غير سورة الكهف.. سورتان قبل صلاة الفجر لا تغفلهما في أول جمعة من شعبان
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
يقترب فجر أول جمعة من شعبان ويغفل الكثيرون عن سنن نبوية مهجورة في صلاة فجر أول جمعة من شعبان 2024، حيث ساعة يشهدها الملائكة ويستجاب فيها للعباد مع بزوغ شمس خير يوم طلعت عليه الشمس.
وفي أول جمعة من شعبان نجيب عن سؤال: ما هي السور التي يستحب قراءتها يوم الجمعة؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية، وبينته وفق السنة النبوية المطهرة والثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقالت الإفتاء إن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وردت آثار كثيرة بفضلها؛ ففي "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (ص: 321، ط. دار الكتب العلمية): [مما اختص به يوم الجمعة قراءة الكهف فيه] اهـ بتصرف، وقال ابن عابدين في "حاشيته" (2/ 164، ط. دار الفكر): [أي في يومها وليلتها والأفضل في أولها مبادرة للخير وحذرًا من الإهمال] اهـ.
وجاء في "زاد المعاد" لابن القيم (1/ 366، ط. مؤسسة الرسالة): [من خواص يوم الجمعة قراءة سورة الكهف فيه، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ إِلَى عَنَانِ السِّمَاءِ يُضِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَغُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ»، وقال: الأشبه أنه من قول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه]اهـ. وقال النووي في "المجموع" (4/ 548، ط. دار الفكر): [رواه البيهقي بإسناده عن أبي سعيد الخدري -مرفوعًا-، وروي موقوفًا عليه وعن عمر رضي الله عنه، وروي بمعناه عن ابن عمر رضي الله عنهما: "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة" وفي إسنادهما ضعف، ثم قال: ويستحب قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة وليلتها] اهـ بتصرف.
وحديث أبي سعيد رضي الله عنه وإن قيل بوقفه عليه فهو مما ليس للرأي فيه مجال فيحمل على السماع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وشددت حينئذ: فالمستحب قراءة سورة الكهف في أي وقت من يوم الجمعة وليلتها لا في خصوص الوقت قبل الصلاة، فإذا قرئت في هذا الوقت في المسجد تأدى بها المستحب، وتجوز قراءتها سرًّا أو جهرًا.
ومن السور التي يستحب قراءتها في أول جمعة من شعبان وفق دار الإفتاء والتي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد ذلك في "الصحيحين" سورتي السجدة والفجر، حيث جاء في رواية الطبراني أنه صلى الله عليه وآله وسلم "كان يُديم ذلك"، وهذا يدفع اعتراض مَن ينكر المداومة على ذلك، أو من يدَّعي أن من السنة ترك السنة؛ فإن هذا كلام غير صحيح على عمومه، ولو فُهِم على ظاهره لكان تناقضًا؛ إذ حقيقة المستحب والمندوب والسنة هو ما أُمِر بفعله أمرًا غير جازم؛ فهو مأمور به وليس بمستحبٍّ تركُه أصلًا، بل المستحبُّ تركُه إنما هو المكروه الذي نُهِيَ عن فعله نهيًا غير جازم، فصار تركُه لذلك مستحبًّا.
وأضافت في توضيح السور التي يستحب قراءتها يوم الجمعة: قد كان فعل الصحابة رضي الله عنهم على خلاف هذه المقولة؛ فكانوا يتعاملون مع المستحب والمندوب من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه واجب، فيداومون على فعله ويتلاومون على تركه؛ حرصًا منهم على التأسي بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم في كل صغيرة وكبيرة من أفعاله الشريفة، حتى كان بعضهم يتأسى بأفعاله الجِبِلِّيَّة صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنَّف" عن الشَّعْبِي رحمه الله تعالى أنه قال: "ما شهدت ابن عباس قرأ يوم الجمعة إلا بـ﴿تَنْزِيل﴾ و﴿هَلْ أَتَى﴾".
وبينت الإفتاء: لعل مقصود من قال ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يترك بعض المستحبات خوفًا من أن تُفرض على أمته أو يظن الناس أنها واجب، وأن العَالِم والمقتَدَى به قد يفعل ذلك لنفس الغرض؛ وذلك من باب سد الذرائع كما يقوله بعض العلماء من المالكية وغيرهم، والتحقيق أن التوسع في باب سد الذرائع غير مَرضِيٍّ، وقد يُتَصَوَّر هذا قبل استقرار الأحكام، أما بعد استقرارها وتميز المستحب من الواجب فلا مدخل لهذه المقولة، ولا مجال للأخذ بها، فضلًا عن أنَّ هذه السنة بخصوصها ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومة عليها.
ولا يصح أن يُجعَل سدُّ الذرائع وأمثال هذه المقولات حاجزًا بين الناس وبين المواظبة على سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال أهل العلم: "سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاتِّباع على كل حال".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أول جمعة من شعبان قراءة سورة الكهف يوم الجمعة النبی صلى الله علیه وآله وسلم قراءة سورة الکهف رضی الله عنه یوم الجمعة الکهف فی فی أول
إقرأ أيضاً:
جوهرة الكون وسيدة الفطرة
الحمد لله العلي الأعلى، الذي قدَّر فهدى، فاصطفى من مخلوقاته وعباده من يشاء، واختصهم بالاجتباء وخصهم بالفضل العظيم والعطاء، فكذلك هو الاصطفاء.. إنها سنة الله التي بها قضى، ولعباده رحمة منه ارتضى، فلا تبديل لها ولا تحويل، وعلينا الطاعة والتسليم والولاء.
فكما فضَّل من ملائكته الروح، ومن الروح جبريل وميكال، وفضَّل سهيل والثريا من النجوم، وفضَّل جبلَ أُحُد على سائر الجبال، واختص مكة وجعلها أُمَّ القرى، والمدينة وجعلها أُمَّ المدائن، واختص الذهب والفضة على سائر المعادن، ومن الأحجار الدُّر والياقوت والمرجان، واصطفى من الحشرات النحلة فأخرج من بطونها ما فيه للناس شفاء وأطيب غذاء.
ولم يكن الإنسان بمنأى عن سُنَّةِ التفضيل والاصطفاء؛ فقد خَصَّ الإنسان بالإجلال والإكرام وأسجد له الملائكة الكرام، فاصطفى من بني آدم الرسلَ والأنبياء، وخاصته من عباده النجباء والأولياء، وأعلام الهدى.
ثم اصطفى من أنبيائه خيرَهم وأشرفَهم وأعظمَهم مقامًا عند الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، صلوات الله عليه وعلى آله الأتقياء.
وتوجّـهوا بمقام خاتم الأنبياء، ثم اصطفى له ابنَ عمه وأخاه عليًّا المرتضى وزيرًا ووارثًا للدين وسيد الأوصياء، ومن بعده ذريته من علي وفاطمة الزهراء، أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا، وأورثهم القرآن ليكونوا قادة للأُمَّـة وأعلامًا للهدى.
وكذلك اصطفى للأمم سادةً أصفياء، فقال عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «علي سيد العرب، وسلمان سيد الفرس، وصهيب سيد الروم، وبلال سيد الحبش».
وفي النساء اصطفى الله سبحانَه وتعالى نماذج للطُّهر والعفاف وزكاء النفس والنقاء والجهاد والإنفاق والبذل والعطاء والصبر على الابتلاء؛ فضرب الله مثلًا للأُم بأُمِّ موسى والسيدة مريم العذراء، وللزوجة بامرأة فرعون وخديجة الكبرى، والأخت بأخت موسى وزينب الحوراء، وللبنت بفاطمة البتول الزهراء بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لتكون صاحبة المقام العظيم، وجوهرة الكون، وسيدة نساء العالمين في الدنيا والآخرة.
إنها بضعةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهي جزء منه تتأثر بما يتأثر به، فتبكي إذَا بكى، وتفرح إذَا فرح، وتحزن إذَا حزن، وتتألم إذَا تألم، إذَا قام لله قامت، وَإذَا سجد سجدت، وَإذَا أنفق أنفقت، وَإذَا زكى زكت، وَإذَا مات ماتت.
فلما انتقل سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، ما كان لبضعته أن تحيا بدونه، فكانت أولَ مَن يلحقُ به من أهل بيته.
لم يسمِّها رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بأُمِّ أبيها لأنها حلت محل أمه بحنانها وعطفها ومحبتها ورعايتها لأبيها فحسب، بل لأنها مثَّلت الفطرةَ الحقيقية التي فطر الله الإنسان عليها، لم تتأثر بمتغيرات الدنيا، ولم تدنس فطرتها بأهواء ورغبات الدنيا.
ظلت على فطرتها السليمة، لأنها منذ ولدت نشأت في حُضن أمها خديجة الكبرى، وحظيت برعاية وحنان وتربية والدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الإسلام ومنهج القرآن، فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولذلك فهي سيدة الفطرة.
وفي ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء واليوم العالمي للمرأة المسلمة، طوبى لمن أسلم وجهَه لله وآمن واتَّقى، وبآيات الله التي في كتابه تتلى سمع وأطاع، وبأمر الله امتثل، ولفضله شكر، ولآياته تذكر فاعتبر، فازداد إيمانًا وتسليمًا، وأطاع ربه ولأوليائه أطاع وامتثل.
فصلوات الله وسلامه عليها في الأولين وفي الآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وعلى أبيها وأمها وبعلها وابنيها، وعلى بضعتها وفلذة كبدها زينب الحوراء.
السلام عليك يا مولاتي كوثر أهل المودة الأتقياء.
السلام عليك يا جوهرة الكون وسيدة الفطرة، يوم ولدت ويوم مماتك ويوم تبعثين حية في موكب العظماء.
فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم.
والحمد لله رب العالمين