كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (62)
تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT
ناصر أبوعون
يقول الشَّيخُ القاضي عِيَسى بن صالح بن عامر الطَّائِيُّ الأجَلّ: [(وَهذَا الجَبَلُ مَقْسُومٌ عَلى القَبائِلِ، وَاسْتِعْمالُ لَفْظَةِ (أَرْض) عِنْدَهُم في غَيْرِ السَّهْلِ جارٍ عَلى عُرْفِهِم. فَأمَرَ السُّلطانُ بِالمُناخِ قُرْبَ ماءٍ هُناكَ لِبَيْتِ يَعْبُوب، فَأَنَخْنا هُناكَ تَحْتَ ظِلالِ الأَشْجارِ المُتَكَاثِفَةِ، فَجاءَ جَماعَةٌ مِنْ بَيْتِ يَعْبُوب لِمُواجَهَةِ السُّلطانِ وَمَعَهُم قِرَبُ الحَليبِ لِضِيافَتِنا، وَبَعْضُ الأَغْنامِ وَبقَرَتان.
وَلا تَجودُ يَدٌ إِلّا بِما تَجِدُ، فَهُمْ لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا سِوى البَقَرِ؛ وَهِيَ مَصْدَرُ ثَرْوَتِهِم، وَلا شُغْلَ لَهُم إِلّا رِعايَتُها)].
............
يقول الشَّيخُ القاضي عِيَسى بن صالح الطَّائِيُّ: [(وَهذَا الجَبَلُ مَقْسُومٌ عَلى القَبائِلِ، وَاسْتِعْمالُ لَفْظَةِ (أَرْض) عِنْدَهُم في غَيْرِ السَّهْلِ جارٍ عَلى عُرْفِهِم. فَأمَرَ السُّلطانُ بِالمُناخِ قُرْبَ ماءٍ هُناكَ لِبَيْتِ يَعْبُوب، فَأَنَخْنا هُناكَ تَحْتَ ظِلالِ الأَشْجارِ المُتَكَاثِفَةِ، فَجاءَ جَماعَةٌ مِنْ بَيْتِ يَعْبُوب لِمُواجَهَةِ السُّلطانِ وَمَعَهُم قِرَبُ الحَليبِ لِضِيافَتِنا، وَبَعْضُ الأَغْنامِ وَبقَرَتان. وَلا تَجودُ يَدٌ إِلّا بِما تَجِدُ، فَهُمْ لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا سِوى البَقَرِ وَهِيَ مَصْدَرُ ثَرْوَتِهِم، وَلا شُغْلَ لَهُم إِلّا رِعايَتُها. وَلازالَتْ تَمُرُّ عَلَيْنا أَسْرابُها سارِحَةً في أَمانٍ وَاطْمِئْنانٍ بِهِمَّةِ السُّلطانِ)].
(الجَبَلُ مَقْسُومٌ عَلى القَبائِلِ) (مَقْسُومٌ) اسم مفعول. والمعنى: مُفَرَّق ومُوَزَّع أجزاءً. ونقرأ شاهده اللغويّ من الحديث النبويّ: "ما أنزلَ اللهُ في التوراةِ، ولا في الإِنَّجيلِ، مثلَ أمِّ القرآنِ، وهِيَ السبعُ المثانِي، وهِيَ مقسومَةٌ بيني وبينَ عبدي ولعبدِى ما سأَلَ"(01) (القَبائِلِ) جمع، ومفردها (قبيلة) اسم جمع. والمعنى: جماعة من الناس ينتمون إلى جدٍّ واحد، الذين هم أكبر من الفصيلة. ونقرأ شاهدها اللغويّ في قول جُدَيّ بنِ الدَّلْهَاث القُضَاعيّ: [وَمَقْتَلِ ضَيْزَنٍ وَبَنِي أَبِيْهِ/ وَإِخْلَاءِ (الْقَبَائِلِ) مِنْ تَزِيْدِ(02)].(وَاسْتِعْمالُ لَفْظَةِ (أَرْض) عِنْدَهُم في غَيْرِ السَّهْلِ جارٍ عَلى عُرْفِهِم) (اسْتِعْمالُ) مصدر من الفعل السداسي (استعمل). ومعناه: التَّعنّي في الإتيان به وجرى العُرْف بينهم فيه. أي: جرى العرف بين أهل ظفار على تسمية كل موطن قبيلة من القبائل في الجبل بكلمة (أرض)، فيقولون: أرض جعبوب، وأرض الشِّحْر، هكذا. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول يحيى بن زياد بن عبدالله الحارثيّ، يبيّن فيه لابن المقفع سبب بُطئه في توثيق المودة بينهما: "النَّاسُ مِنَ الْإِخَاءِ عَلَى صِنْفَيْنِ: صِنْفٌ عَذَرُوْنَا..، وَصِنْفٌ هُمْ ذَوو سُرْعَةٍ إِلَى الْإِخَاءِ، وَسُرْعَةٍ فِي الْانْتُهَاءِ،.. فَكَانُوا بِذَلِكَ أَهْلَ لَائِمَةٍ، وَلَمْ يَجِدِ الْمُعْذِرون إِلَّا الصَّبْرَ عَلَى تِلْكَ، وَ(الاِسْتِعْمَالُ) لِلرَأْي، والاِسْتِعْدَادِ بِالْعُذْرِ"(03) (عُرْفِهِم) مصطلح في علم (أصول الفقه). وهو ما تعارف عليه الناس، وتوافقوا عليه في عاداتهم، ومعاملاتهم، واستقرَّت عليه نفوسهم وعقولهم، وقَبِلَته طبائعهم. ونقرأ شاهده الفقهيّ في قول محمد بن الحسن الشيبانيّ: " الاكْتِسَابُ فِي (عُرْفِ) أَهْلِ اللّسَانِ تَحْصِيْلُ الْمَالِ بِمَا يَحِلُّ مِنَ الْأَسْبَاب"(04). وله معنيان: (عُرفٌ عام) وهو ما تعارف عليه عموم الناس، واصطلحوا عليه قَولًا أو فِعْلًا. و(عُرفٌ خاص، وهو ما تعارف عليه جماعة، أو أصحاب فن من الفنون، أو مذهب من المذاهب، من إطلاق لفظ معنىً معين.
(فَأمَرَ السُّلطانُ بِالمُناخِ) (المُناخ) مصدر ميميّ من (نوخ) ومعناه: مكان إناخة الإبل وحلولها ونزولها. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول عِلْباء بن أرقم اليُشكريّ، يفخر بحكمته وكرمه وشجاعته: [وَ(مُنَاخِ) نَازِلَةٍ كُفَيْتُ، وَفَارِسٍ/ نَهِلَتْ قَنَاتِي مِنْ مَطَاهُ وَعَلَّتِ(05)](قُرْبَ ماءٍ) ينبوع. (أَنَخْنا) فعلٌ مُتعدٍ. والمعنى: نزلنا بالمكان. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول زينب بنت مهرة اليَشْكريّة: (أَنَاخَتْ، عَلَيْكُم خَيْلُ يَوْمِ كَرِيْهَةٍ/ فَمَا إِنْ تَمَلُّوهَا، وَلَا هِيَ مَلَّتِ(06)] (ظِلالِ الأَشْجارِ) (ظِلالِ، أَظْلال، ظُلُول، أظاليل) جموع، والمفرد: (ظِل)، وهو الأثرُ الشبيهُ بالعتمةِ الناجمِ عن سَتْر الضَّوء بحاجز. ونقرأ شاهده في قول خَمْعة بنت الخُسّ الإياديّة: [رَأَيْتُ بَنِي الدُّنْيَا كَأَحْلَامِ نَائِمٍ/ وَكَالْفَيءِ يَدْنُو (ظِلُّهُ) ثُمَّ يُقَلَّصُ(07)](المُتَكَاثِفَةِ) كثيرة وغزيرة. ومصدرها (كثافة). ونقرأ شاهدها اللغوي في قول أم معبد تصف النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) حين مرّ بها في هجرته من مكة: [رَأيتُ رجلًا ظاهِرَ الوَضاءةِ، مُتَبَلِّجَ الوَجهِ، حَسَنَ الخَلْقِ، لم تَعِبه ثجلةٌ، ولم تُزْرِ به صعلةٌ، وسيمٌ قَسيمٌ، في عَينَيه دَعَجٌ، وفي أشفارِه وَطَفٌ، وفي صَوتِه صحلٌ، أحوَرُ أكحَلُ، أزَجُّ أقرَنُ، شَديدُ سَوادِ الشَّعرِ، في عُنُقِه سَطعٌ، وفي لحيَتِه كَثافةٌ، إذا صَمَتَ فعليه الوَقارُ، وإذا تَكَلَّمَ سَما وعَلاه البَهاءُ، وكَأنَّ مَنطِقَه خَرَزاتُ نظمٍ يَتَحَدَّرنَ، حُلوُ المَنطِقِ، فَصلٌ، لا نَزرٌ ولا هَذرٌ، أجهَرُ النَّاسِ وأجمَلُه مِن بَعيدٍ، وأحلاه وأحَسَنُه مِن قَريبٍ، رَبعةٌ لا تَشنَؤُه مِن طولٍ ولا تَقتَحِمُه عَينٌ مِن قِصَرٍ، غُصنٌ بَينَ غُصنَينِ، فهو أنضَرُ الثَّلاثةِ مَنظرًا، وأحَسَنُهم قَدرًا، له رُفقاءُ يَحفُّونَ به، إذا قال استَمَعوا لقَولِه، وإذا أمَرَ تبادَروا إلى أمرِه، مَحفودٌ مَحشودٌ، لا عابثٌ ولا مُفنَّدٌ(08)].(قِرَبُ الحَليبِ) (قِرَبُ) جمعٌ والمفرد (قِرْبة)، وهي وعاءٌ من جلد يُوضع فيه الماء ونحوه. ونقرأ شاهدها اللغوي في قول تأبّط شرًا الفهميّ، يصفُ حمله الماء لأصحابه: [وَ(قِرْبَةُ) أَقْوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَا/ عَلَى كَاهِلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّلِ(09)].(الحَليبِ) اسم مفعول من (حَلَبَ)، وهو اللبن المحلوب، ما لم يتغيّر طعمه. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول عنترة يتوعّد أعداءه: [إَذَا سَمِنَ الْأَغَرُّ، دَنَا لِقَاءٌ/ يَغَصُّ الشَّيْخُ بِالَّلبَنِ (الْحَلِيْبِ)(10)]. (لِضِيافَتِنا) (الضيافة) مصدر من (ضَيَفَ)، ومعناه: القيام بحق الضيف. ونقرأ شاهده اللغوي في الحديث النبويّ: [(الضِّيَافَةُ) ثلاثةُ أيامٍ، فما زاد فهو صدقَةٌ (11)] (وَلا تَجودُ يَدٌ إِلّا بِما تَجِدُ) (الجُود) السخاء وكثرة العطاء. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول هاشم بن عبد مناف القرشيّ: [أَيُّهَا النَّاسُ: الْحِلْمُ شَرَفٌ، وَالصَّبْرُ ظَفَرٌ، والْمَعْرُوفُ كَنْزٌ، وَ(الْجُودُ) سُؤْدَدٌ، والْجَهْلُ سَفَهٌ (12)].
*********
المراجع والمصادر:
(01) الراوي: أبي بن كعب، المُحَدِّث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، صفحة أو رقم: 5560
(02) معجم البلدان، ياقوت الحمويّ (ت، 626هـ)، دار صادر، بيروت، 1977م، 2/269
(03) جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة، العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام، أحمد زكي صفوت، المكتبة العلمية، بيروت، ط1، 1939م، 3/64
(04) كتاب الكسب، محمد بن الحسن الشيباني (ت، 189هـ)، شرحه: السرخسيّ (ت، 483هـ)، اعتنى بهما: عبد الفتاح أو غُدّة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط1، 1997م، ص: 70
(05) ديوان بني بكر في الجاهلية، جمع وشرح وتوثيق ودراسة: عبد العزيز نبويّ، دار الزهراء، القاهرة، ط1، 1989م، ص: 678
(06) رياض الأدب في مراثي شواعر العرب، جمعه وضبطه، وعلّق على حواشيه: لويس شيخو، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1897، ص: 17
(07) بلاغات النساء، ابن طيفور البغداديّ (ت، 280هـ)، تحقيق: أحمد الألفي، مطبعة والدة عباس الأول، القاهرة، 1908م، ص: 63
(08) الراوي: أبو معبد الخزاعي، المُحَدِّث: أبو حاتم الرازي، المصدر: علل ابن أبي حاتم صفحة أو رقم: 2686، أخرجه الحاكم (4274)، وابن سعد في (الطبقات) (1/ 230)، والطبراني في (الأحاديث الطوال) (30) بنحوه تامًا.
(09) ديوان تأبط شرًّ وأخباره، جمع وتحقيق وشرح: علي ذو الفقار، دار الغرب الإسلاميّ، بيروت، ط1، 1984م، ص: 181
(10) ديوان عنترة، تحقيق ودراسة: محمد سعيد مولاي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1970م، ص: 321
(11) الراوي: أبو سعيد الخُدريّ وعبدالله بن عمر وابن عباس، المُحَدِّث: الألبانيّ، المصدر: صحيح الجامع صفحة أو رقم: 3901
(12) جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة، أحمد زكي صفوت، المكتبة العلمية، بيروت، ط1، 1933م، 1/75
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حبس 3 أشخاص لاتهامهم بقتل شاب بحوش عيسى بالبحيرة
قرر المستشار إبراهيم مبارك مدير نيابة مركز شرطة حوش عيسى بمحافظة البحيرة حبس 3 أشخاص 4 أيام على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد لهم في المواعيد القانونية، ويأتى ذلك لاتهامهم بقتل شاب إثر نشوب خلافات بينهم.
تفاصيل الواقعة المؤسفةوكانت مدينة حوش عيسى بـ محافظة البحيرة قد شهدت واقعة مؤسفة راح ضحيتها شاب يبلغ من العمر 24 عاما، على يد عاطل واثنين من اصدقائه بسب نشوب خلافات بينهم.
الأجهزة الأمنية تتلقى إخطارا بالواقعةتلقى اللواء محمد عمارة مساعد وزير الداخلية مدير أمن البحيرة إخطار من العميد هاني صبحي مأمور مركز شرطة حوش عيسى يفيد بوصول " راتب نوح الحنتوشي" 24 سنة ومقيم بناحية دائرة المركز الى المستشفى العام جثة هامدة نتيجة عدة طعنات نافذة في أنحاء الجسم، وتم التحفظ على الجثة تحت تصرف النيابة العامة وحرر محضر بالواقعة وجاري العرض على النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وعلى الفور وجه اللواء أحمد السكران مدير إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن البحيرة بسرعة تشكيل فريق بحث برئاسة العميد محمد مصطفى مفتش فرع البحث الجنائي والرائد أحمد هندى رئيس مباحث المركز لسرعة كشف غموض الواقعة وضبط مرتكبيها.
وبالانتقال وبالفحص تبين أن وراء ارتكاب الواقعة" من. ع ال" بمساعدة اثنين من اصدقائه حيث قاموا بالذهاب الى منزل المجنى عليه وقام أصدقاء المتهم بالامساك به وتم توجيه عدة طعنات نافذة من قبل المتهم الاول، وذلك على إثر نشوب خلافات سابقة بينهم.
ضبط المتهمين بقتل المجنى عليهوبتقنين الإجراءات تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهمين، وبمواجهتهم إعترفوا بارتكاب الواقعة، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم تمهيدا لاحالتة للنيابة العامة للتحقيق ومعرفة أسباب وملابسات الواقعة.