أكذوبة المعتدلين والمتطرفين فى إسرائيل
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
منذ نشأتها وما قبلها، وبدعم من دولة الانتداب البريطانى والولايات المتحدة التى حلت محلها وهدف إسرائيل الأول والأخير، هو إفراغ فلسطين من سكانها لتجعل من أكذوبتها الكبرى المضللة أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض أمرا واقعا، يفضى إلى دولة يهودية خالصة. أما الخطة فتقوم على التسريع بالاستيطان والإكثار من المجازر، وشن حرب نفسية لإثارة الذعر والهلع لإجبار سكان الأحياء والمدن على الهروب فى الداخل الفلسطينى أو خارجه.
وبعد أربعة أشهر من الهزيمة العربية المدوية فى حرب يونيو 1967 قال مسئول الاستيطان فى الوكالة اليهودية «جوزيف وايتز» أنه لا يوجد مكان لكلا الشعبين فى هذا البلد، وأن تحقيق الأهداف الصهيونية يتطلب تفريغ فلسطين أو جزء منها من سكانها، وأنه ينبغى لذلك نقلهم إلى الدول المجاورة لتتمكن فلسطين من استيعاب ملايين اليهود من الشتات الأوروبى لتوطينهم -وفقا لأساطير دينية مختلقة- فى أرض الميعاد. وطبقا للتفسير اليهودى للتوراة فإن الله العلى الكريم أبرم عهدا لإبرام وهو نبى الله إبراهيم قائلا «سأعطى نسلك هذه الأرض من وادى العريش إلى النهر الكبير نهر الفرات» وهو حلم شعار من النيل إلى الفرات الذى لا يغادر عقلية القادة المؤسسين والحاليين لإسرائيل.
وفى صخب تلك الأساطير والأكاذيب وجنون العظمة الذى بات يتحكم فى الذهنية الإسرائيلية الحاكمة وغير الحاكمة تجرى التعمية عمدا على الأهداف الاستعمارية لنشأة الدولة العبرية التى عبر عنها بوضوح فى العام 1840 اللورد بالمر ستون الذى كان مهرجا يسلى زبائن المقاهى اللندنية ثم أصبح وزيرا للخارجية البريطانية ورئيسا للوزراء بقوله: ستكون فلسطين اليهودية سدا فى وجه أى محاولات شريرة، لإنشاء دولة عربية تضم مصر والشام، وتهدد المصالح البريطانية. وهو ترجمة صادقة لقول الرئيس الأمريكى جو بايدن الذى ورث الدور الاستعمارى للإمبراطورية البريطانية التى قيل إن الشمس لا تغرب عنها: لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها!
فى أعقاب حرب يونيو التى يسميها الإسرائيليون تفاخرا حرب الأيام الستة صاح «مناحم بيجن» زعيم التيار الصهيونى اليمينى الذى أصبح بعد نصر أكتوبر حزب الليكود قائلا: سيناء جزء من أرض إسرائيل الكبرى، وأننى سأتخذ فيها مرقدى الأبدى وأبنى فيها قبرى. وفى كتابه البديع «بطولات المصريين وأثرها فى الأدب الإسرائيلى» للأكاديمى الكبير الراحل دكتور «إبراهيم البحراوى» أستاذ الأدب العبرى بكلية الآداب جامعة عين شمس، استطلع فيه عبر شهادات حية لجنود وضباط أسرى إسرائيلين لدى السلطات المصرية، وعبر قراءته لنصوص من الأدب العبرى العقلية التوسعية المترسخة فى المجتمع الإسرائيلى، التى كان من الطبيعى تخرج إلى الوجود أسطورة الجيش الذى لا يهزم والذى تمكن عبر ستة أيام فقط من هزيمة ثلاث دول عربية واحتلال الجولان والضفة الغربية وغزة وسيناء. كشف الكتاب كيف أحدثت حرب الاستنزاف الباسلة ونصر أكتوبر العظيم زلزالا وجه ضربات موجعة لمشاعر التفوق والعنجهية وجنون العظمة التى سيطرت على الإسرائيليين شعبا وحكومة. وعبر رحلته البحثية اكتشف الدكتور البحراوى جهل الضباط والجنود الأسرى بمصر وتاريخها، وقال له أحدهم إنه تعلم أن الحضارة المصرية قد اندثرت، وأن سكان مصر الحاليين من الشعوب البدائية. ولاحظ دكتور البحراوى من جهة أخرى، أن اتجاهات الضباط الأسرى نحو قضية التسوية السياسية، أى عبر التفاوض، مرهونة لديهم بالقدرة العربية على حرمان إسرائيل من وضع الاحتلال للأراضى العربية، وهو الوضع الذى فضله معظمهم.
ليس هذا السرد التاريخى بعيدا عن حرب الإبادة الجماعية التى يشنها نتنياهو على مدار نحو خمسة أشهر على الشعب الفلسطينى فهى جزء من المخطط الصهيونى القائم على التهجير القسرى أو بالتراضى للشعب الفلسطينى وشطب القضية الفلسطينية. وليس التهديد باقتحام رفح المتاخمة للحدود المصرية سوى مجرد تعبير عن الإيديولوجية الصهيونية التوسعية الذى سمح لها الدعم الأمريكى السياسى والمالى والعسكرى غير المحدود أن تتحدى القانون الدولى، وأن تتجاهل المعاهدات الثنائية، وأن تمضى قدما فى تنفيذ مخطط عشوائى يفتقد للكفاءة وينعدم فيه الحياء والضمير ويحفل بالأكاذيب اليومية، والمشاهد التمثيلية الفاشلة عن تحرير رهينتين لم يثبت أنهما كانتا لدى حركة حماس.
فى الحرب الراهنة منح بايدن طبقا لصحف إسرائيلية وأمريكية الضوء الأخضر لنتنياهو لاقتحام رفح المكدسة بنحو مليون ونصف لاجئ فلسطينى، بصرف النظر عن الخسائر الباهظة المؤكدة فى أرواح البشر، أو دك رفح على رؤوس سكانها. المعلقون الإسرائيليون فى الفضائيات العربية يرون أن معظم هؤلاء هم أعضاء فى حماس أو متعاطفون معها. وهو ما يعنى أنهم إرهابيون يستحقون الموت. نتنياهو الذى يخوض معركة من أجل أنقاذ مستقبله السياسى، يقول أن عدم دخول رفح يعنى خسارة الحرب التى يخوضها وسط الأحياء السكنية وداخل المستشفيات التى يحتمى بداخلها مواطنون عزل فضلا عن المرضى، ويمنحه الظهير الأمريكى والأوروبى بالصمت وبخلط الوراق مزيدا من الوقت لارتكاب أفظع الجرائم .
أمدتنى هذه الحرب بجانب الفزع والقهر والاكتئاب، بالاقتناع بصحة الرؤية التى تذهب أنه لا فرق بين معتدلين وبين متطرفين فى إسرائيل، فقد نجحت السياسات العنصرية التى اكتسبتها الصهيونية من الحركة النازية فى خلق مجتمع يمرح التطرف والعنف فى كل مؤسساته. أقول هذا لمن ينتظر سقوط نتنياهو لكى تتبدل الأوضاع الراهنة، وهى أوضاع ستبقى إن بالمراوغة أو بالدهاء والدعم الغربى، ولن تتبدل سوى بالبحث عن عناصر القوة فى الموقفين الفلسطينى والعربى، لتعزيزهما للتوصل لحل للدولة الفلسطينية طبقا للقرار الأممى 242. أما غير ذلك فهو قبض الريح.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش الولايات المتحدة الفلسطنيين الحكومة البريطانية الوكالة اليهودية
إقرأ أيضاً:
الحكومة البريطانية تعرب عن قلقها لتدهور صحة والدة علاء عبد الفتاح
قالت الحكومة البريطانية الثلاثاء إنها "قلقة للغاية" إزاء صحة ليلى سويف والدة المعارض المصري المسجون علاء عبد الفتاح الحاصل على الجنسية البريطانية بعد نقلها إلى المستشفى مع استمرار إضرابها عن الطعام.
ونقلت سويف (69 عاما)، أستاذة الرياضيات، إلى مستشفى في لندن الأسبوع الماضي، وقالت إنها مستعدة للموت من أجل المساعدة في إطلاق سراح ابنها من السجن.
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن الحكومة البريطانية قلقة على صحة سويف وتواصل حث الحكومة المصرية على الإفراج عن ابنها.
وقال المتحدث: "نحن قلقون للغاية بشأن نقل ليلى إلى المستشفى ونبقى على اتصال دائم مع عائلتها بشأن سلامتها".
وأشار إلى أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، تحدث إلى نظيره المصري يوم الأحد، وحثه على إطلاق سراح عبد الفتاح.
وأضاف "الحكومة ملتزمة تماما بالإفراج عن علاء عبد الفتاح.. والتواصل مستمر مع الحكومة المصرية على أعلى المستويات".
ونقلت والدة علاء عبد الفتاح، إلى المستشفى، بعد تدهور جديد على حالتها الصحية، جراء إضرابها المتواصل عن الطعام لليوم لأكثر من 240 يوما، للمطالبة بالإفراج عن ابنها.
وقالت الحملة الداعمة لليلى سويف، إنها نقلت إلى مستشفى في لندن، الاثنين الماضي، جراء معاناتها مع هبوط حاد لمستوى السكر في الدم.
ومنذ شباط/فبراير الماضي، نقلت سويف للمرة الثانية إلى المستشفى، وكانت بدأت الإضراب عن الطعام في أيلول/سبتمبر 2024، في اليوم الذي كان من المفترض فيه إطلاق سراح ابنها بعد إنهاء محكوميته البالغة 5 سنوات.
ورغم تخفيفها الإضراب، بتناول بعض المكملات الغذائية، إلا أنها أعلنت العودة إلى الإضراب الكامل قبل أكثر من 10 أيام.
وكانت لجنة خبراء بالأمم المتحدة، قالت إن احتجاز علاء عبد الفتاح "تعسفي ومخالف للقانون"، داعية إلى إطلاق سراحه فورا.
وبدأ عبد الفتاح إضرابا عن الطعام في الأول من مارس/آذار الماضي بعد علمه بدخول والدته المستشفى، ولا يزال مستمرا في إضرابه، وفقا لحملة الإفراج عنه.
وكان عبد الفتاح اعتقل من قبل السلطات المصرية، عام 2019، بتهمة "نشر معلومات كاذبة"، وحكم عليه بالسجن 5 سنوات، لكنه السلطات تواصل احتجازه على الرغم من إنهاء مدته.