتكشف ازدواجية المعايير الغربية، وهذا يفيد الروس بلا شكّ.

*د. ليلى نقولا أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية

المصدر | الميادين نت

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أميركا سوريا العراق فلسطين روسيا التواجد الأميركي القوات الأميركية الحرب على غزة طوفان الأقصى صعود الصين احتواء إيران الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط احتواء إیران أد ت حرب غزة

إقرأ أيضاً:

ما هي متلازمة الشرق الأوسط التنفسية؟.. الصحة العالمية تحذر من هذه الأعراض

بعد ظهور 9 حالات إصابة جديدة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، أدت إلى وفاة شخصين، أطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيرا بشأن المتلازمة، وأوصت بتطبيق تدابير للوقاية منها ومكافحتها لمنع انتشارها.

ما هي متلازمة الشرق الأوسط التنفسية؟

ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية هي مرض تنفسي يسببه فيروس كورونا، وينتقل إلى البشر من خلال الاتصال المباشر أو غير المباشر بالإبل العربية - العائل الطبيعي للفيروس ومستودعه الحيواني.

ويبلغ معدل الوفيات بين الحالات المؤكدة نحو 36%، ولكن منظمة الصحة العالمية توقعت أن يكون هذا التقدير مبالغا فيه، نظرا لأن حالات الإصابة الخفيفة غالبا ما لا يتم اكتشافها.

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية كيف ينتقل فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية؟

وينتقل فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية من إنسان إلى آخر عبر جزيئات الجهاز التنفسي المعدية، خاصة من مسافات قريبة، وكذلك من خلال الاتصال المباشر.

وأشارت المنظمة، إلى اتخاذ عدة تدابير للوقاية من العدوى ومكافحتها، بما في ذلك المراقبة الدقيقة والفحوصات ورفع مستوى الوعي الصحي العام، من بين تدابير أخرى، وحتى 21 أبريل 2025، تم الإبلاغ عالميا عما مجموعه 2627 حالة إصابة مؤكدة مختبريا بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية لمنظمة الصحة العالمية، بما فيها 946 حالة وفاة مرتبطة بها.

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ما هي توصيات الصحة العالمية بشأن هذا الأمر؟

وأكدت الصحة العالمية أن الإبلاغ عن هذه الحالات لا يغير تقييمها العام للمخاطر، والتي لا تزال معتدلة على المستويين العالمي والإقليمي، وأن هذه الحالات تظهر أن الفيروس المسبب للمتلازمة لا يزال يشكل تهديدا في البلدان التي ينتشر فيها بين الإبل وينتقل إلى البشر.

ولفتت منظمة الصحة العالمية، إلى أنها لا تنصح بإجراء فحوصات خاصة عند نقاط الدخول فيما يتعلق بهذا الحدث، كما أنها لا توصي حاليا بتطبيق أي قيود على السفر أو التجارة.

اقرأ أيضاًإنفلونزا الإبل.. هل يوجد لقاح لـ متلازمة الشرق الأوسط التنفسية؟

إنفلونزا الإبل.. كل ما تريد معرفته عن متلازمة الشرق الأوسط التنفسية

قليلة الدهون ومصدر للمعادن.. فوائد سحرية لتناول لحوم الإبل

مقالات مشابهة

  • رئيس دفاع النواب: مصر لخصت حل قضية الشرق الأوسط في قمة بغداد
  • وزير الخارجية اليوناني لـ "الفجر": أمن الجوار الجنوبي وخاصة الشرق الأوسط لا يقل أهمية عن أوكرانيا
  • ترامب يدعم إنشاء أضخم مركز للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط لمواجهة الصين
  • عاجل.. مسؤول أميركي للجزيرة: حاملة الطائرات ترومان في طريقها لمغادرة الشرق الأوسط ولا خطط لاستبدالها
  • بعد لقاء الشرع| ترامب يُثير التكهنات: هل يُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد؟
  • ما هي متلازمة الشرق الأوسط التنفسية؟.. الصحة العالمية تحذر من هذه الأعراض
  • ترامب يخفّض مكانة نتنياهو إلى مشاهد خلال جولته في الشرق الأوسط
  • ترامب: سنستأنف ضرب الحوثيين في حال شنوا هجوما
  • حرب الصين التجارية تهدد الأمن القومي الأميركي
  • ترامب يتحدث عن زيارة تركيا